لا يقتصر احتراف التجارة ، على الشخص الطبيعي فقط بل قد يحترف هذا النشاط ايضاً الشخص المعنوي وينصرف مفهوم الشخص المعنوي هنا الى الشركة عموماً . وإذا احترفت الشركة العمل التجاري فإنها تكسب صفة التاجر شأنها في ذلك شأن الفرد لا فرق بينهما . ومع ذلك فإن الشركة كشخص معنوي قد لا تحترف بالضرورة النشاط التجاري ، بل قد تمارس العمل المدني ، مما يؤدي بالتالي ال صعوبة اعتبارها تاجراً واكتسابها لهذه الصفة . ويعتمد الفقه بهذا الصدد معيارين مختلفين للتمييز بين الشركة التجارية والشركة المدنية (1).
فبمقتضى المعيار الأول – وهو معيار موضوعي – فإن الشركة لا تعتبر تاجراً إلا إذا احترفت العمل التجاري بغض النظر عن الشكل الذي تتخذه (2) . وتطبيقاً لذلك تعتبر مدنية ولا تكتسب صفة التاجر الشركات التي تباشر الاستغلال الزراعي والشركات التي تتكون بين عدد من أفراد مهنة واحدة ، كشركة تتكون من عدد من المحامين أو المهندسين .
أما المعيار الثاني – وهو معيار شكلي – فبمقتضاه تعتبر الشركة تجارية لمجرد اتخاذها شكلاً تجارياً أيا كان الغرض منها فسواء كان العمل الذي تقوم به تجارياً أم مدنياً فإن الشركة تعتبر تاجراً من لحظة اتخاذها أحد أشكال الشركات التجارية (3).
والظاهر من نصوص قانون التجارة أن المشرع العراقي قد اعتمد المعيار الموضوعي في تقرير تجارية الشركة من مدنيتها إذ تنص الفقرة الأولى من المادة السابعة من قانون التجارة على ما يلي : ” يعتبر تاجراً كل شخص طبيعي أو معنوي يزاول باسمه ولحسابه على وجه الاحتراف عملاً تجارياً وفق أحكام هذا القانون ” (4). والشركات التي تتمتع الشخصية المعنوية بمقتضى قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983 هي (5) الشركات المساهمة ، الشركات المحدودة ، الشركات التضامنية والشركات البسيطة التي تم من خلالها إلغاء شركة التوصية البسيطة (6) واستثناء يعتبر المشروع الفردي شكرة تتألف من شخص طبيعي واحد (7) . يضاف الى ذلك الشركات المختلطة . ويعد هذا القانون كما بينا آنفاً قانون الشركات عموماً من تجارية ومدنية ، وليس قانون بعض الشركات التجارية الخاصة والمختلطة كما يذهب البعض (8) .
عليه فإن كل شركة اتخذت أحد الأشكال المبينة آنفاً لا تعتبر بحكم القانون شركة تجارية وتاجراً إلا إذا كان موضوعاً تجارياً فلو كانت الشركة مثلاً شركة زراعية مساهمة فإنها لا تكتسب الصفة التجارية لأن موضوعها هنا موضوعاً مدنياً . يستخلص مما تقدم إذن أن المشرع العراقي قد استبعد تماماً المعيار الشكلي كقاعدة لإضافة صفة التاجر على الشركة التي تتخذ أحد صور الشركات المحددة في قانون الشركات والتي لا يكون موضوعها عملاً تجارياً (9) .
______________
1. انظر : R. Houin et R. Rodiere: op cit. 1971. P. 106: leon Julliot de la Morandiere: opcit. 1968. P. 112 et 113. A. Jacquemont: Annales de Dr. Com. Et des Societes 1985 2e ed. P. 107 ets .
2. انظر د. محمود سمير الشرقاوي ، القانون التجاري . الجزء الأول 1978 ص 194 .
3. انظر : Hamel et lagarde: op cit. 1954 p. 524
4. قارن مع أحكام قانون التجارة الملغي رقم 149 لسنة 1970 . إذ أن هذا القانون كان يعتمد المعيارين الموضوعي والشكلي في آن واحد في تقرير تجارية الشركة من مدنيتها . انظر الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة التاسعة من القانون المذكور .
5. انظر نص المادة السادسة من قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983 .
6. انظر نص المادة 174 من قانون الشركات .
7. انظر نص الفقرة الرابعة من المادة السادسة من قانون الشركات ومن العسير في الحقيقة تبرير اعتبار المشروع الفردي شركة لأن المشروع الفردي يفتقد للعناصر القانونية المكونة للشركة هذا بالإضافة الى أن بعض القوانين المقارنة لا تعتبره شركة إلا على سبيل الاستثناء ولمدة زمنية محددة .
8. انظر خلاف ذلك د. طالب حسن موسى : ملاحظات في قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983 ، بحث منشور في مجلة القضاء الأعداد 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 1983 ص51 ، 52 .
9. انظر خلاف هذه القاعدة قانون الشركات الفرنسي الجديد الصادر في 24 تموز 1966 ، الذي يعتد بشكل الشركة في إضفاء الصفة التجارية عليها بغض النظر عن طبيعة موضوعها . ولاحظ أيضاً نص المادة التاسعة الفقرة الثانية من التقنين التجاري اللبناني ، التي تقرر بأن الشركات التي يكون موضوعها مدنياً ولكنها اتخذت شكل شركات المساهمة أو شركات التوصية المساهمة تخضع لالتزامات التاجر الخاصة بالدفاتر التجارية والتسجيل في السجل التجاري ولأحكام الإفلاس والصلح الواقي . وراجع كذلك قانون الشركات التجارية العراقي الملغي ف ب م 22 ، ونص المادة 9 ف2 من قانون التجارة العراقي الملغي .
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
موقف القانون من اضافة صفة التاجر على الشركة التجارية – الشخص المعنوي