تعتمد السلطة المالية على طريقة المظاهر الخارجية عند تقديرها للضريبة على قيمة العقار عند نقل ملكيته او حق التصرف فيه والى جانب ذلك ، فان السلطة المالية تعتمد على طريقة التقدير الجزافي في هذا الصدد من خلال تحديدها لضوابط تقدير العقارات التي تختلف باختلاف المنطقة التي يقع فيها العقار وباختلاف جنس العقار فيما اذا كان سكنياً او تجارياً او صناعياً او زراعياً (1). هذا وتتمتع السلطة المالية بسلطة تقديرية واسعة عند وضعها لتلك الضوابط فقد تضع السلطة المالية ضوابط متفاوتة لعقارات تقع في المنطقة نفسها وقد يستند ذلك التفاوت الى سبب منطقي او غير منطقي فعلى سبيل المثال فرقت السلطة المالية في تقدير العقارات الواقعة في منطقة سكنية واحدة ( متميزة ) بين ما اذا كانت تلك العقارات تقع في شارع خدمي ام لا (2).
وعلى اية حال فان هذه الضوابط تخص العقارات الاعتيادية وتتقيد السلطة المالية باعتماد هذه الضوابط بعد ان يتم وضعها ، بمعنى اخر ان السلطة المالية اذا كانت تملك سلطة تقديرية في وضع تلك الضوابط فان سلطتها تتقيد عند تطبيقها لها . هذا من حيث المبدأ واستثناءً من ذلك فان السلطة المالية قد تخرج عن هذه الضوابط ( التقدير الجزافي ) متى ما لاحظت ان العقار متميز سلباً او ايجاباً . بمعنى ان السلطة المالية في احوال معينة تعتمد على طريقة المظاهر الخارجية وتهمل العمل بالضوابط . فتتحرر بذلك من التقيد بالضوابط وتلجأ الى تقدير العقار على وفق بعض الاوصاف التي تلاحظها فيه كان يكون موقع العقار ركناً او على شارع عريض او مشيد حديثاً ، وهذا وقد حددت السلطة المالية درجات البناء بالنسبة للدور بخمس درجات هي الممتازة والاولى والمسلح المعماري وغير المسلح اخيراً درجة البناء الرديء (3).
وفي جميع الاحوال فان السلطة التقديرية للادارة لا تتغير في حالة زيادة قيمة العقار فقط وانما تتسع لتشمل حالات يكون فيها العقار رديئاً كان يقع على شارع ضيق او في شارع مغلق او أي سبب اخر تلاحظه لجنة الكشف ويدعو الى تخفيض قيمة العقار على ان تذكره اللجنة في متن قرارها (4).ومهما كان الامر فان السلطة التقديرية للسلطة المالية في الصعود او النزول في التقدير تتقيد بحدود الـ 10% من قيمة العقار (5). غير انه اذا وجدت لجنة الكشف ان عقاراً ما يقع في منطقة غير موصوفة بالضوابط او حدثت تغيرات في مواصفات المنطقة كتغير الاستخدام بما زاد عن قيمتها بنسبة تزيد على 25% فعلى اللجنة ان تمتنع عن الكشف ويتم اجراء كشفٍ اخر يعتبر بمثابة تعديل او اضافة الى الضوابط ومن دون التقيد بنسبة الـ10% الواردة في البند ثانياً (6).
ازاء طريقة التقدير الجزافي :
تنطوي طريقة التقدير الجزافي على مجال واسع للسلطة التقديرية اذ تتولى السلطة المالية تقدير الدخل الضريبي بشكل اقرب الى ان يكون كيفياً من ان يستند الى ضوابط معينة (7). فبالرغم من اعتماد السلطة المالية على دالة او اكثر في تحديد الربح كبدل الايجار او حجم المبيعات او مساحة المحل او موقعه الا ان النسبة التي تفترضها كربح لاتستند الى معيار محدد وهذا يتناقض مع ما يتوجب على السلطة المالية القيام به . وللوقوف على مدى حرية الادارة في التقدير الجزافي ينبغي ان نبحث ذلك في اطارين هما :-
الاطار الاول / في وضع الضوابط :-
تتمتع السلطة المالية بسلطة تقديرية واسعة عند تحديدها للضوابط وذلك لما لها من حرية في اختيار الدالة التي تعتمد عليها في تحديد هامش الربح اضافة الى حريتها في تحديد ذلك الهامش من الربح . وبغض النظر عن مبلغ الربح الذي تحدده السلطة المالية بمحض ارادتها في الضوابط فأنه يمثل ربح المكلفين الذي يمارسون نشاطهم ضمن المستوى المعتاد ، بمعنى انه اذا تجاوز ذلك النشاط المستوى المعتاد – ويترك للسلطة المالية تقرير ذلك – ، فأن الضوابط لاتنطبق عليه(8). ومن جانب اخر فان السلطة المالية قد تعتمد على الدخل الضريبي الذي يحاسب عنه المكلف في السنة السابقة للسنة التقديرية ، الا انها لا تتقيد بذلك التقدير وتعتمد على الضوابط اذا كان الربح الوارد في الضوابط اعلى من تقدير السنة السابقة(9). والى ابعد من ذلك ذهبت السلطة المالية الى التملص من قيود الضوابط وتقدير السنة السابقة عندما اعطت لنفسها سلطة تقديرية في جمع معلومات وأدلة للوصول الى تقدير دخل المكلف ، بمعنى ان للسلطة المالية ان تقدر دخل المكلف من خلال ممارسة حقها في الاطلاع واجراء التعديل على التقدير في ضوء المعلومات المتاحة لديها(10). ولكن ما الحكم لو ان السلطة المالية قد اغفلت عن تحديد نسبة الربح المفترضة لنشاط واكثر في الضوابط ؟ في هذا الفرض اعطت السلطة المالية لنفسها سلطة تقديرية في تحديد ذلك الربح المفترض من خلال اجراء القياس على اقرب نشاط او مصدر دخل مماثل ورد ذكره في الضوابط(11). فعلى سبيل المثال كانت السلطة المالية الى ماقبل صدور ضوابط سنة 2003 تعتمد على القياس في تحديد ارباح اصحاب مكاتب السكرين وذلك باعتماد النسبة المحددة من الربح لنشاط الطباعة(12). ان هذه الضوابط تشكل خرقاً لواجب السلطة المالية في اجراء التقدير على اساس الدخل الحقيقي ، وما يعمق من ذلك الخرق هو ان السلطة المالية – والى وقت قريب – تضع تلك الضوابط بالاستناد الى اسس غير مقبولة ، فعلى سبيل المثال كانت السلطة المالية الى ماقبل صدور ضوابط سنة 1996 لاتراعي درجة التقدم ومستوى النشاط الاقتصادي في المحافظات فكانت النسب الواردة في ضوابط سنة 1995 تسري على المكلفين في كل انحاء القطر بغض النظر عن تلك الاعتبارات وبعد صدور ضوابط سنة 1997 فأن السلطة المالية قد منحت خصماً من النسب المحددة في الضوابط وذلك بنسبة 25% من دخل المكلف المتحقق في مراكز المحافظات والاقضية والنواحي عدا محافظة بغداد(13). وقد عدلت السلطة المالية – بمحض ارادتها – هذه النسب بصدور ضوابط سنة 1999 التقديرية فأصبحت 20% بالنسبة لمراكز المحافظات ماعدا ( بغداد والبصرة والموصل والنجف ) و30% بالنسبة للأقضية والنواحي(14). واستمر الحال هكذا مع تعديل في النسب والاماكن المشمولة بالخصم والذي تقف وراءه ارادة السلطة المالية غير المقيدة فعلى الرغم مما قد يحققه هذا الخصم من عدالة – من حيث المبدأ – الا انه ينبغي على السلطة المالية ان تعتمد على اسس مقبولة في تحديد درجة التطور الحضري للمحافظات ومستوى نموها الاقتصادي فأن كانت غير ذات كفاءة والمام في هذا الشان فلها ان تستعين بجهة ذات اختصاص كوزارة التخطيط مثلاً خصوصاً وان هذه الجهة قد تواترت على اصدار تعليمات تُصنِف فيها مناطق العراق الى درجات بحسب مستوى النشاط الاقتصادي والحضري(15).
الإطار الثاني / في تطبيق الضوابط :-
الاصل في هذه الضوابط هو انها تسري على المكلفين غير المشمولين بنظام مسك الدفاتر التجارية او المشمولين بها الا ان السلطة المالية رفضت حساباتهم وبياناتهم(16). ومن جانب اخر فأن السلطة المالية قد عدت هذه الضوابط مجرد تقديرات استرشاديه يمكن الصعود او النزول عنها متى ما اقتضت العدالة الضريبية ذلك(17). وامام هذا التناقض نجد ان الادارة تمتلك سلطة تقديرية في تطبيق الضوابط من عدمه ، ففي احدى قراراتها اكدت السلطة المالية على ضرورة الالتزام بالضوابط الخاصة بالمقايضة ومع ذلك فأنها اجازت للمخمن المختص الصعود او النزول عنها اذا ما وجَدت أسباب مقنعة – دونما تحديد – على ان تُثبت في مذكرة التخمين(18). وهكذا نجد ان الادارة قد اختطت لنفسها مساراً تمتلك فيه قدراً كبيراً من الحرية في تطبق الضوابط السنوية او الخروج عليها . ومن جانب اخر نجد ان تلك الضوابط قد تتضمن مجالاً تتحرك فيه الادارة بقدر معين من الحرية – فعلى سبيل المثال – درجت السلطة المالية على تحديد فئات للمصادر التي تحقق الدخل تختلف درجاتها باختلاف مدى اهميتها كأن تكون الدرجة (أ) لمصدر الدخل الواقع في منطقة صناعية ممتازة والدرجة (ب) لمصدر الدخل الواقع في منطقة صناعية جيدة والدرجة (ج) لمصدر الدخل الواقع في المناطق الاخرى فتحدد لكل درجة نسبة او مقدار ربح معين ( فالمطاعم الشعبية مثلاً تقسم الى ثلاثة فئات تحدد ارباح الفئة (أ) بـ 000 500 2 دينار والفئة (ب) 000 750 1 دينار والفئة (ج) 000 250 1 دينار سنوياً(19). هذا ويترك للادارة تقدير صنف الفئة التي يتمني اليها نشاط المكلف فان قررت تقدير دخل المكلف على اساس الفئة (أ) مثلاً فأنها تتقيد بهذه الفئة في السنوات اللاحقة اما اذا اعترض المكلف على التقدير وطلب النزول عن الضوابط لوجود مبررات مقبولة فان ذلك النزول لايكون الا بعد اجراء الكشف على نشاط المكلف واقتناع السلطة المالية بصحة ادعائه. ففي احدى القضايا قررت الهيئة التمييزية الغاء تقدير السلطة المالية الجاري على وفق الضوابط وفق الفئة (أ) بالنسبة لأصحاب محلات بيع الملابس الجاهزة ، وقررت الزام السلطة المالية بمحاسبتهم على وفق الفئة ( ب ) وذلك بعد ان اجري الكشف من قبل اللجنة الاستئنافية(21).اضافة الى ذلك فأن نزول السلطة المالية من فئة الى اخرى يتطلب ان تستحصل الموافقات الاصولية وحسب الصلاحية(20). ومتى ما قررت السلطة المالية تخفيض التقدير فأنها تعمل به في السنوات اللاحقة بمعنى ان النزول من فئة عليا الى دنيا يقضي محاسبة المكلف في السنوات اللاحقة على وفق الفئة الدنيا(22). خلاصة القول فان معالم السلطة التقديرية للسلطة المالية تبرز بوضوح في اطار وضع الضوابط وفي تطبيقها ولاتتقيد ارادتها سوى بنص المادة 32 المتضمن الزامها باجراء التقدير على اساس الدخل الحقيقي للمكلف ذلك الدخل الذي لم يضع المشرع معياراً لتحديد حقيقته فترك الامر برمته للسلطة المالية .
__________________________
1- انظر ضوابط الاراضي لعام 2002 الصادر عن الهيئة العامة للضرائب – غير منشورة .
2- انظر ضوابط الاراضي لعام 2002 لفرع بغداد الجديدة الفقرتين 4 ، 6 ص 1 غير منشورة .
3- انظر محضر نتائج اجتماعات لجنة ضوابط تقدير العقار في بغداد ، المدائن ، الصادرة عن الهيئة العامة للضرائب ومديرية التسجيل العقاري العامة للسنة 2003 جدول رقم ( 1 ) والفقرة د من البند 3 .
4- انظر الفقرة 2 من محضر نتائج اجتماعات لجنة ضوابط تقدير العقار في بغداد و المدائن ، مصدر سابق ، ص1 .
5- انظر البند 2 من المحضر اعلاه .
6- انظر البند 5 من المحضر اعلاه .
7- انظر ص 133 من البحث .
8- انظر اعمام الهيئة العامة للضرائب المرقم 154م/14/2648 في 28/1/2003 .
9- انظر البند 1 من الفصل الاول من ضوابط 2003 التقديرية – ص1 .
10- انظر البند 6 من الفصل الاول ضوابط 2003 التقديرية – ص 1 .
11- انظر اعمام الهيئة العامة للضرائب المرقم 7/486 في 14/1/1998.
12- انظر ف3 من الفصل السادس في ضوابط 2002 التقديرية .
13- انظر الفصل الرابع من ضوابط سنة 1997 التقديرية .
14- انظر الفقرة 4 من الفصل الخاص بالصنائع والمهن من ضوابط سنة 1999 التقديرية .
15- انظر على سبيل المثال التعليمات الصادرة عن هيئة التخطيط ( سابقاً ) المرقم 9 لسنة 1998 .
16- انظر الفقرة 2 من الفصل الاول من ضوابط 2003 –ص2- وقد قررت اللجان الاسئتنافية والهيئة التمييزية في اكثر من قضية الزام السلطة المالية بتطبيق الضوابط . انظر على سبيل المثال قرار اللجنة الاستئنافية الاولى المرقم 82ل1 في 11/4/2002 مأخوذ من ملف قرارات اللجان الاستئنافية لسنة 2002 / غير منشور انظر ايضاً قرار الهيئة التمييزية المرقم 100 في 12/3/2002 مأخوذ من ملف قرارات الهيئة التمييزية لسنة 2002 / غير منشور .
17- انظر اعمام الهيئة العامة للضرائب رقم 7/18096 في 6/6/1990 ، منشور في الكتاب السنوي لسنة 1999 – مصدر سابق – ص 24 .
18- انظر اعمام الهيئة العامة للضرائب المرقم 56س/3349 في 29/10/2000 .
19- انظر البند (1) من الفصل السادس من ضوابط سنة 2003 التقديرية – ص 10 .
20- انظر قرار الهيئة التمييزية المرقم 85 في 19/2/2002 غير منشور .
21- انظر الفقرة أ/البند 1 من الفصل الاول من الضوابط للسنة 2003 القانون فعلى سبيل المثال حدد اعمام الهيئة العامة للضرائب المرقم 24/1025 في 4/5/1999 صلاحية النزول عن الضوابط الخاصة والتعهدات والعقود والمقاولات والتجهيز من قبل قسم الاعمال التجارية والمهن .
22- انظر الفقرة ب/البند 1 الفصل الاول من ضوابط 2003 التقديرية .
المؤلف : : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
مقال يشرح سلطة الادارة تجاه الطرق غير المباشرة لتقدير الدخل والقيود القانونية الواردة عليها