قانون الجنسية وإنصاف البحرينية
أخذ قانون الجنأخذ قانون الجنسية البحريني لعام 1963 مثل سائر التشريعات العربية، برابطة الدم كأساس يعتمد عليه في منح الجنسية البحرينية ،سية البحريني لعام 1963 مثل سائر التشريعات العربية، برابطة الدم كأساس يعتمد عليه في منح الجنسية البحرينية ، فيعتبر بحرينياً كل شخص يولد لأب يحمل الجنسية البحرينية. وقد نصت على ذلك المادة الرابعة من قانون الجنسية وقررت أن الشخص بحرينيا:-
أ- إذا ولد في البحرين بعد تاريخ العمل بهذا القانون وكان أبوه بحرينياً عند تلك الولادة.
ب- إذا ولد خارج البحرين بعد تاريخ العمل بهذا القانون وكان أبوه بحرينيا عند تلك الولادة، على أن يكون هذا الأب أوجد الشخص لأبيه قد ولد في البحرين.
ونلاحظ من النص السابق أن القانون قد أسبغ على الشخص المولود من أم بحرينية وأب بحريني الجنسية البحرينية وليس ذلك تأثرا بجنسية الأم ، فجنسيتها ليس لها أي تأثير، إذ يعتبر الشخص المولود بحرينيا تبعاً لجنسية أبيه حتى لو كانت أمه أجنبية، وذلك تأثير جاهلي آخر لا يعتبر المرأة أكثر من وعاء للحمل للذي يتبع والده.
وفي حالة كون الأب عديم الجنسية أو مجهولاً، أو لم تثبت نسبة الابن إليه، نرى تأثير جنسية الأم واضحا على جنسية ابنها ، إذ يعتبر بحرينيا ، لأن أمه بحرينية، ونلمس ذلك في نص المادة الرابعة فقرة (ج) التي تنص على انه يعتبر الشخص بحرينيا إذا ولد في البحرين أو خارجها بعد تاريخ العمل بهذا القانون وكانت أمه بحرينية عند ولادته، على أن يكون مجهول الأب أو لم تثبت نسبته لأبيه قانوناً أو أن يكون أبوه لا جنسية له.
وفي حالة كون الأب أجنبياً، فإن تمتع الأب بجنسية دولة أخرى يحرم الابن من أن يكون بحرينيا تبعا لجنسية أمه البحرينية، ذلك أن المادتين (5,4) من قانون الجنسية المذكور قد حددتا الشخص الذي يحق له التمتع بالجنسية البحرينية، وبالمفهوم المخالف فإنه يعتبر أجنبيا، ولا تنطبق عليه أي من الحالات الواردة في المادتين (5,4) سالفتي الذكر من قانون الجنسية.
ومن النصوص السابقة نلاحظ أن القانون قد أسبغ الجنسية البحرينية على الأشخاص المولودين لام بحرينية وذلك في الحالات التالية:-
أولا:- حالة عدم ثبوت نسبتهم إلى أبيهم.
ثانيا:- في حالة كون الأب مجهولا.
ثالثا:- في حالة كون الأب عديم الجنسية.
وقد توخي الشارع فيما نص عليه القضاء على إمكان وجود أشخاص عديمي الجنسية. وهي مشكلة يعاني منها الكثيرون وتحاول دول العالم جاهدة، تفاديها والقضاء عليها، لما تمثله من اعتداء صارخ على حق الإنسان في الانتماء إلى وطن. وإذ تحسب هذه المادة من حسنات قانون الجنسية البحريني إذ أنصف فيها المرأة البحرينية، إلا أنه يؤخذ على المشرع في هـذه المادة قصره تـأثير جنسية الأم البحرينية في جنسية ابنها على ثلاث حالات فقط ، إلا أن المشرع عـاد ليضيـق بموجـب المرسـوم بقانون رقـم 12 لسنة 1989 تلك الحـالات الثـلاث إلى اثنتين فقط ، حيث استثنت منها حالة كون الأم بحرينية والأب عديم الجنسية ، وكان أحرى بالقانون أن ينص على اكتساب الشخص جنسية أمه البحرينية متى لاحت إلى الوجود فكرة انه سيصبح من الأشخاص عديمي الجنسية ، أو بعبارة أخرى فإن عدم اكتساب الشخص لجنسية أبيه، لأي سبب، يعطيه الحق في اكتساب جنسية أمه البحرينية.
لذا كان مهماً – أن يصدر المشرع قانونا يتبنى هذه الفكرة والنص عليها صراحة، واضعا في اعتباره حال الأمهات البحرينيات المتزوجات من أجانب والمقيمات على أرض البحريـن، واللاتي لم يكتسب أبناؤهن جنسية آبائهم ، والنظـر لما يعانينينـه ويعانيه أبناؤهن من مشكلات وصعوبـات كثيرة متمثلـة في الحاجة إلى الحماية والأمن والاستقرار والإقامة على أرض الوطن الذي عشن وتربين فيه ، هن وأبناؤهن من دون أدنى خوف من إبعاد أبنائهن منه باعتبارهـم أجانب، إضافة إلى حاجة أبنائهن للعمل على أرض وطنهم ووطن أماتهم من دون الخوض في مشكلات التصاريح المطلوبة على الأجنبي ، إضافة إلى حاجة التعليم والخدمات الصحية وما تشكله مصروفاته من عبء يثقل كاهل الأم البحرينية ، حيث لا يحق لأبنائها الالتحاق بالمدارس الحكومية والانتفاع بالتعليم والعلاج المجاني فضلا عن حاجات ومشكلات أخرى كثيرة يصعب تعدادها، يكفي منها شعور الشخص المولود لام بحرينية وهو يعامل في وطن أمه أو التي يعيش على أرضها معاملة الأجنبي ، وفي الاعتراف للام البحرينية بحق ابنها الذي لم يكتسب جنسية أبيه في اكتساب جنسيتها إزالة لهـذه الصعـوبات وحلا لجميع المشكلات.
هذا بالنسبة للجنسية الأصلية، أما بالنسبة للجنسية المكتسبة فقد تناولها الشارع في المادة السادسة من قانون الجنسية ، وبملاحظتها نجد فيها قصورا من نواح كثيرة وظلما للمرأة البحرينية التي تعتبر أفضل من الرجل كما تكلم بذلك القرآن الكريم بقوله: (وليس الذكر كالأنثى)، أو على الأقل فهي مساوية للرجل بحسب ما تنص عليه المادة (18) من الدستور البحريني الصادر في 1973 لقولها بتساوي الناس في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ، ومن هذه الحقوق التي كان من المفروض أن تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وهو حق لم يعترف به قانون الجنسية البحريني إلا في حدود ضيقه سبق ذكرها، والتي يتخلص في إعطاء المرأة البحرينية هذا الحق كلما أمكن تفاديا لظهور أشخاص متعددي الجنسية.
لذا ففي التجنس مجال خصب لإعطاء المرأة البحرينية حقها ورفع التميز الواقع عليها لصالح الرجل وذلك بإلغاء أي شروط مطلوبة لتجنس أبناء الأم البحرينية ومنحهم الجنسية بمجرد إبداء الرغبة في الانضمام إلى حقوق المواطنين، شريطة عدم تفسير القانون بعين السياسة ولغاية في نفس يعقوب ولا يخشى من ذلك ظهور أشخاص متعددي الجنسية إذ يشترط القانون لاكتساب الجنسية البحرينية التنـازل عن الجنسية الأخرى حتى لا يكون هناك ازدواج في الجنسية والتي يعتبرها الدستور في مادة (17) سببا في إسقاط الجنسية البحرينية عن البحريني وهي حجة لم تعد قائمة بالنسبة للبحريني، فهي قد ألوت بأعنة نصوص القانون وفتحت باب التجنيس لألوف من الأجانب الذين لا يمنع قانون بلدانهم الأصلية من تعدد الجنسية، لم تشترط البحرين على من جنستهم أن يتنازلوا عن جنسياتهم الأصلية، لا؛ بل أعلنت السلطة المانحة للتجنيس في البحرين أنها لا تمانع من تعدد الجنسية، على الأقل بالنسبة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
ولقد برر البعض التمييز ضد المرأة في قانون الجنسية بحجج واهية ملخصها فيما يأتي:-
(أ) استند البعض إلى أن تأثير الأم البحرينية على أبنائها أضعف كثيرا من تأثير الأب الأجنبي عليهم ما يؤثر على شعور الأبناء بالولاء للبحرين ومن ثم على أهليتهم للحصول على الجنسية البحرينية. ويعيب هذه الحجة أنها أغفلت أن الولاء للبحرين شعور نفسي وسلوك يصعب تقييمه أو تحديده. كما أن هذه الحجة قد تنكبت جادة التوفيق في تقدير الأم البحرينية وتأثيرها على أطفالها.
(ب) والحجة الثانية تتعلق بالأمن القومي وخصوصاً في حالة البحرينيات المتزوجات من بعض الأجانب المشكوك في انتمائهم إلى جماعات غير موالية للبحرين. وهذه الحجة لا تبرر الاستمرار في تطبيق قانون غير دستوري وحرمان المرأة البحرينية من حقوقها في المساواة التي نص عليها الدستور البحريني. وقد اغفل القانون الحالات التي تكون فيها أبناء الأم البحرينية والأب الأجنبي في حاجة إلى الجنسية البحرينية ويعانون من أبلغ الأضرار لعدم إمكانهم الحصول على هذه الجنسية. واقتصر القانون على استثناء حالة أبناء الأم البحرينية من أي فرصة أو حق في الحصول على الجنسية البحرينية.
وفضلاً عن أن ما سبق يعتبر تمييزا صارخا ضد المرأة البحرينية، فإن قانون الجنسية لم يضع في اعتباره أية حالة استثنائية لام بحرينية تطلق أو ترمل وتحتاج للإقامة في البحرين مع أبنائها الذين سوف يعتبرون من الأجانب في هذه الحالة.
ختاماً، نأمل في وقفة خاصة من المشرع في قانون الجنسية لإنصاف نصف المجتمع وهي المرأة التي نظم الدستور والاتفاقيات الدولية أمر مساواتها مع الرجل في الحقوق والواجبات، ونبذ النظريات التقليدية التي شيد عليها قانون الجنسية في هذه النقطة على الأقل خصوصا مع دخول معظم الدول في اتفاقيات دولية كثيرة لحماية المرأة وصون حقها حتى غدت من ضمن النظم العالمية للمجتمعات المتمدنة والتي كانت تحت نظر المشرع التأسيسي في البحرين وكان الدستور البحريني سباقاً إلى الأخذ بتلك النظم العالمية، فلا أقل إذ أن من تعديل النص الذي محل البحث وتفسيره بما يناسب دور المرأة البحرينية في مجتمعها حتى لا يعد حراما على بلابله حلالا على الطير من كل جنس.
مقال قانوني متميز بعنوان قانون الجنسية وإنصاف البحرينية