أهمية الاتفاقيات الدولية الامنية في تعزيز أمن النقل الجوي وتوحيد إجراءاته
بقلم : ممدوح علي الهذيلي *

القانون الدولي هو القانون الذي يصدر على هيئة اتفاقيات تعد ثم تناقش ثم يصوت على موادها من قبل ممثلين لدول العالم داخل احد منظمات الامم المتحدة . ومن اهم الاهداف التي تسعى الى تحقيقها الاتفاقيات الدولية هو توحيد القانون ( Uniform the Law) بوضع قواعد واجراءات موحدة تلتزم بها الدول الاعضاء في تعاملاتها مع النشاطات او الوقائع الذي تنظمه تلك الاتفاقيات . لذا فان الاتفاقية الدولية تعد اهم عنصر من عناصر توحيد القانون الدولي وتعزيز التعاون والترابط بين الدول .

وفي الطيران المدني انشأت الامم المتحدة منظمة الطيران المدني الدولية ايكاو ( ICAO ) عام 1945 م ومقره الرئيسي في مدينة مونتريال بكندا . تتولي هذه المنظمة وضع تنظميات واشتراطات واجراءات لتنظيم نشاط الطيران المدني الدولي . وقد ساهمت الايكاو في وضع عدد كبير من الاتفاقيات الدولية والاجراءات في نشاط الطيران المدني.

وفي هذا المقال سنعرض بإيجازالى اهم ثلاث اتفاقيات دولية في حقل مكافحة الجريمة لبيان اهميتها في المحافظة على امن الطيران وتعزيزه واستمرارنموه في خدمة البشرية.

1- اتفاقية طوكيو 1963 م :

وهي اول اتفاقية دولية تهدف الي توفير الحماية الامنية للطائرة والاشخاص الذين على متنها من ركاب وطاقمي القيادة والضيافة والممتلكات التي عليها ، والحفاظ على النظام داخل الطائرة اثناء طيرانها في اعالي البحار او في اي مجال جوي لايتبع لاي دولة . والزمت الاتفاقية الدولة العضو باتخاذ كافة الوسائل الممكنة باعادة السيطرة على الطائرة الى قائدها المصرح له والسماح للركاب وطاقم الطائرة بمواصلة رحلتهم في اقرب وقت ممكن.

تطبق احكام هذه الاتفاقية على المخالفات التي ترتكب على متن طائرة وتعرض سلامة الراكب والطائرة للخطر. وتبرز اهمية هذه الاتفاقية في كونها وضعت الاطار القانوني للتعامل مع الجرائم الامنية التي تقع على الطائرة اثناء فترة الطيران . فالاصل في الاختصاص القضائي ان يكون معقودا لدولة تسجيل الطائرة ولكن لاي دولة عضو الحق في فرض نظامها الجنائي متى توفرت احد الاسباب التي اقرتها الاتفاقية .

الاطار القانوني حدد النقاط التالية :

– حل خلاف تحديد القانون المختص او مايعرف بـ ( تنازع القوانين Conflict of Laws ) : عند وقوع جريمة او مخالفة على متن طائرة فغالبا ما ينشاء خلاف بين الدولة المسجلة بها الطائرة (التي تتبعها الطائرة وتحمل جنسيتها ) وبين الدولة التي وقعت الجريمة على / في اقليمها (البري ،البحري او الجوي ) . لذا راعت الاتفاقية حساسية هذا الجانب حين كفلت لدولة تسجيل الطائرة العضو في الاتفاقية ( اي المصدقة على الاتفاقية ) الحق في تطبيق قانونها على الجرائم والمخالفات التي تقع على متن الطائرة بشروط معينة

أ – ان يكون من شأن الجريمة او الافعال تعريض الطائرة او ركابها او

ممتلكاتهم للخطر .

ب – الطائرة مسجلة في الدولة .

ج الطائرة في حالة طيران (وحددتها الاتفاقية تبداء من اغلاق بوابة الطائرة للاقلاع حتى فتحها بعد الوصول ) ، او في اعالي البحار ، او في منطقة لا تخضع لسيادة دولة عضو.

كما ان الاتفاقية لم تهمل سيادة الدولة على اقليمها ( البري او البحري او الجوي ) حين اعطت لاي دولة عضو تطبيق قانونها على الجريمة او المخالفة التي وقعت على متن

الطائرة بل قدمت هذا الحق على حق دولة تسجيل الطائرة في الحالات التالية :

أ – اذا كانت الجريمة قد وقع في اقليم هذه الدولة .

ب- اذا كانت الجريمة وقعت ضد احد رعاياها .

ج – اذا كانت الجريمة فيها اعتداء على امن هذه الدولة .

د – اذا كانت الجريمة فيها تعريض لسلامة الملاحة الجوية في هذه

الدولة

هـ – اذا كان تطبيق قانونها مترتب عن الالتزام بمعاهدة دولية .

ونلاحظ هنا ان مجال تطبيق قانون دولة تسجيل الطائرة اضيق من مجال دولة مكان وقوع الجريمة وهذا ادراك وتفهم من الاتفاقية لاهمية مبداء سيادة الدولة على اقليمها مما كتب لهذه الاتفاقية النجاح والبقاء[1] .

– منحت قائد الطائرة سلطات واسعة ومعقولة ( الاحتجاز ، الانزال ، التسليم لسلطة دولة اخرى ) من اجل المحافظة على سلامة الركاب و امن الطائرة ونظامها من اي اعتداء من اي شخص اثناء فترة طيارانها . كما

– كفلت لقائد الطائرة وطاقمها واي راكب عمل على ازالة الخطر حصانة ضد اي مسائلة امنية او قضائية ناتجة من قيامهم بدفع خطر هذه الافعال .

– فرضت على الدول الاعضاء:

أ –وضع عقوبات لمرتكبي الجرائم على متن الطائرة وانزال تلك العقوبات عليهم متى ماثبت ارتكابهم لها ; او

ب – او تسليم مرتكبي تلك الجرائم الى الدوله العضو التي يحمل المتهم جنسيتها (Extradition ) في حالة اذا لم تقم بتطبيق قانونها .

2– اتفاقية لاهاي 1970 [2]:

نظرا لان اتفاقية طوكيوا لم تتعرض لموضوع اختطاف الطائرة وتجريمه ، فقد جاءت اتفاقية لاهاي لتجريم الاختطاف ومعاقتبته . وتطبق احكام هذه الاتفاقية في حالة اختطاف ( احتجاز ) طائرة في حالة طيران في رحلة دولية اذا ماوقع الاختطاف خارج دولة تسجيل الطائرة. وقدعرفت الاتفاقية الاختطاف بانه الاستيلاء غير المشروع للطائرة ،و اقرت عدة اجراءات من اجل مواجهة حالات الاختطاف التي هددت سلامة النقل الجوي والزمت جميع الدول الاعضاء بها بجملة من الالتزامات منها :

– تجريم القيام مباشرة او مشاركة بختطاف الطائرة او مجرد التهديد به باستخدام القوة او بأي وسيلة اخرى.

– وضع عقوبات قاسية لجريمة اختطاف الطائرة .

– القبض على مختطف الطائرة والتحفظ عليه والتحقيق معه واحالته الى السلطات الامنية والقضائية المختصة لاكمال اجراءات التحقيق وتقرير العقوبة وفقا لقانونها الجنائي .

– تزويد جميع الدول ذات العلاقة ( دولة جنسية المختطف ، دول جنسية الطائرة ، دولة مشغل الطائرة في حالة استئجار الطائرة ) بتائج هذا التحقيق وبالاجراءات والعقوبات التي تنوي اتخاذها .

– تطبيق نظامها القضائي على جريمة اختطاف الطائرة او افعال العنف التي ارتكبت على متنها.

– تسليم مختطف الطائرة الى دولته اذا قررت عدم تطبيق نظامها القضائي عليه .

– اعادة السيطرة على الطائرة الى قائد الطائرة وتقديم جميع الجهود الممكنة لجميع من على متنها لتسهيل مواصلة رحلتهم في اقرب وقت ممكن .

3- اتفاقية مونتريال 1971 م[3] :

نظرا لما قد يقع على متن الطائرة من تصرفات اوافعال او ادلاء بمعلومات من احد ركاب الطائرة تهدد سلامة بقية الركاب او سلامة الطائرة او سلامة الملاحة الجوية ( كالتهديد بتفجير قنبلة على متن الطائرة ) فقد جاءت اتفاقية مونتريال 1971 م لتتعامل مع هذه الافعال التي تخرج عن نطاق الاختطاف الذي تحكمه اتفاقية لاهاي 1970 . ولهذا فان الالتزامات التي فرضتها اتفاقية مونتريال على الدول الاعضاء تتشابه كثيرا مع ذات الالتزامات التي جاءت بها اتفاقية لاهاي الا انها تميزت بانها مدت نطاق تطبيقها لتشمل الفترة التي تسبق مرحلة الطيران التي تبدأ من اغلاق ابواب الطائرة للاقلاع وحتى فتحها بعد هبوط الطائرة نظرا لامكانية تعرض الطائرة للاختطاف او الخطر خلال هذه الفترة .

التزامات الدول الاعضاء :

– تجريم الافعال والتصرفات والادلاء بمعلومات التي تقع على متن الطائرة والتي من شانها تهديد سلامة الركاب او سلامة الطائرة او سلامة الملاحة الجوية .

– سن عقوبات رادعة لمرتكبي هذه الافعال غير المشروعة.

– تطبيق اختصاصها القضائي على تلك الجرائم .

– احتجاز المتهم ، واحالته للتحقيق واتخاذ الاجراءات الامنية تمهيدا اما لعقوبته قضائيا او تسليمه الى دولته التي يحمل جنسيتها.

4-الملحق رقم 17 لاتفاقية شيكاغوا:

في عام 1974 اعتمدت منظمة الايكاو الملحق رقم 17 ضمن ملاحق اتفاقية شيكاغو للطيران المدني الصادرة في 1944 م . الزم هذا الملحق الخاص بالضوابط والاجراءات الامنية الدول الاعضاء بانشاء جهاز حكومي مختص بوضع انظمة وضوابط واجراءات امنية ، وايضا اقرار برنامج امني للطيران المدني. غرض هذا البرنامج هو توفير الامن في المطارات وعلى متن الطائرات بعدم السماح بحمل الاسلاحة والمواد الخطرة على متن الطائرة والقيام باجراءات التفتيش في المطارات لكل من الركاب والامتعة والبضائع والبريد بتوفير موظفين امن اكفاء خاضعين لدرسة سيرتهم الذاتية وخلو صحائفهم من اي جرائم او مخالفات امنية وتوفير التدريب العالي لهم،وتركيب اجهزة تفتيش لمنع مرور الاسلاحة والمواد الخطرة والمتفجرة الى داخل الطائرة.

خاتمة :

نظرا لطبيعة النقل الجوي الدولي وما يتطلبه من مرور الطائرة فوق اقاليم والهبوط في مطارات دول شتى تحكمها انظمة واجراءات متعددة ، وامكانية تعرض الطائرة وركابها اما للاختطاف او لافعال غير مشروعه تعرض الطائرة وركابها لخطر كبير فقد استدعى ذلك وجود اتفاقيات دولية تعمل على تعزيز الامن في النقل الجوي الدولي وتلزم الدول الاعضاء بوضع تنضمه واجراءات وعقوبات موحدة في التعامل مع الافعال التي من شانها تعريض سلامة الراكب والطائرة للخطر.فعززت بذلك تطبيق القانون الدولي ونمت اواصر التعاون بين دول العالم .

* مستشار قانوني

[1] [1] دخلت اتفاقية طوكيو حيز التنفيذ 4/12/1969 م وصدقت المملكة العربية السعودية عليها في 19/2/1970 م وعدد الدول الاعضاء 185 دولة .
[2] دخلت اتفاقية لاهاي حيز التنفيذ في 14/10/1971 م صدقت المملكة العربية السعودية عليها في 14/6/1374 هـ وعدد الدول 185 دولة.

[3] دخلت اتفاقية مونتريال حيز التنفيذ في 26/1/1973 م صدقت المملكة العربية السعودية عليها في 14/6/1374 هـ وبلغ عدد اعضائها 188 دولة.

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

الاتفاقيات الدولية الأمنية ودورها في تعزيز أمن النقل الجوي في مقال قانوني