هل يمكن لفاعل الجرم التهرب من العقاب الذي يفرضه القانون على جريمته ؟

هل يمكن لفاعل الجرم التهرب من العقاب الذي يفرضه القانون على جريمته بالإستفاده من نصوص القانون التي تحفظ وتجيز له حق الدفاع عن نفسه؟.
للوصل الى الإجابه على هذا التساؤل نبحث في غاية المشرع حين نص على العقاب في قوانين العقوبات وكذلك غايته عندما منح فاعل الجرم حق الدفاع عن نفسه من خلال النصوص القانونية التي تنطم وتجيز له ذلك.

-إن قانون العقوبات من خلال بيانه للأفعال التي لا يجيز للأفراد القيام بها والتي سماها بالأفعال الجرمية التي يستحق مرتكبها العقاب لمخالفته النظام العام للمجتمع وتهديده لحياة الجماعة واستقرارها يهدف من العقاب عليها الى تحقيق الردع العام لمنع أي فرد من إرتكاب فعل مخالف للقانون (جريمه) والى تحقيق الردع الخاص من خلال العقوبة المفروضة على فاعل الجرم حتى لا يعاود إرتكاب أفعال مخالفة للقانون مرة أخرى من أجل تحقيق غاية الجماعة في تحقيق الأمن العام لها الذي يضمن لها السلامة في معيشتها ويضمن لها الحياة.

-وإن غاية المشرع من خلال منحه لفاعل الجرم حق الدفاع عن نفسه من خلال النصوص القانونية في قانون أصول المحاكمات الجزائية أو ما يسمى بقانون الإجراءات الجنائية أو قانون المرافعات هو لحفظ حق فاعل الجريمة في الدفاع عن نفسه أمام المحكمة وامام المجتمع لبيان أسباب الجريمة والدوافع إليها التي حملته على إرتكابها ولبيان فيما إذا ارتكبت الجريمة عن قصد وإصرار أو كانت نتيجة فعل خطأ مما يوفر لسلطة التقاضي المعلومات الكافية التي تحملها للوصول الى الحقيقة وبالتالي الوصول الى الحكم بالحق ما أمكن لها ذلك.

– فمثلاً إذا ارتكبت جريمة من أحد الأشخاص وتم التحقيق فيها وتنظيم دعوى أحيلت الى القضاء من أجل الفصل فيها وفي ذات الوقت ولحق فاعل الجرم في الدفاع عن نفسه أتى بعدد من الشهود كأحد وسائل الدفاع المنصوص عليها ليشهدوا له أمام المحكمة بأنه لم يقم بإرتكاب جريمته بأن كان معهم ساعة وقوع الفعل الجرمي ولم يكن في مكان الجريمة كما قال المشتكى (من وقعت عليه الجريمه) في إفادته أمام المحكمة كشاهد للحق العام والذي لم يكن لديه أدلة إثبات أخرى لشكواه، فهل بعتبر ذلك إعمال لنصوص القانون التي تنطم حق فاعل الجرم في الدفاع عن نفسه حتى لو أدى ذلك الى نفي الفعل الجرمي عن الفاعل وبالتالي بقي دون عقاب وبقي يهدد المجتمع بأعمال إجرامية أخرى؟

-إن الإجابه على هذه التساؤلات هي ما يعبر عنها بفكرة التحايل على القانون، ومعنى هذه الفكرة هي إستخدام الأفراد لوسائل مشروعه يجيزها القانون من أجل تحقيق أهداف غير مشروعة، أي أن فاعل الجريمة الذى أتى بالشهود ليدفع الجرم عن نفسه وحصوله على حكم البراءة أو عدم المسؤولية قد استخدم نصوص قانون الإجراءات الجنائية أو ما يسمى قانون المرافعات أو أصول المحاكمات الجزائية من أجل التهرب من العفاب الذي يفرضه قانون العقوبات على فعله.

-إن ما نبتغي توضيخه هو وإن كان قانون أصول المحاكمات الجزائية (قانون المرافعات، الإجراءات الجنائية) بعطي الحق لفاعل الجرم بالدفاع عن نفسه (كحق مقدس) قإن ذلك لا يعني طريقأً لإفلاته من العقاب الذي فرضه القانون ولا لكي يجد له سبيلاً للتهرب والتجرد من جريمته التي قام بإرتكايها، وإنما قصد المشرع من إتاحته للمشكى عليه (فاعل الجرم) من الدفاع عن نفسه من أجل أن يبين ويوضح للمحكمة حقيقة الأمور والوقائع التي تمكنها من الفصل في الدعوى على الوجه الحق.
وبذلك لا يمكن لفاعل الجريمة أن يتهرب من نص قانوني يجرم فعله ويفرض عليه العقاب (نصوص قانون العقوبات) بالإستفادة من نص قانوني آخر في قانون آخر(قانون أصول المحاكمات الجزائية) يتيح له حق الدفاع عن نفسه، وهذا موضوع قانوني أثاره فقهاء القانون حول إستخدام الأفراد لوسائل مشروعة بهدف تحقيق مصالح تخالف القانون ونواهيه، حيث أن هذا الأمر يختلف مداه من قانون الى آخر إلا أنه ليس له المجال في المواد الجزائية لتصدي المشرع لذلك من خلال نصوص قانونبة تتيح للقاضي الحكم وفقاً لقناعته الشخصية ولما يستقر عليه ضميره ووجدانه.

هل يمكن لفاعل الجرم التهرب من العقاب الذي يفرضه القانون على جريمته؟