الولي كشرط في عقد الزواج
الأستاذ سمار عبد العزيز
لقد أثار شرط الولي في عقد الزواج جدلا واسعا في الجزائر منذ صدور قانون الأسرة لأول مرة سنة 1984 ،فقد إعتبرت العديد من الجمعيات النسوية أن شرط الولي في عقد الزواج هو مساس بحرية المرأة في إختيار زوجها ،فالمرأة حسب رأيهم ليست كائن معاق ذهنيا لكي تكون بحاجة إلى ولي ،و حتى المنظمات الحقوقية الدولية مارست ضغوطات على الجزائر في هذا الموضوع ،
فهي ترى أن إشتراط الولي في عقد الزواج بالنسبة للمرأة هو منافي لمبدأ المساواة بين الرجل و المرأة المنصوص عليه في المواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر ،و في الجانب الآخر نجد رجال الدين و التيارات الإسلامية المحافظة التي تعتبر أن شرط ولي المرأة واجب في عقود الزواج لكونه مستمد من الشريعة الإسلامية و الجزائر هي دولة مسلمة طبقا لدستور البلاد بل حتى قانون الأسرة مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية ،
و إنطلاقا من هنا سنحاول معرفة موقف قانون الأسرة الجزائري من مسألة شرط الولي في عقد الزواج ،و ذلك من خلال النقاط الآتية : تعريف الولاية في عقد الزواج ، موقف الشريعة الإسلامية من الولاية ، موقف قانون الأسرة الجزائري من الولاية .
أولا : تعريف الولاية في عقد الزواج
الولاية كقاعدة عامة هي سلطة شرعية تمنح لصاحبها إنشاء العقود و التصرفات و تنفيذها لفائدة شخص آخر يكون في حالة عجز عن القيام بذلك بنفسه لكونه قاصر أو مصاب بمرض عقلي ،أما الولاية في الزواج فهي تدخل ضمن الولاية على النفس ،بمعنى الإشراف على الشؤون الشخصية للمرأة ،فولاية الزواج هي أن يقدم شخص كبير راشد على تدبير شؤون الزواج للمرأة المحتاجة لذلك .
إن الأساس في الولي هو أن يكون من عصبة الولي عليه ،ثم أن يكون أقرب العصبات له ،حسب ترتيبهم في الإرث ،فالأب ثم الجد ثم الأخ ثم العم ثم الخال و يستمر ذلك حسب قوة القرابة ،علما أن القاضي ولي من لا ولي له ،أي أن الطفلة اليتيمة التي ليست لها أي عائلة و ليست لها أي كافل ، ففي هذه الحالة القاضي هو وليها .
و يجب أن يستوفي الولي مجموعة من الشروط الشرعية ،فالولي يجب أن يكون بالغا و أن يكون عاقلا و و أن يكون رجلا و ليس إمرأة حسب جمهور الفقهاء و أن يكون مسلما فالمسيحي لا يمكنه أن يكون ولي في عقد زواج المرأة المسلمة .
ثانيا : موقف الشريعة الإسلامية من الولاية
نشير في البداية أن أغلب الفقهاء قسموا الولاية في الزواج إلى قسمين ،ولاية الإختيار و ولاية الإجبار ،فولاية الإختيار تتمثل في حق الولي في تزويج الفتاة بناءا على موافقتها و قبولها بالزواج ،فالولي لا يمكنه أن يجبر الفتاة على الزواج ،أما ولاية الإجبار فهي سلطة الولي في تزويج الفتاة دون يأخذ بعين الإعتبار إرادتها ،فالولي في هذه الحالة له الحق في إجبارها على الزواج أو أن يمنعها من الزواج ،و ولاية الإجبار حسب أغلب الفقهاء تكون في حالة ما إذا كانت الفتاة صغيرة في السن أو سفيهة .
و يرى جمهور الفقهاء أن الولاية في الزواج واجبة بالنسبة للمرأة إستنادا على حديث الرسول صلى الله عليه و سلم » لا نكاح إلا بولي » و غيرها من الأحاديث النبوية ،غير أن المذهب الحنفي يخالف جمهور الفقهاء في هذه المسألة ،فمشايخ الحنفية يرون أن المرأة لها الحق في أن تزوج نفسها بل حتى في تزويج غيرها من النساء و دليلهم ذلك قول الله سبحانه و تعالى » فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف – الآية 234 من سورة البقرة – » و غيرها من الأدلة الشرعية .
ثالثا : موقف قانون الأسرة الجزائري من الولاية
يجب أن نميز بين موقف القانون قبل تعديل 2005 و بعد تعديل 2005 .
1 – موقف قانون الأسرة الجزائري قبل تعديل 2005
لقد عالجت المواد 11 و 12 و 13 من قانون الأسرة لسنة 1984 موضوع الولي في عقد الزواج .
نصت المادة 11 من قانون الأسرة على ما يلي » يتولى زواج المرأة وليها و هو أبوها فأحد أقرابها الأولين ،و القاضي ولي من لا ولي ولي له » .
و نصت المادة 12 من قانون الأسرة على ما يلي » لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه و كان أصلح لها فإذا وقع المنع فللقاضي أن يأذن به مع مراعاة أحكام المادة 09 من هذا القانون ، غير أن للأب أن يمنع بنته البكر من الزواج إذا كان في المنع مصلحة للبنت »
و نصت المادة 13 من قانون الأسرة على ما يلي » لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر من في ولايته على الزواج ،ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها »
و بالتالي نلاحظ أن قانون الأسرة لسنة 1984 كان يعتبر الولي شرط من شروط عقد الزواج ،و لم تكن تتمتع المرأة في ظل هذا القانون بحرية إختيار وليها ، فالمادة 11 كانت صريحة ،فولي المرأة هو أبوها ثم أقاربها و القاضي ولي من لا ولي له ،كما أن الولي كان يملك سطلة واسعة في ظل قانون الأسرة لسنة 1984 ،بحيث طبقا للمادة 12 كان بوسع الولي أن يمنع البنت من الزواج إذا كان ذلك يخدم مصلحتها ،غير أن المادة 12 لم تشرح المقصود بـ » مصلحة البنت »
اي أن الولي كانت له سلطة واسعة لتقدير هذه المصلحة ،و قد تدخلت المحكمة العليا أنذلك في عدة قضايا بسبب تعسف الولي ،فقد صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 30 / 03 / 1993 جاء فيه » من المقرر شرعا و قانونا أنه لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه و كان أصلح لها ،و للقاضي أن يأذن به مع مراعاة أركانه …… ( ملف رقم 90468 ) » .
2 – موقف قانون الأسرة الجزائري بعد تعديل 2005
نشير أن المشرع الجزائري قام بإلغاء المادة 12 و عدل المادة 11 و 13 من قانون الأسرة بموجب تعديل سنة 2005 ، و بالتالي اصبحت هناك مادتين فقط( 11 و 12 ) تعالجان مسألة الولي في عقد الزواج .
نصت المادة 11 من قانون الأسرة على ما يلي » تعقد المرأة الراشدة زواجها بحضور وليها و هو أبوها أو احد اقاربها أو اي شخص شخص آخر تختاره .
دون الإخلال بأحكام المادة 07 من هذا القانون ،يتولى زواج القصر أولياؤهم و هم الأب ،فأحد الأقارب الأولين و القاضي ولي من لا ولي له »
و نصت المادة 13 من قانون الأسرة » لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبرة القاصرة الي هي في ولايته على الزواج ،و لا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها »
يتضح لنا من خلال هاتين المادتين أن المشرع الجزائري لم يغير موقفه فيما يخص شرط الولي كشرط لإنعقاد الزواج ،غير أنه و على عكس القانون القديم منح المشرع الجزائري المرأة حرية إختيار وليها في عقد الزواج ،فهو ليس بالضرورة والدها ،فقد يكون شخص آخر حتى لو كان أجنبي عن العائلة ، إذ أن المرأة بموجب التعديل الجديد اصبحت تملك حرية تامة في إختيار الولي في عقد الزواج و لكن بشرط أن تكون بالغة سن الرشد القانوني للزواج و هو طبقا للمادة 07 من قانون الأسرة 19 سنة كاملة .
و ذلك بإعتبار أن القاصر سواءا كان فتى أو بنت لا يمكنه أن يتزوج إلا بحضور وليه الشرعي و لا يحق له أيضا أن يختار وليه الشرعي ،فهو طبقا للفقرة الثانية من المادة 11 من قانون الأسرة الأب ثم الأقارب ثم القاضي لكونه ولي من ولي له .
و اشارت المادة 13 من قانون الأسرة إلى أنه لا يحق للولي أن يحبر الفتاة القاصر على الزواج ،و أن زواج الفتاة القاصر لا يمكن أن لا يكون إلا بموافقها ، و نشير أن المشرع الجزائر لم يعالج الأثار المترتبة على إجبار المرأة على الزواج سواءا كانت قاصر أم لا ؟؟؟ فهل يحق مثلا ان تطلب الفتاة التي تزوجت بواسطة الإكراه التطليق ؟؟؟ نحن نرى حسب إعتقادنا أنه يحق للمرأة أن تطلب التطليق في هذه الحالة بإعتبار أن ذلك يعد ضرر معتبر شرعا عملا بالفقرة العاشرة من المادة 53 من قانون الأسرة المتعلقة بالتطليق .
و في الأخير نستخلص أن المشرع الجزائري حاول من خلال تعديل سنة 2005 التوفيق بين الإتجاهين ،فقد حاول من خلال الإبقاء على شرط الولي في عقد الزواج إرضاء التيار المحافظ و الإسلامي في المجتمع ،و حاول من خلال منح المرأة الحرية في إختيار الولي إرضاء المنظمات الحقوقية الدولية و الجمعيات النسوية ، و من جهتنا نعتقد أن تغيير الذهنيات و الطبائع في المجتمع لا يكون بواسطة النصوص القانونية بل يكون عن طريق حملات التوعية و التحسيس و أيضا العمل الجمعوي و السياسي.
فالمجتمع الجزائري بالرغم من التطور الذي عرفه في السنوات الأخيرة يبقى مجتمع محافظ و مجتمع متمسك بالقيم و العادات ،فقد لاحظنا في الواقع أنه نادرا ما تتجرأ المرأة في مجتمعنا على عصيان والدها وأقاربها على العموم في عقد الزواج .
الولي كشرط في عقد الزواج في القانون الجزائري
السلام عليكم …ما حكم القاونون لتزويج مراة بالغة بالاكراه تحت الضغط والترهيب والتخويف من عمها لتزويجها من ابن عمها الذي لا تريده اطلاقا …لماذا لا يحمي القانون المرأة البالغة في اختيار شريكها بدا اجبترها بالاكراه تحت التهديد والتخويف من الأقارب
ارجوا ردكم غي اقرب وقت
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يمكن لفتاة 25سنة ان نتزوج بدون وليها الذي يرفض زواج بناته
هل يجوز لبنت عمرها 22 سنة الزواج بدون حضور الاب وحضور الخال بدل عنه .مع العلم ان الابوين مطلقين والاب لاينفها ولايسال عنها