نشأة و تطور المجتمع الدولي
المجتمع الدولي
نشأة وتطور المجتمع الدولي
ماهية المجتمعالدولي نوع من المجتمعات السياسية كما هو الشأن في المجتمعات البشرية والمجتمعالسياسي قديم التكوين قدم العمران البشري لأنه ناتج عن الاستقرار وتنظيم جماعاتبشرية في زمان ومكان معين فتصل لحد أم دول العالم جمعاء تشترك في تكوين المجتمعالدولي وتتميز ب:
1- التضامن الدولي
2- نظام قانوني دولي
3- السلطات الدولية
المجتمع الدولي في العصر القديم :
يجمع أغلب المؤرخون على أن هذا العصرمصدر زمنيا حوالي سنة 3100 ق م إلى غاية سقوط روما عاصمة الإمبراطورية لرومانية سنة 476 م لقد شكل اكتشاف الزراعة غير هذه الفترة عامل أساسي الاستقرار الإنسان في حيزومكان محدد لكونها تقتضي الإقامة الطويلة والمستمر للقيام بالزرع والرعي والجني مماأدى إلى بروز فكرة التملك الجماعي والفردي للأراضي الخصبة حول الأنهار والبحيراتومن ثم أدت غزيرة التملك إلى فكرة وضع الحدود الملكية وبالتالي مع مرور السنين ساهمذلك في ظهور جماعات إنسانية متميزة من حيث العقائد والتقاليد …. واستقرت كل منها فينطاق مساحة محدودة وخضعت السلطة عليا واحدة مثل هذه الجماعات تطورت معظمها لتشكلالدول والإمبراطوريات والحضارات التي عرفها العصر القديم لقد تميزت هذه المرحلةبنوعين من التنظيمات السياسية من جهة الإمبراطوريات التي أسستها القوى العظمى آنذاكواتسعت رقعتها إلى أرجاء واسعة مترامية الأطراف ومن جهة أخرى وجود الدول ( المدن ) كما كان الحال في اليونان قديما التي تأسست على مساحات محدودة وامتازت بالانسجام فيتعاملها والتنظيم في علاقاتها أي العلاقات بين مختلف الديانات السالفة الذكروالحضارات امتازت بطابع الانعزالية والاكتفاء الذاتي وهما الأمر أثار الخلاف بينالفقه حول مدى وجود مصادر أولية للتنظيم الدولي خلال هذه الحقبة التاريخية فهناكاتجاه أول يرى أنه بالرغم من الحضارات القديمة عرفت أو طبقت بعض قواعد القانونالدولي مثل إيفاء بعثات رسمية إلا عن الحرب قبل بدئها أو عقد .
أولا : الشرق القديم : ونقصد به الحضارات التي نشأت حول واد الرافدين ونهر النيل .
حضارة بلاد الرافدين :
تذكر الأبحاث التاريخية أن حضارة واد الرافدين امتازت بوجود معاهدةعام 3100 ق م بين زعيمي قبيلتين من منطقة ما بين النهرين نصت على وضع حد للنزاعالقائم بينهما حول الحدود كما نصت على اللجوء للتحكيم في حالة النزاع فيما بينها .
الحضارة الفينيقية :
دولة دستورية حكمها جمهوري لها مجلس منتخب فيه 28 عضو .
لقد ملك الفينيقيون قوة تجارية كبرى وامتد نفوذهم الاقتصادي من بلاد الشامشرقا حتى بلاد الأسبان غربا وقويت شوكتهم خاصة بعدما قامت دولتهم في تونس وبناءمدينة قرطاجة سنة 825 والدولة القرطاجية دستورية ونظام حكمها جمهوري ولها مجالسمتخصصة مثل مجلس الشيوخ مجلس التجار ومجلس القضاء الذي يحتوي على 104قاض .
وفيالجزائر قامت إمارات ودويلات أشهرها اٌلإمارة النميدية التي حكمها يوغرطة سنة 118 قم .
الحضارة الفرعونية :
كتبت معاهدة سنة 1292 ق م كشفت عنها الأبحاثالتاريخية ببابل بين رمسيس ملك مصر وحاتوبيل ملك الحبشيين حيث تعهد الطرفان منخلالها .
بتبادل المساعدة ضد الأعداء الداخليين والقيام بتسليم هؤلاء إلى بلدالطرف الآخر على شرط عدم توقيع عقاب عليهم قبل ذلك ، وتعتبر هذه المعاهدة أقدم شكلمعروف لتسليم المجرمين السياسيين وكان احترام وتقنين هذه المعاهدات يتم بضمانالآلهة فقد جرت العادة أن يقسم كل طرف من أطراف المعاهدة بعدد من الآلهة بعدمالخروج عنها .
الديانة اليهودية :
اتصفوا بالانعزالية والتعالي على الشعوبالأخرى وتمجيد العنف وأسلوب الحرب لدرجة أنهم أطلقوا على إلههم “رب الانتقام ” ففيالعهد القديم تضمن الإصحاح الخامس عشر من سفر سموائيل أمرا صريحا من رب اليهودمفاده “…ولا تعفوا عنهم رجلا طفلا ورضيعا جملا وحمارا …”
الغرب القديم :
الحضارة الإغريقية:
كانت اليونان مقسم لعدد من الوحدات السياسية المستقلةيبلغ عددها 12مدينة خلال القرن الخامس ميلادي وكان يطلق على كل منها مصطلح مدينة مايقابله حاليا دولة .
وتميزت العلاقة بين المدن اليونانية بأنها كانت وثيقةتتميز بالاستقرار والتفاهم نظرا لانتمائها لحضارة واحدة تستند لعدة اعتبارات عقديةوعرقية ولغوية ودينية مشتركة وقد علاف الإغريق وسيلتين أساسيتين للعلاقات القانونيةفاستعملوا :
المعاهدة :
كوسيلة قانونية لتنظيم العلاقات فيما بينهم في كثيرالمجالات ومن تلك المعاهدات معاهدة تعزيز السلم سنة 446 ق م بين أثينا وإسبرطةومعاهدة تحالف عسكري سنة 418 ق م بين إسبرطة وآغورس .كما استعمل الإغريق وسيلةالدبلوماسية لفك النزاع بينهم .
الحضارة الرومانية :
تأثر الرومان بالتنظيماتالتي سادت المدن اليونانية حيث قامت خلال القرن الخامس قبل الميلاد رابطة تجمع بينرومان بعض المدن اللاتينية على أساس المساواة بين الأعضاء كما أبرمت روما في حدودسنة 306 ق م معاهدة مع قرطاجة وتتضمن النص على إقامة السلم والتنازل المتبادل فيمناطق نفوذها وحماية مواطنيهم إن لجأو إلى بلد الطرف الآخر
غير أن موقف روما فيعلاقاتها تعتبر عندما أحست بتفوقها العسكري خاصة بعد القضاء على قرطاجة واتبعالرومان في علاقاتهم نوعين من القانون :
1- قانون الشعوب : وهو قانون بديلللقانون المدني كان ثمرة اجتهاد القانون الروماني أنشأته روما عام 242ق م هو قانونللفصل في المنازعات بين الرومان والرعايا الأجانب ويسمى أيضا بقانون الغرباء.
2- قانون الفيتال : حرصت روما أن تطبع علاقاتها مع غيرها بطابع ديني لتجلب بركة الآلهةفأنشأت هذا القانون يشرف على تطبيقه مجموعة من رجال الدين عرفوا باسم الإخوة فيتالوكانوا يعتبرون بمثابة سفراء يتمتعون بالحصانة وعددهم 20 وجوهر هذا القانون أنهؤلاء الذين يقررون إن كان هناك سبب عادل لإعلان الحرب ضد بلد آخر كما يمارس السلطةالدينية عند إعلان الحرب أو عند عقد السلم ومن أشهر الذين عالجوا موضوع الحرب فيذلك الوقت القديس أوقستين الذي ميز بين الحرب العادلة والحرب غير العادلة في كتابهمدينة الله.
المجتمع الدولي في العصر الوسيط :
لقد استمرت الصراعات القائمةبين إمبراطوريات الشرق والغرب في هذه المرحلة لأكثر وذلك أن ظهور الديانة المسيحيةساعدت على اشتداد هذه الصراعات لأن من آثار انتشار تعاليم المسيحية قيام الرابطةالدينية بين الدول الأوربية في شكل عصبة دينية مما أدى لنشوء ما يسمى بالأسرةالدينية بالمسيحية التي يساوي كل أعضائها في الحقوق والواجبات .
ويتفق أغلبالمؤرخين على أن عصر الوسيط يبدأ بسقوط روما سنة 476ق م لينتهي بسقوط القسطنطينيةسنة 1453 على يد محمد الفاتح .
1- العالم المسيحي : يمكن القول أن هذا العصر شهدعدة عوامل حالت دون قيام تنظيمات دولية حقيقية لأوربا بالإضافة لسيطرة الكنيسةوتسلطها وجمعها بين السلطتين الدينية والدنيوية والحد من استقلالية الدول وكذلكإخراج كل الدول غير المسيحية من المجتمع الدولي بالإضافة لكل هذا هناك عوامل أخرىتمثلت في الفرص السياسية .
ونظام الإقطاع والصراع القائم بين نظام الإقطاعالصراع بين البابا والإمبراطور أيضا الديانة المسيحية والحروب الصليبية .
1-الفوضى السياسية : في عهد الإمبراطور تيودوس جرى تقسيم الإمبراطورية سنة 395 م بين ولديه إمبراطورية غربية عاصمته روما ، وإمبراطورية شرقية عاصمتها القسطنطينية، وكان هذا التقسيم سببا في انهيارها على يد القبائل الجرمانية سنة 700م وعلىأنقاضها قامت مجموعة من المماليك والإمارات المتصارعة يحكمها العداء والحرب وبقيالأمر على حاله من سنة 800م حيث تمكن الإمبراطور شارلمان من توحيد هذه الوحداتالسياسية في إطار ما يسمى بالإمبراطورية الرومانية المقدسة ولكن بمجرد وفاته عام 843 حتى عادت الفوضى والفساد من جديد .
ب نظام الإقطاع : انتشر هذا النظام فيأوربا ابتداء من القرن التاسع ميلادي ليستمر لنهاية العصر الوسيط تقريبا هذا النظاميتمثل من الناحية السياسية في استئثار الأمير بجميع مظاهر السلطة داخل إقليم معينعلى أساس أنه يعتبر بمثابة ملك شخصي له التصرف فيه كما يشاء وهو ما يعرف قانونابمبدأ الدولة الموروثة وهذا الوضع لم يساعد على نشوء تنظيم دولي لأن كل مملكة أصبحتمقدمة بين عدد كبير من الإمارات الإقطاعية وبالتالي فالعلاقات بين تلك الممالك مجردعلاقات داخلية تخضع لسلطة عليا هي البابا والإمبراطور .
حدوث الصراع بين البابا والإمبراطور : اتسم العصر الوسيط بالصراع الحاد بين البابا والإمبراطور حول منيستأثر بالسلطة الزمنية وحاول كل طرف تأكيد أحقيته بذلك فالبابا استند إلى نظريةالسيفين ومفادها أن الله خلق سيفين سيف يمثل الروح والآخر يمثل الجسد تمنح سيفالروح للبابا وسيف الجسد للإمبراطور ومادامت الروح تسمو على الجسد ، فالبابا يسمواعلى الإمبراطور أما الإمبراطور فاستند إلى نظرية الحق الإلهي ومفادها أن الله فوضحكم الناس وأعطاه للسلطة العامة . وبلغ الصراع لحد إقدام الإمبراطور هنري الرابععلى خلع البابا جري وجوري السابع في حدود منتصف القرن 11 وهذا الصراع أدى إلى تفاقمالفوضى السياسية .
الديانة المسيحية والحروب الصليبية : لقد استمرت الحروبالصليبية على طوال قرنين من الزمان من 1098 إلى غاية 1221 م .وبإقرار الإمبراطورتيودورس كديانة رسمية لروما سنة 380 م فقد كان لهذه الوحدة الدينية المسيحية آثارسلبية في مجال علاقاتها مع البلاد غير المسيحية حيث رفضت الممالك الأوربية الاعترافبالبلاد الإسلامية والدخول معها في علاقات على أساس المساواة للإشارة فإن هذهالممالك عرفت بعض القواعد المتعلقة بحالة الحرب منها :
o سلم الرب :1095يتعلقالأمر بحياد المنشآت الدينية وحماية الربان والشيوخ والنساء و الأطفال عندالحرب.
o هدنة الرب 1096 ويتعلق الأمر بتحديد الحرب في بعض أيام الأسبوع خاصةتلك المصادفة للأعياد الدينية .
العالم الإسلامي : جاء الإسلام مؤكدا دعواتالرسل والنبيين للإيمان برب العالمين ومن ثم مقررا وحدة مصدر هذه الدعوات وهو اللهالواحد الأحد وجوهر هذه الدعوات هو الإيمان به دون شريك وبالتالي فإن دعوة الإسلاملوحدة الأديان في مصدرها وفي جوهرها ومن ثم الإيمان بجميع الرسل وهو تأكيد لوحدةالإنسانية كلها في أصلها وفي اعتقادها لأن دعوة الإسلام لوحدة العالم قائمة علىالأخوة لا يستبعد فيها الفرد لصالح الجماعة فهي وحدة قائمة على الحرية والعدالة وقدساهم الفكر الإسلامي كثيرا في تخليق جملة من مبادئ القانون الدولي وحماية حقوقالإنسان ولا زال اليوم قادرا على التأثير في تطوير وإثراء مبادئ القانون الدولي أويبرز كل ذلك من خلال المبادئ المتمثلة في :
o عالمية الشريعة الإسلامية : لقداهتم الإسلام بمختلف جوانب الحياة وجاء بمبادئ إنسانية سامية تصلح لأن تكون أساسامتينا أو دائما لتنظيم حياة الجماعة الدولية من خلال المبادئ الإنسانية العالميةوتمتاز بأنها ليست ذات صبغة إقليمية ، أي أنها ذات صبغة عامة لجميع البشر دون تمييزأو تفضيل لبعضهم البعض
o أنها رسالة سلام : فالسلام هو أصل علاقة المسلم معغيره من أجل توثيق أواسر المحبة والرحمة والأخوة بين كافة الناس ، حيث حرم القتالبين الناس إلا دفاعا عن النفس .
o الوفاء بالعهد : إن تثبيت السلم يتوقف على مدىاحترام العقود والعهود والالتزام بها . كما قدم العهد على نصرة المستضعفين وهيلقداسة العهود في الإسلام .
o الكرامة الإنسانية : تكريم الإنسان دون تخصيص جنسعلى آخر ولا لون على حساب لون آخر .
o المساواة بين البشر : يؤكد الإسلام أنالإنسانية ذات أصل واحد ويؤكد الله أن اختلاف اللغات والألوان لا يمنع من وحدةالإنسانية بل الأصل هو التقوى التي محلها القلب وتجسدها الأعمال .
o حقوقالإنسان وحرياته : احترام حرية العقيدة احتراما كاملا فمنع إكراه الناس وإجبارهمعلى الدين نظرة الفقه الإسلامي للعلاقات الدولية :
للإسلام نظرة متميزةللعلاقات الدولية لأنه لا يعترف بانقسام العالم لدول ذات سيادة إنما يهدف إلى توحيدالمسلمين كافة تحكمهم أحكام الشريعة الإسلامية . وينقسم هذا النظام إلى ثلاث أقسامدار الإسلام : هي الأراضي التي تكون فيها الكلمة العليا للمسلمين وتطبق فيهاالشريعة الإسلامية دون منازع في جميع القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية .
1- دار العهد : وهي تشمل البلدان التي لا تخضع لحكم المسلمين غير أنها تقيم عهدا معالمسلمين ويدخل في هذه الدار الذميين والمستأمنين .
2- دار الحرب : وهي تلكالبلاد التي ليست للمسلمين عليها ولاية ولا سلطان وليس بينها وبين المسلمين أي عهد .
المجتمع الدولي في العصر الحديث :
يبدأ العصر الحديث حسب المؤرخين منسقوط القسطنطينية على يدج محمد الفاتح 1453 إلى وقتنا الحالي :
المرحلة الأولى : من 1453إلى غاية 1815 تميزت هذه المرحلة بظهور مفهوم الدولة الحديثة وسيادة التوازنالدولي .
المرحلة الثانية : من 1815إلى 1914 الح الع 1 تميزت هذه المرحلة بعقدالمؤتمرات الدولية بصورة بارزة.
المرحلة الثالثة : من الح الع 1 إلى يومنا هذاأو منا يسمى بمرحلة المنظمات الدولية .
أولا : يمكن القول أن هذه المرحلة عرفتميلاد تنظيم دولي حقيقي بقارة أوربا ولهذا يطلق عادة على القانون الدولي التقليديتسمية القانون العام الأوربي لأنه نشأ في أحضان الدول الأوربية الكبرى والتي كانتتنظر إليه بنوع من الأنانية المفرطة لتحضر تطبيقه على علاقاتها المتبادلة أي فيإطار ما يسمى بالنادي الأوربي وشهدت هذه المرحلة عدة عوامل أثرت بطريقة أو بأخرىعلى نمو التنظيم الدولي الحديث وهي :
1- ظهور الدولة الحديثة المستقلة : تعتبرالمرحلة الأولى والثانية هي المرحلة التي شهدت نشوء القانون الدولي في أوربا ولذلكيوصف القانون الدولي التقليدي بالأوربية . وقد نشأ هذا القانون ليحكم العلاقاتالأوربية المسيحية بما فيها الذهب الكاثوليكي والبروتستانتي وبات القانون الدوليقانون تلك الدول دون سواها وأطلق عليها قانون الوصف العام الأوربي وظلت هذه الدولتنظر لقواعد ذلك القانون بوصفها نوعا من الامتياز القاصر عليها ، وتتم صياغة هذهالقوانين داخل نادي أمم أوربا الغربية وفي نظر هؤلاء لا معنى لوجود باقي العالم إلاكوسيلة للحفاظ أو لتعزيز محتمل لنوعية حياة الطبقات ثم اتسع نطاق الأسرة الدوليةليشمل دول مسيحية غير أوربية وهي الدول الأمريكية التي حصلت على استقلالها ، ولميتحرر القانون الدولي العام من الطابع المسيحي إلا سنة 1856 حين سمح لتركيا أن تنظمالمجتمع الدولي ، وقد تم هذا الدخول تطبيقا للمعاهدة السلام المادة السابعة سنة 1856.
العوامل المساعدة على نشوء جماعة دولية : لقد كان للنهضة الفكريةوالعلمية دور في إبراز وإثراء الكثير من مبادئ وأحكام القانون الدولي من خلالكتابات ومؤلفات المختصين من خلال مدرستين أساسيتين هما : مدرسة القانون الطبيعيوالتي من أبرز روادها الفقيه فيكتوريا 1480-1546 والفقيه جورسيوس ، أما المدرسةالوضعية الإرادية فمن أبرز مفكريها السويسري ثارتل هؤلاء المفكرين ساهموا إلى جانبالجامعات التي أنشأت في أوربا في القرنين 13-14 على تطوير جميع فروع العلوموالمعارف ومنها العلوم القانونية وزادت هذه الحركة العلمية بعد سقوط القسطنطينية ثمالأندلس وهجرة علمائها إلى أوربا وظهرت في هذه الفترة أهم قواعد القانون الدولي .
بعض آراء المفكرين :
فيكتوريا من أهم أفكاره الاعتراف بسيادة الدولوحرياتها وخضوعها للقانون الطبيعي ، ويعتبر فيكتوريا وهو راهب إسباني أستاذ القانونبجامعة تستمتكا أول من اعترف بسيادة الدول وحرياتهم وذهب إلى القول بأن الدول شأنهافي ذلك شأن الأفراد في حاجة للانخراط في المجتمع ولا يتأتى ذلك إلا بقواعد القانونالدولي .
جورسيوس 1583-1645 وهو فقيه هولندي ويعتبر المؤسس الأول للقانون الدوليالحديث ومن أفكاره التمييز بين القانون الطبيعي والإرادي معتبرا الأول بوصفه تعبيرعن العقل أو المنطق أو قانون الطبيعة ، أما القانون الإرادي فهو الذي يستمد قوتهالإلزامية من إرادة جميع الأمم والشعوب ويمكن القول أن كتابات الفقهاء الوضعيينتكشف لنا عدد من المبادئ .
– أن الدول ذات سيادة وأنها مستقلة وأنها متساويةفيما بينها .
– المجتمع الدولي عبارة عن مجتمع مكون من مجموعة من الدول متساويةفيما بينها .
– القانون الدولي هو قانون الدول ولا مجال لتطبيقه على الأفراد .
– مصادره مستمدة من إرادة الدول ورضاها وتتمثل في المعاهدات الدولية .
– أنالدول هي الوحيد التي يمكنها أن تقرر ما يجب فعله أو تمتنع عن فعله.
أما بالنسبة للمدرسة الإرادية فيرى الفقيه قارتل 1714-1768 يرى أن القانون الإرادي يفسرويترجم القانون الطبيعي ولا يخضع له ويتوقف تطبيق مبادئه على إرادة الدول فحسب .
2-الاكتشافات الجغرافية الكبرى : لقد اكتشاف أمريكا سنة 1492 إلى فتح مجال جديدللقانون التقليدي وهو التسابق بين الدول الأوروبية للحصول على المستعمرات والتيكانت تهيمن لنشأة النظام الاستعماري ومن أنظمة القانون التقليدي ،كما أدتالاكتشافات إلى توسيع العلاقات الدولية السياسية والتجارية ونظم عن ذلك تطور في عددمجالات القانون الدولي كنظام الملاحة وتطور قانون البحار وكذلك قواعد اكتسابالسيادة الإقليمية حيث أصبح الأمر مطروحا بشكل ” من له الحق في الاستيلاء علىالإقليم يكون بناء على الاكتشاف أم إقرار باطل ؟.
3- حركة الإصلاح الديني ومعاهدة واست فانيا: لقد كانت حركة الإصلاح الديني نتيجة حتمية لتعسف الكنيسة خاصة الكاثوليكية ومن رواد هذه الحركة هارتن لوثر في ألمانيا ، وكلقن في سويسرا وعلى إثرهذه الحركة انقسمت المجموعة الأوربية إلى مجموعتين :
1- مساندة للكنيسة مصرة علىبقاء وحدة الكنيسة.
2- مجموعة تطالب بالحرية الدينية أو الاستقلال عن الكنيسة .
مما أدى لحروب دينية متواصلة بين الدول الكاثوليكية والبروتستانتية دامت 30 سنةمن 1618إلى 1648 وانتهت هذه الحرب بإبرام معاهدة واست فانيا الأولى 14-10-1648والثانية في 24-10-1648 واعتبرت هاتان المعاهدتان بمثابة ميلاد القانون الدوليالمعاصر من خلال المبادئ التي أقرتها وهي :
– الاعتراف بانحلال الإمبراطوريةالرومانية المقدسة وتقسيمها لدويلات قومية .
– إنهاء سيطرة الكنيسة وزوالالسلطة البابوية من الناحية الزمنية وبقاؤها في النطاق الديني
– إقرار مبدأسيادة الدولة والاعتراف بتساوي الدول في السيادة بغض النظر عن معتقدها ونظام حكمها.
– من الفكرة السابقة زالت الفكرة العادلة وغير العادلة وأصبحت الحرب حق من حقوقالسيادة تمارسه الدولة متى شاءت .
– نشوء قانون التمثيل الدبلوماسي بواسطةسفارات دائمة وبعثات مؤقتة .
– أصبحت المعاهدات الدولية تقوم على أساس تراضيالدول الأطراف الوسيلة الفنية للمحافظة على النظام الأوربي الجديد .
3- الثورةالأمريكية : تظهر أهمية الثورة الأمريكية بصفة خاصة في أنها أسفر عن ميلاد دولةمسيحية مستقلة غير أوربية انضمت لميدان العلاقات الدولية وكان لها دور في تثبيتأكبر قواعد القانون الدولي .
5- الثورة الفرنسية : قامت في 1789 وقد سعت إلىإقرار عدد من المبادئ أبرزها :
الاعتراف بالحريات الأساسية والحقوق العامةvالتي يتمتع بها الإنسان كفرد من أفراد المجتمع .
التأكيد على أن السيادة هيvملك للشعب والأمة يمارسها عن طريق النواب .
الإقرار بمبدأ حق تقرير المصير حتىvتتمكن الشعوب من تكوين دولة على هذا الأساس .
وكان من نتيجة ذلك أن ارتبط مبدأتقرير المصير بمبدأ القوميات والذي أصبح يسمى مبدأ تحرير المصير القومي وقد نجح هذاالمبدأ في كثير من الحالات وانفصال اليونان عن الدولة العثمانية وانفصال بلجيكاوهولندا .
المرحلة الثانية : تميزت هذه المرحلة بعقد المؤتمرات واللجوءلاستعمال المعاهدات لقد تحرر القانون الدولي في مطلع القرن 19 م من الطابع الأوربيعندما شمل المجتمع الدولي دولا غير أوربية كالدول التي نالت استقلالها وعلى رأسهاالو م أ وفي منتصف القرن التاسع عشر تحرر من صفة المسيحية عندما دخلت لميدانالعلاقات الدولية لأول مرة الدولة العثمانية والصين واليابان .
1-مؤتمر فينا : انعقد هذا المؤتمر في جوان 1814 واستمر إلى غاية 1815 وكان يهدف لإعادة النظر فيالتوازن الدولي لقارة أوربا التي انهارت بسبب حروب نابليون وأهم قرارات المؤتمرمايلي :
تنظيم التوازن الأوربي وقد اختلفت وجهات النظر حول كيفية إعادة§التوازن حيث أكدت الوجهة الفرنسية الأخذ بمبدالمشروعية والذي يعني احترام الحقالشرعي للملك في السيادة على إقليمية ورعاياه . وجهة نظر بروسيا وقد كانت معارضةلوجهة النظر الفرنسية مبينة أن المؤتمر هو ذو طابع سياسي لذى يجب أنة ينصب عمله علىمعالجة مبدأ التوازن السياسي ورغبات الدول المشاركة .وقد تبنى المؤتمر في الأخيرالوجهة الفرنسية .
2- الحلف المقدس : وضع الاتفاق السابق موضع التطبيق في 26-9-1815 وأنشأت كل من روسيا النمسا وبروسيا ثم بريطانيا وفرنسا ما يسمى بالحلفالمقدس وكان يهدف هذا الحلف أيضا بالتصدي إلى مبدأ تقرير المصير الذي جاءت بهالثورة الفرنسية وقد اتخذت عدة مؤتمرات للقضاء على حركات التحرر كما حصل في إسبانيا 1820 وإيطاليا 1821 ولما أرادت التدخل في بعض المستعمرات البرتقالية والإسبانية فيقارة أمريكا وتصدت الولايات المتحدة مكن خلال تصريح في شكل رسالة من الرئيسالأمريكي جيمس هنرو بتاريخ 02-12-1883 موجه للكونغرس الأمريكي أن التدخل من الحلفالمقدس في شؤون الدول الأمريكية الجنوبية الحديثة الاستقلال يعتبر بمثابة خطر يهددسلامة أمريكا وهكذا انهار الحلف المقدس في أقل من خمس سنوات لتنتشر بعد ذلك الأفكارالتحررية ومبدأ القوميات ويظهر مبدأ جديد في تحديد العلاقات الدولية
إقرار بعضالتنظيمات الدولية : وحاولت تحديد وضعية خاصة بالمبعوثين الدبلوماسيين وتنظيمالملاحة والأنهار الدولية الراين الألب والدانوب ، وضع سويسرا في الحياد الدائموحضر تجارة الرق .
مبدأ القوميات : يرتبط الحديث عن القوميات بمعيار القومية أوالأمة وقد ثار خلاف بخصوص المقوم الأساسي لتشكيل الأمة وبسبب النزاع بين فرنساوألمانيا على مقاطعتي الألزاس واللورين ظهرت في الفقه الغربي نظريتان حول هذاالموضوع :
1- النظرية الموضوعية : وتمثلها المدرسة الألمانية وتستند لاعتباراتموضوعية في تحديد مفهوم الأمة فهناك جانب يعتبر أن اللغة هي المقوم ويرى هتلر أنالعرق هو الأساس وأن اللغة تابعة له ويقول الفقيه مومس ” إن كان الألزاسيون قدفقدوا وعيهم القومي بسبب الاحتلال الفرنسي فإنهم لا يزالون ألمانا باللغة “.
2- النظرية الإرادية الشخصية : وهي المدرسة الفرنسية الإيطالية وهي تعرف الأمة استناد الاعتبارات نفسية فالعنصر الأساسي عندهم في بناء القومية وتكوين الأمة هو الإرادة وقد دافع عن هذه النظرية الفقيه الإيطالي مانتشيني والفرنسي إيرنيست رينان وأكدا أن الإرادة وحدها لا تكفي بل لا د من توافر معطيات وهكذا انتشر خلال القرن 19 مبدأ القوميات وبذلك انفصلت اليونان عن الدولة العثمانية ثم بلجيكا عن هولندا واستقلت رومانيا وبلغاريا في 1878 وألبانيا في 1912 وهذا المبدأ لعب دورا كبير في القضاء على الحلف المقدس .
اتساع استعمال المعاهدات الدولية : حيث أصبحت المعاهدةأسلوبا قانونيا تتجه مختلف الدول في معاملاتها فساعد هذا على التنظيم الدولي ونذكرعلى سبيل المثال معاهدة باريس سنة 1856 بشأن قانون البحار واتفاقية جنيف بشأن وضعأسرى وجرحى الحرب سنة 1864 واتفاقية بروكسل المتعلقة بحضر تجارة الرقيق 1890ومعاهدة لاهاي في 1899 و 1907 المتعلقين بمسألة معالجة مسألة السلم في العالموإنشاء محكمة عدل دولية .
ملاحظة :
سياسة الوفاق الأوربي التي انتهجتها الدولالأوربية هيأت فكرة المساواة القانونية بين الدول وذلك من خلال سياسة الباب المفتوحفي ميدان العلاقات الدولية مما سمح لدخول دول غير مسيحية وغير أوربية إلى المجموعةالدولية .
المرحلة الثالثة : 1914 إلى العصر الحالي : تميزت بظهور منظمات دوليةكأشخاص جديدة في المجتمع الدولي .حدوث تغيرات هامة على الساحة الدولية أثرت في تطورالمجتمع الدولي ومنه في قواعد القانون الدولي ويمكن إجمالها في :تبلور ظاهرةالتنظيم الدولي من خلال تسجيل عدة معاهدات واتفاقات هدفها هو إرساء وتطوير التعاونالدولي ، ظهور الشركات المتعددة الجنسيات ، تجسيد فكرة التنظيم الدولي بعد الح الع 1 وظهور عصبة الأمم بمقتضى معاهدة فرساي سنة 1919 لحفظ السلم وتنظيم العلاقاتالمختلفة وتأسيس هيأة الأمم المتحدة 1945 .عالمية المجتمع الدولي وساعد على ظهورالطابع المسيحي المسيطر وأدى إلى بروز دول جديدة على الساحة الدولية وانهيار النظامالاستعماري بفعل الحركات التحررية ، وظهور الكثير من الدول الحديثة الاستقلال وتكتلالدول الحديثة للدفاع عن مصالحها ، بروز ظاهرة الوعي القومي في أوربا الشرقية بعدانهيار الاتحاد السوفيتي ، اتحاد بعض الدول كالألمانيتين واليمنين وارتفاع عددأعضاء المجتمع الدولي .
تقسيم العالم : تقسم العالم لتكتلات سياسية واقتصاديةنتيجة ظهور المصالح الخاصة واشتداد التنافس والحرب الباردة وظهور دول عدم الانحياز .
الكتلة الغربية : بقيادة الو م أ التي شملت حماية أوربا الغربية وأسست الحلف الأطلسي .
الكتلة الشرقية : بقيادة الاتحاد س الذي ضم أوربا الشرقية معتمدا على حلف وارسو ومنظمة الكوميكون .
مجموعة دول عدم الانحياز : التي قامت لعدة أسباب منهاانتشار الحركات التحررية والرغبة في التنمية والحرب الباردة .
التقدم العلمي والتكنولوجي :
لعب دورا كبير في نمو وتطور العلاقات والقانون الدولي وتنظيم هذهالعلاقات وتجلى ذلك من خلال الاختراعات والاكتشافات العلمية التي استعملت في ميدانالتسلح وما يشكله من خطر وسعت عدة دول لوضع الترتيبات اللازمة حيث أقيمت عدةمعاهدات أهمها معاهدة موسكو 1963 لحضر التجارب النووية في الجو وتحت الماء ،ومعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي أقرتها الأمم المتحدة وقد وقعتها أكثر من 160 دولة منها الجزائر سنة 1994 إضافة للاتفاقات الثنائية للحد من الأسلحة النوويةالإستراتيجية.
الاتساع الموضوعي للعلاقات الدولية :
أما هذه التطورات الجديدةالمتلاحقة لم يجد التنظيم الدولي منصبا على المجالات السياسية بل ليشمل مجالات أخرى منها:
المجال الاجتماعي والإنساني : والدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الأجانب ومنإبادة الجنس البشري وحماية الأقليات ومنع التفرقة العنصرية وتنظيم شؤون العمل .
المجال الاقتصادي : من خلال تنظيم الاستثمارات الأجنبية وتنظيم نشاطات الشركاتالمتعددة الجنسيات وميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية وحق الشعوب في التصرف فيمواردها
نشأة وتطور المجتمع الدولي