لمحة قانونية على الإثبات في الجرائم الإلكترونية
جرائم الكمبيوتر هي تلك الجرائم التي تقع على الحقوق بكافة أنواعها المنصوص عليها في القانون سواء كانت مالية أو معنوية و غيرها إلا أننا و في ظل إثبات تلك الجريمة التي لا تكون من أي شخص فالمجرم هنا مجرم بالتعلم و لا يمكن إثبات الجرم إلا بالتعلم وبذلك فلابد من تفعيل دور الشرطة العلمية وذلك باستثمار مجرمي الكمبيوتر لأنهم ليسوا سوى بشر مارسوا الإجرام بالطريقة الذكية.
– في بعض الأحيان يسهل الوصول إلى الفاعل خاصة باستخدام الوسائل الحديثة والهكرز نفسهم في الوصول إلي أي بي الكمبيوتر ومكان الكمبيوتر (خاصة إذا كان ثابت) أما إذا كان المكان مقهى مثلا أو كمبيوتر (يسهل استخدامه بغير المستخدم) ربما يصعب الوصول إلى الفاعل الحقيقي في نظري يجب وضع قانون خاص بالمقاهي الانترنت التي يسهل استخدمها من قبل الغير بحيث يكتب صاحب المقهى اسم المستخدم رقم الجهاز الذي يستخدمه
لكن المشكلة تكمن في الخدمة الجديدة إذا كان الجهاز لاب توب والخدمة لاسلكي اعتقد يمكن الوصول لهم لكن بصعوبة خاصة خدمات الانترنت الموجودة في بعض المطارات وبعض السفن .
– من الحقائق المسلم بها أن التقدم العلمي له تأثيره البالغ على القانون وعلى الواقع الذي يطبق عليه هذا القانون. ولكي تتحقق الفائدة المرجوة من هذا التقدم، فإن القانون يجب ألا ينفصل عن الواقع الذي يفرزه ويطبق عليه، بل يجب أن يكون متجاوبا معه ومتطورا بتطوره.
ولا شك في أن التطور الحالي الذي لحق ثورة الاتصالات عن بعد وما أفرزته هذه الثورة من وسائل الكترونية متقدمة ومتعددة قد انعكس أثره على الجرائم التي تمخضت عن ذلك بحيث تميزت هذه الجرائم بطبيعة خاصة من حيث الوسائل التي ترتكب بها، ومن حيث المحل الذي تقع عليه ومن حيث الجناة الذين يرتكبونها على النحو سالف الإشارة إليه، بحيث يمكن القول أن الأساس في خطر هذه الجرائم يكمن في أنها في طبيعتها تجمع بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، مما يجعل إثباتها جنائيا قد يكون في منتهى الصعوبة.
– فالتطور الحالي الذي انعكس أثره على قانون العقوبات، قد انعكس أثره أيضا على قانون الإجراءات الجنائية، بحيث أن هذا القانون الأخير قد لا يطبق بسبب عجز القانون الأول عن استيعاب الجرائم المستحدثة التي ترتكب بالوسائل الإلكترونية، كما وأن الإثبات الجنائي وهو أحد الموضوعات الهامة لهذا القانون قد تأثر بدوره بالتطور الهائل الذي لحق بالأدلة الجنائية بسبب تطور طرق ارتكاب الجريمة، الأمر الذي يتعين معه تغير النظرة إلى طرق الإثبات الجنائي لكي تقترب الحقيقة العلمية في واقعها الحالي من الحقيقة القضائية .
– فإثبات الجرائم التي تقع على العمليات الإلكترونية باستخدام الوسائل الإلكترونية سيتأثر بطبيعة هذه الجرائم، وبالوسائل العلمية التي قد ترتكب بها، مما قد يؤدي إلى عدم اكتشاف العديد من الجرائم في زمن ارتكابها، أو عدم الوصول إلى الجناة الذين يرتكبون هذه الجرائم، أو تعذر إقامة الدليل اللازم لإثباتها مما يترتب عليه إلحاق الضرر بالأفراد وبالمجتمع.
– ويرجع مدي صعوبة الإثبات في هذه الجرائم إلى عدة أسباب منها غياب الدليل المرئي :الجرائم التي تقع على العمليات الإلكترونية المختلفة، كالتي تقع على عمليات التجارة الإلكترونية، أو على العمليات الإلكترونية للأعمال المصرفية، أو على أعمال الحكومة الإلكترونية، قد يكون محلها جوانب معنوية تتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات، فإذا وقعت جرائم معينة على هذه الجوانب المعنوية، كجرائم السرقة أو الاختلاس أو الاستيلاء أو الغش أو التزوير أو الإتلاف فإنه قد يصعب إقامة الدليل بالنسبة لها بسبب الطبيعة المعنوية للمحل الذي وقعت عليه الجريمة.
يوجد شك في أن إثبات الأمور المادية التي تترك آثارا ملحوظة يكون سهلا ميسورا، بعكس إثبات الأمور المعنوية فإنه يكون في منتهى الصعوبة بالنظر إلى أنه لا يترك وراءه أي آثار قد تدل عليه أو تكشف عنه، بحسبان أن أغلب المعلومات والبيانات التي تتداول عبر الحاسبات الآلية والتي من خلالها تتم العمليات الإلكترونية تكون في هيئة رموز ونبضات مخزنة على وسائط تخزين ممغنطة بحيث لا يمكن للإنسان قراءتها أو إدراكها إلا من خلال هذه الحاسبات الآلية.
– فالجرائم التي ترتكب على العمليات الإلكترونية التي تعتمد في موضوعها على التشفير والأكواد السرية والنبضات والأرقام والتخزين الإلكتروني يصعب أن تخلف وراءها آثارا مرئية قد تكشف عنها أو يستدل من خلالها على الجناة. وكمثال لذلك نجد أن التجسس المعلوماتي بنسخ الملفات وسرقة وقت الآلة يصعب على الشركات التي تكون الضحية لمثل هذه الأفعال اكتشاف أمرها وملاحقة الجناة عنها . ولعل هذه الطبيعة غير المرئية للأدلة المتحصلة من الوسائل الإلكترونية تلقى بظلالها على الجهات التي تتعامل مع الجرائم التي تقع بالوسائل الإلكترونية حيث تصعب قدرتهم على فحص واختبار البيانات محل الاشتباه خاصة في حالات التلاعب في برامج الحاسبات، ومن ثم فقد يستحيل عليهم الوصول إلى الجناة. فمن المعلوم أن جهات التحري والتحقيق اعتادت على الاعتماد في جمع الدليل على الوسائل التقليدية للإثبات الجنائي التي تعتمد على الإثبات المادي للجريمة ولكن في محيط الإلكترونيات فالأمر مختلف، فالمتحري أو المحقق لا يستطيع أي منهما تطبيق إجراءات الإثبات التقليدية على المعلومات المعنوية .
– فالإثبات بوجه عام .
إثبات الحق هو إقامة الحجة عليه ، وقد تأسست نظريات الإثبات على حقيقة أساسية – كان للرومان السبق في التعبير عنها – وهي أن الحق المجرد عن الدليل لا وجود له ويعدو عدما عند حصول المنازعة . وقد احتلت الكتابة من بين الأدلة القانونية منزلة متقدمة وتحديدا في المسائل المدنية والتصرفات العقدية ، ففي النظام اللاتيني – ونموذجيه القانونين الفرنسي والمصري – تمثل الكتابة أقوي الأدلة ، في حين بقي للشهادة منزلة متقدمة في النظام الأنجلو أمريكي – ونموذجيه القانونين الأمريكي والبريطاني – مع اتجاه فيهما – بدرجات متفاوتة بينهما – إلى إعلاء شان الكتابة والتضييق من شان الشهادة أو ما يعبر عنه بالبينة الشخصية .
أولا – في الإثبات بالوسائل الإلكترونية والاتجاه التشريعي للتعامل معها
1- أثر تقنية المعلومات على وسائل التعاقدات المدنية والمصرفية ووسائل إثباتها
لقد أمكن استغلال وسائل تقنية المعلومات في إبرام العقود المختلفة وتبادل البيانات التي تتصل بالذمة المالية ، وأتيح بفضل ربط الحواسيب وشبكة الانترنت ، التعاقد الفوري بين شخصين غائبين مكانا وإجراء مختلف التصرفات القانونية ، وإذا كانت التشريعات المدنية والتجارية قد وقفت فيما سبق أمام فكرة التعاقد بواسطة التلكس أو الهاتف، فأنها من جديد تقف أمام مسالة استخدام نظم الكمبيوتر و شبكات المعلومات في التعاقد وأمام مسائل الإثبات فيما أنتجته الحواسيب والشبكات من مخرجات ، وبحث مدى حجية مستخرجات الحاسوب والبريد الإلكتروني وقواعد البيانات المخزنة داخل النظم وغيرها. واستخدام وسائل تقنية المعلومات لإبرام العقود والتصرفات القانونية وتبادل البيانات وإجراء عمليات تتصل بالذمة المالية أثار ويثير العديد من الإشكالات حول مدى اعتراف القانون، وتحديدا قواعد التعاقد، بهذه الآليات الجديدة للتعبير عن الإيجاب والقبول وبناء عناصر التعاقد، كما أثارت وتثير إشكالات في ميدان الإثبات بكون النظم القانونية قد حددت الأدلة المقبولة وحددت قواعد الاحتجاج بها وسلامة الاستدلال. وفي خضم البحث في قانونية التعاقد بالطرق الالكترونية وحجية مستخرجات الوسائل التقنية في الإثبات، ظهرت التجارة الالكترونية كنمط جديد من أنماط التعامل التجاري، لا في ميدان البيع والشراء وإنما في ميادين التعاقد كافة كعقود التأمين والخدمات وغيرها. وأثارت وتثير التقنية العالية وتحديدا محتواها الفني والمعرفي تحديات كبيرة في ميدان نقل التكنولوجيا والتبادل الفني والمعرفي والتزام مورد التكنولوجيا ومتلقيها، وأظهرت التقنية تحديات قانونية تستلزم التنظيم بالنسبة لعقود تقنية المعلومات، التوريد والبيع والصيانة والتطوير ورخص الاستخدام، وبالنسبة لعقود الوكالات التجارية والتوزيع، وعقود اشتراكات المعلوماتية وخدمات الاتصال، وكان – وسيبقى إلى حين – أوسع أثر لها في حقل التجارة الالكترونية والتعاقد الالكتروني.
ولم يتوقف تأثير تقنية المعلومات على قواعد التعاقد والإثبات، بل امتد إلى كل ما يتصل بآليات الوفاء بالالتزامات العقدية وفي مقدمتها آليات الدفع النقدي وأداء الالتزامات المالية محل التعاقد، وفي هذا الإطار أفرزت تقنية المعلومات وسائل حديثة لتقديم الخدمات المصرفية وإدارة العمل البنكي، أبرزها ظهر في حقل أنظمة الدفع الالكتروني والدفع على الخط وإدارة الحسابات عن بعد، كما حدث بفعل التقنية شيوع بطاقات الدفع والائتمان المالية، ويشيع الآن مفهوم المحفظة والبطاقة الماهرة التي تمهد إلى انتهاء مفهوم النقد الورقي والمعدني وتفتح الباب أمام مفهوم النقد الالكتروني أو الرقمي أو القيدي. إلى جانب ذلك تطورت وسائل تداول الأوراق المالية وخدماتها، فظهرت فكرة التعاقد الالكتروني والتبادل الالكتروني للأوراق إلى جانب الاعتماد شبه الكلي في أسواق المال على تقنيات الحوسبة والاتصال في إدارة التداول وقيده واثبات علاقاته القانونية. ويشيع الآن مصطلح البنوك الالكترونية التي تنفذ خدماتها المصرفية – بل وخدمات ذات محتوى غير مصرفي ضمن توجه نحو الشمولية .
2- الاتجاه التشريعي بشان أدلة الإثبات الحديثة وحجيتها وتحدياتها
لقد اتجهت النظم القانونية والقضائية والفقهية بوجه عام إلى قبول وسائل الإثبات التي توفر من حيث طبيعتها موثوقية في إثبات الواقعة وصلاحية للدليل محل الاحتجاج ، وتحقق فوق ذلك وظيفتين :- إمكان حفظ المعلومات لغايات المراجعة عند التنازع ، التوسط في الإثبات عن طريق جهات الموثوقية الوسيطة أو سلطات الشهادات التعاقدية ، ومن هنا قبل نظام (سويفت) التقني لغايات الحوالات البنكية – وكذا نظامي شيبس وشابس ونحوهما – وكذلك قبل التلكس لتحقيقهما هذه الطبيعة والوظائف، في حين بقي الفاكس خارج هذا الإطار ومجرد دليل ثبوت بالكتابة أو بينة مقبولة ضمن شرائط خاصة، ومن هنا أيضا أثارت وتثير الرسائل الالكترونية عبر شبكات المعلومات كالانترنت والرسائل المتبادلة عبر الشبكات الخاصة (الانترنت) والبريد الالكتروني مشكلة عدم تحقيق هذه الوظائف في ظل غياب المعايير والمواصفات والتنظيم القانوني الذي يتيح توفير الطبيعة المقبولة للبيانات وتحقيق الوظائف التي تجيز قبولها في الإثبات .
وقد خضعت القواعد القانونية للتعاقد والإثبات في النظم المقارنة إلى عملية تقييم في ضوء مفرزات تقنية المعلومات وتحدياتها، وذلك من أجل تبين مدى توائم النصوص القائمة مع ما أفرزته وسائل الاتصال الحديثة وتحديدا شبكات المعلومات بأنواعها ( انترنت، انترانت، اكسترانت)، باعتبار أن القواعد القائمة في نطاق التشريعات عموما وفي غير فرع من فروع القانون تتعامل مع عناصر الكتابة والمحرر والتوقيع والصورة طبق الأصل و … الخ من مفاهيم ذات مدلول مادي . وقد أدت عملية التقييم هذه إلى اتخاذ تدابير تشريعية في أكثر من دولة، فعلى الصعيد العالمي كان للجنة اليونسترال في الأمم المتحدة وقفة مبكرة حيث أنجزت القانون النموذجي للتجارة الالكترونية لعام 1996 الذي عالج من بين ما عالج مسائل التواقيع الالكترونية وقرر وجوب النص على قبول التوقيع الالكتروني كوسيلة للتعاقد واثبات الانعقاد ، ولم يحدد قانون اليونسترال معنى معينا للتوقيع الالكتروني أو معيارا معينا لمسائله الإجرائية واكتفى بالمبادئ العامة القائمة على فكرة إيجاد وسيلة تكنولوجية تحقق نفس المفهوم والغرض الذي تحققه التواقيع العادية. وضمن هذا التوجه سارت العديد من التشريعات في أوروبا وأمريكا وشرق أسيا .
أما عن الاتجاه التشريعي العربي للتعامل مع تحديات الوسائل الالكترونية في الإثبات، فان البناء القانوني للتشريعات العربية عموما في حقلي التعاقد والإثبات لم يعرف الوسائل الالكترونية وتحديدا تلك التي لا تنطوي على مخرجات مادية كالورق، وجاء مبناه قائما – بوجه عام مع عدد من الاستثناءات – على فكرة الكتابة ، المحرر، التوقيع، الصورة، التوثيق، التصديق، السجلات، المستندات، الأوراق ….. الخ ، وجميعها عناصر ذات مدلول مادي وان سعى البعض إلى توسيع مفهومها لتشمل الوسائل التقنية، وهي وان كان من الممكن شمولها الوسائل التقنية ذات المستخرجات التي تتوفر لها الحجية، فأنها لا تشمل الوسائل ذات المحتوى الالكتروني البحت ( طبعا بشكل مجرد بعيدا عن الحلول المقررة تقنيا وتشريعيا في النظم المقارنة التي نظمت هذا الحقل. (والتحديد القانونيِ للرّسائل الإلكترونيةِ يثير السّؤالِ حول ما إذا كانت قوانين الإثبات العربية القائمة تنظم وتحكم المعلومات المتبادلة الكترونيا ( electronically ) مثلما تنظم وتحكم المستندات والرسائل والمخاطبات الصادرة عن طريق الوسائلِ الورقيةِ التّقليديةِ .
فتعبير ” رسالة إلكترونية ” يَعْني المعلوماتَ المدخلة ، المرسلَة ، المستلمة أو المخَزنةَ بالوسائلِ الإلكترونيةِ، ويشمل ذلك – لا بشكل حصري – البيانات إلكترونية المتبادلة ، بريد إلكتروني، برقية، تلكس . .ونجد العديد من التّشريعِات تنظم وتستخدم وتشير الى تعبيرات مثل ” كِتابَة “، ” توقيع “، ” وثيقة “، ” أصلي “، ” نسخة مطابقة “، ” نشر “، ” ختم “، ” سجل “، ” ملف “، ” طبعة ” ” سجل “، ” يُسلّمُ “، الخ. ومن المهم ابتداء التنبه إلى أن المقصود بالرسائل الإلكترونيةِ الشكل إلكتروني أو الرقمي ولَيسَ الشّكلَ الورقيَ اللاحقَ حينما يتم استخراج الرسائل الإلكترونية ( طباعتها ) على الورق . فإذا أخضعنا هذه الحقائق للتحليل نجد أن التعاريف المستقرة بالمفاهيم القانونية والعرفية والقضائية تعرف الكِتابَة بما يفيد أنها يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نتيجةَ فعلِ يدِّ شخصِ أو بالطّباعةِ. وتعرف الطباعة بأنها يَجِبُ أَنْ تكُونَ نتيجةَ الفعلِ بإفراغ الرسالةِ على ” ورقة “. من هنا لا يشمل ذلك الرسائل الإلكترونية. وتعرف التوقيع بأنه يَتضمّنُ قيام شخصِ بفعل ” التوقّيعُ ” أي وضع الرمز الكتابي الدال على شخصيته، وهذا الفعل لا يشمل التحديد الرقمي الدال على الشخص في بيئة التجارة والأعمال الالكترونية . كما أن مفهوم الوثيقة يتعلق بالكتابَة ” ومن هنا تَكُونُ مَحْصُورة بالوثائقِ الورقيةِ. وبالتالي فان تّعبير ” كِتابَة ” لا يشمل الرسائل إلكترونيةِ. وهذا ينطبق على التعابير الأخرى ، مثل ” وثيقة “، ” توقيع “، الخ. باعتبارها محصورة بالمظاهر المادية الورقية .
ومن جهة أخرى لا يوجد في تعاريفِ القاموسِ المكافئةِ ما يتيح ( وان كان لا يمنع في بعضها ) لهذه التعابيرِ أَنْ تَتضمّنَ مفهوم الرسائل الالكترونية والتواقيع الرقمية. وكخلاصة لهذا التحليل فانه يتعين إزالةِ التناقض وعدم الموائمة بين الرّسائل الإلكترونيةِ ونظيراتها في البيئة الورقة أو المادية ، وهو ما يتركنا أما الخيارات التالية :- أما ترك الأمر للقضاء ، واثر ذلك احتمال صدور قرارات قضائية متناقضة وفوات وقت طويل – لا ينسجم وعصر المعلومات فائق السرعة – قبل استقرار الاتجاه القضائي مع مخاطر اعتبار بعض القرارات عدم وجود حلول تشريعية من قبيل النقص التشريعي. وهذا قد يؤثر على مستقبل التنظيم القانوني للتجارة والأعمال الالكترونية بل ومستوى تطورها . أو خيار تعديل التشريعات القائمة ، لجهة اعتبار تعبيرات الكتابة والوثيقة والتوقيع و…. الخ شاملة للرسائل والتواقيع الإلكترونية ومشكلة ذلك سعة نطاق التعديل وصعوبته والاهم حاجته إلى دراسة شاملة لكافة تشريعات النظام القانوني. أو خيار إصدار تشريع خاص بمفهوم الرسائل الالكترونية وهي طريقة إحالة إلى سائر التشريعات الأخرى بحيث ينص على أن مفهوم الكتابة والوثيقة والتوقيع وغيرها بأنه يشمل الرسائل والتواقيع الالكترونية أينما وردت، وهذا الخيار يمثل ما يمكن تسميته بتشريع أولي لا يعالج مسائل التجارة والأعمال الالكترونية بشكل شامل وإنما احد تحدياتها . والخيار الأخير الذي نتبناه إصدار تشريع خاص بالتجارة والأعمال الالكترونية ينظم من بين ما ينظم مفهوم الرسائل الإلكترونية والتواقيع الإلكترونية وغيرها ، وهذا الخيار أو المسلك هو ما تتجه إليه مختلف النظم القانونية القائمة في تعاملها مع تحديات التجارة الإلكترونية .
ثانيا – المشكلات العملية في الإثبات المصرفي بالوسائل الالكترونية والدليل المعلوماتي في المواد الجنائية
– تحديد المشكلات العملية
1- قبول الوسائل الالكترونية والثقة بها
في لقاء مجموعة الخبراء الأوروبيين القانونيين المناط بهم وضع التصور للدليل الإرشادي حول حجية سجلات الكمبيوتر والرسائل الالكترونية المنعقد عام 1997 قيل أن الحلول الالكترونية في بيئة العمل المصرفي لا يتعين أن تكون عبئا إضافيا للحلول الورقية القائمة ، ولتوضيح الفكرة ، فان اعتماد العمل المصرفي على التقنيات الحديثة المتعددة المحتوى والأداء والغرض، لا يجب أن يكون بحال من الأحوال وسيلة مضافة للأنماط التقليدية للعمل تسير معها لنكون في الحقيقة أمام آليتين لإدارة العمل وتوثيقه ، إحداها تعتمد التقنية بما تتميز به من سرعة في الأداء وكفاءة في المخرجات وربما تكاليف اقل ، وثانيها استمرار الاعتماد على الورق وعلى وسائل العمل التقليدية غير المؤتمنة، ليبقى مخزون الورق هو المخزون الاستراتيجي للعمليات المصرفية تنفيذا وإثباتا وتقييما .
هذه الحقيقة تضعنا أمام أهم مشكلات الإثبات بالوسائل التقنية ، إلا وهي مشكلة مقبولية هذه الوسائل من قبل القطاعات المتعاملة بالأنشطة التجارية والمالي سواء الأفراد ( الزبائن ) أو مؤسسات الأعمال، والقاعدة الأساسية التي يمكن الانطلاق منه لتحقيق هذه المقبولية ، هي مدى الاطمئنان لسلامة الوسائل الالكترونية في التعاقد والإثبات ، وهذا يعتمد بشكل رئيس على ثلاثة عناصر أساسية ، الأول :-التكنيك المستخدم ومحتوى التقنية والقدرة على تبسيط الفكرة وإيصالها للمتعاملين ، الثاني مدى كفاءة نظام التراسل الالكتروني, والأخير الثقافة والتأهيل للتعامل مع مشكلات التراسل الالكتروني .
أن تحقيق درجة قبول مميزة لوسائل التعاقد والإثبات الالكترونية ، يتطلب برنامج توعية شامل ، للمتعاملين ومؤسسات الأعمال والجهات القضائية والقانونية، ليس فقط للدفع نحو قبول وسائل التعاقد الالكتروني، ولكن لإيجاد ثقافة عامة تمثل الأساس للتعاطي مع كافة إفرازات عصر المعلومات الآخذة بالتطور السريع، هذه الإفرازات التي تقدم يوما بعد يوم نماذج جديدة للعمل والأداء وتتطلب توظيفا للمنتج منها المتوائم مع مستويات الثقافة والمقبولية ومتطلبات حسن إدارة العمل. وحتى لا تكون ثمة فجوة بين قدرة المتعاملين مع التقنية وبين الجديد من فتوحها، ولضمان سلامة توظيف التكنولوجيات المستجدة لا بد من أساس ثقافي عام يجد محتواه من خلال ترويج المعرفة بالتقنية ومتطلبات عصر المعلومات، ابتداء من المفاهيم الأساسية ومرورا بتعظيم الفوائد والايجابيات وتجاوز السلبيات والمعيقات، وانتهاءا بالقدرة على متابعة كل جديد والإفادة منه والتعامل معه لكفاءة واقتدار.
2- بناء النظم التقنية القادرة على إثبات الموثوقية
أن نظم التقنية المؤهلة لبناء الثقة بالوسائل الالكترونية الحديث للتعاقد والإثبات في الحقل المصرفي أو في غيره من حقول النشاط التجاري والمالي، هي النظم بسيطة البناء، المحصنة من الاعتداء على المحتوى المعلوماتي سواء من داخل المنشاة أو خارجها، المنسجمة من حيث طريقة الأداء والمخرجات مع المستقر والسائد من معايير ومواصفات تقنية، المؤهلة للاستمرار في العمل دائما دون انقطاع أو خلل، القائمة على افتراض حصول الخلل والحاجة للبدائل الطارئة لتسيير العمل .
وإذا كان ثمة اهتمام لدى المؤسسات المالية بحداثة النظم ودقتها وكفاءتها من حيث السرعة وسعات التخزين ، فان الاهتمام بأمن النظم وامن المعلومات لا يسير بالقدر ذاته ، ربما لما يشهده قطاع امن المعلومات من تطور بالغ وتغيرات متتالية ليس في الوسائل المعتمدة لتوفير امن المعلومات فحسب بل بالنظريات التي يرتكز عليها امن المعلومات .
أن تجربتنا البحثية المتواضعة، والحالات العملية التي تعاملنا معها أظهر غياب استراتيجيات شاملة ودقيقة للتعامل مع امن نظم المعلومات والبيانات المتبادلة ، إذ تنطلق كثير من خطط حماية البيانات ووسائل تبادلها من نماذج مستوردة قد لا تراعي خصوصيات المنشاة وخصوصيات القواعد المعلوماتية فيها وخصوصيات التوظيف ومحدداته والثقافة السائدة ، لهذا كانت انجح الاستراتيجيات تلك القائمة على تطوير وسائل الأمن الداخلية المراعية للاعتبارات المذكورة، ولا نبالغ أن قلنا أن احد أهم أسباب فشل وسائل حماية نظم وامن المعلومات حتى في المنشآت الكبرى يرجع إلى عدم إدراك الاحتياجات الواقعية للمنشأة وعدم مراعاة تباين النماذج الجاهزة مع الواقع الفعلي للمؤسسة .
ويرتبط بكفاءة النظم كفاءة المتعاملين معها وكفاءة مزودي الخدمات المتصلة بها داخليين كانوا أم خارجيين عن المنشأة، ومن هنا تكمن أهمية وظائف مستشاري النظم ومراقبي الأداء ووظائف مطوري النظم المناط بهم التواصل مع كل جديد والانفتاح على احتمالات الفشل والإخفاق بنفس القدر من الانفتاح على احتمالات النجاح والتميز
3- مشكلات التوثق من شخص المتعاقد
أن التوثق من شخص المتعاقد مرتكز تقنيات العمل المصرفي كافة، إذ لا أداء لأية عملية ولا مقبولية لإنفاذ أي طلب دون تحقيق ذلك، وسواء اختير الرقم السري أو التوقيع الرقمي أو التشفير، أو اختيرت وسائل إثبات الشخصية الفيزيائية أو البيولوجية أو الرقمية أو نحوها، والاهم تخير وسيلة تقنية تفي بالغرض، تحقق الارتياح في الاستخدام من طرف المتعامل ومن طرف القائمين بالعمل، وتتلاءم مع البناء القانوني السائد.
4- مشكلات المعايير القانونية للإيجاب والقبول
أن التعاقد الالكتروني يتطلب التزام معيار قانوني معين لتحديد أحكام الإيجاب والقبول في البيئة الالكترونية وتوقيت اعتبارهما كذلك قانونا وتحدي المكان المعتبر للتعاقد، وهذه مسائل على قدر كبير من الأهمية في حالة المنازعات، لأنها تتعلق بمدى قبول النظام القانوني لوجود التعاقد ابتداء وموقفه من إلزامية الإيجاب وما إذ كان القبول قد صدر صحيحا أم لا، إلى جانب تحديد القانون المطبق على النزاع والمحكمة المختصة بنظره تبعا لعناصر التنازع الزماني والمكاني. أن التعاقد الالكتروني ومسائل الإيجاب والقبول، ومعايير اعتبارها في حقل المراسلات الالكترونية والعقود على الخط والعقود النموذجية غير الموقعة كرخص البرامج وغيرها، أكثر مسائل البحث القانوني إثارة للجدل خلال العشرة أعوام الأخيرة لدى الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية الساعية لتنظيم الأعمال الالكترونية، والتوجه العام الذي عكسه القانون النموذجي لمنظمة اليونسترال (الأمم المتحدة) ليس إلا قاعدة عريضة يبنى عليها التدبير القانوني المناسب للنظام القانوني المعني، هذه القاعدة تقوم على أساس إحداث تساو في القيمة بين العقود التقليدية والعقود الالكترونية، بين وسائل الإثبات المؤسسة على الكتابة والتوقيع المادي وبين المراسلات الالكترونية والتواقيع الرقمية، لكن هذه القاعدة لم تمنع الكثير من الخلافات والتناقض، ولان المقام ليس استعراض الاتجاهات الدولية، وإنما التأكيد على أن بيئة التعاقدات والأعمال الالكترونية – ويرتبط بها مسائل الإثبات بالرسائل والوسائط الالكترونية – لا يمكن أن تتحقق دون توفر معايير قانونية واضحة وجلية وإلى أن يتحقق ذلك تظهر الأهمية الكبيرة لبناء الوثائق العقدية للأعمال المصرفية، إذ يتعين أن تراعي هذه الوثائق غياب المعايير فتتحول بذاتها إلى قانون المتعاقدين وان تراعي عناصر أساسية تتجاوز المشكلة أهمها تحديد القانون المطبق وجهة الاختصاص القضائي. ونتركز ضمن أهم ما يتعين أن نتركز عليه على التوجه نحو طرق التقاضي البديلة التي تجيز التحرر من كثير من القيود القانونية القائمة، ولعل التحكيم والمفاوضات والوساطة وغيرها من طرق فض المنازعات خارج المحاكم الأنسب للنشاط المصرفي وتعدو ضرورية للأعمال المتصلة بالعلاقات القانونية في البيئة الالكترونية والمعلوماتية
5- مشكلات الإقرار بحجية الوسائل الالكترونية في الإثبات
اتجاه دولي عريض نحو الاعتراف بحجية المراسلات الالكترونية بمختلف أنواعها والاعتراف بحجية الملفات المخزنة في النظم ومستخرجات الحاسوب والبيانات المسترجعة من نظم الميكروفيلم والميكروفيش ، وحجية الملفات ذات المدلول التقني البحت ، والإقرار بصحة التوقيع الالكتروني وتساويه في الحجة مع التوقيع الفيزيائي والتخلي شيئا فشيئا عن أية قيود تحد من الإثبات في البيئة التقنية، والسنوات القليلة القادمة ستشهد تطورا أيضا في الاتجاه نحو قبول الملفات الصوتية والتناظرية والملفات ذات المحتوى المرئي وغيرها .
ومع التأكيد على تفهمنا للواقع وتقديرنا العالي لما ينجز إلا أن قانون وأحكام التعاقد المدني والتجاري تظل حجر أساس تعكس مدى تفهمنا لمتطلبات عصر المعلومات .
ثالثا- الأدلة المعلوماتية في المواد الجنائية
مع ازدياد الاعتماد على نظم الكمبيوتر والشبكات في الأعمال أثيرت ولا تزال تثار مشكلة امن المعلومات، أي حماية محتواها من أنشطة الاعتداء عليها، سواء من داخل المنشاة أو من خارجها، وأنماط الاعتداء عديدة تبدأ من الدخول غير المصرح به لملفات البيانات إلى إحداث تغيير فيها وتحوير بمحتواها أو أصناع بيانات وملفات وهمية، أو اعتراضها أثناء نقلها، أو تعطيل عمل النظام، أو الاستيلاء على البيانات لأغراض مختلفة أو إحداث تدمير أو احتيال للحصول على منافع ومكاسب مادية أو لمجرد الإضرار بالآخرين وحتى لإثبات القدرة وأحيانا مجرد أنشطة تستهدف المزاح الذي سرعان ما يكون عملا مؤذيا يتجاوز المزاح
والحماية من هذه الاعتداءات واثبات قدرة النظام على التعامل الآمن مع البيانات يثير مشكلات إجرائية عديدة في معرض تفتيش نظم الحاسوب أو تقديم الدليل في الدعوى الجزائية، طبعا في النظم القانونية التي تنص على تجريم أفعال الاعتداء على المعلومات – وحيث أن هذه الدراسة تتناول الإثبات، فان من مقتضى وموجبات الموضوع التعرض للإثبات في الدعاوى الجزائية باستخدام الأدلة ذات الطبيعة التقنية طبعا في حدود المساحة المتاحة مع الإشارة إلى حاجة الموضوع لدراسة شاملة أكثر تخصصا .
1- الطبيعة الخاصة بالأدلة في جرائم المعلوماتية
القاعدة في الدعاوى الجزائية جواز الإثبات بكافة طرق الإثبات القانونية، والقيد على هذه القاعدة أن الدليل يتعين أن يكون من الأدلة التي يقبلها القانون، وبالتالي تظهر أهمية اعتراف القانون بالأدلة ذات الطبيعة الالكترونية، خاصة مع احتمال ظهور أنشطة إجرامية عديدة في بيئة الأعمال والتجارة والبنوك الالكترونية والمعلومات، وان كانت قيمتها تتجاوز شيئا فشيئا الموجودات والطاقة، فأنها ليست ماديات لتقبل بينة في الإثبات، ووسائط تخزينها – غير الورق كمخرجات – لا تحظى من حيث محتواها) بقبولها دليلا ماديا، من هنا كان البحث القانوني في العديد من الدول يتجه إلى الاعتراف بالحجية القانونية لملفات الكمبيوتر ومستخرجاته والرسائل الالكترونية ذات المحتوى المعلوماتي ليس بصورتها الموضوعة ضمن وعاء مادي ولكن بطبيعتها الالكترونية المحضة
المشكلة تكمن في القواعد المخزنة، في صفحات الفضاء الالكتروني، في الوثيقة الالكترونية إذ ما تحتويه من بيانات قد يكون الدليل على حصول تحريف أو دخول غير مصرح به أو تلاعب أو … الخ، فكيف يقبلها القضاء وهي ليست دليلا ماديا يضاف إلى الملف كالمبرز الخطي أو ( محضر ) أقوال الشاهد أو تقرير الخبراء، ولتجاوز هذه المشكلة يلجا القضاء إلى انتداب الخبراء لإجراء عمليات الكشف والتثبت من محتوى الوثائق الالكترونية ومن ثم تقديم التقرير الذي يعد هو البينة والدليل وليس الوثائق الالكترونية، لكنه مسلك تأباه بعض النظم القانونية عوضا عن معارضته لأسس وأغراض إجراء الخبرة وطبيعتها كبينة تخضع للمناقشة والاعتراض والرفض والقبول .
لقد اتجه الاتحاد الأوروبي منذ منتصف الثمانينات إلى توجيه مشرعي دول أوروبا لإقرار حجية الوثائق الالكترونية ومساواتها بالوثائق الكتابية من حيث الحك ، والاهم من ذلك التوجيه بعدم اشتراط أن تبرز من قبل منظميها والاستعاضة عن ذلك بشهادات خطية صادرة عن الجهات مالكة النظم أو جهات وسيطة، لما ظهر عمليا من مشكلات أبرزها أن جانبا من المعلومات لا يدخلها أو ينظمها الأشخاص وإنما يخلقها الجهاز نفسه ضمن عمليات المعالجة وفي إطار تقنيات البرمجيات القائمة على الذكاء الصناعي .
2- مشكلات التفتيش والضبط
أن تفتيش مسرح الجريمة وما يتصل به من أماكن وضبط المحرزات ذات العلاقة بالجرم أمور تنظمها القوانين، ويثور التساؤل حول مدى انطباق القواعد القائمة على حالة تفتيش نظم الكمبيوتر وقواعد البيانات، ليس ذلك فحسب ، بل تثير أهمية الخبرة في هذا الحقل إذ كما يرى احد اشهر محققي التحقيقات الفدرالية الأمريكية أن الخطأ في تفتيش وضبط الدليل قد يؤدي إلى فوات فرصة كشف الجريمة أو فوات فرصة الإدانة حتى مع معرفة الجاني ؟؟؟
أن تفتيش نظم الحواسيب تفتيش للفضاء الافتراضي وأوعية التخزين، تفتيش للإجراءات التي يحفظها الجهاز أن كان مزودا بحافظات الكترونية للعمليات المنجزة عبره، وهو أمر يتعلق بالقدرة على تحديد المطلوب مسبقا، لان التعامل وفق المسلك الأخير قد يكون له عواقب قانونية أهمها بطلان الإجراءات لأنها خارج نطاق أمر التفتيش والضبط أو قد تنطوي الإجراءات على كشف خصوصية البيانات المخزنة في النظام.
3- مراعاة الخصوصية والقواعد الدستورية لضمانات المتهم المعلوماتي
البيانات المخزنة داخل النظم ليس جميعا تتصل بجريمة الاعتداء على النظام، منها بيانات خاصة وأخرى ذات قيمة إستراتيجية، لهذا اهتم الخبراء القانونيون بمخاطر الاعتداء على الخصوصية أو الحياة الخاصة في معرض الكشف عن الدليل أو في معرض الإقرار باستخدام دليل ذي طبيعة الكترونية
وفي دولة ليس ثمة بعد قواعد لحماية الخصوصية سواء من حيث تنظيم أعمال جمع وتخزين ومعالجة ونقل البيانات، أو من حيث حقوق الدخول إليها وحق أصحابها بسلامتها وصحتها وتعديلها، أو من حيث إقرار الحمايات الإدارية التنظيمية والمدنية والجزائية لهذه البيانات، يكون ثمة صعوبة في حماية الخصوصية ويكون ثمة احتمالات اكبر لإهدار الأدلة غير القانونية ونشوء نزاعات في هذا الحقل .
أن النظم القانونية المقارنة وفي الوقت الذي تحركت فيه نحو حماية المعلومات وإقرار حجية الأدلة ذات الطبيعة التقنية اتجهت أيضا من زاوية أخرى لإقرار ضمانات دستورية للمتهم المعلوماتي وضمانات إجرائية لكفالة سلامة إجراءات الملاحقة الجزائية في الدعاوى المتصلة بالمعلومات ونظم الكمبيوتر. أبرزها الحق بالخبرة المقابلة للخبرة المجراة من النيابة، والحق بعدم إجراء أية عمليات ضبط وتفتيش على نظم الكمبيوتر دون حضور المعني أو من يمثله قانونا .
وإذا كانت الخصوصية وسرية البيانات أمر ذو أهمية بالغة في شتى المواقع والقطاعات فأنها تكتسي أهمية أوسع في القطاع المصرفي، مرد ذلك التزام البنك القانوني بالحفاظ على السرية واحترام الخصوصية وتحمله مسؤوليات الإفشاء بالسر المصرفي
4 – نطاق الإفشاء وصلاحيات الاستشهاد في دعاوى المعلوماتية
أن من أكثر المسائل جدة في حقل الإبعاد الإجرائية لدعاوى المعلوماتية في نطاقيها الحقوقي والجزائي، مسالة نطاق الإفشاء بالمعلومات المطلوب أو الجائز للشاهد المعلوماتي – أن جاز التعبير ، فالشاهد يشهد فيما شهد بذاته أو قال أو علم ، لكن الأمر في دعاوى المعلوماتية مختلف ، إذ ثمة نظام معين للمنشأة وثمة أعمال لا تتصل بالشاهد بذاته بل ربما لا تتصل بشخص طبيعي وقد تكون متصلة بنظام الكتروني أو نحوه، كما أن الشاهد يعلم الكثير وجزء مما يعلم واقع ضمن إطار الخصوصية والسرية
أن التنظيم القانوني للقواعد الإجرائية والإثباتية في الدعاوى المعتمدة على أدلة معلوماتية أو تتصل بعوالم التقنية والالكترونيات يجب إعادة توصيفها قانونا بل وتنظيمها بشكل لا يضع الشاهد موضع المساءلة ولا يحرم القضاء فرصة الإفادة من شهادة الشاهد في أن الحقيقة التي تتوقف في أحيان كثيرة على ما يعلمه الشاهد بالخبرة النظرية لا ما يعلمه بالواقع من حقائق رآها أو سمعها أو نقلت له.
1- دراسة في مسائل وتحديات الاثبات في المعاملات المصرفية الالكترونية ومتطلبات التشريع الملائم لتجاوز هذه التحديات .
نشرت على جزأين في مجلة البنوك في الاردن – العدد لشهر سنة . والعدد لشهر سنة .
2- الادلة المتحصلة من الوسائل الإلكترونية
في إطار نظرية الإثبات الجنائي
لمحة قانونية على الإثبات في الجرائم الإلكترونية