التبليغات الالكترونية القضائية
لا يخلو مجتمع من نزاع وتخاصم بين أفراده أو مؤسساته، فهذه بمجملها ظاهرة اجتماعية لأجلها أوجدت المرافق القضائية لتفصل في النزاعات، وتعيد الحقوق إلى أصحابها. والخصومة بصرف النظر عن موضوعها مجموعة من الأعمال القضائية المترابطة، تبدأ بتقديم طلب قضائي إلى المحكمة وتنتهي بالوصول إلى الغاية منها، وهي صدور الحكم القضائي الذي يفصل في النزاع الذي أنشأها. ويسبق الخصومة إجراءات شكلية بين أطرافها كإعلان الجلسة لأطراف النزاع، أو ما يعرف بالتبليغ، وهو من الإجراءات الجوهرية في نظام المرافعات، ويسبق مواجهة الخصوم في مجلس القضاء، ويعتبر وسيلة لنقل العلم إلى أحد أطراف الخصومة بالدعوى، ليقوم الأخير بإعداد رده ودفعه للدعوى المقامة ضده.

والتبليغ القضائي يكون بواسطة أحد المحضرين بناء على أمر القاضي، أو طلب أحد الخصوم، أو إدارة المحكمة، وقد أجاز النظام أن يكون التبليغ بواسطة صاحب الدعوى، وتشمل ورقة التبليغ موضوع التبليغ وتاريخه والساعة التي تم فيها والاسم كاملا لطالب التبليغ، ورقم هويته ومهنته أو وظيفته، ومكان إقامته وعمله، وأيضا الاسم كاملا للمدعى عليه، وما يتوفر من معلومات عن مهنته أو وظيفته، ومكان إقامته ومكان عمله إلى غير ذلك من البيانات الشكلية اللازمة، وقد وضع نظام المرافعات أوقاتا للتبليغ بأن يكون بعد شروق الشمس وقبل غروبها، فلا يجوز أن يكون الإعلان قبل الشروق أو بعد غروب الشمس، إضافة إلى أنه لا يصح في أوقات العطل الرسمية التي تقرها الدولة، وقد وضع نظام المرافعات واجبات على المحضر أو المبلغ من أن يسلم صورة التبليغ ومرفقاتها إلى من وجهت إليه الدعوى في مكان إقامته، أو عمله، إن وجد، وإلا يسلمها لوكيله أو من يعمل في خدمته، أو من الساكنين معه من أهله، فإن لم يجد أحدا من ساكني المنزل، فيسلمها، بحسب الأحوال، إلى عمدة الحي، أو مركز الشرطة، أو رئيس المركز، أو معرف القبيلة الذي يقع مكان إقامة الموجه إليه التبليغ.

ومع هذه الإجراءات فإن التبليغ أحيانا يتعذر على المبلغ، فيترتب على ذلك عدم حضور المدعى عليه الجلسة، وقد يصدر في حقه حكم غيابي. ترتبط المدة القضائية للاعتراض، أو اكتساب الحكم القطعية، بعلم المدعى عليه، أو من صدر ضده الحكم، مما يرتب على ذلك تأخيرا لأمد التقاضي، ويثقل كاهل المحاكم في إجراءات التقاضي.

وقد جاءت الموافقة الكريمة بصدور أمر ملكي باعتماد الرسائل النصية المرسلة عبر الهاتف المحمول الموثق، أو البريد الالكتروني، أو أحد الحسابات المسجلة في أي من الأنظمة الآلية الحكومية، وسيلة معتمدة من وسائل التبليغات للقضية، ومنتجة لآثارها النظامية، بقصد معالجة القصور الذي كانت تعاني منه المحاكم والمتقاضون من تأخير للمعاملات، لعدم حصول التبليغ القضائي بالشكل المطلوب.

فإضافة الوسائل التقنية في التبليغات القضائية تسهم في تسريع الإجراءات في الدعوى، وتسهل العملية القضائية، وتختصر الجهد والوقت على المحاكم وعلى المحضرين، حيث تستطيع المحكمة في وقت واحد أن تبلغ عددا ليس بالقليل من المدعى عليهم إلى الحضور للجلسات القضائية، غير أن الأثر القانوني أو القضائي الذي يترتب على هذا الإجراء بأن يكون حالة صدور حكم على من بلغ بالوسائل التقنية ولم يحضر إلى الجلسة القضائية فيكون بمثابة الحكم عليه حضوريا، وتسري عليه المدة القضائية في الاعتراض على الحكم، أو يكتسب الحكمة القطعية، وهذه الإضافة بالتأكيد تعتبر نقلة نوعية في تطوير المرفق القضائي، وتسهل على المتقاضين الوصول إلى حقوقهم.

عبدالله قاسم العنزي
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك

أهمية التبليغات الالكترونية القضائية في السعودية – مقال قانوني