الإشكالية القانونية التي تثيرها الترقية العقارية في الجزائــر

توطـــــئــة:

إن الحديث عن لإشكالية القانونية التي تثيرها الترقية العقاري ة يؤدي بنا إلى التطرق إلى الموضوع في شموليته. والواقع أن الإشكالية تعني كافة الوسط الحضري المبني، كما تعني ترقيته وحمايته وتسييره وإعادة اعتباره.
ولا ينبغي أن تنحصر الترقية العقارية في عمليات إنجاز الجديد فقط، بل إن إعادة تجديد الإطار المبني منذ الثلاثينيات، والذي يأوي أكثر من نصف العائلات الجزائرية يفرض علينا إدراج إعادة الاعتبار للتراث القائم ضمن الترقية.
إن سنوات العشرينيات والثلاثينيات، بل وحتى الأربعينيات كانت تمكن من تشييد البنايات تشيد أفقيا، ذلك أن استهلاك الفضاء لم يكن آنذاك مطروحا اعتبارا لسعة القطر الوطني. ولم يشرع الفرنسيون في بناء المجمّعات العمودية إلا حوالي 1958 بقصد التقليل من استهلاك الفضاء.

وسنرى إذا من وجهة النظر التاريخية العلاقة بين القانون العقاري تحت كل أشكاله والوضعية العامة للتراث المبني، ثم نحاول بعدها تشخيص الإشكالية تحت زوايا ترقية وتسيير وحماية وإعادة الاعتبار للعقار.

وفي الأخير سنحاول أن نقترح للتفكير عليكم وعلى مقرري القطاع بعض وجهات النظر لإبراز بعض الحلول.

1/ المعطيات التاريخية والسياسية:

أ- الحظيرة العقارية الموروثة عن العهد الاستيطاني:
غداة الاستقلال، كان السكان الجزائريون في معظمهم ريفيين، والتواجد الفجائي لحظيرة عدة مئات بل عدة آلاف من السكنات التي أصبحت شاغرة وبدون مالك لم يؤد فقط إلى هجرة السكان نحو المدن، ولكن كذلك إلى التغيير الكلي في السلوك وفي مفهوم المواطنة.
وبالفعل، ودون أي طابع انتقاصي، فينبغي أن نلاحظ أن ذهنية الريفي أو الفلاح الذي يحبذ يسر الجوار المبتعد، لا ينسجم مع الحياة الحضرية التي تنظمها العديد من قواعد الجوار والاختلاط.
ويضاف إلى هذا النزوح الريفي الناجم عن سبع سنوات من الحرب والتي انتقل خلالها العديد من العائلات إلى الوسط الحضري في إطار مبني غير ملائم أو غير مستغل هروبا من اعتداء الجيش الاستعماري أو تحت ضغطه (الملاجئ المستعجلة ومخيمات الإيواء).
ولم تتكون الحظيرة العقارية مما تركه الفرنسيون أو ممن كان في حكمهم فقط، ولكن كذلك مما كان مشغولا من قبل الجزائريين ولكن على ملكية العديد من المجموعات (بلديات، السكن ذي الأجر المعتدل، التأمينات، الشركات المدنية العقارية والملاك الآخرون، عموميون كانوا أو خواص).
زد إلى ذلك السكنات البائسة المسماة بالبيوت القصديرية التي ظهرت بكثرة.
إن الجزائريين الذين كانوا يعيشون في سكنات لائقة كسكا ن المدن كانوا قلة.

ب- التسيير العمومي وانهيار الحظيرة:
كانت هذه الحظيرة لمدة بدون مالك، مما أوجد الدولة الجزائرية الناشئة أمام مشكل يستدعي تدابير استعجالية للحماية، ذلك أنه لم يُحتفظ بأي هيكل للتسيير وهو الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار وضع هذا التراث تحت حماية الدولة.
وهذا القرار الذي تلاه قرار منع المعاملات العقارية وبعض القيود الأخرى التي تمس التراث العقاري لم يكن مما يرضي بكامله، وقد تلاه على جناح السرعة قرار الوضع في حالة الشغور. إن هذا الاصطلاح في حد ذاته كان يهيئ الحظيرة للإهمال وهذا المفهوم القانوني الجديد الذي جرى به العمل لمدة سنوات وجّه الانشغال أكثر إلى حماية الطبيعة القانونية بدلا من حماية الممتلكات ذاتها أو القيام بالصيانة والعناية.
ولم يظهر المفهوم الجديد لأملاك الدولة إلا خلال سنوات 1966-1968، وهو كذلك مفهوم غير ملائم لأنه يحمل في طياته عيب عقدة “أموال البايلك” التي لازمت الجزائريين منذ عهد بعيد وطيلة الاحتلال الفرنسي.
وبالفعل، فإن الجزائري الذي تخلص حديثا من الاحتلال الكلونيالي الفرنسي لم يعد يهتم بالمال العام الذي كان دوما حكرا على السلطة العمومية الذي لا يجد نفسه فيها.
أما الدولة التي كانت منغمسة في الاهتمامات المالية بمختلف أصنافها كانت عاجزة عن تعويض آلاف البُنْيات المكلفة بضمان التسيير اليومي للتراث العقاري.

ج/ تأميم التوثيق وإهمال التسيير العقاري:
إن البُنْيات المختلفة من وكيل العقار وحاجب العمارة ومجلس الملاك المشتركين ومكاتب التسيير العقاري، اختفت مع أنها لبُّ التسيير، وبكلمة فإن البُنْيات والأدوات والوسائل البشرية والمادية والمهارات وجمع الخبرات وتطبيقاتها، التي اختفت، جعلت في النهاية أعمال التسيير تندثر تدريجيا.
وقد كان تأميم التوثيق وتكريس الموثق الموظف نهاية الترسانة القانونية القائمة لتسيير وحماية التراث العقاري الحضري.
إن اختفاء تنظيم المهندسين المعماريين وتنظيم الخبراء والمحضرين قد تمّم هذا الضياع وعزّز الفوضى في القطاع.
إن ملكية الدولة لمعظم التراث العقاري الحضري والطابع الاجتماعي للدولة والسياسة الشعبوية للنصير الحامي والموزع لمنّ (manne) لا وجود له سوف تشجع المواطنين على:
-عدم تسديد مقابل الإيجار؛
-التجاهل الكلي لفكرة الأعباء المشتركة؛
-الامتناع عن دفع أجر الحاجب الذي أصبح مستأجرا، بل أحيانا مالكا لحجرة البواب على غرار
الآخرين، وهذا إن لم يتصرف فيها؛
-تجاهل وجود وكلاء العمارات أو هياكل التشاور والتسيير؛
-أما القاعدة “الذهبية” فكانت انتظار الولاية أو ديوان الترقية والتسيير
العقاري لإصلاح أو تدعيم أو طلاء أو تسليك المجاري.
وفي النهاية، إبقاء الأجزاء المشتركة حتى التي هي تابعة لملكية الخواص، من صلاحيات الدولة.

2/ الأدوات القانونية والتقنية

تجميد الأدوات القانونية والتقنية
وبالفعل فإن دفاتر الأعباء والوضعيات الوصفية والعلاقة المطلقة بين المحافظة العقارية وإدارة المسح والشهر العقاري وأعمال التطبيق والتسيير للحقوق العقارية تحت كل الأشكال أصبحت مهملة، واختفت من
اللغة الشعبية بأن أدرجت ضمن قاموس الخبراء.
إن الممنوعات المختلفة التي طبقت على العقار قد أنشأت ضابطا جديدا للتسيير وهو “عدم التسيير”.
يحظر شراء أرض عارية : الورق المدموغ يحل محل العقد التوثيقي.
يحظر إجراء التجزئة تتم القسمة حسب الإمكان
لا وجود لرخصة البناء :إنها بناءات فوضوية وبيوت قصديرية سواء بالمدينة أو الريف.
وعلى مستوى الإدارة، لم يكن الأمر أفضل من ذلك فالبُنيات المختلفة الظاهرة أو المختفية التي كنا نسمينها البلديات (المندوبيات الخاصة، المندوبيات التنفيذية أو أخرى)، كانت لها انشغالات غير التفكير في مسألة العمران.
فمخطط شغل الأراضي والمخططات التوجيهية للعمران أو تسييره اختفت تدريجيا تاركة المجال للتمدين الاعتباطي أما الصلاحيات التقليدية لإدارة أملاك الدولة فقد تحجرت واختفت في العديد من المناطق بحيث أصبحت المتابعة مستحيلة وأصبحنا نرى التجميد الكامل للأدوات القانونية والتقنية للتسيير والمحافظة على التراث العقاري الحضري.

ب / تحرر الدولة بفعل قانون 1831
إن بداية يقظة الإدارة في السنوات الأخيرة من السبعينات جعلها تجد نفسها أمام كارثة وطنية ،إن الخطيرة العقارية البالية لم تعد تأتي إلا بالقليل بل جعلت الدولة في وضعية حرجة فهي لم تأت بشيْ لصالح الدولة بل حطمت المجموعة الإقليمية إن الانتفاضة بمختلف النصوص التنظيمية لسنة 1976 بدت غير كافية وغير منسجمة وغير قادرة على تقويم الوضعية .لقد تغيرت الذهنية في الاتجاه السلبي بطبيعة الحال، فالجدران أصبحت بالية والمصاعد صدئة وعلب البريد مفقودة ومداخل الدرج مظلمة أو معبأة بالنفايات مطالعا صارت ذكرى أما الواجهات فمتلاشية الملاط أما جمعيات المستأجرين فصارت فراغا مؤكدا.
إن نظام التسيير المدفون لا يمكن إيقاظه بمراسيم أو أوامر، فالإشكالية اتخذت بعدا ثقافيا وبكارثة تلو كارثة، تفتتح عشرية الثمانينيات.
إن الجزائر قد أنشأت بقوة الأشياء وضعية كان من الممكن استغلالها بحكمة من قبل الدولة. وبالفعل فإن العديد من المدن في البلدان المتطورة قد واجهت صعوبات كبيرة لاقتناء أراض وعائية بالوسط الحضري لبعث الإسكان بإعادة اعتباره.
إن الدولة الجزائرية التي تملك 90% من البنايات الحضرية قد بددت رمت مجموع حظيرتها العقارية الحضرية.
وفي نفس الوقت فإنها بعثت العرض الثاني للعقار: عناصر المضاربة العقارية الحضرية.

ج /المظاهر الاقتصادية والاجتماعية للتملك الفردي
بالفعل فإن محاولات الثمانينات قصد إعادة ملكية البنايات إلى الشعب قد أعطت أثرا مغايرا للهدف المتوخى، إن البناية الجماعية قد بيعت إلى العديد من البيوت التي مهما كان حجمها أو مواردها لم تدرج قط أي سنتيم لصيانة البناية وميزانية العائلة حتى وإن تظمنت العديد من المصاريف غير الأساسية لم تضع في الحسبان صيانة أو حماية السكن والمستأجر الذي أصبح مالكا يصرف مبلغا متأنقا لشراء هوائية ولكن بدون أن يصرف أي سنتيم لعلبة بريده أو لإنارة درجه بل أقل من ذلك للمساهمة في أشغال الصيانة الكبرى.
إن البعد الاجتماعي للتنازل عن أملاك الدولة لإشباع هدف نبيل وتمكين العائلات من اكتساب ملكية سكن وتحرر الدولة من هذا المهمة الثقيلة للحفاظ على هذا التراث لم يبلغ الهدف المنشود وليس من
المعقول أن يُصرف في صيانة سكن مبلغ يفوق ثمن المبيع ، أما البعد الثقافي للمواطن المالك لسكنه فإنه لم يتحقق كذلك ذلك أن التراث العقاري الذي أصبح موضع اهتماماته اليومية لم يعد حلما ولكن اصبح كابوسا بالنسبة لبعض المواطنين الذين ما فتئوا يقاومون لجعل الملكية المشتركة تأخذ معناها الحقيقي وتسترد حقوقها .
وفي الأخير، فإذا كانت الدولة قد لجأت إلى هذا البيع لتحرر نفسها فإنها سوف تشهد ظاهرة ارتدادية : فهي شريكة في ملكية سكنين أو ثلاثة لم تباع ولكن مطالبة بواسطة الدواوين العمومية للتسيير العقاري
بالتكفل المالي لطلاء الواجهات وصون ماء الوجه عند المناسبات الكبرى.

3/ لمحة تاريخية وقانونية حول الترقية العقارية

من وجهة النظر التاريخية فإنه طيلة الفترة الممتدة من 1958 إلى 1976 أي مدة 20 سنة فالدولة وحدها هي التي أنجزت بعض السكنات في إطار القرى الاشتراكية والسكنات الوظيفية، وليس في الوسع الحديث عن الترقية العقارية وكان ينبغي انتظار أمر 23 أكتوبر 1976 الذي ينظم التعاون العقاري
لنلمح فتحه على هذا القطاع أما النص الثاني الذي أعطى دفعا مهما للترقية العقارية فهو قانون 7 فيفري 1981 المتضمن التنازل على أملاك الدولة ولكن هذا القانون لم يكن يرتكز على عمليات الإنجاز ولكن على التنازل في إطار العقار المبني الموروث وكان ينبغي انتظار قانون 4 مارس 1986 ليأتي قانون يعبر صراحة عن بعث الترقية العقارية ولكن هذا القانون كما سبق وأن رأيناه طبق بكيفية سيئة وسوف نرى أن قانون 1986 سقط بعدم استعماله وترك المكان لمرسوم الفاتح مارس 1993 الذي أحدث صندوق الضمان التعاوني (FONDS DE GARANTIEMITUELLE.) وقد واصلت الدولة جهدها بوضع هيئات مكلفة بمتابعة الترقية العقارية بالإتيان بضمانات لصالح المتدخلين وسنذكر إنشاء شركة إعادة التمويل الرهني وشركة ضمان القرض العقاري.
غير أن الترقية العقارية لم تتمكن من الانطلاقة، ذلك أن الهيئات المذكورة لم تكن مقيدة بإجراءات موحدة ومتكاملة بحيث كانت تتصرف على انفراد كلما دعيت للتدخل.

أ / تفكك النظام القانوني للترقية العقارية
أليس من المبالغة في الكلام اليوم أن ندعي وجود نظام قانوني للترقية العقارية ? وقد يكون من الملائم الحديث عن العناصر المتشتتة التي تنظم المسالة.
إن نظام التسيير والحماية هو الآن مجمد، فالنصوص على قلتها تبقى غير منسجمة عند وضعها قيد العمل، أما النصوص المتعلقة بتسيير الأملاك فقد أصبحت قديمة وغير متكيفة وهذه النصوص بتسيير الأملاك فقد أصبحت قديمة وغير مكيّفة وهذه النصوص التي وضعت بإيحاء حساسية ذات طابع اشتراكي تحمل في طياتها فكرة الدولة المالكة .
إن التغييرات التي طرأت لم تكن تتصور البعد الوطني للإصلاح التي قد تجعل الأمور مهيأة عند انطلاق السوق الحرة بل العولمة، فهذه التغييرات محدودة و لم تكن مدرجة ضمن منظور يمكّن من تحديد لأهداف
الوطنية في إطار الإستراتيجية العقارية الحضرية.
وإذا كان القطاع غير قادر على تنظيم تسيير محكم للتراث فهل بإمكاننا أن نفكر عن صواب في أن نضع قيد العمل سياسة ديناميكية للترقية العقارية.

ب/ إشكالات تطبيق القانونالعقاري:
إن القانون العقاري، إن وجد هناك قانون عقاري، ينتسب إلى سلسلة من النصوص الانفرادية التي لا يجد متعاملو القطاع أنفسهم فيها، إن القانون لا يمكن أن يكتفي بنص انفرادي خال من النصوص التطبيقية المنصوص عليها لوضعه حيز التنفيذ.
ومن الضروري التفكير ف ي إيجاد هرم ترتّب فيه وبكيفية معقولة ومنظمة مجموع الحقوق والواجبات وكذا إجراءات حماية المصالح ومجازاة التعسفات.
ولقد كان لنا في مناسبة أخرى أن نقول أن قانون 1986 قد جعل المرقين في وضعية الإفراج المؤقت.
وبالفعل فإن هذا القانون يرتكز على منع المرقي العقاري من عدم استعمال المبالغ المدفوعة له من قبل المقتني. وفي غياب التزام البنوك وعدم إتاحة المبالغ المسددة له من قبل المقتني تعد أفضل وسيلة لتجميد العمليات العقارية أو لدفع المرقين إلى خرق القانون.
وعلى رماد انقراض قانون 1986 بعدم استعماله ظهر مرقي المرسوم التشريعي رقم 93-03 المؤرخ في أول مارس 1993 والمتعلق بالنشاط العقاري الذي أتى في الأخير لتسوية العلاقة بين المقتني والمرقي باستحداث صندوق للضمان.
وهذا النص الذي يعاني بدوره من العرض الوطني الذي يمس القانون الجزائري وهو عدم تطبيق القانون بموجب الأحكام التي يتضمنها في فحواه.
وبالفعل فإن مرسوم 1993 يرتكز على آلية أساسية وهي صندوق التعاون لضمان الترقية العقارية. وهذا الصندوق الذي يعد الشرط الضروري لتطبيق هذا القانون وضع قيد العمل في أوت 2000 أي عند السنة الثامنة.
ويمكن لنا أن نعاين أن الترقية العقار ية فقدت بذلك أيضا 8 سنوات دون اكتساب أية تجربة من هذا المرسوم الذي يفترض فيه أنه أتى لدفع القطاع وذلك دون أن ننسى أن إلغاء قانون 1986 ( فيما يخص العمليات الجديدة المستحدثة بعد مارس 1993) وإلى غاية أوت 2000 قد وضعت هذه العمليات في
فراغ قانوني كامل إذ لا تستجيب لأحكام قانون 1986 بسبب إلغاء النص ولا إلى مرسوم 1993 بسبب عدم قابليته للتطبيق إلى غاية أوت 2000 .أما القاعدة التي أتى بها قانون المالية والتي تمكّن المتعاملين من تعويض شهادة صندوق التعاون للضمان بتأمين أو بكفالة مصرفية كان حلا مؤقتا لم يجتذب إلا قليلا من المرقين.
وسنرى بأنه ليس هذا هو الإشكال الوحيد للتطبيق.

ج- بعض الإشكاليات القانونية
يتضمن المرسوم التشريعي من جهة أخرى بعض الشوائب والتي لم تأت في الحقيقة من المبادرين به.ففكرة المبادرين لم تستوحى من تغيير النظام القانوني للترقية العقارية.فالمادة الأولى منه تكيف الترقية العقارية
بأنها نشاط تجاري بالطبيعة.
إننا لا نفهم ولا نتصور الهدف المتوخى من هذه القاعدة، أهي ذات طابع جبائي؟ فالأمر غير مؤكد ذلك أن الجباية تمس مجموع المتعاملين وعلى وجه الخصوص عمل البيع وليس عمل الإنجاز، أهو مطلب إحصائي ؟
وهل إخضاع هذا النشاط إلى السجل التجاري يأتي بفائدة ما؟
إن تحديد المسؤولية في إطار شركات ذات شكل المسؤولية المحدودة كان من الممكن بلوغه بالاختيار الحر للهيكل القانوني الذي يراه المتعامل أفضل ملائمة وعلى العكس من ذلك ،فإن التطبيق الحرفي للنص يترجم بإقصاء المتعاملين الذين لا يرغبون أو لا يستطيعون قبول صفة التاجر.

استــــلام الحيازة

إن هذه القاعدة قد تعرضت خلال منعرجات الدراسة ومناقشة النص إفراغ معتبر من محتواها.
التناقض الوارد جراء عدم انسجام المادتين 12و13:
المادة 12: تقرر بأن العقد الرسمي يخضع إلى شكليات التسجيل والشهر العقاري يتعلق الأمر إذن ببيع ناجز.
المادة 13: توضح بأن العقد يُتمّم بمحضر يحرر وجاهيا بذات مكتب التوثيق لمعاينة استلام الحيازة من قبل المشتري.
إن تعبير: ” يتمم ” في غير محله ذلك أننا نتمم ما هو ناقص، في حين أن البيع هنا ناجز كلية، فيتعلق الأمر إذن بمحضر تنصيب يبرز التطابق بين الشيء الموعود به والشيء المسلم وكذا العيوب الاحتمالية لكي يتحرُر المرقي من ضمان الإنجاز المتقن.
فالمحضر إذن يحرر تلو البيع وليس إتماما له وبالتأكيد فإن المادة 2 الفقرة الثانية من النموذج التنظي مي لعقد البيع تنص على محضر التسليم. وشهادة المطابقة لا تعفى من المسؤولية المدنية لضمان الإنجاز المتقن للمنشأة طيلة مدة سنة وأجل السنة هذا، أليس في تعارض مع الضمان العشري المنصوص عليه في القانون المدني والذي أخذ في نموذج عقد البيع؟

4/ العقار الحضري والإصلاحات الاقتصادية

أ-التفاعل: مستوى المعيشة والعقار الحضري
ينبغي أن ينظر إلى الإصلاحات الاقتصادية من خلال عملية شاملة يمكن أن تمس مجمل القطاعات
الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.
إن الامتداد العادي لعملية الإصلاح ينبغي أن تحدث تعميقا في التفكير وإعادة تحديد الإستراتيجية الشاملة مع الأخذ في الحسبان التغييرات التي ستنجز ولا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى غض الطرف عن المبادئ التي تقيد الدولة في مختلف اختياراتها مهما كانت الحكومة التي تشرف عليها.
إن العقار الحضري يتفاعل مع مستوى المعيشة للسكان، فهناك جدلية قائمة بين الحركتين.
إن هشاشة و انهيار التراث العقاري يبرز انحطاط المستوى المعيشي.
إن مستوى معيشيا مزدهرا يجر تطورا في قطاع الإسكان في نوعية العقار الحضري.
إن العقار الحضري نافذة ناطقة عن عاداتنا وتقاليدنا ونمط حياتنا سواء كان اقتصاديا أو اجت ماعيا أو ثقافيا.

ب- العقار الحضري: مستقطب استثمارات
لا يمكن فصل العقار الحضري عن سياسة دعم الاستثمارات،فكيف نستثمر إذا كان الأمن والشفافية وإتاحة العقار الحضري غير متوفرة.
إن إيجاد حافظة عقارية حضرية ملائمة ومرتكزة على إنشاء مناطق صناعية أو مناطق أنشطة تسهل الاستثمارات وتمكّن من الاستعمال العقلاني للوسائل مع إتاحة أفضل توزيع للفضاء.
إن تحديد مناطق الاستثمار ووضع الفضاءات المشخصة و المهيأة تحت تصرفها تمكن الدولة والجماعات المحلية من القيام بدورها كمنظم، و تلك هي الرقابة الغير مباشرة بواسطة توجيه غير تدخلي في
الاستثمارات ضمن إطار إستراتيجي شامل.

ج- العقار الحضري: منشأ لمناصب شغــــل:
إن العقار الحضري، مبني كان أو غير مبني، يستوعب جزئيا البطالة سواء في إطار إنجاز الاستثمارات أو في ما بعد استغلال الإطار المبني بالتسيير والصيانة والعناية والتكيّف مع مختلف مظاهر الحياة اليومية من أجل رفاهية الإنسان، من أجل ذلك كله فالعقار يعد منشئا لمناصب شغل دائمة.
قد يكون من الممل ذكر مختلف المناصب المؤهلة أو غير المؤهلة التي يستلزمها العقار العمراني، فمن مكتب تسيير إلى بنّاء أو حاجب أو وكيل عمارة أ و بستاني أو رصاص أو كهربائي إلى حداد أو غيره،
أي عدة مناصب مستحدثة وممولة من غير ميزانية الدولة ولكن موزعة على ملايين المستعملين ( مستأجرين أو ملاك).
تحديد استراتيجية المدى البعيد
قبل ذكر إدراج القطاع العقاري في الإصلاحات الاقتصادية يتعين إجراء دراسة وتشخيص شامل دون تنازل. يجب أن تحظر الأخطاء و الانحرافات وأن يثار نقاش واسع على مستوى الميدان الاجتماعي والاقتصادي بحيث لا يقتصر الأمر على التشريع ولكن ينبغي ضمان التكوين والإعلام وإنشاء الشروط المواتية لتطور منسجم للقطاع وهو ما ينبغي أن يبدأ بتغيير الذهنيات، فالأمر هنا يتعلق بمسألة ذات أبعاد ثقافية. فالإستراتيجية التي ينبغي أن تنتهج ينبغي أن تغطى المدى البعيد أما التشريع فيستعيد دوره كمنظم وليس كمحرك.
وقصد التقدم في تفكير شامل ينبغي ضبط الإشكالية العقارية في الجزائر.

أ) إشكالية الاستراتيجية الترقية العقارية
لم تكن الإشكالية العقارية موضوع محاولة التشخيص بتاتا، إن للجزائر فضاءات كبيرة قابلة للتعمير، ولها
ديمغرافية قابلة للتسيير بفعل الشبيبة التي تشكل تركيبتها البشرية وتملك وسائل لانتهاج سياسة عقلانية مواردها الأساسية: الإنسان و الفضاء ا لطبيعي.
وبعد التشخيص وجرد الوسائل، فلنتوقف ولنطرح على أنفسنا السؤال البسيط التالي: ما هو إطار الحياة الذي نريده ؟ مدينة، قرية، حي ، فالأمر لا يتعلق بهواة يرمى بها خام. إن الأرض والفضاء يمثلان الثروة
الوحيدة الدائمة لهذا البلد، فلننظم بكيفية معقولة استهلاكهما و تطويرهما.

ب) بعض المبادئ القاعدية للتمسك بها

1- من أجل قواعد جديدة للتسيير الاجتماعي

إن العقار الحضري يأخذ في الحسبان، وعلى أوسع نطاق، المصالح الخاصة، وحماية التراث العقاري الحضري، و ينبغي أن تسند حماية التراث العقاري إلى الملاك والمستعملين على غرار كل الأموال التي ينتفع بها وتمارس عليها الحراسة القانونية .
وليس من الصعب البرهان على أنه خلال التسيير من قبل الدولة والجماعات المحلية أو المرافق المتفرعة عنها، فإن النتائج كانت سيئة، فللدولة دور تلعبه ولكن ليس بدور المسير، فينبغي بواسطة آليات
التنظيم أن تضع تحت تصرف الهياكل المتخصصة مسند السيادة لتطبيق القوانين و الأنظمة و كذا الالتزامات المتبادلة دون حلول محلها .

2- الديمقراطية و العقار الحضري

ينبغي أن تأخذ الإستراتيجية المعتمدة في الاعتبار البعد الاجتماعي و مساهمة المالك ا لمواطن لاكتساب
ثقافة الديمقراطية .
وبالفعل فإن تعلم الديمقراطية ينبغي أن يبدأ عند أبوابنا بتسيير العلاقة العائلية والجوارية وعلاقتنا بالحقوق
والواجبات في الأوساط التي نعيش فيها يوميا.
إن المدنية وحماية الأموال المشتركة على غرار احترام حدود حقوقنا عند حد بداية حقوق الغير، كل ذلك يبدأ على مستوى تسيير تراثنا المشترك.
إن المساهمة ضمن جمعيات الملاّك يمكن أن يشكل تمهيدا لتكويننا قصد المساهمة في الهياكل الكبرى التي تعد مدخلا للتسيير الجمعوي، الذي هو أساس كل نضال.

3- التنمية المستديمة، البيئة والعقار الحضري

ينبغي أن تدرج هذه الإستراتيجية من جهة أخرى الطابع غير متجدد للموارد،إن الأرض و الفضاءات المبنية وعلاقاتهما بالمساحات الخضراء لم يمكن معدلا جزافيا، إن عقلنة استعمال الأرض وتخصيصها الأقصى إلى التنمية المستدامة هو الضامن الوحيد لديمومة الإنسانية. ومن الواجب أن نعرف أن كل شجرة سقطت وكل متر من الإسمنت المصب يضع في خطر مستقبلنا ذاته حتى وإن كان ذلك جزءا من تنميتنا، هذه هي المفاهيم التي نسيناها إن مجرد نظرة على أريافنا للتمييز بين المساحات المبلطة أو المزفتة، بين الأعمدة والأسلاك الكهرب ائية تمكننا من الاطلاع بأن التبذير قد استولى على عقولنا الشرهة لنزع فضاءات كبيرة للطبيعة.
ومن المؤكد أن مبادئ أولية أخرى ينبغي أن تحترم، فعرض هذا اليوم لا يمكن أن يكون مستوفيا.

د- أدوات الإصلاح الإستراتيجي للعقار الحضري

1- ترابط التوثيق العصري مع مهنية التسيير العقاري
لقد رأينا أن التوثيق كان دوما معنيا بتطور القانون العقاري سواء تعلق الأمر بالترقية العقارية في مرحلة الإنجاز أو التسيير أو حماية التراث العقاري الحضري. ينبغي على التوثيق أن يكون مرتبطا بمهنية التسيير.
إن الوظيفة التوثيقية التي تحتل موقعا تزداد أهميته شيئا فشيئا في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية تعد بمثابة أداة فضلى للمواكبة الواعية للإصلاح العقاري.
إن المهنة التوثيقية تعمل بكيفية منظمة للتكيف مع الإصلاحات ولمواكبتها بدلا من أن تتحملها، ويمكن لها أن تقدم مساعدة فعالة للسلطات العمومية والمجموعات الإقليمية وكذا للمتعاملين الخواص أو لهيئات التسيير بتحويل سلطات التسيير من أجل تطوير الحياة الجمعوية الاقتصادية و نشر ثقافة جديدة متفتحة تسعى لتغيير الذهنيات.

2- مساهمة التوثيق العصري في إصلاح العقار الحضري:
إن التوثيق العصري يتغير في العالم وفي بعض البلدان التي عرف فيها التوثيق كيف يكيف أعوانه وهياكله ووسائله مع التوجهات الجديدة للعولمة،ضمن تطوره، ففي بعض البلدان المحافظة فإن التوثيق مدعو لترك مكانه تدريجيا إلى مهن أخرى ، أما الجزائر فقد أضفت ديناميكية خاصة على الوظيفة التوثيقية بإشراك الموثق في نشر ثقافة تسود اليوم في مادة العقود التجارية وتأسيس الشركات التجارية وحياتها القانونية وهو متمكن من الإستشارة في المادة العقارية وفي افتتاح التركات ويبدو أنه مهيأ للمساهمة في تعميق التفكير حول مستقبل العقار الحضري وإعداد استراتيجية شاملة لمواكبة الإصلاحات.

3- إصلاح هياكل التسيير والحافظة العقارية للاستثمار:
ينبغي أن تنشأ حافظة عقارية للاستثمار على جناح السرعة وينبغي أن يكون تسييرها لامركزيا
وليناً.
إن التسيير المسند إلى الوكالات العقارية البلدية بعيد عن إمكانية الاستجابة حاجات الاستثمار، إن الوكالات العقارية التي تعد واجهة السلطة الإقليمية التي هي المسير الحقيقي لهي منشغلة بدرجة أولى
بمقاومة المضاربة وجدت نفسها مقسمة بين المجالس الشعبية البلدية التي فوضتها والولاية، وكذا مساوئ المركز القانوني لتركيبتها البشرية ففي أغلب الأ حيان تجد نفسها في مأزق كلي.
إن مقاومة المضاربة وبيع الأوعية بأسعار مرتفعة قبل الإنجاز قد أدت إلى حلول كارثية من الناحية القانونية وبالفعل فبهدف منع المرقى من إعادة البيع نصح باللجوء إلى نظام الامتياز،وهذا الشكل الذي تضع به الدولة قطعا من أملاكها الخاصة تحت تصرف الغير قد حاد عن طبيعته وهذا الامتياز الذي أنشئ لتمكين بعض الهيئات الخاصة من إنجاز مرافق عمومية أو مهمة ذات منفعة عامة قد تبين أنه غير متلائم مع الترقية العقارية.
لا يمكن بأية حال للمستفيد من حق الامتياز أن يبيع الملك المسلم له أو البنايات المشيدة عليه وهذا هو التجميد المكرر لقانون 1986 إن النظام التعاوني أو الملكية المتعددة يمكن لهما أن يدرجا في التصميم والإنجاز ووضع قيد الاستغلال للحافظة العقارية للاستثمار ولم يكن من الحنكة أن يسند التسيير إلى هيئات إدارية أو وحدات إقليمية، وحسب رأينا ينبغي تطوير حركة جمعوية ذات طابع اقتصادي ليست حصرا ذات طابع خاص فيمكن أن توسع إلى تجمعات ذات مصلحة اقتصادية أو حركة جمعوية شبه عمومية أو مختلطة ( تجمع بلديات، المساهمة بين الجهات……) إن المنظمات (fondations)
والجمعيات الوطنية للتنشيط الاقتصادي والاجتماعي ينبغي أن تكون موضوع تشريع مستعجل وملائم لتمكين من أن تمارس في مجموع قطاعات التنمية العقارية على غرار الحركة الثقافية.

4- إصلاح القانون وتقنيات التسيير العقاري
لا يمكن أن يغطي هذا الإصلاح القطاع إذا ترك جنبا مشكل التسيير وحماية التراث العقاري نظرا لماله من أهمية.
وعلى غرار إنشاء صندوق ضمان الترقية العقارية في شقيه، الإنجاز والتطوير ، فإنه من الملائم التفكير في إنشاء صندوق وطني لحماية التراث العقاري الحضري . وقد شاهدنا بشيء من الأسف بأن الدولة لم تحث و لم تنشئ هياكل غير تابعة لها.
إن المركز القانوني لصندوق الضمان التعاوني كمؤسسة عمومية يعد مؤسفا نوعا ما، إن المركز التعاوني المحض لهذا الصندوق بمساهمة وبرأسمال متغير مع إشراك مجموع المعنيين بالترقية العقارية: البنوك،
التأمينات وإعادة التأمينات، المؤسسات المالية، التعاونيات العقارية المرقون المقتنون المعنيون، قد يكون افضل ، طالما أن مستقبلنا مرهون بالإصلاحات الموجهة نحو مفاهيم اقتصاد السوق والمجتمع المدني والعولمة.
إن مركز المؤسسة العمومية والتدخل المباشر للدولة يبدو أنه يربطنا بالتقنيات القانونية التي تجاوزتها الأحداث نوعا ما، ويحول دون جمع ادخار الق طاع من قبل الصندوق وتوزيع المخاطر بواسطة إعادة
التأمين ونظام المساهمة.
أما بالنسبة لصندوق حماية التراث العقاري الحضري الذي نقترح إنشاءه، فقد يكون من المهم تعميق التفكير في اتجاه المحور المشار إليه فيما يتعلق بتمويله وتسييره.
إن هذا الصندوق الذي سيعفي دواوين الترقية والتسيير العقاري من المهمة التي لم يكن يؤديها يوما أو يؤديها بكيفية سيئة، ألا وهي صيانة التراث العقاري الحضري، فدواوين الترقية والتسيير العقاري
موجهة في معظمها نحو الترقية في شق الإنجاز والتطوير وابتعدت شيئا فشيئا من وظيفة الصيانة والحماية وبالإضافة إلى الطبيعة القانونية التي ينبغي أن تبعد طابع المؤسسة العمومية ، يتعين التفكير في تنظيم جمعوي ذي طابع اقتصادي مع هيئة اتحادية وفي رسم بعض سبل التفكير لإيجاد هذا الصندوق، وفي الأخير النظر في مصادر تمويله الاحتمالية لضمان فعاليته دون إثقال ميزانية الدولة.
إن مصادر تمويل حماية التراث العقاري، ينبغي في رأينا أن يلجأ بشأنها من جهة إلى المساهمة المباشرة للمستعملين والملاك و المستأجرين المستغلين و إلى تخصص الضرائب المحلية من جهة أخرى.
فاللجوء إلى إسهام بنيات التسيير لاستحصال الأعباء الايجاري ة على غرار الضرائب هي أحد السبل التي ستكتشف.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتطاع من الموارد العقارية كالرسم العقاري والتسجيل والشهر العقاري وفائض القيمة عن التنازل العقاري وحقوق الطابع عن الرخص المتعلقة بالقطاع (رخص البناء و التجزئة الخ…)
والضريبة على الإيجارات أو رسم السكن عوض الأعباء الايجارية هي الأخرى سبل للدراسة .

1- إصلاح قانون الترقية العقارية :
إن الإصلاح العقاري لا يمر كما رأينا عن طريق إعادة النظر في تسيير و استغلال الأرضية و لكن كذلك عن طريق الإصلاح الشامل و المتكامل للترقية العقارية و بعد تحديد الأهداف الإستراتيجية ، فينبغي أن يشمل الإصلاح مختلف فضاءات القطاع العقاري الحضري و أن يبين أو ينشئ مفاهيم جديدة
للتطور العقاري .
وهذا الإصلاح ينبغي أن يدرج التفكير حول النقاط التالية ، تشخيصها و تحليلها و تحديد تنميتها في المكان و الزمان وإيجاد إجراءات ووضعها قيد العمل أي الحافظة العقارية للاستثمار الترقية العقارية مناطق الإسكان، المناطق الصناعية ومناطق الأنشطة.
ولا يمكن أن نختم هذا العرض دون أن نستمع إلى ممقوت الترقية العقارية : المرقي.
إن التفكير حول حلول الإشكالية التي تطرحها الترقي ة العقارية يقتضي اعتبار المرقي كمستثمر بكامل حقوقه، بحيث ينبغي التفكير في إدراجه في نفس مستوى نبل الترقية.
إن المرقي العقاري هو المستثمر الوحيد الذي يفرض عليه القانون الالتزام بتحقيق النتيجة فيتعين عليه أن يستثمر مبالغ معتبرة وإن يتوصل إلى تهذيب مقاوله وأن يقبل معاناة الإدارات وأن يتحمل احتقار المصرفي، وعلى وجه الخصوص لا ينبغي له أن يجعل المقتني يتحمل أي خطر.
مقارنة مع المستثمرين الآخرين، فهو الوحيد الذي تتنكر وكالة تشجيع الاستثمارات لحقوقه في الامتيازات، إن أنجز خلال مشروعه سكنات أو محلات للبيع.
فيحق الاستثمار لصناعة أي شيء وبيعه مع الإعفاء من الضريبة على أرباح الشركات لمدة 5 سنوات إلاّ السكنات.
ويواجه المرقي شبكة من البنوك التي لا تقتسم أي خطر: فهو يستثمر في “الصلب” و “المستديم” و
“غير المتغير” وإلا في مواجهة المصرفي.
وفي الأخير، فإن المصرفي يمول في حدود 20% ويشترط رهنا إمتيازيا أوليا على مجموع الوعاء و البناءات الجارية أو الآتية:
لا يحق للمرقي الذي يقترض أن يحرر عقود بيع للمقتنين. وهو لا يعرف إذ كان ينبغي عليه أن يمنح تأمينات لصندوق الضمان التعاوني للبنك أو للمقتني، ويعني هذا أنه يتب ع جمع مجموع المتدخلين حول طاولة واحدة.
إن الجزائر هي أحد البلدان، حيث الترقية العقارية لا توزع بشأنها المخاطر، فالمرقى هو: مالك الوعاء والمصمم والمنجز والبائع وهو الذي يمول المشروع عادة دون تأمين أو إعادة تأمين أو توزيع المخاطر.

الترقية رد الاعتبـــار:
إن الإصلاح، بحسب رأينا، ينبغي أن يأخذ من جديد الترقية العقارية في مختلف أوجهها، ومن المستعجل أن يصرح بأن الإطار المبنى الحضري منكوب وإفادته بمخطط انقاد حقيقي لإعادة اعتباره.
وينبغي أن تبدأ الترقية العقارية بإعادة الاعتبار للعقار القائم الذي يتعين اعتباره كنشاط ذي أولوية يحقق المنفعة العامة وإفادته كذلك بالإعفاء الكلي لمدة عشر سنوات.
وينبغي إعادة النظر في مرسوم 1993 برمته وإعطاء أكثر أهمية لنشاط المرقي، فروح النص ينبغي أن تترجم الإرادة لإنجاز أكثر وبأفضل كلفة وآجال مع توزيع ملائم للمخاطر.
فينبغي على الهيئات القائمة حاليا أن تكيف مراكزها القانونية مع الشكل الجديد للحكم التشاوري وتكيف أنشطتها وجعلها تلتقي حول كل الإجراءات المطبقة مع كل هيئة متدخلة لتجنب كل تجميد.

مقال قانوني رائع يتحدث عن الإشكالية القانونية التي تثيرها الترقية العقارية في الجزائر