حماية حقوق العمال في دولة الإمارات

إعادة نشر بواسطة لويرزبوك 

شروق عوض (دبي)- لم يقتصر اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة على حماية حقوق مواطنيها فحسب، بل تعدى ذلك ليشمل كافة أبناء الجنسيات المقيمة على أرضها، وبالأخص تلك العمالة التي تمارس أعمالاً تتطلب مجهوداً جسدياً كالبناء والزراعة وغيرها في منشآت القطاع الخاص، ووفرت لهم بذلك أبواب الرزق الكريم وحقهم الذي كفله قانونها الاتحادي «قانون العمل الاتحادي» رقم (8) لسنة 1980، ونظّم كافة نواحي وجوانب علاقات العمل بين أصحاب المنشآت وبين العاملين فيها، مما يؤكد إيمان الدولة بأنّ الإنسان بصرف النظر عن جنسه وجنسيته هو محورها الأساسي ومحور الاقتصاد والتنمية الشاملة وعمادها.

ومن منشأة في بأبوظبي الى أخرى في دبي وثالثة في الشارقة ورابعة بعجمان وخامسة بالفجيرة وسادسة بأم القيوين وسابعة برأس الخيمة، نجد أن جميع الإمارات تلتزم وتطبق هذا القانون المتقدم والمتوازن بضمان كافة حقوق وواجبات أصحاب العمل والموظفين والعمال ويحقق لهم العديد من الفوائد ويسهم في تطور وتقدم الاقتصاد في الدولة، وعرف هذا القانون بقانون العمل الإماراتي ويعود تاريخ وضع أول قانون عمل في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سنة 1980، وقد جرى تعديله فيما بعد بالقانون الاتحادي رقم (24) لعام 1981 والقانون الاتحادي رقم (15) لعام 1985 والقانون الاتحادي (12) لعام 1986. ويحتوي القانون على 193 مادة ويغطي كل جوانب علاقات العمل ولا سيماً حقوق الموظفين والعمال تحديداً.

وقد دأبت وزارة العمل على تطبيق قانون العمل الإماراتي ولم تحد يوماً عن الالتزام الكامل بروحه وبنوده حرصاً منها على حماية العاملين البالغ عددهم 4 ملايين عامل يعملون لدى 250 ألف منشأة مسجلة في الوزارة، ومنع اضطهادهم أو المس بحقوقهم، ولم تقف الوزارة مكتوفة الأيدي يوماً حيال وقوع أيّ اضطهاد على عامل ما وانما عملت على إعادة الحق لصاحبه دون النظر إلى جنسيته أياً كانت.

وتطبق وزارة العمل وتنفّذ قانون العمل بحذافيره على مختلف المنشآت والعاملين فيها دون محاباة أو تمييز بين شخص وآخر وبين جهة وأخرى فالجميع متساوون أمام القانون. وقد حدد قانون العمل في بنوده تعريفات واضحة وصريحة منها تعريف صاحب العمل بـ« هو كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملاً أو أكثر لقاء أجر مهما كان نوعه»، أما العامل فيعرّف «هو كل ذكر أو أنثى يعمل لقاء أجر مهما كان نوعه في خدمة صاحب العمل وتحت إدارته أو إشرافه ولو كان بعيداً عن نظره ، ويندرج تحت هذا المدلول الموظفون والمستخدمون الذين يعملون في خدمة صاحب العمل والخاضعون لأحكام هذا القانون».

أما المنشأة فعرّفها قانون العمل بـ « كل وحدة اقتصادية، فنية، صناعية أو تجارية يعمل فيها عمال تقوم بإنتاج سلع أو تسويقها أو تقديم خدمات من أي نوع». وعرّف العمل بـ « هو كل ما يبذل من جهد إنساني، فكري، فني أو جسماني لقاء أجر ما سواء كان ذلك بشكل دائم أو مؤقت« أما العمل المؤقت فعرّف بـ «العمل الذي تقتضي طبيعة تنفيذه أو إنجازه مدة محددة». هذا ولم يستثنَ في قانون العمل تعريف العمل الزراعي.

قوانين العمل في الدولة تكفل صحة وأمن العمالة والموظفين
قرار «الظهيرة» حماية للعمال من ظروف العمل خلال فصل الصيف

حرصت وزارة العمل على صحة وأمن العمالة والموظفين، ويعتبر قانون العمل الضمانة الأساسية للمحافظة على صحة وسلامة العامل “الأجير”، حيث وضع تعريفاً لإصابة العمل بـ” هي إصابة العامل بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول الملحق بهذا القانون أو بأية إصابة أخرى ناشئة عن عمله حصلت له أثناء تأدية ذلك العمل وبسببه ويعتبر في حكم إصابة العمل كل حادث يقع للعامل خلال فترة ذهابه إلى عمله أو عودته منها بشرط أن يكون الذهاب والإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي”.

وتعد وزارة العمل واحدة من وزارات الدولة التي حققت بفضل توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، الذي ركز على أن الانسان هو محور التنمية والاقتصاد، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، إنجازات كبيرة أبرزها تكريس الاستقرار في سوق العمل من أجل خدمة أهداف التنمية الشاملة، ونجحت في مراجعة سياسات استقدام العمالة الوافدة، بعد اكتمال المشروعات التنموية الكبرى، حيث يتم حالياً التركيز على استقطاب ذوي الكفاءات والمهارات والخبرات الدولية للعمل في منشآت الدولة.

وفي حين تشهد أسواق العمل في أغلب مناطق العالم مشكلات وخروقات واخفاقات لوزارات العمل فيها لكثرة الأيدي العاملة في شركات القطاع الخاص، تبدو وزارة العمل واحدة من أكثر وزارات الدول عدلاً وتسعى دائماً للوقوف على مسافة واحدة بين أطراف المعادلة من عمال وأصحاب عمل، حيث عمدت إلى إنشاء نظام لحماية الأجور وفتح أبوابها في حالة نزاع العمل أمام الطرفين لتقديم الشكوى والتظلم وعمدت إلى فتح قسم لباب النزاعات إضافة إلى إقامة فعالية شبه يومية تدعى “اليوم المفتوح” تهدف إلى اتاحة الفرصة للمشتكي بالبوح بمشكلته وتبعاتها القانونية.

ونجحت وزارة العمل في المحافظة على 4 ملايين العمال، واستطاعت الوقوف أمام العديد من التحديات التي تواجه السوق ومنها حماية حقوق العمال والعلاقة بين طرفي الإنتاج العامل وصاحب العمل، حققت الوزارة من خلال نظام حماية الأجور استقرار السوق، ويظهر ذلك جلياً في القرار الوزاري الصادر عن معالي صقر غباش وزير العمل رقم (788) لسنة 2009 بشأن حماية الأجور، حيث جاء في المادة رقم (1) إنه “ يتعين على جميع المنشآت المسجلة لدى الوزارة ، سداد أجور العاملين بها مرة على الأقل كل شهر، أو في المواعيد التي تضمنها عقد العمل، إن كانت أقل من شهر، وعلى أن يكونَ ذلك السداد طبقاً للإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بهذا القرار. وعلى تلك المنشآت تقديم كافة مايُطلب منها لإثبات سداد هذه الأجور”.

كما سعت الوزارة إلى تحويل أجور العمال عن طريق البنوك أسوة بما هو متبع في مؤسسات القطاع العام، ويأتي ذلك في إطار حرص الدولة على تنظيم سوق العمل، وتوفير الظروف البيئية المناسبة لتسهيل الإجراءات وتنظيم تمويل الأجور بما يسهم في تحقيق نتائج طيبة تنعكس على الشركات ذاتها وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام. حيث جاء في ذات القرار السابق في المادة رقم (2) “على المنشآت، المنصوص عليها بالمادة (1) من هذا القرار، البدء – اعتباراً من 1/9/2009 – في تحويل كل أجور العاملين لديها إلى المصارف والمؤسسات المالية بالدولة عن طريق نظام حماية الأجور (WPS)… ».

وأشار ذلك القرار في المادة رقم (8) إلى أنه (في حالة تيقن الوزارة من ارتكاب إحدى المخالفتين الآتيتين، عدم سداد الأجر خلال شهر من تاريخ استحقاقه، وعدم تقديم الإقرار، المنصوص عليه بالمادة (5) من هذا القرار التي جاء فيها “لحين قيام المنشآت بتحويل أجور العاملين لديها طبقاً لما جاء بالمادة (2) من هذا القرار، تلتزم المنشآت، التي يكون عدد العاملين فيها خمسين عاملاً فأكثر، بتقديم إقرار شهري، وفقاً للنموذج المرفق بهذا القرار. ويجوز بقرار من مدير عام الوزارة، أو مَن يفوضه، إضافة أو استبعاد منشآت لما ورد بالفقرة الأولى من هذه المادة”، خلال شهر من تاريخ استحقاق الأجر).

كما جاء في هذه المادة “مع مراعاة ماتنص عليه أية قرارات وزارية من جزاءات إدارية أُخرى، يتم وقف منح المنشأة، التي وقعت فيها المخالفة، أية تصاريح عمل جديدة للمدد الآتية: لحين تصحيح المخالفة إذا كانت تلك المخالفة لأول مرة. لمدة شهر، بعد تصحيح المخالفة، إذا كانت تلك المخالفة للمرة الثانية. لمدة شهرين، بعد تصحيح المخالفة، إذا كانت تلك المخالفة للمرة الثالثة. لمدة ثلاثة أشهر، بعد تصحيح المخالفة، إذا كانت تلك المخالفة للمرة الرابعة».
وورد في ذات المادة نوع العقوبة في حال عدم التزام المنشأة حيث جاء “للوزارة ، إذا قدرت عدم جدوى الموقف، المشار إليه أعلاه، أنْ توقف منح أية تصاريح عمل جديدة لكل منشآت صاحب المنشأة المخالفة بشرط الوحدة الكاملة للشركاء، مع إحالة جميع المسؤولين عن المخالفة إلى الجهات القضائية لاتخاذ إجراءاتها ويستمر الوقف لحين الفصل في الدعوى أو تصحيح المخالفة أيهما أقرب”.

كما جاء في المادة رقم (9) “ في حالة تيقن الوزارة من أنَّ الإقرار، المنصوص عليه بالمادة (5) من هذا القرار، قد تضمّن بيانات مخالفة للحقيقة، يتم وقف منح أية تراخيص عمل جديدة للمنشأة، التي وقعت بها المخالفة، مع إحالة جميع المسؤولين عن تلك المخالفة للجهات القضائية لاتخاذ إجراءاتها، ويستمر الوقف لحين الفصل في الدعوى “.

وإضافة إلى ذلك كله، فإنّ وزارة العمل كفلت للعمال حرية الانتقال من منشأة إلى أخرى وهو خير دليل على مراعاة رغبات وحريات العمال الشخصية في التغيير والانتقال إلى أجواء عمل مختلفة، فجاء في القرار الوزاري رقم (1186 )لسنة 2010 في شأن ضوابط وشروط منح تصريح عمل جديد للعامل بعد انتهاء علاقة العمل للإنتقال من منِشأة إلى أخرى، حيث قرر معالي وزير العمل في المادة رقم (1) : “يجوز للوزارة منح تصريح عمل جديد بعد انتهاء علاقة عمله مع صاحب العمل للإنتقال من منشأة إلى أخرى دون التقيد بمضي مدة الستة أشهر من تاريخ إلغاء بطاقة العمل، والمنصوص عليها في قرار وزير العمل الصادر برقم (826) لسنة 2005، وفقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا القرار.

كما جاء في المادة (2) من هذا القرار “ يجب، لمنح تصريح العمل، المشار إليه في المادة (1) من هذا القرار، توافر الشرطين الآتيين: انتهاء علاقة العمل بين العامل وصاحب العمل بالاتفاق.أن يكون العامل قد أمضى سنتين على الأقل لدى صاحب العمل”.

وحرصت وزارة العمل على توعية العمال والتعرف على حقوقهم وواجباتهم ولم تهمشهم، حيث اناطت الوزارة لقطاع التفتيش الحيوي كونه يمارس دور خط الدفاع الأول الذي يسهم في تنظيم سوق العمل في الدولة ويضم 430 مفتشاً، مهام عمل خاصة بالزيارات التوجيهية المختصة بإقامة الورش والمحاضرات التوعوية، إضافة إلى التفتيش لأجل حماية الأجور والتفتيش في حال وجدت شكوى عمالية جماعية أو شكوى خدمة راتبي، إضافة الى قيامها بالحملات التفتيشية وحملات المتابعة اليومية أو الحملات الكبرى، والقيام بالتفتيش على اشتراطات الصحة والسلامة المهنية الخاصة بالتفتيش على السكن والمواقع الإنشائية.

وكلفت الوزارة قطاع التفتيش بمهمة مراقبة تطبيق قرار حظر العمل وقت الظهيرة وهو قرار لحماية العمال الذين تتطلب مهام وظائفهم مزاولتها وقت الظهيرة وتحديداً في فصل الصيف، حيث يقوم القطاع عبر فرقه المتعددة بالقيام بدورين أحدهما الزيارات التفتيشية والآخر الزيارات التوجيهية، إضافة إلى التفتيش الدوري.

والتزاماً باتفاقيات حقوق الإنسان وحفاظاً على الموارد البشرية، فقد عملت وزارة العمل بالدولة منذ 8 سنوات على تطبيق ما يعرف بقانون وقف العمل وقت الظهيرة، وعادة ما يطبق هذا القانون في فصل الصيف فقط، حيث يتوجب على أرباب العمل وأصحاب الشركات وقف العمل ابتداءً من الساعة 12 ظهراً وحتى الساعة الثالثة عصراً ، وذلك لتجنيب العمال الإصابة بضربات الشمس، خاصة وأن الدولة تتمتع بمناخ صحراوي حار.

ويأتي هذا القرار انطلاقاً من الحرص الذي توليه الدولة لجهة توفير بيئة العمل المناسبة والآمنة للعمال، وتجنيبهم أية أخطار قد يتعرضون لها خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال أشهر الصيف”.

وحريّ بنا أن نذكر هنا أيضاً أن إحدى المميزات التي تتمتع بها العمالة الوافدة إلى الإمارات هو التأمين الصحي، فتكاد لا توجد شركة أو مؤسسة في الإمارات لا تمنح موظفيها التأمين الصحي الشامل، والذي يعطي الموظفين الحق في الحصول على العلاج الطبي في أيّ من مستشفيات الدولة الحكومية أو الخاصة، وكذلك العيادات الخارجية.

الالتزام بمعايير حقوق الإنسان في التعامل مع العمال
تلتزم الدولة التزاماً تاماً بمعايير حقوق الإنسان في تعاملها مع العمال، وخير دليل على التقدم الكبير بهذا المجال توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الصادرة في نوفمبر 2006 لتحقيق تحسن متواصل في الأوضاع المعيشية للعمالة الوافدة والتي اقتضت :
– توفير السكن الملائم للعمال وفقاً للمعايير والأعراف الدولية، وتوفير وسائل النقل الملائمة للعمال بين مواقع العمل والسكن، حيث تم حظر نقل العمال على متن مركبات مكشوفة تعرضهم للشمس وتقلبات الطقس المختلفة.

– تشكيل محاكم اتحادية جديدة للفصل سريعاً في نزاعات العمل مع توفير ربط إلكتروني بين المحاكم ووزارة العمل، وتم توفير أفراد مدربين على تسوية نزاعات العمل داخل المحاكم لضمان سرعة النظر في الدعاوى وتسويتها، وقد باشرت هذه المحاكم عملها في إمارتيْ دبي وأبوظبي وستعمم أنظمة مماثلة في كافة أنحاء الدولة.
– توفير السكن والطعام الملائم للعمال الذين تقرر إعادتهم إلى بلدانهم وذلك لحين مغادرتهم، وإخلاء طرف العمال الذين تعرضوا للغش من حيث الأجور أو لم يحصلوا على أجورهم لأكثر من شهرين من أصحاب العمل اذا رغبوا في ذلك.

وبناء على توجيهات قادة الدولة وحرص الوزارة على آدامية العامل، فلقد قامت الوزارة بالزام المنشآت على توفير مساكن ملائمة لعمالها حرصاً منها على راحة العمال ونيل قسط من الراحة في مسكن آمن يبعده عن فكرة الاغتراب، فعلى سبيل المثال يبلغ عدد المدن العمالية في إمارة أبوظبي حالياً نحو 17 مدينة عمالية تتبع لمنشآت القطاع الخاص وتضم وحدات سكنية مختلفة الأحجام والتجهيزات تبلغ طاقتها الاستيعابية الإجمالية نحو 300 ألف عامل وفني.

أما إمارة دبي فقد بلغ عدد مساكن العمال في الإمارة 1926 مسكناً عمالياً، منها 1291 مسكناً دائماً، كما حظرت حكومة دبي إسكان العمال داخل المواقع الصناعية والورش والمخازن، كما أصدرت حكومة الشارقة قراراً لضمان أحوال معيشية صحية ويتعين أن يكون لكل شخص مساحة مناسبة وأن يضم المسكن مغسلة ومطبخاً وقاعة للطعام، وتواجه الشركات التي تخالف هذه الضوابط غرامات كبيرة تصل الى 50000 درهم تتضاعف عند ضبط المخالفة الثانية.

حماية حقوق العمال في دولة الإمارات