دور القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في حماية كبار السنّ
المحامية : أسيمة النابلسي
سنة النشر :2009
القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان هما مجموعتان من القوانين المتميزة والمتكاملة، المنبثقة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولين الإضافيين، ومهمة هذين القانونين حماية الأفراد من الأعمال التعسفية والإساءة، فحقوق الإنسان ملازمة للطبيعة البشرية، وحماية ا لفرد في كلّ الأزمنة، زمن الحرب وزمن السلم. ويطبق القانون الدولي الإنساني بواسطة آليات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حيث تنبثق عنه لجان تقوم بدراسة جميع الحالات الإنسانية، وتنعقد المؤتمرات وتنظم الاتفاقيات والمعاهدات لتشمل جميع دول العالم، المتقدمة منها والنامية على حدّ سواء.
ما لفت انتباهي وأردت إطلاع الآخرين عليه هو السعي الحثيث لحماية الشيخوخة، وما قامت به اللجان الدولية من دراسات واسعة عن هذه الظاهرة، التي تزداد بين سكان العالم بشكل مطرد وبمعدل كبير ومذهل، مما يؤدي لثورة هادئة، ولكنها ثورة ذات نتائج بعيدة المدى يتعذر التنبؤ بها، وهي ثورة تمس الهياكل الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات على الصعيد العالمي وعلى الصعيد القطري، وستزداد تأثيراً في المستقبل القريب.
ومعظم البلدان الآن تنسق سياساتها الاجتماعية والاقتصادية مع شيخوخة سكانها، لاسيما فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي.
وإن تعبير (الضمان الاجتماعي) يشمل ضمنياً جميع المخاطر المترتبة عن فقدان وسائل الإعاشة لأسباب خارجة عن إرادة الشخص.
ويتعرض كبار السن بصفة خاصة للمخاطر في أوقات الانتكاس وإعادة هيكلة الاقتصاد.
وإن غياب نظام الضمان الاجتماعي أو قصوره في الدول النامية، وهجرة الشباب المعيل للشيوخ في عائلاتهم، يزيد الوضع إرباكاً.
وقد اعتمدت الجمعية العامة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن، مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بهذه الفئة من الناس وثيقة هامة في هذا الموضوع، وهي مقسمة إلى خمسة أقسام ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحقوق المعترف بها.
1- الاستقلالية: وتشمل حق كبار السن في الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والمأوى والملبس والرعاية الصحية، أيضاً إمكانية ممارسة العمل بأجر والحصول على التعليم والتدريب.
2- المشاركة: وهي وجوب أن يشارك كبار السن في صوغ وتنفيذ السياسات التي تؤثر مباشرة على رفاهيتهم. وأن يقدموا إلى الأجيال الشابة معارفهم ومهاراتهم. وأن يكونوا قادرين على تشكيل الرابطات الخاصة بهم.
3- الرعاية: وتعني وجوب توفير فرص الاستفادة من الرعاية الأسرية والرعاية الصحية لكبار السن وتمكينهم من التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية عند إقامتهم في مأوى للرعاية أو للعلاج.
4- مبدأ تحقيق الذات: بموجبه ينبغي تمكين كبار السن من التماس فرص التنمية الكاملة لإمكاناتهم من خلال إتاحة إمكانية استفادتهم من موارد المجتمع التعليمية والثقافية والروحية والترويحية.
5- الكرامة: وجوب تمكين كبار السن من العيش في كنف الكرامة والأمن، ودون خضوع لأي استغلال أو سوء معاملة، جسدية أو عقلية، وينبغي أن يعاملوا معاملة منصفة، بصرف النظر عن عمرهم أو جنسهم أو خلفيتهم العرقية أو الأثنية، أو كونهم معوقين، وبصرف النظر عن مركزهم المالي أو أي وضع آخر، وأن يكونوا موضع تقدير بصرف النظر عن مدى مساهمتهم الاقتصادية.
ولتحقيق ذلك تدعو اللجنة إلى إنشاء لجان دعم أساسية وطنية لتعزيز السياسات والبرامج المتعلقة بالشيخوخة في الخطط والبرامج الإنمائية الوطنية والدولية. والتماس التعاون الدولي لتمكين بعض البلدان النامية من الوفاء بالتزاماتها حيال ذلك.
كما توصي بوجوب قيام الدول والمنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية بإنشاء مؤسسات متخصصة في تدريس علم الشيخوخة وطب الشيخوخة والطب النفسي للشيخوخة في البلدان التي لا توجد فيها مؤسسات من هذا القبيل.
مقال قانوني دور القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في حماية كبار السن