عرض توضيحي للقانون الواجب التطبيق على الطائرة

تخضع الأموال ل المادية سواء أكانت أموالاً عقارية أو منقولة إلى قانون ‏موقعها وهذا ما نصت عليه تشريعات القانون المقارن . لذلك فإن حيازة المنقول ‏والحقوق العينية المترتبة عليه تخضع بدورها لنفس هذا القانون ( قانون الموقع ) أي ‏قانون الجهة التي يوجد فيها المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب ‏الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها .‏

إلا أنه قد توجد صعوبة في تحديد موقع المنقول ذاته حتى يمكن ان نطبق عليه ‏قانون موقعة . ويظهر ذلك بالنسبة لتحديد موقع وسائل النقل مثل الطائرة والتي يمكن ‏تعريفها بأنها : ( آلة في استطاعتها أن تستمد بقاءها في الجو من ردود فعل الهواء ‏غير المنعكسة من سطح الأرض وتشمل كافة المركبات الهوائية ) . ويرجع السبب ‏في صعوبة تحديد موقع الطائرة إلى كونها دائمة الحركة من جهة ، ومن جهة أخرى ‏أنها كثيراً ما توجد في مكان لا يخضع للسيادة الإقليمية لأي دولة كما في حال ‏طيرانها في الفضاء الجوي الذي يعلو البحار العامة.‏

لذلك فإن الرأي السائد لدى الفقه هو إخضاع السفينة لقانون العلم ، أي الدولة ‏التي تسجل أو تقيد فيها ، لذلك فليست العبرة بمكان الوجود الفعلي للطائرة إنما بقانون ‏الدولة التي سجلت أو قيدت فيه الطائرة في سجلاتها المخصصة لذلك. وقد ساير ‏القضاء الفرنسي الفقه في إخضاع الطائرة إلى قانون الدولة التي سجلت فيها ، فقد ‏ذهبت محكمة النقض الفرنسية إلى خضوع الطائرة إلى قانون الدولة التي سجلت فيه ‏الطائرة . لذلك فإن قانون العلم يطبق كذلك على المنقولات الموجودة في الطائرة و ‏كل ما يتعلق بحيازتها وما يترتب عليها من حقوق عينية بصرف النظر عن مكان ‏وجودها الفعلي حتى لو كانت الطائرة في تعلو إقليم جوي لدولة معينة . إلا أن قانون ‏العلم لا يطبق على الحوادث التي تقع على متن الطائرة أثناء مرورها على إقليم دولة ‏معينة إنما يطبق قانون دولة الإقليم في هذه الحالة ما دام الحادثة لها تأثير على ‏مصالح تلك الدولة أو الإخلال بأمنها على إقليمها . كما يسري قانون دولة الإقليم فيما ‏يتعلق بتعليمات الطيران الخاضع لسيادة الدولة ، والقواعد المقصود منها تامين الدولة ‏وحمايتها من الأخطار الصحية.‏

رأينا في الموضوع :‏

مع تزايد أهمية النقل الجوي وظهور عدد من شركات الطيران سواء ‏الحكومية منها أو الخاصة نرى أهمية الطائرة كأحد أهم الأموال المادية المنقولة في ‏العصر الحالي ، لذلك كان لا بد من وجود قانون معين ومحدد يحكم ويطبق على ‏الطائرة من حيث حيازتها والحقوق العينية المترتبة عليها . لذلك فإننا نرى من وجهة ‏نظر متواضعة أن الرأي القائل بخضوع الطائرة غلى قانون العلم هو الرأي ‏الصواب. وذلك لأنه بمجرد تسجيل أو قيد الطائرة في السجلات المعدة لتسجيل ‏الطائرة لدى سلطات الطيران المدني في دول العالم المختلفة. وكان هذا التسجيل ‏صحيح فإن الطائرة في هذه الحالة تحمل جنسية الدولة التي سجلت فيها ، وبذلك يجب ‏تطبيق قانون تلك الدولة عليها ، بغض النظر عن الوجود الفعلي لهذه الطائرة بسبب ‏طبيعتها باعتبارها وسيلة مواصلات تتمتع بضرورة قصوى في الوقت الحالي سواء ‏في مجال نقل الركاب أو نقل البضائع .

ونرى ذلك في المادة 17 من اتفاقية شيكاغو ‏للطيران المدني التي تعد الشريعة الأم لتنظيم الطيران الوطني في العالم حيث نصت ‏على أنه ” تحمل الطائرات جنسية الدولة المسجلة فيها ” لذلك فإن ما دام الطائرة ‏سجلت في دولة ما وحملت جنسيتها وبذلك علمها فإن من باب أولى أن يطبق عليها ‏قانونها فيما يتعلق بحيازة الطائرة أو ترتيب أي حق عيني عليها. ونرى ذلك بوضوح ‏في قانون الطيران المدني البحريني الصادر وفقاً للمرسوم بقانون رقم (6) لسنة ‏‏1995 بإصدار قانون الطيران المدني ، حيث ذهب القانون إلى القول صراحة بأنه ‏تكتسب كل طائرة يتم تسجيلها في سجل تسجيل الطائرات الوطنية الجنسية البحرينية ‏وعليها أن تحمل علامات جنسيتها وتسجيلها. ونصه أيضا أن لمواطنين البحرين ، ‏والشركات والمؤسسات البحرينية ، والأشخاص من غير رعايا البحرين ، والشركات ‏المؤسسة خارج البحرين والتي تمارس أعمالها في البحرين الحق في الملكية ‏والتصرف في الطائرات المسجلة في البحرين . كما نص القانون كذلك على ان ‏التصرف القانوني في أية طائرة مسجلة في السجل الوطني للسيارات سواء بالبيع أو ‏الإيجار او الرهن أو أي تصرف آخر قانوني لا يتم إلا بعد موافقة سلطات الطيران ‏المدني وقيد ذلك في سجل تسجيل الطائرات . لذلك فإن النص السالف الذكر يدل ‏صراحة على ضرورة موافقة سلطات الطيران المدني في البحرين حول نقل ملكية ‏أو ترتيب حق عيني على الطائرة المسجلة لديها والتي تحمل الجنسية البحرينية و يعد ‏بحد ذاته تطبيقاً لمبدأ خضوع الطائرة لقانون الدولة التي سجلت أو قيدت فيها.‏

لذلك فإن من الضروري خضوع الطائرة لقانون العلم في الدولة التي سجلت أو قيدت ‏فيها ما دامت حمل جنسية هذه الدولة جراء هذا التسجيل وهذا ما نصت عليه أغلب ‏قوانين الدول التي نظمت شئون الطيران المدني.‏
أما فيما يتعلق بتطبيق قانون دولة الإقليم على الحوادث التي تقع على متن ‏الطائرة التي تمر على إقليم دولة معينة فإنه رأي صحيح فإن ذلك يجد مبرره في مبدأ ‏إقليمية الجريمة والتي نصت عليه جميع التشريعات الجنائية والذي يذهب إلى تطبيق ‏قانون الدولة التي وقعت فيها الجريمة ما دام وقعت على إقليمها سواء الأرضي او ‏البحري او الجوي وذلك للتصدي ضد أي عمل من شأنه ان يضر بأمنها . إلا أن ‏المشكلة تثور بالنسبة إذا وقعت حادثة معينة على متن طائرة وكانت هذه الطائرة تعلو ‏أحد البحار العالمية التي لا تخضع لإقليم دولة معينة فأي قانون يطبق في هذه الحالة ‏فإن رأينا في ذلك أن يطبق قانون دولة العلم أي الدولة التي سجلت فيها الطائرة او ‏قيدت فيها . ‏

أما فيما يتعلق بتطبيق قانون دولة الإقليم فيما يتعلق بالنسبة بتعليمات الطيران ‏في الفضاء الجوي الخاضع لسيادة دولة معينة ، فغن هذا الرأي صحيح فإن لكل دولة ‏أن تنظم وفقاً للتعليمات التي تصدرها طريقة الطيران في الفضاء الجوي الذي يعلوها ‏، وذلك مستمد من سيادتها الكاملة . وهذا ما نصت عليه اتفاقية شيكاغو للطيران ‏المدني صراحة في المادة (1) من الباب الأول ” تعترف الدول المتعاقدة أن لكل دولة ‏سيادة كاملة ومطلقة على الفضاء الجوي الذي يعلو إقليمها ” . والمادة 12 من ذات ‏الاتفاقية . أما فيما يتعلق بتطبيق قانون دولة الإقليم على الطائرة وذلك بالنسبة لتامين ‏الدولة وحمايتها من الأخطار الصحية فإن ذلك الرأي صحيح ولا خلاف عليه فإن ‏الدولة يجب أن تتخذ التدابير الاحترازية المختلفة لمنع دخول اية من الأمراض ‏المعدية إلى أراضيها . لذلك لها إصدار التعليمات الخاصة حتى تمنع دخول أي ‏مرض معدي عن طريق الجو عامة والطيران خاصة إلى أراضيها . فإذا ما تم ‏مخالفة هذه التعليمات فإن لها الحق في تطبيق قوانينها المختصة وذلك لمنع انتشار ‏الأمراض .‏

عرض توضيحي للقانون الواجب التطبيق على الطائرة