الملكيّة الزراعيّة
خضعت الأراضي الزراعيّة في الدستور والقانون لنظام قانونيّ مختلف عن ذلك النظام الذي تخضع له العقارات الأخرى.
في الدستور: جاء في المادّة الرابعة عشرة منه: ينظّم القانون الملكيّة، وهي على ثلاثة أنواع:
1ـ ملكيّة الشعب: وتشمل الثروات والمرافق العامّة، وتتولى الدولة استثمارها والإشراف على إدارتها لمصلحة الشعب.
2ـ ملكيّة جماعيّة: وتشمل الممتلكات العائدة للمنظّمات الشعبيّة والمهنيّة والوحدات الإنتاجيّة.
3ـ ملكية فرديّة: وتشمل الممتلكات الخاصّة للأفراد.
أما الملكيّة الزراعيّة la propriété rurale فقد أحال الدستور إلى المشرِّع مسألة تنظيمها بما يضمن حماية الفلاح والعامل الزراعيّ من الاستغلال، ويضمن زيادة الإنتاج (المادّة 16 من الدستور)؛ لذلك يجب على المشرّع عند إصدار قانون ينظّم الملكيّة الزراعيّة أن يأخذ بالحسبان مصلحة العمّال الزراعيّين والفلاحين وأصحاب العمل الزراعيّ على وجه يكفل سلامة الإنتاج مع كفالة تحقيق حياة كريمة أفضل للعامل أو المزارع صحّيّاً واجتماعيّاً.
في القانون: ففي مجال تنظيم الملكيّة الزراعيّة قام المشرّع بحظر هذه الملكيّة على الأجانب؛ في حين وضع بعض القيود على تملّك العرب والوطنيّين.
تملّك الأجانب للأراضي الزراعيّة
يعدّ الإقليم (الأرض) من أهمّ عناصر قيام الدولة، يرتبط قيام الدولة بممارسة سيادتها على هذا الإقليم الذي يتكوّن من رقعة من الأرض. لذلك نشأ ارتباط بين الأرض وسيادة الدولة، وحتى تكون للدولة سيادة حقيقيّة لا بدّ أن يكون مالك الأرض من الخاضعين لسيادة الدولة، أي من الوطنيّين؛ وليس من الأجانب، كذلك فإن مالك الأرض يتمتّع بسلطات وصلاحيات واسعة، وتعدّ هذه السلطات جزءاً من إقليم الدولة. ولهذا يجب أن تقتصر ملكيّة الأرض على الوطنيّين دون الأجانب.
ولذلك صدر المرسوم التشريعيّ رقم 189 بتاريخ 1/4/1952 حيث نصّت المادّة الأولى منه على أنه «يحظّر على غير السوريّين سواء أكانوا أشخاصاً طبيعيّين أم اعتباريّين إنشاء أو تعديل أو نقل أيّ حقّ عينيّ من الحقوق العينيّة؛ وكذلك إجراء عقود الإيجار والاستثمار الزراعيّ لمدّة تزيد على ثلاث سنوات».
وبهذا يكون المشرّع قد حظّر على الأجانب أن يكتسبوا في سورية أيّ حقّ عينيّ عقاريّ أو الاستفادة من عقود الإيجار أو المزارعة مدّة تزيد على ثلاث سنوات. وبعبارة أخرى: يمتنع على الأجانب أن يتملّكوا الأراضي الأميريّة بالكلّيّة. أما إذا انتقلت ملكيّة الأراضي الأميريّة إلى أجنبيّ عن طريق الإرث أو الوصيّة فيسقط حقّه في التملّك، وتصبح هذه الأراضي من أملاك الدولة الخاصّة لقاء دفع قيمتها للورثة، ويتمّ تقدير قيمتها للورثة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في قانون الاستملاك.
تملّك رعايا الدول العربيّة للأراضي الزراعيّة
يمكن لرعايا الدول العربيّة أن يكتسبوا أيّ حقّ عينيّ عقاريّ في عقار ملك أو في عقار أميريّ بالإرث أو الوصيّة أو بغيرهما من وسائل التملّك في حال توافر شرطين:
أ ـ أن يصدر مرسوم بالترخيص في هذا التملّك.
ب ـ أن تسمح قوانين البلد العربيّ للسوريّ بأن يتملّك العقارات في بلده. ويستثنى من هذا الحكم توزيع الأراضي المستولى عليها تطبيقاً لقانون الإصلاح الزراعيّ حيث حصر القانون التوزيع بالسوريّين فقط.
تملّك الأراضي الزراعيّة من قبل الوطنيّين
صدر المرسوم التشريعيّ رقم /31/ لعام 1980 الذي ينظم الملكيّة الزراعيّة وفقاً لمايأتي:
1ـ لا يجوز لأيّ شخص أن يملك أكثر من:
أـ في الأراضي المرويّة:
ـ (15) هكتاراً في منطقة الغوطة.
ـ (20) هكتاراً في منطقة الساحل.
ـ (25) هكتاراً في منطقة البطيحة وتوابعها.
ـ (30) هكتاراً في الأراضي المرويّة بالراحة.
ـ (40) هكتاراً في الأراضي التي تُروى بأيّ واسطة من أنهر الفرات والخابور ودجلة.
ـ (45) هكتاراً في الأراضي التي تُروى من ماء الآبار في محافظات الحسكة ودير الزور والرقّة.
وتعدّ في حكم الأراضي المرويّة؛ الأراضي البعليّة التي تحوّلت إلى مرويّة باستفادتها من مياه الأنهار أو مشروعات الريّ التي تقوم بها الدولة حيث يحقّ للمالك أن يحتفظ بالحدّ الأعلى للأراضي المرويّة المحددة بهذا المرسوم التشريعيّ مالم تكن قد شُجّرت قبل استفادتها من هذه المياه، ويُستولى على ما يجاوز الحدّ الأعلى.
ب ـ في الأراضي البعليّة المشجّرة بالأشجار المثمرة:
ـ (30) هكتاراً في محافظتي اللاذقية وطرطوس.
ـ (35) هكتاراً في بقيّة المحافظات.
وذلك إذا كان عمر الأشجار يجاوز عشر سنوات، أما إذا تراوح عمر الأشجار بين خمس إلى عشر سنوات فتصبح المساحة /40/ هكتاراً بالنسبة للمناطق المشمولة بالفقــرة (أ) و /45/ هكتاراً بالنسبة للمناطق المشمولة بالفقرة (ب).
ج ـ في الأراضي البعليّة:
ـ (55) هكتاراً في المناطق التي يزيد فيها معدّل الأمطار على /500/مم.
ـ (85) هكتاراً في المناطق التي يراوح فيها معدّل الأمطار بين 350 – 500 مم.
ـ (140) هكتاراً في المناطق التي يقلّ فيها معدّل الأمطار عن 350 مم، وتُرفع هذه المساحة إلى /200/هكتار في محافظات الحسكة ودير الزور والرقّة. ويُترك للمالك عند الاستيلاء على ما يجاوز الحدّ الأعلى من أرضه حقّ اختيار الجزء الذي يرغب به في كلّ نوع على أنه يحقّ لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعيّ أن تعيّن للمالك ما يحقّ له الاحتفاظ به إذا اقتضت ذلك مصلحة التوزيع أو المنتفعين.
وتعدّ بحكم الأراضي البعليّة الأراضي التي تمّ تشجيرها أو تمّ تحويلها إلى مرويّة بمياه الآبار وفقاً لأحكام الفقرة (أولاً) من المادّة /1/ من المرسوم التشريعيّ 145 تاريخ 3/12/1966، وتخضع لسقف الملكيّة المحدد في هذا المرسوم التشريعيّ، حيث قد تطرأ بعض التغيّرات على وصف الأرض البعليّة؛ أيّ يتمّ تحويلها إلى أرض مشجّرة أو إلى مرويّة. لذلك فقد سمح المشرّع للمالك أن يحتفظ بالحدّ الأعلى للأراضي البعليّة إذا طرأت عليها تغيّرات في الحالات الآتية:
ـ يحقّ للمالك أن يحتفظ هو أو ورثته من بعده بالحدّ الأعلى للأراضي البعليّة؛ إذا شجّر أرضه البعليّة بعد تطبيق هذا المرسوم التشريعيّ.
ـ إذا حوّل أرضه البعليّة إلى مرويّة بمياه الآبار بموافقة مسبّقة من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيّ.
مقال قانوني مميز حول الملكية الزراعية