من اجل تعريف التحرير وتمييزه عن وفاء الدين ، سنقسم هذا الموضوع الى الفقرات الآتية :-
أولا ً : – تعريف التحرير:- التحرير، هو خيار منحه القانون للحائز يستطيع بمقتضاه تخليص العقار المرهون من الحقوق العينية المرتبة عليه ، من خلال عرض الحائز قيمة العقار على الدائنين المرتهنين المسجلة ديونهم على العقار قبل تسجيل سند ملكيته(1). ويستطيع الحائز بمجرد اكتسابه هذه الصفة وقبل أن تحل آجال الديون أن يعرض على الدائنين المرتهنين تحرير العقار من الرهون فالتحرير خيار يتميز بعنصر المبادأة من جانب الحائز وهو الذي يحدد شروط التحرير ووقته (2). فإذا قُبِلَ هذا العرض من قبل جميع الدائنين ، دفع لهم الحائز قيمة العقار، وترتب على ذلك تحرير العقار من جميع الرهون ، حتى التي لم يحصل أصحابها على شيء من قيمة العقار بسبب تأخرهم في المرتبه. أما إذا رُفِضَ عرض الحائز من قبل احد الدائنين أو الكفلاء الدائن أو بعضهم طمعاً في الحصول على مبلغ اكبر عند بيع العقار بالمزاد العلني وجب على من رفض العرض أن يطلب بيع العقار المرهون حتى وان كان الدين مؤجلاً(3). وبذلك يمكن القول بان التحرير هو خيار يخلص الحائز من خلاله العقار المرهون من الرهون المسجلة عليه في مقابل دفع قيمة هذا العقار الى الدائنين المسجلة حقوقهم عليه.
ثانيا ً : الوقت الذي يجوز فيه التحرير:- أما فيما يتعلق بالوقت الذي يستطيع فيه الحائز تحرير العقار ، فانه يخضع لإرادة الحائز ، فالحائز هو من يقوم أولا بالمبادأة بإجراءات التحرير حيث يستطيع مباشرة إجراءات التحرير بمجرد اكتسابه صفة الحائز وقبل حلول اجل الدين أو قيام الدائنين المرتهنين بإنذاره بدفع الدين(4). ويبقى حق الحائز بتحرير العقار في القانون العراقي الى يوم توقيع الحجز عليه وهذا ما نصت عليه المادة ( 1308 / 1) مدني عراقي بقولها (( يبقى للحائز حق تحرير العقار المرهون رهناً تأمينياً الى يوم توقيع الحجز عليه من المرتهن)) ، أما في القانون المصري فيبقى حقه الى وقت إيداع قائمة شروط البيع إذ نصت المادة (1064 / 2) مدني مصري على ((2- وللحائز أن يستعمل هذا الحق حتى قبل أن يوجه الدائنون المرتهنون التنبيه على المدين أو الإنذار الى هذا الحائز ، ويبقى هذا الحق قائما ً الى يوم إيداع قائمة شروط البيع ))(5). أما بالنسبة الى القانون المدني الأردني . فيبقى حق الحائز بتحرير العقار الى ما قبل إتمام معاملة تسجيل العقار المرهون باسم من رسا عليه المزاد(6). وهذا يدل على مدى الحماية والرعاية التي يوفرها القانون لحائز العقار حيث أعطاه الحق بتحرير العقار بمجرد أن تتوافر فيه صفة الحائز وبغض النظر عما إذا كانت الديون المضمونة قد حلت أو لم تحل بعد ، ويبقى حقه في التحرير الى يوم توقيع الحجز على العقار من المرتهن . وبعد توقيع الحجز على العقار ، لا يمكن للحائز القيام بإجراءات التحرير ولكن ما هو السبب في ذلك ؟ والسبب هو إن العقار في هذه المرحلة يكون معداً للبيع بالمزاد العلني ، فإذا أراد الحائز عرض قيمته ، فما عليه إلا أن يتقدم في المزاد .
ثالثاً :الشخص الذي يحق له القيام باجراءات التحرير:- ان تحرير العقار ، هو حق لا يعترف به إلا للحائز ، فإذا توفرت هذه الصفة في الشخص أمكنه تحرير العقار(7). وإذا لم تتوافر لا يحق له تحرير العقار. والعلة التي من اجلها ربط المشرع بين استعمال حق التحرير وبين توافر صفة الحائز، تتمثل بان التحرير يحمل نوعاً من المحاباة للشخص الذي يستعمله ، وان الحائز هو الشخص الذي يكون جديراً بهذه المحاباة(8). (9). إن الحائز هو كل من انتقلت إليه بعد الرهن ملكية العقار المرهون أو أي حق عيني آخر عليه قابل للرهن بأي سبب من أسباب كسب الملكية دون إن يكون مسؤولا ً مسؤولية شخصية عن الدين الموثق بالرهن . وفي ضوء هذا التحديد لتعريف الحائز سنحدد الشخص الذي لا يحق له التحرير والشخص الذي يحق له ذلك وكما يأتي:-
1- الشخص الذي لا يحق له التحرير :- لا يحق للشخص الذي تقرر له على العقار المرهون حقا ً عينيا ً تبعيا ً ، كحق الرهن أن يقوم بتحرير العقار والسبب في ذلك هو أن هذه الحقوق لا يمكن بيعها بالمزاد العلني ولا يعد مكتسبها حائزاً ولا يكون أمام الدائن المرتهن إلا القيام بدفع الدين الى الدائنين المتقدمين له في المرتبة والحلول محلهم في ذات مرتبة الرهن(10). كذلك فان المالك للعقار المرهون رهناً حيازيا ً والذي انتقلت الملكية إليه من المدين الراهن يقابل الحائز للعقار المرهون في الرهن التأميني ، ولكن لا يحق له في حالة مباشرة إجراءات التنفيذ على العقار المرهون إلا وفاء الدين ، ولا يكون له الحق في تحرير العقار ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 1345) مدني عراقي بقولها(( للمرتهن أن يستوفي حقه من المرهون رهنا ً حيازيا ً حتى ولو انتقلت ملكيته الى أجنبي غير انه للأجنبي أن يوفي الدائن حقه فيحل محله إلا في رهن قدمه غير المدين ضماناً لنفس الدين)) ولكن يلاحظ بان الدائن المرتهن إذا اشترى العقار المرهون ، فيعد حائزاً في هذه الحالة ويحق له تحرير العقار. كذلك لايحق التحرير للكفيل العيني ولا للكفيل الشخصي ولا الشريك في الدين(11). والسبب في ذلك هو إن الكفيل العيني لم تنتقل إليه ملكية العقار المرهون وإنما هو المالك له أصلا ، ومن المعلوم إن من شروط الحائز هو أن تنتقل الى الشخص ملكية العقار المرهون أو أي حق عيني آخر عليه قابل للرهن. أما الكفيل الشخصي والشريك في الدين ، فان عدم اعطائهم الحق في تحرير العقار يرجع الى عدم اكتسابهم لصفة الحائز ، وذلك لانهم مسؤولين عن الدين مسؤولية شخصية ومن المعلوم إن من شروط الحائز للعقار المرهون هو ألا يكون مسؤولاً عن الدين مسؤولية شخصية. بالإضافة الى ذلك لا يحق لمن تقرر له على العقار المرهون حقاً عينيا ً اصليا ً غير قابل للرهن أن يقوم بتحرير العقار . كما لو تقرر للشخص على العقار المرهون حق ارتفاق أو حق استعمال أو حق سكنى ، والسبب في ذلك هو أن هذه الحقوق لا يعد من اكتسبها حائزاً . لانها غير قابلة للرهن والبيع استقلالاً في المزاد العلني ، يضاف الى ذلك. إن إعطاء أصحاب هذه الحقوق الحق في التحرير يؤدي الى الأضرار بحقوق الدائنين المرتهنين ، إذ إن هذه الحقوق لا يمكن بيعها بالمزاد العلني مستقلة عن العقار الذي تقررت عليه ومن ثم فان الدائن المرتهن إذا رفض التحرير من أصحاب هذه الحقوق فلا يحق له إن يطلب بيع هذه الحقوق ، إذ لا يبقى له إلا قبول القيمة المعروضة ، وهو ما يؤدي الى الأضرار به (12). ومن الجدير بالإشارة ،انه قد يكتسب شخص ملكية العقار المرهون تحت شرط واقف، فهل يحق له في هذه الحالة أن يقوم بإجراءات التحرير ؟ نلاحظ بان الشرط إذا كان واقفاً(13). فان هذا الشخص لا يعد حائزاً لأنه لم يتملك بعد العقار لعدم تحقق الشرط ، ومن ثم لا يحق له تحرير العقار ، أما إذا تحقق الشرط الواقف فيحق له تحرير العقار لأنه أصبح حائزا ً للعقار المرهون .
2- الشخص الذي يحق له التحرير :- يحق للشخص القيام بإجراءات التحرير إذا ما اكتسب صفة الحائز . وبذلك يحق للشخص الذي اكتسب ملكية العقار المرهون القيام بتحرير العقار ، وذلك لاكتسابه صفة الحائز ، إذ إن حق الملكية من الحقوق العينية الأصلية القابلة للرهن والبيع بالمزاد العلني ، ومن ثم يعد مكتسبه حائزا ً يحق له التحرير. وإذا كان البيع هو الصورة الأكثر شيوعاً الذي ينتقل بها حق الملكية الى الحائز إلا إن الأمر المهم هو أن تنتقل الملكية الى الحائز أيا كان سبب انتقال الملكية. واستناداً الى ذلك ، يحق للموهوب له ، والموصى له ، والشفيع ، والمقايض في العقار أن يقوم بتحرير العقار من الرهن(14) . كذلك يحق للشخص تحرير العقار إذا تملك العقار المرهون تحت شرط فاسخ(15) ولكن ينبغي التفرقة بين الوضع قبل تحقق الشرط والوضع بعده، فقبل تحقق الشرط فان الحائز يعد مالكا ً ، ويحق له تحرير العقار من الرهن ، فإذا تخلف الشرط تأكدت ملكية الحائز وبقى تحرير العقار صحيحا ً. ولكن ما الحكم إذا تم تحرير العقار ثم تحقق الشرط الفاسخ؟ يلاحظ بان مقتضى القواعد العامة(16) يؤدي الى زوال ملكية الحائز بأثر رجعي وهو ما يستوجب زوال التحرير وعودة الرهون على العقار ومن ثم يلتزم الدائنون برد ما قبضوه نتيجة التحرير وهذا ما أشار إليه رأي في الفقه الفرنسي(17). ولكن يلاحظ بان الرأي الغالب في الفقه (18) ذهب الى أن التحرير لايزول بأثر رجعي وذلك لأنه عمل مادي لا يؤثر فيه الفسخ . ونحن نؤيد ما ذهب إليه الرأي الغالب في الفقه، وذلك لان الحائز عندما قام بتحرير العقار قد لا يتوقع تحقق الشرط الفاسخ. فضلا ً عن ذلك ، فان التحرير قد مر بالكثير من الإجراءات القانونية والتي تتطلب مصروفات باهظة، لذلك فان تحرير العقار يجب ألا يكون له أثر رجعي لكي لا يتم إهدار إجراءات التحرير. وهذا الرأي هو الذي أخذ به مشرعنا في المادة ( 1312) مدني عراقي إذ نصت على (( إذا تمت إجراءات التحرير سواء باستقرار ملكية الحائز أو برسو المزايدة على غيره فان الحقوق المسجلة على العقار تنقضي نهائياً حتى ولو فسخت ملكية الحائز لأي سبب من الأسباب))(19). ومن الجدير بالإشارة في هذا المجال انه إذا كان الحائز الذي قام بالتحرير متواطئاً مع الراهن الذي باع له العقار المرهون لكي يحرره من الرهن فان هذا التواطؤ يبطل التحرير ويترتب على زوال ملكية الحائز زوال التحرير. ومثال على ذلك ، إذا باع الراهن تحت شرط فاسخ العقار الى مشترٍ لكي يصبح هذا الأخير حائزاً يقوم بتحرير العقار من الرهن ثم بعد ذلك يسترد الراهن (البائع) العقار محرراً عندما يتحقق الشرط الفاسخ الذي سيعمل الطرفان على تحقيقه بعد قيام الحائز بتحرير العقار(20). وقد لا تنتقل الى الشخص ملكية العقار المرهون وإنما ينتقل إليه حق الرقبة أو حق المنفعة المرهون كما لو رهن شخص عقاره، وقام بالتصرف في حق الانتفاع واحتفظ لنفسه بالرقبة أو قام بالتصرف في الرقبة واحتفظ بحق المنفعة أو تصرف في الرقبة لشخص والانتفاع لآخر ، فان من يتلقى أي من هذين الحقين يتلقاه مرهوناً ويصبح حائزاً يحق له التحرير. فإذا كان حق الانتفاع هو الذي انتقل الى الحائز، وقام بتحريره من الرهن ، فان حقوق الدائنين المقيدة تبقى على حق الرقبة، فإذا انقضى حق الانتفاع ، أما بانتهاء اجله ، أو بوفاة المنتفع ، فان حق الدائنين يعود عليه من جديد باعتباره من ملحقات العقار المرهون ، وفي هذه الحالة يستطيع الدائنون التنفيذ على الملكية كاملة. وبذلك يتضح بان الدائنين المرتهنين قد استفادوا من حق الانتفاع في حالتين .الحالة الأولى- عندما قام الحائز بتحرير حق الانتفاع – وفي الحالة الثانية عندما انتهى حق الانتفاع لمصلحة الحائز ، حيث يعود حق الدائنين عليه أما في حالة انتقال ملكية الرقبة الى الحائز وهي مثقلة بالرهن فان الحائز يستطيع تحريرها ، وفي هذه الحالة يبقى حق الرهن على حق الانتفاع فقط ، فإذا انقضى هذا الحق وعادت المنفعة الى مالك الرقبة ، فإنها تعود محررة من الرهن(21). ويلاحظ بأنه لا يشترط أن تنتقل للحائز ملكية العقار لكي يستطيع تحريره من الرهن أو أن تكون قد انتقلت إليه ملكية مفرزه(22).وبذلك يجوز لمن انتقل إليه جزء من العقار المرهون أو من انتقل إليه نصيبا ً شائعاً في العقار المرهون أن يحرره من الرهن ولكن إذا انتقل للحائز جزء من العقار المرهون هل انه يحرر الجزء الذي انتقل إليه أم ان يحرر العقار كله؟ من خلال الرجوع الى المادة (1294) مدني عراقي نلاحظ بأنه يجب على من انتقل إليه جزء من العقار ان يقوم بتحرير كل العقار ولا يقتصر على الجزء الذي انتقل إليه وذلك تطبيقاً لقاعدة عدم تجزئة الرهن التي اشات إليها المادة اعلاه بقولها ((كل جزء من العقار أو العقارات المرهونة ضامن لكل الدين وكل جزء من الدين مضمون بالعقار أو العقارات المرهونة كلها)) ولكن يلاحظ بان قاعدة عدم تجزئة الرهن ليست من النظام العام ومن ثم يجوز للمرتهن و الحائز الاتفاق على ان يقوم الحائز بتحرير الجزء الذي انتقل إليه فقط. والسؤال الذي يطرح هنا هل يشترط أن يقوم الحائز بتسجيل سند ملكيته لكي يستطيع مباشرة إجراءات التحرير أم انه لا يشترط ذلك؟ نلاحظ بان القانون المدني العراقي لم يتضمن نصاً صريحاً يبين فيه على ضرورة تسجيل سند الحائز أو عدم ضرورة ذلك على حق الحائز بتحرير العقار. ولكن المادة (1308/ ف 2 / ب) مدني عراقي ، أشارت الى ضرورة تسجيل سند الحائز بصورة ضمنية، حيث أوجبت على الحائز الذي يريد تحرير عقاره، أن يوجه الى الدائنين المسجلة حقوقهم على العقار المرهون ، إعلانات تتضمن بياناً بالحقوق التي تم تسجيلها على العقار قبل تسجيل سنده(23) كذلك فان المادة ( 1306/ 2) مدني عراقي أشارت الى إن الحائز هو كل من انتقلت إليه ملكية العقار المرهون أو أي حق عيني آخر عليه قابل للرهن مما يشير الى ضرورة تسجيل سند الحائز لكي يكتسب هذه الصفة ويحق له تحرير العقار، اذ ان العقار او الحق العيني لا ينتقل للحائز الا بالتسجيل. وبذلك تظهر أهمية تسجيل سند الحائز لكي يستطيع تحرير العقار من الرهن، والغرض من ذلك ، هو تحديد الحقوق المسجلة على العقار والتي يجب تحريرها ، إذ انه بعد تسجيل سند الحائز لا يمكن أن تستجد حقوق سارية في مواجهته(24). وبالتالي فإذا لم يسجل الحائز سنده فانه يكون معرضا ً الى أن يستجد دائنين آخرين سجلوا رهونهم بعد مباشرة إجراءات التحرير ، ولم يتخذ الحائز ضدهم إجراءات التحرير وبذلك لا تنقضي رهونهم ولا يتم تحرير العقار منها إلا إذا وجهت إجراءات التحرير الى هؤلاء الدائنين . أما بالنسبة الى موقف القانون المدني المصري ، فانه أشار صراحة الى ضرورة تسجيل سند الحائز لمباشرة إجراءات التحرير من قبل الحائز ، إذ نصت المادة (1064) مدني مصري على (( يجوز للحائز إذا سجل سند ملكيته أن يطهر العقار من كل رهن تم قيده قبل تسجيل هذا السند )) . ولكن يبدو إن هذه المادة عندما اشترطت التسجيل فأنها اشترطته في الحالات التي يكون فيها سند الحائز مما يجب تسجيله ، فإذا كان السند غير قابل للتسجيل، كما لو كان واقعة مادية كالتقادم ، فلا يشترط تسجيل سند الحائز لمباشرة إجراءات تحرير العقار. وبناءاً على ذلك ، إذا تملك الحائز العقار المرهون عن طريق التقادم وفقاً للقانون المدني المصري فانه يستطيع أن يقوم بتحرير العقار دون أن يسجل شيئاً لان التقادم واقعة مادية تستعصي على التسجيل وهذا ما أشارت إليه الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري بقولها ((……أما إذا كان سند الملكية غير قابل للتسجيل بان كان عملاً مادياً لا عملاً قانونياً فلا سبيل للتسجيل في هذه الحالة فالحائز الذي ملك بالتقادم عقاراً مرهوناً ولم يسقط الرهن يستطيع تطهير العقار دون أن يسجل شيئاً لان التقادم واقعة مادية تستعطي على التسجيل …….))(25). ويؤيد الكثير من الفقهاء في مصر ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ويرون بان الحائز إذا اكتسب الملكية بالتقادم فأنه يستطيع أن يطلب التطهير دون أن يسجل شيئاً(26). إذ إن الحائز هو كل من يتملك العقار المرهون بأي سبب من الأسباب ، فمن يمتلك بالتقادم يعتبر حائزاً ومن ثم يجب منحه كل الحقوق التي تثبت للحائز . كذلك فقد اشترط القانون المدني الفرنسي في المادة ( 2181) منه على تسجيل العقود الناقلة لملكية العقارات أو الحقوق العينية العقارية والتي يرغب الحائزون في تطهيرها من حقوق الامتياز و الرهون الرسمية ، وهذا التسجيل يتم بمعرفة حافظ الرهون في الجهة التي فيها الأموال(27).
رابعاً : تمييزه عن وفاء الدين:-
إن التمييز بين تحرير العقار ووفاء الدين من قبل الحائز هو من اجل معرفة أوجه الشبه والاختلاف بينهما . بالنسبة الى أوجه الشبه بين تحرير العقار ووفاء الدين ، نلاحظ بان كلٌ منهما يعد خياراً للحائز، فالحائز يختار بينهما ما يؤدي الى تحقيق مصلحته ، كما إن كلٌ من تحرير العقار ووفاء الدين يؤدي الى تخليص العقار من الحقوق المسجلة عليه(28). ولكن يشترط في وفاء الدين، أن يقوم الحائز بوفاء جميع ديون الدائنين المرتهنين، أما إذا قام الحائز بوفاء ديون بعض الدائنين، وخاصة أصحاب المراتب المتقدمة، فان هذا الوفاء لا يؤدي الى تخليص العقار بصورة كاملة من الرهون المسجلة عليه. بعبارة أخرى ، إن هذا الوفاء يؤدي الى تخليص العقار من الرهون بقدر ما أوفاه الحائز للدائنين المرتهنين ، وبالتالي إذا كان هناك دائنون آخرون أمكنهم تتبع العقار والتنفيذ عليه في مواجهة الحائز(29). ورغم هذا التشابه بين تحرير العقار ووفاء الدين ، فانه يوجد اختلاف بينهما ، واجه الاختلاف هي : –
1-إن وفاء الدين من قبل الحائز ، هو خيار يضمن للحائز بقاء العقار المرهون مملوكا ً له ، فهو من الخيارات التي تمتع مباشرة إجراءات نزع الملكية ، أما بالنسبة الى تحرير العقار فهو خيار اقل ضماناً لبقاء العقار المرهون مملوكاً للحائز من وفاء الدين ، فهو قد يعرضه الى إجراءات نزع الملكية من يده عندما لا يقبل الدائنون عرضه(30).
2-عند قيام الحائز بوفاء الدين ، فانه في بعض الحالات يلتزم بدفع مبلغ أكبر من قيمة العقار المرهون ، وذلك عندما تكون الحقوق المسجلة على العقار اكبر من قيمة العقار، أما بالنسبة الى تحرير العقار ، فان الحائز لا يلتزم إلا بقيمة العقار الحقيقية مهما كان مقدار الدين(31).
3-إن الحائز لا يستطيع وفاء الديون المسجلة على العقار إلا بعد حلول آجالها ، أما بالنسبة الى تحرير العقار ، فان الحائز يستطيع القيام به قبل حلول اجل الدين، وقبل أن يطلب الدائنون المرتهنون استيفائه(32).
4-إن حق الحائز بتحرير العقار ووفاء الدين يثبت له من الناحية القانونية من وقت إنذاره بدفع الدين ، وهذا ما أشارت إليه المادة (1306/ 1) مدني عراقي بقولها ((يجوز للدائن المرتهن عند حلول اجل الدين أن ينزع ملكية العقار المرهون رهناً تأمينياً في يد الحائز لهذا العقار بعد إنذاره بدفع الدين إلا إذا اختار الحائز أن يقوم بوفاء الدين أو بتحرير العقار من الرهن.
ولكن يلاحظ بان حق الحائز بوفاء الدين يمتد الى مدة أطول من تحرير العقار ، فحق الحائز بوفاء الدين يمتد الى يوم رسو المزايدة ، وهذا ما أشارت إليه المادة (1307/2) مدني عراقي بقولها ((ويبقى حق الحائز في الوفاء بالدين قائماً الى يوم رسو المزايدة…))(33). أما حق الحائز بتحرير العقار، فيكون لمدة اقل من مدة وفاء الدين. حيث إن حق الحائز في تحرير العقار يبقى الى يوم توقيع الحجز عليه من المرتهن . وهذا ما أشارت إليه المادة (1308/1) مدني عراقي بقولها((يبقى للحائز حق تحرير العقار المرهون رهناً تأمينياً الى يوم توقيع الحجز عليه من المرتهن )) . أما في القانون المدني المصري فان حق الحائز في تحرير العقار يبقى الى يوم إيداع قائمة شروط البيع ، إذ نصت المادة (1064/2) بأنه (( ….ويبقى هذا الحق قائماً الى يوم إيداع قائمة شروط البيع)) .
_____________________
– انظر، علي هادي العبيدي ، مصدر سابق ،ص366. محمد طه البشير، مصدر سابق،ص142. نبيل إبراهيم سعد، مصدر سابق،ص128.
2- عبر القانون المدني الاردني والمصري والجزائري والكويتي عن التحريربـ(( تطهير العقارleparge ونظام التحرير هو نظام حديث ، وقد اخذت به قوانين العراق ومصر وبلجيكا وايطاليا ، ولم تأخذ به المانيا وبولونيا والسويد ولبنان وسوريا وتونس . أنظر ، شاكر ناصر حيدر ، مصدر سابق ، ص153.
3- انظر، د.محمد وحيد الدين سوار، الحقوق العينية التبعية ، مصدر سابق، ص119. شاكر ناصر حيدر، مصدر سابق،ص152.محمد علي امام ، مصدر سابق، ص361.
4- أنظر، د.جلال محمد إبراهيم ، مصدر سابق ، ص302303.
5- تقابلها المادة(915) مدني جزائري(موافق).
6- أنظر المادة(95) اجراء اردني.
7- يلاحظ بان التحرير يعد رخصة للحائز ومن ثم لا يعد مخطئاً إذا لم يباشر إجراءات التحرير حيث حكم القضاء الفرنسي بان عدم قيام الحائز بتطهير العقار لا يعتبر خطأ من جانبه يؤدي الى حرمانه من الرجوع على من تصرف اليه بدعوى الضمان حين يقوم الدائنون بنزع ملكية العقار . أنظر ، Cass،civ،20 octobre 1897،D.1898.1.13. حكم أشار اليه احمد سلامه ، التأمينات المدنية ، مصدر سابق، ص476.
8- أنظر ، د.احمد سلامه ، دروس في التأمينات المدنية، مصدر سابق،ص257.
9- أنظر ص7 من الرسالة.
10-أنظر، د.جلال محمد ابراهيم، مصدر سابق ،ص 310.
11- أنظر، د. شمس الدين الوكيل ، مصدر سابق ،ص346. د.غني حسون طه، محمد طه البشير، مصدر سابق،ص459.
12- أنظر، د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط،ج10، مصدر سابق، ص424.د.عبد الفتاح عبد الباقي، مصدر سابق، ص134.د.سعيد سعد عبد السلام، الوجيز في الحقوق العينية التبعية ، مصدر سابق ، ص415.
13- يكون الشرط واقفاً ، إذا علق عليه نشوء العقد أو الالتزام ، بحيث إذا تحقق الشرط انعقد العقد ونشأت الالتزامات في ذمة كل من طرفيه ، وإذا تخلف الشرط لم ينشأ عقد ولا التزام . وهذا ما اشارت اليه المادة (288) مدني عراقي بقولها (( العقد المعلق على شرط واقف لا ينفذ الا إذا تحقق الشرط)).
14- أنظر، د.رمضان ابو السعود ، مصدر سابق ،ص405. د.جلال محمد ابراهيم، مصدر سابق، ص311.
15- يكون الشرط فاسخاً إذا علق عليه فسخ العقد وزوال الحق .اذ نصت المادة(289/1) مدني عراقي على ((العقد المعلق على شرط فاسخ يكون نافذاً غير لازم)) والعقد غير اللازم هو العقد الذي يمكن الرجوع عنه بارادة منفردة . فإذا كان لكل من المتعاقدين ان يرجع عن العقد بارادته المنفردة كان العقد غير لازم من الجانبين . وإذا كان لاحد المتعاقدين فقط ان يرجع عن العقد بارادته المنفردة كان العقد غير لازم من جانب واحد.
16- أنظر ، المادة (290/1) مدني عراقي اذ نصت ((1- إذا تحقق الشرط واقفاً كان أو فاسخاً استند اثره الى الوقت الذي تم فيه العقد الا إذا تبين من ارادة المتعاقدين أو من طبيعة العقد ، ان وجود الالتزام أو زواله يكون في الوقت الذي تحقق فيه الشرط)) . أنظر كذلك ، المادة (270) مدني مصري(موافق).
17- أنظر ، Baudry Lacantinerie et de Loynes،Nantissement، des privileges et hypothe’ ques،et delex propariation.
18- أنظر في الفقه الفرنسي ، Josserand.op.cit.N.1916. أنظر كذلك ، د.غني حسون طه ، محمد طه البشير ، مصدر سابق، ص459.د.احمد سلامه، دروس في التأمينات المدنية ، مصدر سابق، ص258. د.سعيد سعد عبد السلام ، الوجيز في الحقوق العينية التبعية ، مصدر سابق، ص416.
19- أنظر كذلك المادة(1083) مدني مصري ، إذ نصت ((إذا تمت اجراءات التطهير انقضى حق الرهن الرسمي نهائياً ولو زالت لأي سبب من الاسباب ملكية الحائز الذي طهر العقار)). يلاحظ بان المادة (1362) مدني عراقي والمادة (1083) ينطبق حكمهما سواء كان زوال ملكية العقار باثر رجعي بفعل تحقق الشرط الفاسخ أو بالفسخ أو البطلان.
20- أنظر، د.عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط ،ج10، مصدر سابق ، ص425.
21- أنظر، د.نبيل إبراهيم سعد، التأمينات العينية والشخصية ، مصدر سابق،ص132. منصور مصطفى منصور ، مصدر سابق، ص 140.
22- أنظر، د.عبد الفتاح عبد الباقي ، مصدر سابق،ص137.
23- نصت المادة(1308/ ف2/ ب) مدني عراقي ((2- وعليه إذا اراد التحرير ان يوجه للدائنين المسجلة حقوقهم في محال اقامتهم المختارة ، اعلانات تشمل على البيانات الآتية :- ب- بيان بالحقوق التي تم تسجيلها على العقار قبل تسجيل سند الحائز وتاريخ تسجيلها ومقدار واسماء الدائنين)).
24- أنظر، د.غني حسون طه ، محمد طه البشير، مصدر سابق، ص460. سليمان مرقس ، التأمينات العينية، مصدر سابق ، ص253.
25- أنظر، الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري،ج7، ص118.
26- أنظر، د.عبد الفتاح عبد الباقي ، مصدر سابق،ص420. محمد علي امام ، مصدر سابق ، ص 369. د. شمس الدين الوكيل، مصدر سابق،ص345. المستشار، أنور طلبه، مصدر سابق،ص758. د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط ،ج10، مصدر سابق،ص427.
27- وهذا هو نص المادة (2181) من القانون المدني الفرنسي ،
((Ies contrats translatifs de la propre’te’ d’immeubles،ou droits re’els immobiliers que les tiers de’tenteurs voudront purger de privileges et hy pothe’ ques seront transcrits en entier parle conser vateur des hy pothe’ques dans l’arron dissement duquel les biens sont situe’s)).
28- أنظر، سليمان مرقس ، التأمينات العينية ، مصدر سابق، ص249.
29- أنظر، د.غني حسون طه ، محمد طه البشير، مصدر سابق،ص456.
30- أنظر، د.احمد سلامه ، التأمينات المدنية ، مصدر سابق، ص305.
31- أنظر، د. سليمان مرقس ، التأمينات العينية ، مصدر سابق، ص250. د.رمضان ابو السعود، مصدر سابق، ص404.
32-أنظر، نبيل إبراهيم سعد ، مصدر سابق،ص129. د. سليمان مرقس ، الوافي في شرح القانون المدني، مصدر سابق ، ص345.
33- تقابلها المادة(1061) مدني مصري (موافق).
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
أوجه التفرقة بين تحرير العقار ووفاء الدين حسب القانون