لقد تباينت التشريعات الخاصة بموضوع الجنسية في تحديد الاشخاص الذين يحق لهم الدخول في جنسيتها بصورة طارئة (لاحقة) الا ان هذا الدخول سواء كان من شخصٍ يتمتع بالجنسية الاجنبية او العربية يتطلب منه مجموعة من الاجراءات التي هي في حقيقتها شروط تتسم بالطابع الشكلي فدخول الشخص في جنسية دولة ما يتطلب منه تقديم طلب تحريري إلى الجهة المختصة في منح الجنسية . وتقوم هذه الجهة بعد استكمال اجراءاتها المقررة بإعلان موافقتها او رفضها لهذا الطلب فان تمت الموافقة كان على المتجنس القيام بإجراءات اخرى بغية اتمام عملية التجنس وفي حالة رفض الطلب نصت بعض التشريعات على الاعتراض على قرار الرفض لدى سلطات اخرى او اللجوء الى القضاء بغية الحصول على قرار بات في موضوع التجنس وهناك اجراء شكلي اخر بعد الحصول على الموافقة الا وهو اداء اليمين القانونية من الشخص طالب التجنس في بعض التشريعات ، ولكل ما تقدم سوف نتناول هذه الشروط بالتفصيل كما يأتي :
اولاً : طلب التجنس
ثانياً : موافقة الحكومة
ثالثاً : ابداء اليمين القانونية.
اولاً : طلب التجنس :
بادئ ذي بدء نقول لا يمنح الشخص الاجنبي عربياً كان أو غير عربي جنسية البلد الذي يروم كسبها الا بناءاً على رغبة منه متجسدة في الطلب الذي يقدمه إلى الدولة مانحة الجنسية ويشترط في هذا الطلب ان يكون صريحاً وواضحا وقد يكون هذا الطلب بموجب استمارات ونماذج معينة تحددها قوانين وانظمة الدول مانحة الجنسية وقد يكون الطلب اعتيادياً(1). وقد يتطلب طلب التجنس الحضور امام جهات معينة في الدولة مانحة الجنسية كالحضور أمام المدير او ضابط الجنسية او الهجرة حسب تسميات الدول كي ينظم له الاستمارة الخاصة المتضمنة المعلومات الكاملة الخاصة بالشخص طالب التجنس وهذا ما اشارت اليه المادة الاولى من التعليمات الخاصة بالجنسية ذات الرقم 1 لسنة 1980 والصادرة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 180 لسنة 1980 وجاء فيها (على طالب التجنس بالجنسية العراقية ان يحضر امام مدير الجنسية او ضابط الجنسية لينظم له الاستمارة رقم 3 الملحقة بالتعليمات رقم 1 لسنة 1965 المعدلة)(2) . ويتطلب قانون الجنسية الفرنسي ان يتم تقديم الطلب إلى مديرية الشرطة في المحافظة التي يسكنها حيث ان هذه الاخيرة تقوم بالتحري عن الشخص طالب التجنس وتقوم مديرية الشرطة بالزام الشخص المعني وعند الاقتضاء زوجته واطفاله الذين تزيد اعمارهم عن (15) سنة بالحضور امام المحافظ وتقوم هذه السلطة (المحافظ) بتقييم مدى اندماج طالب التجنس مع المجتمع ومع الأعراف والاخلاق الفرنسية وكذلك مدى معرفته للغة الفرنسية وهذا ما أكده المرسوم المؤرخ في 10/7/1973 (3) .
والملاحظ ان الغرض من تقديم هذا الطلب وتدوينه امام الموظف المختص انما يقصد به التأكد من جدية هذا الطلب والتأكد من مدى صحة المعلومات الواردة فيه واشعار مقدم الطلب بأهمية وخطورة هذا الطلب الذي يقدم عليه(4). لذلك فان تقديم الطلب يعد عنصرا اساسيا في التجنس فيستلزم في طلب التجنس ان يصدر ممن يتمتع بأهلية التعبير عن الارادة فلا ارادة لمن كان صغيرا او مجنونا او معتوهاً (5). وهكذا فان كسب جنسية الدولة المانحة يترتب عليه تغير المركز القانوني للشخص طالب التجنس وبالتالي لا يعتد بطلبه الا اذا صدر عن ارادة مدركة وواعية ويشمل هذا القول المرأة متزوجة كانت أو غير متزوجة فلها الحق في تقديم طلب التجنس(6) . إذ أن مجرد زواجها لا يعني اكتساب جنسية زوجها الا بناءا على طلب صريح من قبلها وهذا ما أشار اليه قانون الجنسية العراقي النافذ في المادة 12 منه وكذلك قانون الجنسية الاردني في المادة 8 منه ولم يقتصر الامر على هذين التشريعين فقد أشارت اليه المادة 5 من قانون الجنسية اللبناني وكذلك المادة 7 من قانون الجنسية المغربي(7). الا اننا نلاحظ ان قانون الجنسية القطري ذا الرقم2 لسنة 1961 قد اشار في المادة 10 منه إلى ان (المرأة الاجنبية المتزوجة من قطري تصبح قطرية الا اذا اعلنت رغبتها في الاحتفاظ بجنسيتها الاصلية في خلال سنة من تاريخ الزواج) وهذا بعني ان الزوجة تكون بحكم القاصر مجازا فالنص واضح لا لبس فيه ولا غموض ان اكتساب جنسية الزوج لا يتوقف على طلب من قبلها اذا انها تكتسب جنسية زوجها القطري بمجرد الزواج كالأطفال الذين يكسبون جنسية ابائهم من دون ان يقدموا أي طلب من قبلهم وكل ما في الامر انها اذا ارادت الاحتفاظ بجنسيتها الاصلية ان تقدم طلبا يتضمن نيتها الصريحة . يتضح لنا ان طلب التجنس يتضمن المعلومات الكاملة عن الشخص طالب التجنس هذه المعلومات التي تتضمن اسمه وعمره وميلاده واسم والديه وقوميته وتاريخ دخوله إلى الدولة مانحة الجنسية .
ثانياً : موافقة الدولة :
ان رغبة الفرد طالب التجنس وارادته الحرة لا تكون منتجة الا بموافقة تلك الدولة مانحة الجنسية ، موافقة تمتلك فيها الدولة سلطة تقديرية فلها رفض الطلب او الموافقة عليه لان اكتساب الجنسية اللاحقة (الطارئة) منحة تلتمس من الدولة وليس حقا يقتضى(8) ويظهر لدينا هذا الشرط من خلال مراجعتنا للنصوص القانونية المتعلقة بالتجنس في التشريع العراقي والمقارن . فقد نص القانون ذو الرقم 5 لسنة 1975 في المادة الاولى منه على أنه (يجوز لوزير الداخلية منح الجنسية العراقية لكل عربي يطلبها اذا كان قد بلغ سن الرشد دون التقيد بشروط التجنس الواردة في ف1 من المادة 8 من قانون الجنسية العراقية رقم 43 لسنة 1963 المعدل)(9) وبتاريخ1997 تم تعديل القانون ذي الرقم 5 لسنة 1975 المشار اليه في اعلاه بموجب قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 12 لسنة 1997 والذي جاء في مادته الاولى (اولا : للعربي باستثناء الفلسطيني ان يقدم طلبا إلى وزارة الداخلية بمنحه الجنسية العراقية بشرط ان يكون ……) (ثانيا : يمنح وزير الداخلية العربي الذي تتوفر فيه الشروط المبينة في البند اولا من هذه المادة الجنسية العراقية …. )(10) فالجنسية هنا لا تفرض على الشخص طالب التجنس بحكم القانون وبمجرد توفر الشروط المطلوبة فيه وانما تمنح له بعد ان يقدم طلبا إلى الجهة المختصة وتتمتع الاخيرة بسلطة تقديرية في ذلك علما ان قرار الوزير او مجلس الوزراء بهذا الخصوص غير قابل للاعتراض عليه امام أي جهة كانت سواء اكان هذا القرار بالرفض أم الموافقة (11) وهذا ما أكدته المادة 9 من القانون ذي الرقم 43 لسنة 1963 الا ان هذا القول قد حظي بالتعديل هو ايضا فقد نص قرار مجلس قيادة الثورة الموقر ذو الرقم 413 في 15/4/1975 في فقرته الثانية بما يلي (يجوز الاعتراض على قرارات وزارة الداخلية في تطبيق احكام هذا القانون لدى السيد رئيس الجمهورية ويكون قراره بهذا الشأن قطعياً )(12) ومما تجدر الاشارة اليه ان القرار المذكور قد اجاز لصاحب طلب التجنس الاعتراض على قرار وزير الداخلية امام السيد رئيس الجمهورية فقط ولم يذكر القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء بهذا الصدد والسبب في تقديرنا ان رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الجمهورية في العراق وهذا ما أكده الدستور العراقي لسنة 1970(13).
اما التشريع المصري فقد جاء في المادة الرابعة من القانون ذي الرقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية أنه : (يجوز بقرار من وزير الداخلية منح الجنسية المصرية لكل من ولد في مصر لاب اصله مصري …..) كما نصت المادة 5 من القانون المذكور على انه (يجوز بقرار من رئيس الجمهورية منح الجنسية المصرية دون التقيد بالشروط المبينة في المادة السابقة من هذا القانون لكل اجنبي يؤدي خدمة لمصر خدمات جليلة)(14). اما التشريع الاردني فقد اشار في المادة الرابعة من قانون الجنسية الاردنية ذي الرقم 6 لسنة 1954 الى أنه (يحق لكل عربي يقيم عادة في المملكة الاردنية الهاشمية مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة متتالية ان يحصل على الجنسية الاردنية بقرار من مجلس الوزراء …..) وجاء في المادة الخامسة من القانون المذكور ايضا ان (لجلالة الملك بناءً على تنسيب مجلس الوزراء ان يمنح الجنسية الاردنية لكل مغترب ….)(15). وجاء في التشريع الاماراتي في المادة الثالثة من القانون الاتحادي ذي الرقم 17 لسنة 1972 في شان الجنسية وجوازات السفر في دولة الامارات العربية المتحدة أنه ( لا يترتب على زواج المرأة الاجنبية بمواطن في الدولة ان تكتسب جنسية زوجها الا اذا اعلنت وزارة الداخلية رغبتها في ذلك ….. )(16). وجاء في نص المادة 6 من قانون الجنسية العماني ذي الرقم 3 لسنة 1983 أنه : (يصدر بمنح الجنسية في جميع الحالات المتقدمة مرسوم سلطاني وبصورة فردية …)(17). واستنادا لما ذكرناه في النصوص المتقدمة فلدولة سواء أكانت متمثلة برئيس الدولة أم مجلس الوزراء او وزير الداخلية الحق بما تمتلكه من سلطة تقديرية ووفق ما تقتضيه مصلحتها ان تمنح الشخص طالب التجنس جنسيتها او ان ترفض طلبه (18).
ثالثاً : اداء اليمين القانونية :
يشترط لا تمام التجنس وفق احكام قانون الجنسية العراقية ذي الرقم 43 لسنة 1963 والمعدل بالقانون ذي الرقم 68 لسنة 1985 وفي المادة 8/ف5 منه ان (على كل عربي او اجنبي يمنح الجنسية العراقية بموجب الفقرات 1،2،3،4 من هذه المادة أن يؤدي يمين الاخلاص للجمهورية العراقية المبينة في هذه الفقرة امام مدير الجنسية المختص خلال ثلاثة اشهر من تاريخ صدور الموافقة على منحه الجنسية ويعتبر الشخص عراقيا من تاريخ اداء هذا اليمين أمام الموظف المختص) (19). فبموجب هذا التعديل يعدّ كل اجنبي او عربي عراقيا من تاريخ ادائه لهذا اليمين وبالصيغة التي حددتها المادة 8/ف5 والتي جاءت بعبارة :
(اقسم بالله العظيم وبتراب العراق الطاهر وارضه ومائه وسمائه أن احافظ على العراق من كل أجنبي يعتدي عليه او ينوي استعباده او احتلاله او وضعه تابعا له وان أذود عنه بكل وسيلة ليبقى علمه عاليا لا يعلو عليه علم آخر وتبقى سيادته عالية لا تعلو عليها سيادة والله على ما أقول شهيد) ومما تجدر الاشارة اليه ان المادة 10 /ف1 من القانون ذي الرقم 43 لسنة 1963 وقبل ان تعدل بموجب قانون التعديل الرابع ذي الرقم 131 لسنة 1972 كانت تنص على ان من حصل على شهادة التجنس بالجنسية العراقية يعدّ عراقيا من تاريخ تسلمه الشهادة … مما يعني ان المتجنس يعدّ عراقيا منذ تاريخ تسلمه شهادة الجنسية العراقية (20). الا ان قرار مجلس قيادة الثورة ذي الرقم 824 لسنة 1977 جعل طالب التجنس الاجنبي عراقياً من تاريخ ادائه اليمين القانونية والذي عدل لاحقاً بموجب القانون رقم 68 لسنة 1985 فاليمين القانونية وفقا للتشريع العراقي تعد شرطا من شروط التجنس الشكلية .
اما بالنسبة لموقف التشريع الاردني فقد اشارت المادة 2 من نظام رسوم الجنسية ذي الرقم 45 لسنة 1978 الصادر بمقتضى البند اولا من المادة 22 من قانون الجنسية إلى انه يشترط ان يؤدي المتجنس يمين الاخلاص امام قاضي الصلح في المنطقة التي يقيم فيها ومن ثم صدور شهادة خطية موقعة من وزير الداخلية على النموذج المقرر او من ينسبه على النموذج المقرر وبعد ذلك يبلغ صاحبه وينشر في الجريدة الرسمية وكذلك اشارت المادة 4 ايضاً من قانون الجنسية الاردني ذي الرقم 6 لسنة 1954 إلى وجوب اشتراط ان يؤدي المتجنس يمين الولاء(21). بمعنى ان طالب التجنس يكتسب الجنسية الاردنية من تاريخ اداء يمين الولاء . اما التشريع المصري فقد اكتفى بالسكوت ولم يشترط في طالب التجنس ان يؤدي اليمين القانونية وهذا ما سار عليه المشرع الفرنسي(22) .
_________________________
[1]- د. جابر ابراهيم الراوي ، شرح احكام الجنسية في القانون الاردني ، دراسة مقارنة، ط1، الدار العربية للتوزيع والنشر ، الاردن ، 1984، ص 43 ومابعدها.
2- تعليمات رقم 1 لسنة 1980 ، المنشورة في جريدة الوقائع العراقية ذي العدد 2758 في 25/2/1980.
-3 Pierre Mayer .Droit international Prive Edition Montchrestien ، Paris ، 1973 ، P. 630 .
4- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامها في القانون العراقي ، ط 4 مطابع جامعة بغداد ، بغداد ، بدون سنة طبع ، ص 168 .
5- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامها في القانون العراقي ، ط 3 ، مطبعة الارشاد، بغداد ،1967،ص 125 .
6- د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، ط3 ، المصدر السابق ، ص 125.
7- وبنفس المعنى انظر المادة4 من قانون تنظيم الجنسية العمانية رقم 3 لسنة 1983 وبنفس المعنى انظر : المادة11 من قانون رقم 6 لسنة1990 بشأن الجنسية اليمنية والمنشور في الجريدة الرسمية اليمنية العدد 7 الموافق 13/اغسطس /1990 ، وكذلك المادة 8 من قانون الجنسية السودانية لسنة 1993 .
8- د. مصطفى كامل ياسين ، المصدر السابق ، ص 36 .
9- لمزيد من التفصيل انظر : قانون تجنس العرب ذو الرقم 5 لسنة 1975 المنشور في جريدة الوقائع العراقية ، العدد 2464 في 18/1/1975 والملحق بالرسالة .
0[1]- ينظر القانون رقم 12 لسنة 1997 والملحق بهذه الرسالة .
1[1]- د. غالب علي الداودي ، القانون الدولي الخاص (النظرية العامة واحكام الجنسية العراقية) ، مطبعة اسعد ، ط1 ، بغداد ، 1973 – 1974 ، ص 130 .
2[1]- انظر قرار مجلس قيادة الثورة ذو الرقم 413 لسنة 1975 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد 2461 في 24/4 /1975 والملحق بالرسالة .
13- انظر دستور العراق المؤقت لسنة 1970 .
14- قانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية .
15- قانون الجنسية الاردني رقم 6 لسنة 1954 .
16- القانون الاتحادي رقم 17 لسنة 1972 في شان الجنسية وجوازات السفر الاماراتية
17- المرسوم السلطاني ذو الرقم 3 لسنة 1983 بشأن الجنسية العمانية .
18- د. شمس الدين الوكيل ، المصدر السابق ص 151 .
19- لمزيد من التفصيل انظر : قرار مجلس قيادة الثورة الموقر ذو الرقم 68 لسنة 1985 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية ، ذو العدد 3059 في 19/8/1985 والملحق بالرسالة .
20- لمزيد من التفصيل انظر :
قانون التعديل الرابع رقم 131 لسنة 1972 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية العدد 2217 في 3/2/1973 والملحق بالرسالة وبنفس المعنى انظر د. حسن الهداوي ، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، ط4 ، المصدر السابق ، ص 171.
[1]2- المحامي محمود مصطفى فراج ، اسباب كسب الجنسية في القانون الاردني ، بحث مأخوذ من home] up 2000
22-Jean Duurruppe.Droit international prive cinquieme edition Dalloz ، Paris ، 1978 ، P. 20 .
المؤلف : يونس محمود كريم النعيمي
الكتاب أو المصدر : احكام التجنس في قانون الجنسية العراقية
الجزء والصفحة : ص15-21
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
شرح قانوني مفصل للشروط الشكلية في التجنس