اغلب دول العالم تبنت مبدأ المعاملة بالمثل ، كشرط لتمتع المؤلف الاجنبي بحقه الادبي (حق التأليف) في اقاليمها(1). إلا أنها ورغم ذلك اختلفت في اساس تبنيها لمبدأ المعاملة بالمثل الى الاتجاهات الاتية :
الاتجاه الأول :- يمثل الدول التي اشترطت لحماية حق المؤلف الاجنبي الذي قام بنشر مصنفه الأدبي في الخارج ، أن تقوم الدولة الاجنبية التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته بتوفير الحماية نفسها لمصنفات رعاياها في إقليمها ، أي بمعنى ان تكون المعاملة بالمثل متحققة بين الدولة التي يطلب منها الحماية ، والدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته . وقد اخذ بهذا الاتجاه قانون حماية المصنفات الفكرية وحقوق المؤلف لدولة الامارات العربية المتحدة رقم 40 لسنة 1992(2) .
الاتجاه الثاني :- يمثل الدول التي اشترطت لحماية حق المؤلف الاجنبي الذي قام بنشر مصنفه الادبي في الخارج ، ان تقوم الدولة التي تم فيها نشر هذا المصنف لأول مرة ، بتوفير الحماية نفسها لمصنفات رعاياها في اقليمها ، أي بمعنى ان تكون المعاملة بالمثل متحققة بين الدولة التي يطلب منها الحماية والدولة التي تم فيها نشر المصنف الاجنبي لأول مرة .
وقد تبنى هذا الاتجاه كلاً من القانون المصري والعراقي . فالمادة (49) من قانون حماية حق المؤلف المصري رقم 354 لسنة 1954 ، نصت على :- (تسري احكام هذا القانون على مؤلفات المصريين والاجانب التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في مصر وكذلك على مصنفات المؤلفين المصريين التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في بلد اجنبي ، اما مصنفات المؤلفين الاجانب التي تنشر لأول مرة في بلد اجنبي ، فلا يحميها هذا القانون إلا إذا كانت محمية في البلد الاجنبي وبشرط ان يشمل هذا البلد الرعايا المصريين بحماية مماثلة لمصنفاتهم المنشورة او الممثلة او المعروضة لأول مرة في مصر ، وان تمتد هذه الحماية للبلاد التابعة لهذا البلد الاجنبي). وقد نقل المشرع العراقي ، هذا النص حرفياً عن المشرع المصري ، في المادة (49) من قانون حماية المؤلف العراقي رقم 3 لسنة 1971(3) ، التي نصت على : (تسري احكام هذا القانون على مصنفات المؤلفين العراقيين والاجانب التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في الجمهورية العراقية وكذلك على مصنفات المؤلفين العراقيين التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في بلد اجنبي ، اما مصنفات المؤلفين الاجانب التي تنشر لأول مرة في بلد اجنبي ، فلا يحميها هذا القانون الا إذا شمل هذا البلد الرعايا العراقيين بحماية مماثلة لمصنفاتهم المنشورة او الممثلة او المعروضة لأول مرة في الجمهورية العراقية ، وان تمتد هذه الحماية الى البلاد التابعة لهذا البلد الاجنبي). ونتفق مع البعض(4) بان كلا من النصين المصري والعراقي السابقين “يخالفان مفهوم المعاملة بالمثل المعمول به في تنظيم مركز الاجانب” . لانه من المعلوم ، ان العبرة من تطبيق المعاملة بالمثل ، هي بالمعاملة التي يلقاها الرعايا المصريون او العراقيون في اقليم الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته ، وليس في اقليم الدولة التي يتواجد فيها (أي الدولة التي يقوم بنشر مصنفه الادبي فيها) ، وذلك حتى يتحقق الغرض او الهدف من مبدأ المعاملة بالمثل ، وهو حث الدولة التابع لها الاجنبي على منح المعاملة نفسها للرعايا المصريين او العراقيين في اقليمها . وبذلك ، فان نص المادتين (49/عراقي) و (49/مصري) لا يكفيان لتحقيق الغاية المقصودة من وراء تبني مبدأ المعاملة بالمثل في هذا الخصوص(5).
وكذلك فان هذا الاتجاه يؤدي الى لجوء المؤلفين الاجانب الى التحايل لكي تتمتع مصنفاتهم بالحماية في مصر او العراق ، وذلك عندما يلجأون الى نشر مصنفاتهم في دولة اخرى غير دولهم ، في حالة ما اذا كانت الدول التي ينتمون اليها لا توفر الحماية لمصنفات المؤلفين العراقيين او المصريين ، وفي هذه الحالة تتمتع مصنفاتهم بالحماية في بلدانٍ اخرى على الرغم من ان الدول التي ينتمون اليها لا توفر حماية مماثلة لمصنفات رعايا تلك البلدان ، وبذلك تنعدم الجدوى من وراء النص على شرط المعاملة بالمثل في هذه الحالة . ومن جانب اخر ، فان كلا من القانونين المصري والعراقي اذا كانا قد تبنيا شرط المعاملة بالمثل على اساس ارتباط المصنف بالدولة التي تم نشره فيها لأول مرة ، وليس على اساس جنسية المؤلف ، فكان من مقتضى الاخذ بهذا المعيار في تحديد المعاملة بالمثل وجوب تعليق حماية حق المؤلف الاجنبي الذي نشر مصنفه لأول مرة بدولة اجنبية على حماية هذه الدولة لحق المؤلف الذي نشر مصنفه الادبي لأول مرة في مصر او في العراق ،و سواء اكان ذلك المؤلف مصري ام عراقي الجنسية ام كان اجنبياً ، طالما ان هذا المعيار هو مكان نشر المؤلف لأول مرة وليس جنسية المؤلف(6).
الاتجاه الثالث : – وهو الاتجاه الذي تفرد به القانون الفرنسي بموجب قانون 8 حزيران لسنة 1964(7) والخاص بحقوق الملكية والادبية والفنية ، والذي اشترط لتمتع المصنفات الاجنبية بحماية القانون في فرنسا ، بحيث تشمل الدولة الاجنبية التي نشر فيها المصنف بحماية مماثلة للمصنفات المنشورة لاول مرة في فرنسا وعلى نحوٍ كافٍ وفعال ودون الاعتداد بجنسية المؤلف(8). وبمعنى ان اعمال شرط المعاملة بالمثل على هذا النحو لا يقيم أي تمييز بين المؤلف الوطني والمؤلف الاجنبي ، نظراً لان القانون الفرنسي يتطلب المعاملة بالمثل بين المصنفات المنشورة لاول مرة في الخارج والمصنفات المنشورة لاول مرة في فرنسا دون أي التفات لجنسية المؤلف (9).
وفي هذه الحالة ، يحق لنا التساؤل عن حالة ما اذا كان المؤلف الذي قام بنشر مؤلفه في دولة لا توفر الحماية للمصنفات المنشورة لاول مرة في فرنسا ، هو فرنسي الجنسية ! فلا شك ، ان تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في هذا الفرض يؤدي حتماً الى الاضرار بالمؤلف الفرنسي الذي لا يستطيع ان يتمتع بحقه الادبي في بلده، بمجرد انه قام بنشر مصنفه في دولةٍ لا تمنح حماية مماثلة للمصنفات المنشورة لاول مرة بفرنسا . وبالرغم من وضوح صياغة النص والتزام المشرع الفرنسي الصمت تجاه هذا الفرض، فان الفقه في فرنسا يرجح عدم اعمال شرط المعاملة بالمثل في هذه الحالة ، لانها تؤدي الى الاضرار بمصالح الرعايا الفرنسيين في الخارج (10).
الاتجاه الرابع :- يمثل الدول التي نصت على تبني مبدأ المعاملة بالمثل كشرط لتمتع المصنفات المنشورة لاول مرة في الخارج بالحماية داخل اقاليمها ولكنها لم تحدد المعيار الذي تم الاعتماد عليه في تفعيل نظام المعاملة بالمثل ، بتعبير اخر ، لم تحدد الدولة التي تتم معها تفعيل شرط المعاملة بالمثل ، هل هي الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته ؟ ام هي الدولة التي تم فيها اول نشر للمصنف الاجنبي ؟ وقد سار بهذا الاتجاه قانون حماية المؤلف الاردني رقم 22 لسنة 1992 ، في المادة (53) منه ، والتي نصت على : (تسري احكام هذا القانون على مصنفات المؤلفين الاردنيين والاجانب التي تنشر في المملكة ، اما مصنفات المؤلفين الاجانب التي تنشر في خارج المملكة فتراعى في شأنها الاتفاقيات الدولية ومبدأ المعاملة بالمثل).
فيلاحظ على النص الاردني انه جاء غامضاً ولم يفصح عن توجه المشرع الاردني من وراء اشتراطه لمبدأ المعاملة بالمثل ، وهل ان المعاملة بالمثل تطبق مع الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته ام مع الدولة التي تم فيها نشر المصنف الاجنبي لاول مرة ؟ نرجح هنا ان تحقق المعاملة بالمثل مع الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته هو الذي كان في قصد المشرع الاردني من وراء اشتراطه لمبدأ المعاملة بالمثل ، وذلك تماشياً مع الاتجاه العام والغالب في ان المعاملة بالمثل في مجال مركز الاجانب تتخذ من جنسية الاجنبي معياراً لها . نرى بأن الاتجاه الاول هو الذي استند فقط على مفهوم نظام المعاملة بالمثل المعمول به في مجال مركز الاجانب ، والذي يتخذ من جنسية المؤلف معياراً لتفعيل دور المعاملة بالمثل ، بين الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي والدولة التي يطلب منها حماية الحق الادبي للمؤلف الاجنبي على مصنفه . ونرى في هذا الخصوص بانه كان لزاماً على المشرع العراقي ان يأخذ بنظر الاعتبار جنسية المؤلف ايضاً عند اشتراطه لمبدأ المعاملة بالمثل الى جانب معيار الدولة التي تم فيها نشر المصنف الاجنبي لاول مرة . ونقترح بهذا الصدد ، اعادة صياغة نص المادة (49) من قانون حماية حق المؤلف العراقي رقم (3) لسنة 1971 ، بالشكل الاتي : (… اما مصنفات المؤلفين الاجانب التي تنشر لاول مرة في بلدٍ اجنبي فلا يحميها هذا القانون الا اذا شمل هذا البلد الرعايا العراقيين بحماية مماثلة لمصنفاتهم المنشورة والممثلة او المعروضة لاول مرة في الجمهورية العراقية وان تمتد هذه الحماية الى الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي بجنسيته) .
وبصرف النظر عن تبني الدول لهذا الاتجاه او ذاك من نظام المعاملة بالمثل في هذا الخصوص ، فان تساؤلاً يطرح هنا حول الاثر المترتب على انعدام تحقق شرط المعاملة بالمثل ، فهل يعني ذلك تجريد حق المؤلف الاجنبي عن مصنفه المنشور لاول مرة في الخارج من الحماية القانونية بصورة مطلقة ؟ ويرى البعض (11) أن التطبيق الحرفي للمادة (49/ مصري و 49/ عراقي ) يجب ان يؤدي الى هذه النتيجة (أي حرمان المصنف الذي تخلف شرط المعاملة بالمثل بالنسبة اليه ، من الحماية القانونية بصفة مطلقة) . في حين ان الفقه الفرنسي اجاب عن هذا التساؤل ، مفرقاً في ذلك بين الحق المالي والحق الادبي لحق المؤلف الاجنبي(12). وبالنسبة للحق المالي ، فانه هو الذي يجرد من الحماية القانونية بسبب عدم تحقق شرط المعاملة بالمثل ، الا ان ذلك لا يعني بان هذا الحق اصبح مباحاً لكل من يريد استغلاله والحصول على ارباح مالية من وراء ذلك ، بل ان حق الاستغلال المالي في هذه الحالة يؤول الى الدولة التي يكون لها حق الاستغلال المالي وتحل محل صاحبه في توفير الحماية له ، والقول بغير ذلك من شأنه ان يشجع على انتشار هذه المصنفات ، مما يؤدي الى الاضرار بالمصنفات المنشورة في داخل الدولة والمتمتعة بالحماية ، ويخلق نوعاً من المنافسة غير المتكافئة بينهما . اما الحق الادبي ، فانه يتمتع بالحماية القانونية بغض النظر عن عدم تحقق شرط المعاملة بالمثل ، وذلك نظراً للارتباط الوثيق بين المصنف وشخصية مؤلفه (13) حيث ان هذا الحق يعّد من الحقوق اللصيقة بالشخصية ، ويعني حق المؤلف في ان ينسب المصنف الى شخصه (14). وفي جميع الفروض السابقة التي تناولناها ، كانت المعاملة التشريعية بالمثل هي مدار البحث ، لأننا كنا بصدد دراسة وتحليل نصوص التشريعات التي تناولت موضوع المعاملة بالمثل فيما يتعلق بتمتع الاجنبي بحق الملكية الادبية ، ولا شك ان المعاملة بالمثل عندما تقرر بموجب نصوص تشريعية ، يعني اننا امام الصورة التشريعية لمبدأ المعاملة بالمثل . اما فيما يتعلق بتحقيق المعاملة بالمثل دبلوماسياً في هذا الصدد ، فذلك يعني ان تنص عليها اتفاقية دولية تنضم اليها عدة دول تقرر اعتماد هذا المبدأ فيما بينها.
والاتفاقات الخاصة بحماية حقوق الملكية الادبية والفنية ، هي :
1- اتفاقية برن لحماية المصنفات الادبية والفنية .
2- الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف .
وعليه ، سنحاول الكلام عن مبدأ المعاملة بالمثل ، الذي قررته هذه الاتفاقيات فيما يتعلق بالتمتع بحقوق الملكية الادبية والفنية تباعاً .
أ / مبدأ المعاملة بالمثل في اتفاقية (برن) لحماية المصنفات الادبية والفنية(15) :
تميزت اتفاقية (برن) بان المعاملة بالمثل التي قررتها لحماية المصنفات الادبية والفنية لم تقتصر على المؤلفين الاجانب الذين ينتمون الى احدى دول الاتحاد ، بل علاوة على ذلك فان طائفتين من المؤلفين الاجانب الذين لا ينتمون الى احدى دول الاتحاد يستفيدون من الحماية التي قررتها الاتفاقية ، وعلى اساس المعاملة الدبلوماسية بالمثل ، وهما :
1-المؤلفون من غير رعايا دول الاتحاد ، عن مصنفاتهم التي تنشر لاول مرة في احدى دول الاتحاد او في ان واحد في دول خارج الاتحاد وفي احدى دول الاتحاد(16).
2. المؤلفون من غير رعايا دول الاتحاد الذين تكون اقامتهم العادية في احدى دول الاتحاد(17).
فهؤلاء يستفيدون من الحماية المقررة في الاتفاقية على اساس المعاملة بالمثل على الرغم من ان دولهم ليست طرفاً فيها . فالمعاملة الدبلوماسية بالمثل متحققة تلقائياً من خلال الاتفاقية ، بين جميع دول الأطراف ، وفيما يتعلق بمنح كل دولة من دول الاتحاد في اقليمها ، لرعايا الدول الأخرى ، جميع الحقوق التي تمنحها لرعاياها او التي قد تمنحها مستقبلاً ، أي بمعنى ان المعاملة الدبلوماسية بالمثل في هذه الاتفاقية قائمة على اساس تشبيه المؤلف الأجنبي بالمؤلف الوطني فيما يتعلق بتمتعه بحقوق الملكية الادبية في الدولة التي يقيم فيها(18). حيث ان كل مؤلف تحمية هذه الاتفاقية يعّد في كل دولة من دول الاتحاد مثل مواطني تلك الدولة ، وبالتالي يكون له الحق في التمتع بجميع حقوق ملكيته الادبية مثلما يتمتع بها مواطنو تلك الدولة انفسهم(19). ومن المفهوم المخالف لنص المادة (3) من الاتفاقية ، يتضح أنه يستبعد عن نطاق حماية الاتفاقية المؤلفون من غير رعايا دول الاتحاد ، وذلك بالنسبة لمصنفاتهم التي تم اول نشر لها خارج احدى دول الاتحاد . ونرى أنه ، لكي يتمتع هؤلاء الاجانب بحماية مؤلفاتهم في احدى دول الاتحاد ، وجوب تحقق المعاملة بالمثل بين الدول التي ينتمون اليها والدولة التي يطلبون منها الحماية على حدة ، سواء تحققت تلك المعاملة بالشكل الدبلوماسي ام التشريعي ام الفعلي .
ب/ مبدأ المعاملة بالمثل في الاتفاقية العربية لحقوق المؤلف (20):
فيما يتعلق بمبدأ المعاملة بالمثل في هذه الاتفاقية ، نلاحظ ان الاتفاقية قد ميزت بين طائفتين :
الطائفة الاولى – وهم المؤلفون العرب من مواطني الدول الاعضاء والذين يتخذون منها مكان اقامتهم العادية ، وهم الذين يستفيدون من الحماية التي قررتها الاتفاقية على اساس المعاملة بالمثل ، وبتعبير اخر : ان المعاملة الدبلوماسية بالمثل تطبق في شأن المؤلفين التابعين للدول العربية الاعضاء في الاتفاقية حصراً. وهذا ما نصت عليه صراحة المادة (26) من الاتفاقية ، في فقرتها (أ) ، بقولها: (تسري احكام هذه الاتفاقية ، على ما يأتي :-
أ- مصنفات المؤلفين العرب من مواطني الدول العربية الاعضاء ، والذين يتخذون منها مكان اقامتهم العادية .) نلاحظ على هذا النص ، أنه حصر المستفيدين من الاتفاقية على مواطني دول الاعضاء الذين يتخذون منها مكاناً لاقامتهم العادية ، فقط ! وهنا نتساءل عن الحل بالنسبة لمواطني دول الاعضاء الذين لا يتخذون من دولهم مكاناً لاقامتهم ، وخاصة اذا قاموا بنشر مصنفاتهم في داخل بلدانهم ؟ فالظاهر من النص أنهم لا يستفيدون من الحماية التي قررتها الاتفاقية ! ونستغرب لهذه التفرقة بين المواطنين المقيمين في داخل بلدانهم والمواطنين المقيمين في خارجها ، طالما ان معيار الجنسية العربية للمؤلف ، هو الذي اتبع في تفعيل مبدأ المعاملة بالمثل ، وكان الاجدر على واضعي هذه الاتفاقية عدم التفرقة او التمييز بينهما، سواء اكان المؤلف الذي ينتمي الى جنسية احدى الدول العربية الاعضاء في الاتفاقية مقيماً في دولته ام في خارجها .
الطائفة الثانية – وهم المؤلفون الاجانب الذين يرومون نشر مصنفاتهم في احدى دول الاعضاء في الاتفاقية او في جميع دول الاعضاء ، ففي هذه الحالة يجب تحقق المعاملة بالمثل بين الدولة التي ينتمي اليها المؤلف الاجنبي وبين كل دولة عربية طرف في الاتفاقية على حدة ، سواء تحققت تلك المعاملة بالشكل الدبلوماسي ام بالشكل التشريعي ام بالشكل الواقعي ، حسب الصيغة التي تتحقق فيها مع كل دولة. وهذا ما نصت عليه ، المادة (26) من الاتفاقية في الفقرة (ب) ، بقولها : (تسري احكام هذه الاتفاقية على ما يأتي :
ب- المصنفات التي تنشر ضمن حدود دول الاعضاء ، لمؤلفين اجانب غير مقيمين فيها ، أياً كانت جنسيتهم ، بشرط المعاملة بالمثل ، وبمقتضى الاتفاقيات التي تكون الدولة طرفاً فيها) .
___________________________
1- ومن هذه الدول على سبيل المثال :
(فرنسا ، مصر ، العراق ، الاردن ، دولة الامارات العربية المتحدة ، تونس ، الجزائر ، السودان ، عمان). راجع : د. محمد حسام محمود لطفي ، المرجع العملي في الملكية الادبية والفنية ، الكتاب الثالث ، القاهرة ، 1996 .
2- إذ نصت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون المذكور ، على انه :
( تسري احكام هذا القانون ، على ما يأتي :
2- مصنفات مواطني اية دولة اجنبية تعامل مصنفات مواطني دولة الامارات العربية المتحدة بالمثل) .
3- نشر في الوقائع العراقية ، العدد 1957 بتاريخ 12/1/1971 .
4- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، الجنسية ومركز والاجانب وتنازع الاختصاص القضائي الدولي ، مصدر سابق ، ص397.
5- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، المصدر السابق ، ص397.
6- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، الوجيز في الجنسية ومركز الاجانب ، مصدر سابق ، ص293.
7-راجع : د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، مصدر سابق ، ص269 .
8- المصدر نفسه ، ص 269.
9- د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، المصدر السابق ، ص 269.
0[1]- نقلاً عن : المصدر اعلاه ، ص270 .
1[1]- د. ابراهيم احمد ابراهيم ، نقلاً عن :الدكتور ابو العلا علي ابو العلا النمر، المصدر السابق،ص304.
2[1]- راجع : د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، المصدر السابق ، ص270.
3[1]- المصدر نفسه ، ص271.
4[1]- د. فؤاد عبد المنعم رياض ، الجنسية ومركز الاجانب ، مصدر سابق ، ص196 .
5[1]- تعد اتفاقية (برن) المبرمة سنة 1886 من اهم الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المصنفات الادبية والفنية، وبفضل التعديلات المتلاحقة التي ادخلت عليها استطاعت ان تواكب التطورات المعاصرة وبقيت نافذة حتى وقتنا الحالي . د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، مصدر سابق ، ص273 .
6[1]- المادة الثالثة /1 ، الفقرة (ب) من الاتفاقية .
7[1]- المادة الثالثة / 2 من الاتفاقية .
8[1]- اذ نصت المادة (5) من الاتفاقية على انه :
(يتمتع المؤلفون في دول الاتحاد ، غير دول منشأ المصنف ، بالحقوق التي تخولها مستقبلاً لرعاياها بالإضافة الى الحقوق المقررة بصفة خاصة في الاتفاقية ، وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه الاتفاقية) .
9[1]- د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، مصدر سابق ، ص275 .
20- تم ابرام هذه الاتفاقية في بغداد سنة 1981 ، وقد انضم اليها كثير من الدول العربية ، هي : الاردن ، الامارات ، البحرين ، تونس ، الجزائر ، جيبوتي ، السعودية ، السودان ، سوريا ، العراق ، سلطنة عمان ، فلسطين ، قطر ، ليبيا ، المغرب ، موريتانيا ، اليمن ، الكويت ، الصومال . راجع : د. ابو العلا علي ابو العلا النمر ، المصدر السابق ، ص273.
المؤلف : مراد صائب محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : مبدأ المعاملة بالمثل في مجال المركز القانوني للأجانب
الجزء والصفحة : ص85-93
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك
تمتع الأجانب بحقوق الملكية الأدبية وفقاً للقانون