الآثار الجماعية لزوال الجنسية عن الوطنية المتزوجة من أجنبي في قانون الجنسية رقم (46) لسنة 1990:
المبدأ السائد هنا هو ان الاولاد يتبعون جنسية والدهم ولا يكون لزوال الجنسية عن الأم أي تأثير في جنسيتهم . لكن المشكلة تثور اذا كان الاب متوفياً او ليس لديه جنسية او غير معروف ، ففي هذه الحالات قد يؤثر زوال الجنسية عن الأم في جنسية الاولاد القاصرين فيفقدون الجنسية تبعا لزوالها عن الأم ، اما الاولاد البالغون فلا يكون لزوال الجنسية عن الأم أي تأثير على جنسيتهم إذ يبقى هؤلاء محتفظين بجنسيتهم بعيدا عن جنسية الأم . قبل التعرف على موقف المشرع العراقي في قانون الجنسية رقم (46) لسنة 1990 فأن مما ينبغي قوله هو ان المشرع العراقي عالج هذا الموضوع في المادة (13) من قانون الجنسية رقم 41 لسنة 1963 الملغي . ولقد اثارت هذه المادة الكثير من الخلاف بين الفقهاء فسوف نقوم اولا باستعراض آراء الفقهاء حول هذه المادة ثم ننتقل بعد ذلك الى موقف المشرع العراقي في قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990 ومصدر خلاف الفقهاء هو نص المادة (13) (1).التي تنص على ان: ” اذا فقد عراقي الجنسية العراقية يفقدها ايضا اولاده الصغار…” فذهب فريق من الفقهاء (2). الى القول بأن النص جاء مطلقا بقوله : ” اذا فقد عراقي … ” وحيث ان كل تذكير يشمل التأنيث ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك عليه يمكن التوصل الى القول بان الاولاد الصغار يفقدون جنسيتهم العراقية تبعا لأمهم ولكن ليس بصورة مطلقة ، فاذا كان الأب على قيد الحياة وكان يتمتع بجنسية معينة فلا يكون هناك معنى ان يفقد هؤلاء جنسيتهم تبعا لزوالها عن الأم . وانما هذا الغرض يحدث في حالة ما اذا كان قد توفي او غير معروف ، في هذه الحالة يؤثر زوال الجنسية عن الأم بسبب زواجها من اجنبي على جنسية اولادها القاصرين ، ذلك ان كل تذكير في القانون يشمل التأنيث ما لم تقم قرينة على العكس وهذه القرينة منتفية في هذه الحالة ، فلفظ ( العراقي ) الوارد في الفقرة (ثانيا) المذكورة يشمل الاب والام على حد سواء .
ومن جهة اخرى فان هذا القول يتفق مع مبدأ وحدة الجنسية في العائلة بين الأم واولادها ومن ثم فان اولاد المرأة العراقية من زوج عراقي يفقدون جنسيتهم العراقية اذا فقدت هي هذه الجنسية بتجنسها او بزواجها من اجنبي بعد انتهاء الزواج الاول . وينطبق هذا القول ايضا على اولاد الاجنبية التي تزوجت من عراقي فاكتسبت الجنسية العراقية ثم عادت فاستردت جنسيتها الاجنبية بعد انتهاء الزواج. وذهب فريق آخر من الفقهاء (3).الى القول بخلاف ما سبق حيث قالوا بأن زوال الجنسية عن الأم لا يمكن ان يؤثر بأي حال على جنسية اولادها القاصرين حيث يبقون محتفظين بجنسيتهم العراقية رغم زوالها عن الأم ، ذلك ان لفظ (عراقي) الوارد في الفقرة الثانية من المادة (13) انما تنصرف الى الاب دون الأم. في حين يصف بعض الفقهاء (4). تأييد الرأي هذا الفريق. ان هذا الخلاف ما كان يجب ان يثور على الاطلاق ، فقد نص المشرع العراقي في الفقرة ( أ ) من المادة الثامنة من قانون الجنسية (5). : ” يعتبر عراقيا كل من كان له حين ولادته والد عراقي ” فهل من المعقول ان يقرر المشرع ان الولد يكتسب الجنسية العراقية تبعا لاكتساب والده لها ثم يعود فينقض هذا الحكم ويقرر المشرع العراقي ان الاولاد يفقدون الجنسية العراقية تبعا لزوالها عن الأم. وعلى ذلك يحتفظ الاولاد بالجنسية العراقية التي اكتسبوها تبعا للاب ولا يمكن ان يفقدها حتى لو فقدت امهم هذه الجنسية . هذا وقد رد انصار الرأي الاول بالقول ان الوالد العراقي المذكور في فق (ب) من المادة (8) من قانون الجنسية رقم (6) لسنة 1941 لا يشمل الاب فقط وانما يشمل الأم في بعض الاحيان. والرأي الراجح هو ما ذهب اليه الفريق الثاني من الفقهاء ويؤيده ما جاء في المادة (13) من قانون الجنسية رقم 46 لسنة 1990 هذا الموضوع اذ نصت الفقرة (ثانيا ) على ما يلي :
“ أ- اذا فقد عراقي من اصل غير اجنبي الجنسية العراقية بسبب اكتسابه جنسية ا جنبية ، يفقدها تبعا لذلك اولاده غير البالغين سن الرشد المقيمون معه خارج العراق . ويجوز لهم استعادة الجنسية العراقية بناء على طلبهم خلال سنة من بلوغهم سن الرشد اذا كانوا قد عادوا الى العراقي قبل ذلك .
ب – يفقد اولاده غير البالغين سن الرشد الجنسية العراقية اذا كانوا مقيمين في العراق .
ج- اذا فقد عراقي من اصل عربي او اجنبي الجنسية العراقية ، يفقدها اولاده غير البالغين سن الرشد تبعا له ولهم ان يستعيدوا الجنسية العراقية بتقديمهم طلبا بذلك خلال سنة من بلوغهم سن الرشد اثناء وجودهم في العراق “.
يتضح من نص الفقرة ( ثانيا ) من المادة (13) من قانون الجنسية العراقي رقم (46) لسنة 1990 ان المشرع العراقي فرق بين طائفتين من الاولاد غير البالغين :
الطائفة الاول:
الاولاد غير البالغين الذين ينتمون الى اب من اصل غير اجنبي وهؤلاء على نوعين ، فالنوع الاول هم القاصرون المقيمون خارج العراقي، فهؤلاء يفقدون الجنسية العراقية تبعا لاكتساب والدهم الجنسية الاجنبية . واجاز لهم المشرع العراقي استعادة الجنسية العراقية خلال سنة من بلوغهم سن الرشد اذا كانوا قد عادوا الى العراق قبل ذلك . فيشترط اذا لزوال الجنسية عن القاصرين الذين ينتمون الى أم من اصل غير اجنبي ما يلي :
1- ان تكون الأم من اصل غير اجنبي ، ويعني ذلك ان تكون عراقية بالولادة اصلا ، وعلى ذلك اذا كانت من اصل اجنبي او عربي فلا ينطبق عليهم النص وانما يدخلون في حكم البند (ب) من هذه الفقرة.
2- ان يكون الاولاد مقيمين مع والدتهم خارج العراق .
3-ان لا يكون الاولاد قد بلغوا سن الرشد .
فاذا توافرت هذه الشروط فان زوال الجنسية عن الأم يستتبعه بالضرورة زوالها عن اولادها القاصرين.
هذا وان المشرع العراقي اجاز لهم استعادة الجنسية العراقية خلال سن ارشد وبشرط ان يكونوا مقيمين في العراق ، ومفهوم المخالفة نص البند (أ) من الفقرة (ثانيا) يحتم القول ان الاولاد اذا بلغوا سن الرشد واستمروا على الاقامة خارج العراق ، فان طلبهم لجنسية العراقية لا يمكن تلبيته لعدم وجودهم في العراق حسبما اشترطه المشرع العراقي .
الطائفة الثانية :
الاولاد القاصرون الذين ينتمون الى أم من اصل عربي او اجنبي. ولقد قرر المشرع العراقي حكما مؤداه ان الاولاد القاصرين تزول الجنسية العراقية عنهم اذا اكتسبت والدتهم الاجنبية ، فتزول الجنسية العراقية تبعا لزوالها عن الأم ، دون ان يفرق المشرع العراقي بين الاولاد القاصرين المقيمين خارج العراق ، والاولاد القاصرين المقيمين في العراق . وعلى ذلك فان الجنسية العراقية تزول عنهم حتى ولو كانوا مقيمين مع والدتهم في العراق ويمكن تلخيص شروط زوال الجنسية العراقية عن هؤلاء بما يلي :
1- تكون الأم من اصل عربي او اجنبي.
2- ان لا يكون الاولاد قد بلغوا سن الرشد.
فاذا توافر هذان الشرطان فان الجنسية العراقية تزول عنهم مباشرة وبقوة القانون دون اتخاذ أي اجراء آخر. ولقد اجاز لمشرع العراقي استعادة الجنسية العراقية خلال فترة سنة من بلوغهم سن الرشد على ان يكونوا مقيمين في العراق .
نستنتج مما سبق بيانه :
1- ان الجنسية العراقية تزول عن القاصرين تبعا لزوالها عن الأم بسبب زواجها من اجنبي واكتسابها جنسيته فيما اذا توفي الاب او كان عديم الجنسية .
2- يشترط لزوال الجنسية عن القاصرين تبعا لزوالها عن الأم المتزوجة من اجنبي واكتسبت جنسيته اذا كانت من اصل غير اجنبي ان يكونوا مقيمين مع والدتهم خارج العراق.
3- تزول الجنسية عن القاصرين تبعا لزوالها عن الأم المتزوجة بأجنبي بقوة القانون.
4- للصغار في كلا الحالتين استعادة الجنسية العراقية خلال فترة سنة من بلوغهم سن الرشد على ان يكونوا مقيمين في العراق اثناء تقديمهم طب استرداد الجنسية العراقية .
____________________
1- من قانون الجنسية رقم (43) لسنة 1963 الملغي .
2- حسن الهداوي ، المصدر السابق، ص 126-127.
3-عبدالحميد وشاحي ، المصدر السابق، ص 772-775 . جابر جاد عبدالرحمن، القانون الدولي الخاص العراقي ، ص 1949.
4- جابر جاد ، القانون الدولي الخاص العربي ، ص 366.
5- قانون رقم (6) لسنة 1941.
المؤلف : مثنى محمد عبد القيسي
الكتاب أو المصدر : اثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة
الجزء والصفحة : ص173-177
اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .
مقال قانوني يشرح الآثار الجماعية الناتجة عن زوال جنسية الوطنية المتزوجة بأجنبي