اولاً : مدى فاعلية الرقابة الولائية :

ان الرقابة التلقائية الولائية قد يتعذر اجراؤها في الاحوال التي يستنفذ فيها العضو الاداري سلطته بمجرد اصدار القرار ومن ثم لايجوز له الرجوع فيه وهو امر وارد في مجال فرض الضريبة . غير ان المادة ( 32 ) من قانون ضريبة الدخل النافذ كانت صريحة في اجازتها للسلطة المالية بالرجوع في التقدير على من سبق تقدير دخله باقل من حقيقته اذا ظهرت وقائع مادية بضمنها الاخبار التحريري ولمدة خمس سنوات ماضية باستثناء السنة التقديرية . وعلى هذا الاساس يمكن القول ان الموظف المختص بتقدير الضريبة له ان يرجع في قراره متى ما وجد ان تقديره للضريبة لم يكن حقيقياً . وفي هذا الصدد نجد ان المخمن المختص غالباً ما يعيد النظر في التقدير متى ما حصل على معلومات تفيد بان المكلف الذي تم تقدير دخله قد اخفى مصدراً او اكثر من مصادر الدخل . ففي احدى القضايا كان المخمن المختص قد اعاد النظر في تقدير الضريبة على دخل المكلف بعد ان تم التاكد من ان ذلك الدخل لم يكن دخله الحقيقي وقد أيدت اللجنة الاستئنافية الثانية هذا الاجراء (1). وفي احيان اخرى نجد ان المخمن المختص قد يجري تقدير الضريبة على دخل المكلف باقل من حقيقته و يكتشف ذلك بعد مراجعته لقراره وهذا قد يعرضه للمسؤولية الانضباطية متى ما كان التقدير قد اكتسب الدرجة القطعية وكان المكلف غير مقصر في اداء واجباته الضريبية .

ثانياً : مدى فاعلية الرقابة الرئاسية :

يمارس الرئيس الاداري رقابة فعالة على اعمال مرؤوسيه المبنية على اساس السلطة التقديرية والمتعلقة بفرض الضريبة والغالب في هذا الصدد هو ان الرقابة السابقة اكبر سعة من الرقابة اللاحقة اذ ان هذه الاخيرة لا يمارسها الرئيس الاداري – في الغالب – الا بناءً على تظلم مع ذلك فأنه ما يجري في التطبيق العملي هو ان المكلف قد يعترض على قرار المخمن المختص في امر ما فيبادر الى مفاتحة مركز الهيئة العامة للضرائب والاستفسار عن مدى صحة قراره وبعد ان يتم تدقيق الاضبارة الخاصة بالمكلف المعترض من النواحي كافة فانه قد تتكشف اخطاء اخرى كان المخمن المختص قد وقع فيها وليست لها علاقة بموضوع الاعتراض . وعندئذ تنهض مسؤولية الموظف المختص عن تلك الاخطاء التي تم الوقوف عليها من خلال الرقابة التلقائية التي مارسها الرئيس الاداري اثناء تدقيقه لاضبارة المكلف المعترض على قرار المخمن المختص في غير الشأن الذي تعلقت به تلك الاخطاء . اما الرقابة التلقائية الرئاسية السابقة فانها اكبر سعة من سابقتها وغالباً ما يبتغي الرئيس الاداري منها :

أ- توجيه مرؤوسيه وارشادهم

فبين الحين والاخر يصدر مدير عام الهيئة العامة للضرائب توجيهات الى مرؤوسيه يطلب فيها الالتزام بما ورد فيها ففي احد التوجيهات تم توجيه فروع الهيئة كافة بالالتزام بعدة نقاط كان منها مل يتعلق بالسلطة التقديرية في فرض الضريبة وهي كالاتي :

1-الالتزام باجراء المسح الميداني في الفروع كافة .

2-قيام الفروع بوضع اسعار مناسبة لتقدير قيمة العقارات من خلال لجنة مشتركة مع دائرة التسجيل العقاري .

3-عند تقدير دخل المكلف وفق الضوابط المعمول بها يجب استحصال موافقة مدير الفرع مع ذكر مبررات ذلك على مذكرة التخمين (2).

وقد تكون الغاية من التوجيه احاطة المرؤوسين بمتطلبات المسؤولية الوظيفية ففي احد التوجيهات الصادرة من مدير عام الهيئة العامة للضرائب الى مخمني ومدققي الوحدات التخمينية في فروع الهيئة كافة جاء ما يلي :

“حيث ان طبيعة عملكم وانتشار فروع الهيئة في كافة ارجاء القطر تجعل من المتعذر في ظل الظروف الراهنة الالتقاء بكم جميعاً للحديث معكم حول متطلبات النهوض بمسؤولياتكم الوظيفية ارتأينا مخاطبتكم من خلال هذه الرسالة المباشرة لنضعكم امام مسؤولياتكم ولنذكركم بما مطلوب املين من ذلك استنفار روح المواطنة فيكم وقيم الفضيلة والخير بما يعود على بلدكم ومجتمعكم ومؤسستكم بالنفع العام ويجنبكم مواقع الزلل والانزلاق والانحدار الى مستنقع الرذيلة والفساد … الخ . فليكن كل منكم حريصاً على اداء واجبه وتشخيص من يسيء من بين صفوفنا ويبصر من بمعينه بواجباته ومسؤولياته لكي لا يعم فساد الفاسدين علينا جميعاً وبخلاف ذلك سيظل كل منا متهماً ومداناً في ضمير ابناء شعبنا ومجتمعنا . ومن جانبنا وبحكم مسؤولياتنا التي كلفنا بادائها سوف لن نتهاون مع امثال هؤلاء وسنوقع عليهم ما يستحقونه من عقاب …”(3). من ذلك نلاحظ ان هذه التوجيهات لها اهمية كبيرة في اعداد او تقويم الموظف المختص بفرض الضريبة وعلى وجه الخصوص في الاحوال التي يمتلك فيها ذلك الموظف قدراً من السلطة التقديرية في اتخاذ القرار بفرض الضريبة .

ب- رفع مستوى الوعي الضريبي لدى المكلفين

فقد يهدف الرئيس من رقابته التلقائية السابقة الى رفع مستوى الوعي الضريبي لدى المكلفين من خلال تمكينهم من الوقوف على حقوقهم والتزاماتهم الضريبية ومن ثم معرفة حدود السلطة المتاحة للموظف المختص بفرض الضريبة وتقدير الدخل الخاضع لها . ولاجل بلوغ هذه الغاية نجد ان الرئيس الاداري يتخذ اجراءات معينة ومن ذلك مثلاً ، نذكر ان مدير عام الهيئة العامة للضرائب قد اتخذ اجراءات كانت الى حد ما تحقق المآرب المقصودة منها ومن تلك الاجراءات نذكر :-

1- اصدار النشرة الضريبية الدورية

اذ تتضمن هذه النشرة مواضيع عديدة منها ما يتعلق بالضوابط الخاصة بالتقدير أي نسب الارباح التي يقدرها الرئيس الاداري والتي يجب على المرؤوس التقيد بحدودها . وقد دأبت السلطة المالية على توزيع نسخ من هذه النشرة على المكلفين عند مراجعتهم لها لاتمام التحاسب الضريبي(4).

2- الخدمة الهاتفية الضريبية

بغية تمكين المكلفين من معرفة مدى التزاماتهم وحقوقهم ازاء السلطة المالية فقد استحدث مدير عام الهيئة العامة للضرائب كادراً ادارياً يتولى مهمة الاجابة عن استفسارات المكلفين من خلال الهاتف مجاناً . وقد جاء في الاسباب الموجبة للخدمة الهاتفية الضريبية المجانية ما يلي ” في اطار سعي الهيئة العامة للضرائب لتقديم افضل الخدمات للمواطنين من اجل تعميق الوعي الضريبي للجميع . فقد باشرت الهيئة على بركة الله اعتباراً من يوم السبت 17/11/2001 العمل بالخدمة الضريبية الهاتفية … الخ “(5). والى ابعد من ذلك فان الرئيس الاداري كان يتابع هذا الموضوع ويعالج مواطن الخلل التي تعتريه اينما وجدت . فقد كان الكادر الاداري المكلف بالاجابة عن الاستفسارات يعد احصائيات دورية تتضمن مجموع الاتصالات الواردة الى مركز الهيئة من بغداد وباقي المحافظات (6).وفي احدى الاحصائيات لوحظ تدني نسبة الاتصالات الواردة من محافظات القطر – عدا بغداد – مما اقتضى توجيه الفروع في المحافظات بضرورة الاهتمام بلوحة اعلان الخدمة الهاتفية وتعزيز عدد المطبوعات وتكبيرها وتعليقها بشكل واضح وتوزيعها في اماكن متفرقة وبارزة ليسهل على المواطن الاستفسار عنها (7). من كل ما تقدم نلمس رقابة ادارية تلقائية فعالة خاصة تلك الرقابة السابقة التي يمارسها الرئيس والتي هي بالتاكيد قد حققت نتائج فذة في زيادة الوعي الضريبي وتوجيه المروؤسين وارشادهم وتبصيرهم باهمية المهام التي يباشرونها وهو امر يحد قدر الامكان من تعسف المرؤوس في استعمال سلطته التقديرية .

___________________

1- قرار اللجنة اعلاه المرقم 20 في 19/ 10 / 1995 ماخوذ من ملف قرارات اللجان الاستئنافية لسنة 1995 – غير منشور .

2- كتاب الهيئة العامة للضرائب المرقم 2/ 23927 في 10/12/ 1994 .

3- التوجيه الصادر من مكتب مدير عام الهيئة العامة للضرائب بالرقم 61س/6563 في 22/10/1997 وبالمعنى نفسه انظر التوجيهين المرقمين 43س/1387 في 25/2/2001 و 43س/1471 في 1/3/2001.

4- هذا وقد صدر العدد الاول من هذه النشرة في 15/10/ 2002 ولم يتم اصدار اعداد لاحقة بسبب ظروف الاحتلال ونأمل في المستقبل القريب استئناف اصدار هذه النشرة .

5- انظر كتاب الهيئة العامة للضرائب المرقم 9س / 7200 في 25/11/2001 .

6- انظر على سبيل المثال الاحصائية المقدمة للسيد مدير عام الهيئة العامة للضرائب في 2/6/2002 والخاصة بالاتصالات الواردة الى مركز الهيئة في شهر ايار من السنة 2001 التقديرية وقد تضمنت هذه الاحصائية ورود استفسارات حول الضريبة على ارباح نقل الملكية العقار بنسبة 27% من مجموع الاتصالات و53% من الاتصالات كانت ذات صلة بالضريبة على ارباح الاعمال التجارية و 20% استفسارات اخرى وكانت اغلب الاستفسارات تتعلق بمدى حرية السلطة المالية في التقدير .

7- انظر كتاب الهيئة العامة للضرائب المرقم 9س / 600 / 16ش / 11 في 12/2/2002 .

المؤلف : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي
الجزء والصفحة : ص219-223

اعادة نشر بواسطة لويرزبوك .

مدى فاعلية الرقابة الولائية والرئاسية في مجال فرض الضريبة – مقال قانوني