الوقف
يحقّ للإنسان أن يوقف الأشياء والأماكن والبنايات وفق ضوابط خاصّة، فإذا تمَّ الوقف بشروطه الشرعيّة خرج الشيء الموقوف عن ملك من وقفه وأصبح مالاً لا يوهب ولا يورث ولا يباع إلاّ في حالاتٍ خاصّة نصّت عليها كتب الفقه.
قال ذلك أبي وأضاف:
يكون الوقف تارة للموقوف عليه، كما إذا وقف شخص ملكاً له على أولاده أو جيرانه أو أصدقائه أو غيرهم. وتارة لا يكون كذلك، كما إذا وقف شخص ملكاً له ليكون مسجداً.
وقد يُعيّن الواقف شخصاً على الوقف يدبر شؤونه ويعمل بما قرّره الواقف من شروط، ويسمّى بالمتولّي. وليس للوقف صيغة محدّدة ولا لغة معيّنة، ولو بنى شخص ما بناءً على طراز ما تبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً كفى ذلك في صيرورته مسجداً.
مسائل في الوقف وما يعتبر فيه:
– يعتبر في الوقف الاستمرار والدوام، فلا يصح الوقف إذا حدَّده الواقف بوقتٍ معيَّن فمثلا إذا وقف إنسان داره على الفقراء مدّة سنة فلا يصح وقفاً لأنّه غير دائم ولا مستمر.
– كما ويعتبر فيه أن لا يكون الموقوف عليه نفس الواقف ولو في ضمن آخرين. فمثلا إذا وقف إنسان أرضاً على نفسه مثلاً كي يدفن فيها حين حلول أجله وموته، لم يصح الوقف.
– وإذا وقف الإنسان داره على شخص معيّن أو أشخاص معيّنين كأولاده أو أقربائه صح الوقف بعد قبضهم. ذلك أن الأوقاف الخاصّة لا تصح من دون قبض الموقوف عليه أو وكيله أو وليّه. ويكفي في القبض استيلاء الموقوف عليه أو وكيله أو وليه عليها.
– وإذا كان المال الموقوف بيد الموقوف عليه فيكفي ذلك في قبضه، ولا حاجة إلى قبض جديد.
– والأوقاف العامة لا يشترط في صحّة وقفها القبض.
– ويشترط كما تقدم في الوقف الدوام والاِستمرار، فلا يحق للواقف أن يُحدِّد مدّة معيّنة يرجع بانقضائها ملكه إليه. ويحق له إذا أراد عدم الدوام، أن يحبِّس ملكه ولا يوقفه وهو أن يحبس ملكه على جهة معيّنة أو شخص معيّن، مدّة يحدّدها وحينئذٍ لم يجز له الرجوع قبل انقضائها، حتّى إذا انتهت المدّة عاد كل شيء إلى حالته الأولى. والمثال على ذلك: إذا قال مالك سيارة نقل مثلاً: سيارتي حبيسة على نقل الحجاج إلى بيت الله الحرام عشر سنين. حبست سيارته على نقل الحجاج عشر سنين. فإذا انتهت المدّة المحدّدة، عادت سيارته إلى وضعها.
– ويحق للإنسان أن يحبس ملكه مدّة حياته على شخصٍ معين، ولا يجوز له الرجوع مادام حيّاً، فإذا مات رجع ذلك الشيء إلى ورثته.
– وإذا قال المالك لشخص: أسكنتك هذه الدار لك ولأولادك لم يجز له الرجوع في هذه (السكنى) مادام الساكن موجوداً هو وأولاده فإذا ماتوا رجعت الدار إلى مالكها أو ورثته.
– وإذا قال له: أسكنتك داري مدّة حياتك، فمات الشخص المالك قبل الساكن لم يجز للورثة إخراج الساكن حتّى يموت، فإذا مات عادت الدار للورثة.
– ويجوز للزوج أن يوصي بتحبيس ثلث بستانه على زوجته لتنتفع من وارده مدة حياتها، على أن يعود الثلث بعد وفاتها إلى ورثة الزوج؟