الحكم الذاتي في القانون الدولي والدستوري

أولاً: مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي العام:

يمكن القول أن الحكم الذاتي Autonomie/self- governement من وجهة نظر القانون الدولي، أن يحكم الإقليم نفسه، ويقصد به أيضًا ” صيغة قانونية لمفهوم سياسي يتضمن منح نوع من الاستقلال الذاتي للأقاليم المستعمرة لأنها أصبحت من الوجهتين السياسية والاقتصادية جديرة بأن تقف وحدها مع ممارسة الدولة المستعمرة السيادة عليها”.وقد يطلق عليه أيضاً الحكم الذاتي الدولي International autonomie وهو ينشأ بواسطة وثيقة دولية، سواء كانت معاهدة دولية تعقد بين دولتين بشأن إقليم خاضع لسيطرتها أو عن طريق اتفاقيات تبرمها منظمة الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم.

وقد بدأ مفهوم الحكم الذاتي في البروز عندما هجرت الدول الاستعمارية سياسة اللامركزية في إدارة شؤون مستعمراتها ولجأت إلى تطبيق الحكم الذاتي بهدف تحويل رابطة الاستعمار بينها وبين مستعمراتها إلى علاقة اشتراك بمعنى آخر بقاء المستعمرات في حالة تبعية لكن في إطار جديد هو الحكم الذاتي. ومن هنا كانت العلاقة بين الطرفين على أساس مبادئ القانون الدولي العام، غير أن التحولات التي شهدها العالم بعد الحرب العالمية الأولى وتأسيس عصبة الأمم وتبنيها لنظام حماية الأقليات ونظام الانتداب Mandat جعلت مفهوم الحكم الذاتي يعرف تطوراً أساسياً، فقد تمكنت الدول الاستعمارية من إيجاد صيغة قانونية لاستمرار هيمنتها الاستعمارية وذلك عن طريق تطبيقها لنظام الحكم الذاتي في مستعمراتها.وقد أدى هذا التطور الذي شهده مفهوم الحكم الذاتي إلى خروجه من نطاقه الضيق كعلاقة داخلية إلى المجال الدولي واكتسابه بعد ذلك بعداً قانونياً دولياً. وتم التنصيص عليه بعد ذلك في ميثاق الأمم المتحدة في الفصول 73 و 74 .

وفي الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة وفي المادتين 73 و76 أشير إلى مفهوم الحكم الذاتي، والتزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين يضطلعون بإدارة أقاليم لم تنل شعوبها قسطا من الحكم الذاتي الكامل بمراعاة العمل على تنمية هذه الأقاليم، وشمل هذا الالتزام جانبين:أولهما، كفالة تقدم هذه الشعوب، و ثانيهما إنماء الحكم الذاتي.
غير أن الدول الكبرى، آنذاك أصرت على ضرورة أن يكون الحكم الذاتي، وليس الاستقلال هدف هذه الشعوب والأقاليم التابعة والمستعمرة، سواء أكان في مناقشات مؤتمر سان فرانسيسكو،أو في مناقشات اللجان الفرعية فيما بعد، على الرغم من اعتراض بعض ممثلي الدول على عبارة “الحكم الذاتي” إذ كانوا يرون فيها ذريعة لتهرب الدول المستعمرة من منح الاستقلال السياسي الكامل للبلدان المستعمرة، وفي مقابل ذلك رأوا ضرورة النص على الاستقلال السياسي الكامل، كهدف للدول التي لم تكن تمتع بالاستقلال آنذاك.

وهكذا قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل لجنة في عام ً1946 عرفت فيما بعد بلجنة الإعلام عن الأقاليم غير المحكومة ذاتيا” non-self governing territories ” وشغل تعريف هذه الأقاليم حيزاً كبيراً من المناقشات، وذلك في ضوء المادتين73 و76 من الميثاق وشارك في هذه المناقشات دول عديدة،في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومصر، والهند والفلبين وغيرها.

وأفضت هذه المناقشات إلى تبني عدد من المعايير العامة التي لا بد من توافرها في الإقليم، حتى يمكن انطباق صفة الحكم الذاتي عليه وهي:
1 – ضرورة وفر سلطة تشريعية في الإقليم تولى سن القوانين، ويتم انتخاب الأعضاء بحرية، في إطار عملية ديموقراطية أو أن تشكل بطريقة تتوافق مع القانون، وتجعلها موضع اتفاق السكان.
2- سلطة تنفيذية يتم اختيار الأعضاء في جهاز له هذه الصلاحية ويحظى بموافقة الشعب.
3- سلطة قضائية يناط بها تطبيق القانون واختيار القضاة والمحاكم.
كما تضمنت هذه المعايير ضرورة التحقق من مشاركة السكان في اختيار حكومة الإقليم من دون أية ضغوط خارجية مباشرة،أو غير مباشرة، من طريق أقليات محلية مرتبطة بقوى خارج الإقليم، تريد فرض إرادتها على الأغلبية، وبالمثل توفر درجة من الاستقلال الذاتي على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والتحرر من الضغوط الخارجية، وتحقيق المساواة بين مواطني الإقليم في التشريعات الاجتماعية وغيرها.
إن الإعلان الخاص بالأقاليم التي لا تتمتع بالحكم الذاتي اعتبر بمثابة إعلان حقوق لشعوب المستعمرات، ورغم أن هذا الإعلان لم يحدد موقفاً واضحاً وقاطعاً من المسألة الاستعمارية، ولم ينص صراحة على حق شعوب المستعمرات في الاستقلال أو الحكم الذاتي فإن إدراجه في الميثاق شكل نقطة الانطلاق الرئيسية لعمل منهجي ومنظم قامت به الدول المناهضة للاستعمار في الجمعية العامة للقضاء على الظاهرة الاستعمارية تماماً

ثانًيا: مفهوم الحكم الذاتي في القانون العام الداخلي (القانون الدستوري):

قام مشرعو القانون العام الداخلي في الدول التي أسهمت ظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية في وجود قوميات أو جماعات متباينة، بمحاولات للتخفيف من الطابع الاستعماري للحكم الذاتي، وذلك بتصويره فكرة مستمدة من مبدأ تقرير المصير القومي ، وقاموا بتنظيمها في إطار قانوني ليكون أساس لحل المسألة القومية ومشكلة التكامل ومن خلال ذلك ظهرت تطبيقات عديدة ومتباينة في كل من إيطاليا وإسبانيا والسودان والعراق.
كما أن أكثر الحركات القومية والتنظيمات السياسية في الدول متعددة القوميات، اقتنعت بأن الحكم الذاتي يمثل أحد أشكال التعبير السياسي القومي التي يمكن بواسطتها تنمية التراث الحضاري والثقافي، وقيام الجماعات القومية بإدارة شؤونها الداخلية في إقليمها القومي، وانطلاقًا من هذا التصور للحكم الذاتي اتجهت هذه الحركات إلى تبني هذا النظام، دون رفع شعار المطالبة بالانفصال والاستقلال التام، حفاظا على وحدة الوطن وصيانة الوحدة الوطنية، ولقد ساعدت هذه الظواهر الجديدة على التخفيف من الآثار الاستعمارية التي علقت به في ظل السياسة الدولية، إذ اتجهت معظم الدول التي تعاني من الصراع الداخلي وعدم التكامل إلى النص صراحة على الحكم الذاتي في صلب دساتيرها.

ويمكن القول أن المقصود بالحكم الذاتي الداخلي “Autonomie Interne” هو نظام قانوني وسياسي يرتكز على قواعد القانون الدستوري، وبتعبير آخر هو نظام لا مركزي، مبني على أساس الاعتراف لإقليم مميز قومياً أو عرقيا داخل الدولة بالاستقلال في إدارة شؤونه تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية. ولهذا فهو في نطاق القانون الداخلي أسلوب للحكم والإدارة في إطار الوحدة القانونية والسياسية للدولة.

كما أشارت بعض المواثيق الجهوية إلى مفهوم الحكم الذاتي، فقد عرف الميثاق الأوربي الحكم الذاتي المحلي (Autonomie locale)، في مادته الثالثة بأنه “قدرة الوحدات المحلية، والإقليمية الفعلية وحقها في تنظيم وإدارة جانب كبير من الشؤون العامة تحت مسؤولياتها، ولصالح سكانها في إطار القانون” وأن هذا الحق “يمارس عن طريق مجالس، أو جمعيات، مشكلة من أعضاء منتخبين في اقتراع حر وسري، ويتميز بالمساواة، سواء أكان مباشرا أو عاما، ولهذه الجمعيات والمجالس أن تمتلك أجهزة تنفيذية مسؤولة تجاهه”.
إن الهدف الأساسي من الأخذ بتطبيق الحكم الذاتي في القانون الوضعي، هو حماية قومية أو حماية جماعة عرقية معينة، تقطن في إقليم (مميز تاريخيا وجغرافيا) ضمن أقاليم الدولة التي تمتاز مجتمعاتها بالتعدد العرقي والجغرافي، وبالتالي يرتبط مفهوم الحكم الذاتي بمبدأ القوميات ارتباطاً هاماً ووثيقاً. كما أن تطبيقات الحكم الذاتي الداخلي لا تأخذ شكلاً واحداً، بل إن تطبيقاته تختلف من دولة لأخرى حسب الظروف التاريخية والسياسية والقانونية.

ثالثا: مشكلات الحكم الذاتي في التطبيق:

*مشكلة الشخصية الدولية:
إن الدولة كوحدة للقانون الدولي تتمتع بالشخصية الدولية، مع مراعاة ما يرافق ذلك من حقوق والتزامات، فهي تتمتع بالسيادة على إقليمها، وتشارك في الأنشطة التي تهم الجماعة الدولية ككل، ولها الحق في تقرير سياستها الخارجية.
غير أن مختلف تطبيقات الحكم الذاتي سواء كان داخليا أم خارجيا، لم تتمتع الأقاليم الخاضعة له بالشخصية الدولية، فمثلا تونس في الإطار الاستعماري و “بورتوريكو” و”غرينلاند” ، لم تحظ، طبقا للحكم الذاتي، الممنوح لها، بحق تقرير الشؤون الخارجية والدفاع.فبورتوريكو ترتبط بالولايات المتحدة الأمريكية باتحاد حر، وتقوم هذه الأخيرة بتقرير شؤون الدفاع والخارجية. وفي “غرينلاند” تقوم حكومة الدانمرك بتقرير سياستها الخارجية، مع استشارة “غرينلاند” عندما يتعلق الأمر بقضايا تخصها كالعلاقة مع دول الإتحاد الأوربي، أما تونس، فكانت فرنسا هي التي تتولى إدارة شؤونها الخارجية وتمثيلها على المستوى الدولي، أما اسبانيا، فلا يختلف الأمر،إذ تتمتع المناطق المحكومة ذاتياً بصلاحيات تشريعية وتنفيذية محدودة بنطاق الإقليم، بينما احتفظت السلطة المركزية في مدريد بتقرير السياسة الخارجية،، وشؤون الدفاع والأمن والخارجية، وتقرير السياسات المالية العامة والأنظمة المصرفية المعمول بها في البلاد، وكذلك عقد المعاهدات، سواء كانت اقتصادية أو عسكرية أو سياسية.
والنتيجة المترتبة على ذلك، أن وحدات الحكم الذاتي، سواء كانت في الإطار الداخلي أو الدولي، وسواء تعلق الأمر بالأقاليم أو الجماعات القومية، لا تحظى بالشخصية الدولية، ومن ثم فليست موضوعاً للقانون الدولي وإنما موضوعاً للقانون الداخلي وشخصًا له.

5 – استغلال الموارد الطبيعية:
تتفاوت سلطة الحكومات الذاتية على مواردها الطبيعية واستغلالها بتفاوت طبيعة ونوعية الحكم الذاتي ودرجته التي تتمتع بها ففي الحكومات الفيدرالية القوية نجد أنها تنزع إلى السيطرة على هذه الموارد واستغلالها، خصوصًا في قطاع المناجم والمعادن، وتحظى كثير من الوحدات الذاتية بالسيطرة على مواردها الطبيعية، كإريتريا و”غرينلاند” نظرا لأهمية هذه الموارد الطبيعية في هذه الأخيرة، فقد تشكل مجلس مشترك بين حكومة الإقليم والحكومة الدانمركية للإشراف على هذه الموارد واستغلالها.
إن المطالب الطائفية من أجل السيطرة على الموارد الطبيعية تعتبر نقطة حرجة في الصراعات العرقية السياسية بدءا من أستراليا إلى حوض الأمازون إلى تلال “ستاجونج” (مجموعة التلال بالبنجلاديش)، مثل تلك المطالب تقاوم من قبل مسؤولي الدولة لخوفهم من وقوفها عائقا أمام التنمية الاقتصادية وهي هدف ضروري للسياسة العامة سواء في الدول الصناعية الشمالية أو الدول الجنوبية النامية.

إن الحل المناسب لتخطي تلك الفجوة هو الإدراك بأن الشعوب الطائفية تريد التنمية شرط أن يستطيعوا التحكم فيها والتمتع ببعض مزاياها. ففي الستينات بدأ “الأبورجيين” في أستراليا الاحتجاج من أجل حقوق الأرض وذلك أدى على إعادة تنظيم الحكم الذاتي لهم في أراضي شاسعة في المنطقة الشمالية وجنوب أستراليا.ورفعت القضايا وأجريت المفاوضات بخصوص التنقيب عن المعادن واستخراجها ووصلت الاتفاقيات إلى السماح لهم بالتطور والتحكم على المؤثرات البيئية والثقافية، وأعطيت امتيازات رئيسية للمناطق “الأبورجية” ومجالس الأراضي التابعة لها
وفي حالة إقليم الباسك، احتفظ الدستور الإسباني بالصلاحية المطلقة للحكومة المركزية، بحق إصدار التشريعات الأساسية الخاصة بحماية البيئة، والأخشاب، وكذلك تنظيمات البحرية والصيد، وسلطة ضبط المياه ومصادرها وتصريحات التجهيزات الكهربائية عندما تؤثر طاقتها في الأقاليم الأخرى، إضافة إلى الطاقة والمعادن، في حين أن سلطة الحكم الذاتي احتفظت بمسؤولية عن الجبال والغابات والزراعة والصيد في المياه الداخلية ومصادر المياه الداخلية وقنوات الري وإنتاج وتوزيع ونقل الطاقة الداخلية، طالما ظلت هذه المسؤولية في الحدود التي لا تمس الأقاليم الأخرى، ويحتفظ إقليم الباسك كذلك بمراقبة التخطيط المديني، والأشغال العامة، وبناء الطرق في الإقليم.

*مشكلة توزيع الصلاحيات:
تتوسط هذه المشكلة كافة نظم الحكم الذاتي، وتتلخص في كيفية توزيع الصلاحيات التنفيذية، والتشريعية، بين الأقاليم المحكومة ذاتيا، وبين السلطة المركزية، وهناك ثلاثة طرق لتوزيع هذه الصلاحيات، هي: أولاً، تعيين الصلاحيات التشريعية والتنفيذية بين الوحدات الذاتية والسلطة المركزية، وتتمثل عيوب هذا الحل في وجود فجوات في الممارسة، نظراً إلى تداخل العديد من الصلاحيات والمجالات في التطبيق، فضلاً عن أنه نظري أكثر منه عملي، ثانيا،الاقتصار على توزيع وتعيين صلاحيات الوحدات الذاتية في مجالات محددة، كما في إسبانيا وإيطاليا وكندا،ثالثا، الاكتفاء بتعيين الصلاحيات والمجالات التي تقتصر على الدولة والسلطة المركزية ذات السيادة.

* مشكلة الإقليم:
تتوقف إثارة مشكلة الأراضي في الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي وفقا لطبيعة المشكلات المنوط به معالجتها، وكذلك طبقاً للسياق التاريخي، بجوانبه القومية والثقافية. ففي حالات عديدة لا تمثل الأراضي مشكلة محورية، إذ غالباً ما يتقرر وضع الأراضي طبقا لما كانت عليه في السابق، أي قبل قيام سلطة الحكم الذاتي (تمثل الحالة الفلسطينية استثناء من ذلك)، أي أنها تمثل جزءاً لا تجزأ من إقليم الدولة، وإذا ما أثيرت فإنها تثار تحت صيغة تحويل أو تفويض سلطة الحكم الذاتي إدارة الأراضي الداخلة في نطاق الخدمات والنشاطات التي تمارسها.
وعلاوة على ذلك، غالباً ما يتم الإشارة أو النص في تقرير صيغة الحكم الذاتي حول المساواة بين مواطني إقليم المتمتع بالحكم الذاتي والمواطنين الآخرين في الأقاليم المختلفة للدولة المعنية في تملكها وشرائها والانتقال من الإقليم وإليه من دون حواجز ثقافية أو لغوية أو عنصرية، وذلك إعمالاً للمساواة بين المواطنين التي تكفلها الدولة وتدخل ضمن صلاحياتها، وكذلك تأكيدا لسيادة الدولة على الأراضي والأقاليم كافة الخاضعة لها.

* المسائل الأمنية:
تقتصر المسائل الأمنية في تطبيقات الحكم الذاتي على الأمن الداخلي المحدود بنطاق الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، ذلك أن قضايا الأمن القومي تدخل في عداد صلاحيات الأجهزة المركزية للدولة، وطبقا لذلك فأن معظم الوحدات المتمتعة بالحكم الذاتي لها صلاحية تشكيل قوة شرطة محلية. وحتى في المجالات التي لا ينص فيها على ذلك فإن الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي بإمكانه تشكيل قوة شرطة محلية تضمن تنفيذ التشريعات في مجال الضرائب والتجارة، وحماية البيئة، كما هو الحال في جزيرة غرينلاند وفي إقليم الباسك.

* السياسة الاقتصادية والمالية العامة:
تمثل وحدات الحكم الذاتي ، بدرجات متفاوتة، جزءاً من اقتصاد قومي موحد وسياسة مالية موحدة على الصعيد القومي، إذ تحتفظ الحكومة المركزية بحقوق وصلاحيات لا تقبل المنازعة في تقرير السياسة المالية، وسك النقود، وتحديد معدلات الصرف، والإشراف على نظام قومي للجمارك والضرائب،كذلك في وضع خطط التنمية الاقتصادية، وعقد الاتفاقيات المالية، والقروض مع الدول الأجنبية ومع ذلك، فقد تسمح الدولة في بعض الحالات للحكومات الذاتية، بفرض وتجميع بعض الضرائب المحلية، أو تفويضها في ذلك.
وخلاصة القول، أن الحكم الذاتي- سواء كان دولياً أو داخلياً- له طبيعة خاصة من المرونة وعدم الاستقرار، فهو لا يأخذ شكلا صالحا للتطبيق في أي من الدول على اختلاف ظروفها وأوضاعها.
كما يكون للقواعد القانونية التي تنظم الحكم الذاتي دور هام في تحديد مساره، ومما يؤكد ذلك، أن مفهوم الحكم الذاتي في نطاق العلاقات الدولية والسياسة انقلب من علاقة داخلية بحثة بين الدول الاستعمارية ومستعمراتها إلى علاقة دولية، فهو تحول من وسيلة استعمارية غير مرغوب فيها إلى فكرة قانونية مشروعة وجد النص عليها في العديد من الوثائق والاتفاقيات الدولية. وفي نطاق القانون العام الداخلي، لم يأخذ وضعاً ثابًتا رغم تطبيقات عديدة له.

مفهوم الحكم الذاتي في القانون الدولي العام والقانون الدستوري