العنف والغضب – ما بينهما اشارات تنبيه وتحذير


العنف والغضب – ما بينهما اشارات تنبيه وتحذير



معنى العنف.



العنف هو مصدرللسلطة التي يمكن ان تخضع الاضعف .ويظهر العنف عندما يكون ثمة فقدان للرقابة المجتمعية والمؤسساتية او فقدان للوعي العلمي والمعرفي لدى افراد معينيين او جماعات معينة . يجسد العنف صورة عدوانية للانسان المتسلط لاتخاذه السلوك اللاعقلاني واللااخلاقي .الشخص العنيف يؤمن بان سلوك العنف فضيلة يحقق له استمرار هيمنته على الاخر ويتمسك به كاسلوب ضروري في علاقته مع الاخرباستخدام القوة او التهديد بها بوسائل عديدة ذات مؤثرا ت مادية او معنوية نفسية لاخضاعه تحت سيطرته وفرض عليه ارادته ورغباته



نجد العنف الظاهرة الشائعة في المجتمع العراقي اليوم وخاصة بعد دخول الاجنبي المحتل مع كافة اجندته ومقاصدها الخبيثة وبعد ممارسة العملية السياسية الجديدة ونظامها الديمقراطي التعددي وما حصل من تداعيات مختلفة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري القائمة على الاختلاف والخلاف بين مختلف الكتل والقوى السياسية والمجتمعية من اجل مصالحها الخاصة طيلة السنين الماضية ولم يعد ذلك المجتمع الموحد المتماسك في قيمه وتقاليده وافكاره الوطنية مناسبة للمرحلة السياسية الجديدة في حياته وما يتطلع الى البناء والاعمار الجديد ومستقبل زاهرمنشود.. تكاد تكون مظاهر العنف تؤطر كل جوانب ومفاصل الحياة الاجتماعية من مكونات وتقاليد وسلوك واهداف وغايات متنوعة .

 ان انواع العنف كما هو معروف وشائع 

  1. العنف اللفظي 
  2. والعنف الجسدي او الجسمي 
  3. والعنف النفسي .


ونظرا لاتساع جوانب العنف واسبابه وابعاده لذلك يقسمه علماء النفس والاجتماع الى 

  • العنف الاسري او العائلي
  •  والعنف الرسمي
  • والعنف المحلي ,(المجتمع المحلي) ,
  • والعنف الاعلامي
  • والعنف السياسي

 وزيد عليه اليوم عنف الفساد المالي والاداري الذي طغى في البلاد عرضا وطولا واصبح ظاهرة بلا حدود وبلا رقيب ولا رادع. اثار العنف يترك العنف من خلال ممارسة انواعه وضروبه المختلفة الالام النفسية والجسدية لخلق عدم التوازن النفسي والرعب والخوف وعدم الراحة والطمانينة لدى المعنف افراد او جماعات معينة لتحقيق غايات معينة وتتنوع وتتعدد هذه الاثار حسب شدة العنف وانواعه

 .


تولد هذه الاثارالعنفية الغضب لدى المعنفين وردود افعال حسب قوة العنف الواقع عليهم وقد تترك اثارا سلبية في الواقع الاجتماعي اذا ما اتسم الغضب بالغلو والشدة غير الضرورية وغير المنطقية وتصبح العدوانية في الغضب سلبية فيه اكثر من كونها منطقية وطبيعية للدفاع عن النفس والحقوق ( هذه العدوانية التي تلازم الطبيعة البشرية انها ليس من المحتم على الاطلاق ان تعبر عن نفسها بالعنف . كما يراها الفيلسوف الفرنسي الاختصاصي في اللاعنف جان ماري مولر.) ان ما بين الغضب والعنف اشارات تنبيه وتحذير لابد من الانتباه اليها لئلا نندم بعد فوات الاوان . من منا لايغضب في اليوم عشرات المرات من مشاهد لا تعد ولا تحصى.من تصرفات البعض المسيئة للاعراف والتقاليد والقيم الاجتماعية .
والتجاوزات على حدود الاداب العامة .ومن التجاوزات على راحة وطمانية الناس المسالمين لقلة حياء وضعف خلق وعدم احترام مشاعرالناس وكرامة الانسان .وكم هي المعانات اليومية التي يعيشها الناس بسبب تهميش حقوقهم الانسانية وانتهاك حرماتهم من اطرا ف عديدة افراد وجماعات وجهات عديدة الانواع والاصناف .

ومن منا لم يغضب من ضنك العيش وجشع البائعين والتجاروارتفاع الاسعار.الم يغضب العاطلون عن العمل الم يغضب الشباب الباحث عن المستقبل المنشود ولم يرى اي بصيص من الامل له .

من منا لا يغضب من ضعف الامن والاستقرار.وكثرة الاستفسارات عن الهوية والعنوان والمقصد وكانك في بلد غريب ليس بلدك تلحق بك علامة الشك اينما تكون .

 ومن منا لا يغضب حتى داخل بيته يوميا عشرات المرات لاسباب عديدة لاتحصى من هموم اقتصادية واجتماعية .



















وفي المجتمع المحلي الذي نعيش فيه من اسباب طارئة توغلت فيه افكاروتقاليد وسلوكيات غريبة ودخيلة فككت نسيجه واضعفت تماسكه وعلاقاته الموحدة كما كانت بالامس القريب .

من منا لايغضب من التفجيرات الارهابية والاعمال الاجرامية ضحيتها عشرات من الشهداء والمصابين من المواطنين الابرياء ومن كل يوم لدينا فيه شهيد وحريح ويتيم وارملة وثكلى .

 ومشاهد ووقائع وتداعيات عديدة تمر بحياة الانسان كل يوم تكون داعية باسبابها واضرارها والامها الى القلق والنفور والتذمر والانزعاج مما تثير المخاوف والجزع من اثارها المؤلمة المادية والمعنوية وقد تحدث من شدتها القلق النفسي والاضطرا ب الفكري في هذه الحالة الحرجة ينبغي من الانسان العاقل السوي ان يكبح جماح غضبه ونفور نفسه وانزعاجها من هذه الارهاصات المزعجة والمقلقة والعدوانية بحقه وبمشاعره وبامنه واستقراره .

 وفي الحديث الشريف (انما الصبر عند الصدمة الاولى ) ان يمتلك الانسان العاقل المؤمن القدرة على كبح مشاعرغضبه من الانفلات والتهور عندما تتاجج العواطف وتثار المشاعر ويزداد القلق ويشتد الخوف ويضيق الصدر من تلك التداعيات المؤلمة والاضرارالبليغة مما اصابه من البلاء والاعتداء وضياع الحقوق ومن منغصات الحياة العديدة .

 ولكي يكون نموذجا وقدوة للاخرين من الاعتدال في تصرفه واخذ الحكمة والعفو بروح سمحة . (الكاظمين الغيض والعافين عن الناس والله يحب المحسنبن ). مما يجلب هذا التصرف محبة الناس وثقتهم به بهذا السلوك الانساني الحميد .

ومن لا يستطيع ان يسيطر على غضبه فيندفع نحو التهور فيطلق لسانه بالسب والشتم وقذف الكلمات البذيئة واطلاك اليد للبطش والضرب والحاق الاذى بما لا يلزم ذلك او اي تصرف وسلوك عنيف غير منطقي وغير عقلاني من غير وعي وادراك وتبصر لعواقب الامور.

فتتعقد الامور وتلتبس المشاكل فيضيع حقه وتترتب عليه حقوق كثيرة من سوء تصرفه الاعقلاني. .ان تعظيم الامورمن المصائب والبلاءات مما يبتلى الانسان بالهم والغم والوساوس والهواجس تسلب راحته وطمانينته انهالاتحل مشكلة بل تعقدها وتشكلها.

من الطبيعي ان كل انسان يغضب حينما يشعر بالظلم والحرمان مهما كان نوعه وحجمه وطبيعته ومصدره يحزن ويتذمر ويشتكي ويرفض ويطالب بالانصاف والعدالة ورفع الظلم واحقاق الحق ووضع الحد للعدوان والاذى من اي فرد او جهة كانت ولكن ان تكون بالطرق الاصولية والقانونية والشرعية (الصبر مفتاح الفرج) دع القلق واسلك طريق الحكمة والمنطق والعقل والعمل الصالح ما يشرح به صدرك ويسعد حالك وقيل (ان من بعد كل شدة فرج .) ما يدعوا الى الغضب والغلو فيه بالاسباب التالية :

  • 1- عدم اعطاء المشكلة حجمها الطبيعي .تتاجج العواطف وتعصف المشاعرعند سببين – عند الفرحة الغامرة والمصيبة الداهمة في الحديث الشريف (اني نهيت عن صوتين فاجرين صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة .)
  •  2- الخوف والوجل من المستقبل وضيق الصدر. من ضعف الايمان واليقين بقضاء الله وقدره .اعلم( لو اجتمعواالناس على ان يضروك بشئ لن يضروك الا بما كتب الله لك به ولو اجتمعوا على ان ينفعوك لن ينفعوك الا بما كتب الله لك به).
  •  3- ضعف العلم والمعرفة وقلة التجربة في الحياة .ان العلم نور للبصيرة وحياة للروح وقل ربي زدني علما.وان الجهل موت للضميرومحق للعمر.
  •  4- الطموح والمبالغة في الامال والتطلعات.عدم القناعة بما هو عليه من الحال والله يقدر الرزق كيف ما يشاء ذلك مما يولد الحسد والغيرة لما عند الناس ويعيش في قلق تسلب راحته (لا راحة لحاسد ولا عيش لمريض ولا امن لملحد).
  • 5- عدم المسامحة والعفو. وقيل ان العفو مثوبة وشرف

  • 6- عدم الصير على المكاره .وقيل ان الحلم عز والصمت يقهر الاعداء ,,.
  • 7- عدم احتمال النقد والاهتمام بالاقوال المسيئة والتفكير بها كثيرا بمالايلزم .اذا اتتك مذمة من ناقص فتلك هي شهادة بانك كامل . توقف عندما يعتريك الغضب او بوادره . كن حازما حتى ترى وتبصر وتترقب وتعيد النطر وتقرئ العواقب وتقدر الخطوات وتبرم الراي وتحتاط وتحذر لئلاتندم تسلح بالحكمة والعقل لتكن ثابت القدم سديد الراي اذا هاجمتك الاخبار واشكلتك المسائل فلا تتعجل بالبوادر والاقوال والافعال لئلا تندم .وقال احد الحكماء (ابغض بغيضك هونا فعسى ان يكون حبيبك يوما واحب حبيبك هونا عسى ان يكون بغيضك يوما )

 وقالو: لان تخطئ في العفو خير من ان تخطئ في العقوبة .(فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ). وقيل :ان كلام الشتم والسب والاهانة لايهدم مجداولا ينسف نورا مضيئا) ما بين الغضب والعنف وقفة حرجة حينما يتجاوز الغضب الحدود الحمراء فيتحول الى عنف فيتجه الانسان الغاضب الى التهور بارتكاب الاعمال والاقوال العنيفة اتجاه الاخروالغلوا بارتكابها للثار والانتقام ولاطفاء غليل المشاعر الثائرة الحاقدة الناقمة العمياء من دون ضابط يوقفها او وازع يمنعها .وما يترتب من جراء ذلك التهور الاثار السلبية و الاضرار المادية والمعنوية بما لايستوجب ذلك ومخالفة للتقاليد والاعراف الاجتماعية والضوابط القانونية والقيم الانسانية .

لابد من اخذ الحذر عند الغضب لئلا نندم من قبل افراد اوجماعات من بعد ان نخطئ ماذا يفيد الندم بعد ذلك حينما يتحول الى عنف يهتك الاعراض ويسفك الدماء ويلوث الشرف والسمعة ويهدم البيوت ويكشف المستور وينتهك الحرمات والمقدسات وينتهك حقوق الانسان الشرعية الانسانية وحينما يتعدى على راحة واستقرار وطمانينة المواطنين حينما تتسع دائرته العنفية بين اهله وجماعته واقرانه بحكم الحسب والنسب والعشيرة والطائفة وغيرها مع الاخرين . لابد من ان نتسلح بالقيم الاخلاقية والانسانية لكي لا نغضب بشدة فحسب وانما نقف بحزم جميعا ضد العنف مهما كان نوعه ومصدره الذي يعرض حياة الناس للخطر بكل شجاعة واقتدار لاشاعة الامن والسلام .ولكن باسلوب المنطق والحكمة والحق والعدالة والقانون .

بقلم المستشار المحامي فاروق العجاج – العراق
رابط الفيس بوك : Faruk Alajaj



انظر ايضا:


سلم رواتب الموظفين
شرح نظام العمل السعودي
اتعاب المحاماه




العنف والغضب – ما بينهما اشارات تنبيه وتحذير



معنى العنف.