هل يحق للزوج الانتفاع بدار الزوجية طيلة حياته بعد وفاة شريك العمر؟
منذ القرن التاسع عشر انتهى عصر الملكية المطلقة غير المقيدة الذي عززته الثورة الفرنسية و باتت للملكية ( وظيفة اجتماعية ) تسمح المشرع التدخل بتقييدها أو الحد منها أو حتى نزعها .
و لا أدلّ على ذلك من نظام ضابطة البناء الذي يفرض قيود على مالك الأرض تمنعه من ممارسة حقه الطبيعي بالملكية بأن يبنيها كما يشاء ، و إنما عليه التقيد بالأنظمة البلدية التي تعتبر من النظام العام ، و ذات الأمر ينطبق على تشريعات الاستملاك و التأميم و التملك في مناطق الحدود ، و الحد الأعلى للملكية الزراعية .
و من هذا المنطلق أيضاً تفرض الدولة في بعض المناطق على ملاك الأراضي الزراعية زراعة نوع معين من المزروعات يتناسب مع سياسة الدولة بالنسبة للمحاصيل الاستراتيجية .
و الأمثلة على قيود الملكية و توظيفها اجتماعياً أكثر من أن تحصى .
و تأكيداً لهذا النهج نلحظ أن مطلع أول مادة في القسم الثاني من القانون المدني المتضمن الحقوق العينية نص على :
(( لمالك الشيء وحده في حدود القانون ….. )) ( م 768 مدني سوري )
أي أن الملكية ليست مطلقة و إنما يحد منها القانون .
و بالتالي من المستساغ قانوناً فرض قيد على الملكية كما ورد بنص المادة 10 من قانون الإرث للطوائف الأرثوذكسية رقم 7 لعام 2011 الذي يقول أنه في حال وفاة أحد الزوجين وبقاء الآخر على قيد الحياة فإنه يستمر بالانتفاع من بيت الزوجية مدى الحياة دون أن يكون له حق الإجارة و يسقط هذا الحق بالزواج أو التأجير.
و مثله نص المادة نص المادة 180 من قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية رقم 31 لعام 2006 .
و في الواقع إن مثل هذه النصوص و القيود على الملكية تجد لها سنداً من المادة 20 من الدستور التي تنص على واجب القانون بالحفاظ على الأسرة و تقوية أواصرها ، و لا شك أن حماية أحد ركنيّ الأسرة (الزوج أو الزوجة) من سلطان أحد الورثة المالكين على الشيوع ، بإزالة هذا الشيوع ، و تعريضه أحد أركان الأسرة الذي أفنى عمره في بنائها لخطر الخروج للشارع ، من أولى واجبات القانون .
لذلك مازلنا نرى وجوب لحظ مثل هذه النصوص في كافة قوانين الأحوال الشخصية لكافة الطوائف ، و من الممكن طبعاً تحسين النص ليلحظ فيما إن كان المسكن فائض عن الحاجة أو حالة العم زوج الأم أو الخالة زوجة الأب الصغيرة بالسن ، بوضع معايير تمنع التعسف و الظلم .
بقلم المحامي عارف الشعَّال
أقرأ أيضاً: