قانون-وكـالةُ المحامي تمنحه حقَ الحضورِ عن ذوي الشأنِ أمامَ دوائرِ الشرطةِ والنيابة العامّة واللجانُ القضائية والإداريّة ذات الاختصاص القضائي، وكذا، هيئات التحكيم والمحاكِم بدرجاتها، وهو ما جاءَ بنصّ المادة 36 من القانون العربيُّ الموحد للمحاماة لسنة 2002م، وما اشترطه كذلك دليلُ الإجراءات الموحّد لأقلام المحاكم الصادر عن مجلس القضاء الفلسطيني الأعلى، وكذلك، المادة 15/1 من اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة السعودي لسنة 1422هـ التي بيّنت المقصود بالوكالة عن الموكل في الدعوى، والتي هي استلامُ وثيقة التوكيل منه، سواءٌ كان بينهما عقدٌ أو لا، ولو لم تُرفع الدعوى، أو رُفعت ولم تتم مباشرتها، كما يُقصد بذلك مباشرة الدعوى في حالة إثبات التوكيلِ في محضر الضبطْ، ولو لم يتم إنهاء الترافعِ فيها لأي سبب.
وقد قَضت محكمةُ الاستئناف المختلط المصرية في اجتهادها الصادر بتاريخ 18 كانون أول/ديسمبر 1945م بأنّ الاستدعاء المقدم إلى محكمة الاستئناف والموقّع من شخصٍ غيرَ محامٍ يعتبرُ كأنه غير موجودْ؛ أمـّـا محكمة التمييز اللبنانية فقد غالت في ذلك، وقضت باجتهادها الصادر بتاريخ 17 نيسان/أبريل 1974م بأن “مسألةَ التثبّتِ من صحّة التمثيل في المحاكمةِ هي من النظام العام، ويجوزُ بالتالي إثارةُ الدفعِ المتعلّقِ بها في أي وقتٍ من أوقات المحاكمة، وحتى أمامَ محكمة الاستئناف لأولَ مرّةٍ ولو بعد فوات مهلة الاستئناف”.
وكانت ذات المحكمة قد قرّرت أن التثبّت من صحةِ الوكالةِ ومن صدورها ممن له صفة للمخاصمة أمرٌ يتعلقُ بالنظام العام، ويجبُ على محكمةِ الأساس أن تقومَ به من تلقاءِ نَفسها، كما يجوزُ أن يثارُ لأولَ مرّةٍ أمامَ محكمة التمييز (أنظر: اجتهاد الرابع عشر من نيسان/ أبريل 1961م)، كما قضت بتاريخ العاشرِ من نيسان/ أبريل 1974م أنه “لا بدَّ للمحامي من أن يذكر أسمَ الخصمِ في الدعوى وأنه يمثلهُ كوكيلٍ عنهُ، أمـّا إذا ذُكر اسم المحامي دون أسم الموكّل، فينشأُ عن ذلك عيبٌ يؤدي إلى بطلانِ الأوراق والإجراءات، وبالتالي إلى بطلان المحاكمة، بُطلاناً نسبيّاً كون ذلك لا يخالفُ قاعدةً من قواعِد النظام العام، بل يتعلقُ بمصلحةِ الخصم الآخر، ولا يجوزُ بالتالي التمسّك به إلا من قِبلِ هذا الأخيرْ”.
وتحقيقاً للفائدة، نَرى من الواجب استعراض اجتهاد محكمة النقض المصريّة في الطعنِ رقم 829 لسنة 53 قضائية الصادر بتاريخ 24 شباط/فبراير 1988م في موضوعِ التوكيلِ بالخصومةِ، والذي حَظر على محكمةِ الموضوع التصدي لعلاقةِ الخصومِ بوكلائهمْ إلا إذا أنكرَ صاحبُ الشأنِ وكالة وكيلِه، فإذا باشرَ المحامي الإجراء قبل إن يستصدر توكيلاً لهُ من ذي الشأنِ الذي كلّفهُ بالعملْ، فلا يُعترضُ عليه بأن وكالتهُ لم تكن ثابتةٌ قبل اتخاذِ الإجراء ما لم ينصُّ القانون على خلافِ ذلك.
أخيـراً، فقد جاء باجتهاد محكمة النقض السورية رقم 248 لسنة 1953م “أن الوكالة الخاصة المتضمنة التوكيل بالمحاكمة والمخاصمة وبطلب ما في ذمة الخصم من الحقوق والمطالبة بصورة شاملة جميع ما يتفرع عن الخصوص المذكور، تجعل للوكيل الحق في مباشرة الأعمال المحدّدة فيها وما تقتضيه من توابع ضرورية وفقا لطبيعة العمل وللعرف الجاري ومنها الإقرار بالخصومة، وبالتالي فان التوكيل بالخصومة يشمل مطلق الجواب في الدعوى سواء بالإقرار أو بالإنكار عملاً بما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة خلافاً للإمام الشافعي”.
بقلم: المسـتشار/ أحمـــد المبيض
كلمات دلالية: شروط ,صحّة, وكالة, المحامي, في القانون ,والاجتهاد, المقارن.