في الشطب
بقلم القاضي حسين أحمد
بتاريخ ٣ / ١ / ٢٠١٦ صدر قانون أصول المحاكمات المدنية الجديد ، وهو اعُتبر نافذاً من بداية شهر شباط من نقس العام.
وهو كقانون ينظم عمل المحاكم ، جاء ببعض الأحكام الجديدة ، من ذلك ما نص عليه بخصوص شطب الدعوى ، وأثره هذ الشطب على إشارتي الدعوى والحجز الاحتياطي .
وفي هذا الخصوص اقانون أعاد ترتيب وصياغة المادة ( ١١٩ ) في القانون القديم فغير رقمها حيث أصبح رقمها ( ١٢٠ ) ونصها وفق التالي :
أ – شطب الدعوى إلغاء لاستدعائها.
ب – لا يُسقط شطب الدعوى الحق ولا الإدعاء به.
ج – يترتب على الشطب ترقين إشارتي الدعوى
والحجز الاحتياطي بحكم القانون.
د – تسري أحكام هذه المادة على الدعاوى أمام
محكمة الاستئناف ، ومحكمة النقض في
الحالات التي تصبح قيها محكمة موضوع.
هـ – لا يقبل الحكم الذي يصدر بشطب الدعوى
وترقين إشارتي الدعوى والحجز ، الطعن إلا
لخطأ في تطبيق القانون.
ونحن إذا ما تجاوزنا عن العيوب القانونية في هذا النص ، نجد إن القانون :
– هو جعل الشطب إلغاء لاستدعاء الدعوى
بعدما كان إبطالاً له وفق القانون القديم.
– هو رتب على الشطب الترقين الحكمي لإشارة
الدعوى أو إشارة الحجز الاحتياطي.
– هو سرّى هذا الحكم على الدعوى أمام محكمة
الاستئناف ، وأمام محكمة النقض ، إذا أصبحت
محكمة موضوع في الطعن الثاني ، وكأنه
يتصور الشطب في غير هذه الحالة !!!!
– هو لم يجيز استئناف قرار الشطب إلا لخطأ في
القانون.
ومنذ إن صدر هذا القانون ، ثار جدل حول موضوع الشطب ، وآثاره ، فيما يتعلق بالترقين الحكمي لإشارتي الدعوى والحجز الاحتياطي.
فالبعض قال :
بأنه ولئن كان القانون قال بأنه بالشطب ترقن هاتين الإشارتين بحكم القانون ، إلا أن هاتين الإشارتين لا تفقدان أثرهما القانوني ، حتى يتم تنفيذ قرار الشطب في السجل العقاري ، وهم اعتبروا بقاء الإشارة على الصحيفة العقارية ، يبقى منتجاً للآثار القانونية ، حتى ترقين الإشارة فعلاً.
وهم استندوا في هذا المذهب الذي ذهبوه ، إلى حجج واقعية وقانونية ، معروفة للأغلبية ولا مجال لذكرها ، ولكن أهمها أن النص الجديد يعني إنه إذا تم شطب الدعوى ، وسهت المحكمة عن ترقين هاتين الإشارتين ، فإن المقصود بعبارة الترقين الحكمي لهما ، هو أن يتم ترقين هاتين الإشارتين بنص القانون ، على اعتبار قرار الشطب سها عن الترقين أو خلا من فقرة حكمية تقضي بالترقين.
والبعض الآخر :
ذهب إلى إنه وبمجرد الشطب ، يزول أي أثر لهاتين الإشارتين ، حتى ولو يتم ترقينهما فعلاً عن الصحيفة العقارية ، بحيث لو حصل وتم وضع إشارة خلال هذه المدة تأخذ الأسبقية والأفضلية على الإشارة التي تم وضعها بالاستناد إلى الدعوى المشطوبة ، ما دامت هذه الدعوى قد تم شطبها.
وهم وفي هذا المذهب لهم حججهم الواقعية والقانونية ، وهي أيضاً باتت معروفة للأغلبية ، مما لا مجال لذكرها ، ولكن أهمها النص القانوني وفق صياغته الجديدة ، والغاية التي سعى إليها المشرع من وراء مثل هذا النص.
وأنا في ضوء النص القانوني ، والجدل الذي ثار حوله ، وتوضيحاً له أقول التالي :
اولاً :
ــــــ .
معلوم أن قرار شطب الدعوى ، هو قرار قضائي مثله مثل أي قرار قضائي أخر ، وهذا القرار لا يُنفذ إلا وفق الأصول القانونية ، وأهما وجيبة التبليغ قبل التنفيذ ، ذلك أن القانون أجاز استئناف قرار الشطب ، لسبب يتيم هو الخطأ في تطبيق القانون.
فكيف يقول البعض بلزوم ترقين الإشارة تبعاَ للشطب ، بمعاملة إدارية ، وبموجب كتاب يُرسل من ديوان المحكمة إلى السجل العقاري ، وفي حال فرضنا جدلاً جواز ذلك ، من سيلاحق هذا الكتاب ومن سيدفع النفقات والرسوم اللازمة لتنفيذه في السجل العقاري.
والأهم من كل هذا في حال حصل استئناف لقرار الشطب وتم نقضه ، لخطأ في القانون ، من سيتحمل تبعة ترقين الإشارة في مثل هذه الحالة !!!
ثانياً :
ـــــــ .
معلوم للكافة أنه وفي ظل القانون القديم ، كان وعندما كانت تسهو المحكمة عن ترقين إشارة الدعوى ، يتم تلافي ذلك عن طريق ما يُعرف بطلب تصحيح خطأ مادي ، حيث تتلافى المحكمة هذا النقص بقرار تصحيح خطأ مادي ، تتخذه في غرفة المذاكرة ، بناء على طلب أحد من الخصوم أو من تلقاء نفسها.
وهذا الإجراء كان اجتهادياً ، ومما استقر عليه التعامل القضائي.
لكن أن يقصّر البعض ، من أصحاب الرأي الأول حكم الفقرة ( ج ) من المادة ( ١٢٠٠ ) أصول جديد على هذا الأمر ، فأنا لن أقول بهذا الخصوص أي شيء ، إلا أنني سوف أورد لهم مع تعقيب بسيط نص الفقرة ( ب ) من المادة رقم ( ٢٢٠ ) أصول جديد ، وهو نص مُستحدث ، لم يكن موجوداً بين دفتي قانون أصول المحاكمات القديم ، وهو جاء وفق التالي :
أ – إذا سهت المحكمة عن ترقين إشارة الدعوى
أو الحجز الاحتياطي ، في حال وجوبه
واكتسب الحكم الدرجة القطعية ، تتولى
المحكمة من تلقاء ذاتها أو بناء على طلب
صاحب المصلحة في الدعوى ترقينها بقرار
يُتخذ في غرفة المذاكرة ، ويقبل التنفيذ مع
الحكم الأصلي أو بعد تنفيذه ]
وأعقب فأقول :
ــــــــــــــــــ .
هذا تقنين لما كان متعارفاً عليه في مثل هذه الحالات ، وما جرى عليه التعامل القضائي ، لدى المحاكم ، قبل صدور قانون أصول المحاكمات الجديد.
أما قصرّ أثر شطب الدعوى ، على مثل هذه الحالة ، والقول بأن المقصود بالترقين الحكمي ، هو ترقين الإشارة ، حتى لو سهت المحكمة عن القضاء بذلك ، فهذا مما لا يقبله المنطق.
فمعلوم أنه ليس من المستحسن في علم التشريع ، أن يناقش القانون ، أي قانون ، حالة واحدة ، في موضعين مختلفين ، وبموجب نصين قانونيين ، وردا في نفس القانون ، كما في الحالة موضوع البحث.
فكيف يقول القانون في المادة ( ١٢٠ ) بأن الشطب ترقين حكمي لإشارتي الدعوى والحجز الاحتياطي ، ومن ثم نفس القانون ، وفي الفقرة ( ب ) من المادة ( ٢٢٠ ) يناقش حالة سهو المحكمة أو إغفالها ترقين إشارة الدعوى أو إشارة الحجز الاحتياطي ، ويجيز معالجة هذا الخطأ ، عن طريق قرار تصحيح خطأ مادي !!!!!!!!!!