دور اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في تطبيق القانون الدولي الانساني الاستاذ الباحث عبدالاله الشمري معهد العلمين للدراسات العليا


دور اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في تطبيق القانون الدولي
الانساني
 الاستاذ الباحث
عبدالاله الشمري
معهد العلمين للدراسات العليا 
 دور اللجنة
الدولية لتقصي الحقائق في تطبيق القانون الدولي الانساني
 الاستاذ الباحث عبدالاله الشمري – معهد العلمين
للدراسات العليا
     يقدم هذا البحث لمحة عامة عن اللجنة الدولية
لتقصي الحقائق, من حيث الاسباب والعقبات التي تقف حائلا امام مباشرتها اختصاصاتها,
وعدم فاعليتها على الرغم من دخولها حيز النفاذ منذ ما يزيد على 25 سنة, و لم تقع
الا حالة واحدة جرت فيها الاستعانة بالفعل بخدماتها, رغم تزايد حدة النزاعات التي
شهدها العالم, حيث تُنتهك يوميا قواعد القانون الدولي الانساني؛ كما جرى خلال هذه
الدراسة مناقشة الاجراءات الواجب اتباعها لتجاوز هذه العقبات
.
   
يتكون البحث من مقدمة وخاتمة وثلاثة فصول ينص الفصل الاول الى (الطبيعة
القانونية للجنة الدولية الانسانية لتقصي الحقائق والتشكيل) والذي يقسم بدوره الى
مبحثين يتناول الاول (الطبيعة القانونية للجنة) في حين يعالج الثاني (تشكيل اللجنة
الدولية الانسانية لتقصي الحقائق ونشأتها
) وفي هذا الفصل بالتحديد, تبين لنا ان اللجنة
الدولية لتقصي الحقائق هي الصورة الأولى لجهاز دائم محايد حيث ارتبطت بنشأة
القانون الدولي الإنساني والذي يعد فـرعا مـن القانـون الدولـي العـام, الـذي
بدوره ينظم العلاقات بين الشعوب المختلفة
.
اما الفصل الثاني فتكفل بـبيان ( اختصاصات
اللجنة الدولية الانسانية لتقصي الحقائق) والذي يقسم بدوره الى مبحثين الاول
(التحقيق في وقائع معينة) والثاني (المساعي الحميدة للجنة الدولية) وقد وضح هذا
الفصل وبالتفصيل اختصاصات اللجنة الدولية الانسانية لتقصي الحقائق والتي تتركز
بالتحقيق في الوقائع المتعلقة بأي ادعاء خاص بمخالفة جسيمة كما حددتها الاتفاقيات
والبروتكول, او اي انتهاك جسيم للاتفاقيات او البرتوكول, فهي تختص بالتحقيق في
الوقائع ولا تختص بإصدار الاحكام, اذ انها لا تملك صلاحية اصدار حكما رسميا يقرر
ان هذه الوقائع, لو ثبت حدوثها, تشكل مخالفة جسيمة او انتهاكا جسيما
.
     
اما الفصل الثالث والذي كان بعنوان (فاعلية اللجنة الدولية الانسانية)
والذي يقسم بدوره الى مبحثين الاول (نطاق عمل اللجنة) والثاني (عقبات عمل اللجنة
واجراءات تجاوزها). فقد تناول فاعلية اللجنة الدولية الانسانية من خلال نطاق
عملها, والمتمثل بانتهاكات النزاعات المسلحة وانتهاكات اتفاقية جنيف 1949
وانتهاكات البروتوكول الاضافي الاول لعام 1977.
    
كما بيَّن امكانية امتداد نطاق عمل اللجنة الى النزاعات غير الدولية. كما
تطرق ايضا الى توضيح مفهوم الانتهاكات الجسيمة والتمييز بينها وبين المخالفات
الجسيمة. وعقبات عمل اللجنة واجراءات تجاوزها
.
   
وقد توصل البحث الى جملة من النتائج والتوصيات والتي نذكر منها
: ان واضعي البروتكول الاضافي الاول قد
وفَّقوا الى حد بعيد في اقرار آليات لمتابعة تنفيذه حين استحدثوا نظام اللجنة
الدولية لتقصي الحقائق
,
والتي تمثل وسيلة
تكميلية لتعزيز تنفيذ واحترام القانون الدولي الانساني. فهي تشكل هيئة مكملة للجنة
الدولية للصليب الاحمر لكن متميزة عنها
.
يعتمد تطبيق القانون
الدولي الانساني بالدرجة الاولى على مدى قوة وقدرة تنفيذه في ذاتها وعلى مدى اتاحة
الفرصة وملاءمة الظروف لتلك الاليات حتى تنهض بدورها لتشمل جميع مراحل النزاع
.
   
اللجنة الدولية لتقصي الحقائق منظمة غير متحيزة ومحايدة ومستقلة، تؤدي مهمة
إنسانية بحتة تتمثل في التحقيق في وقائع معينة, والمساعي الحميدة بين اطراف النزاع
.
     
تختص اللجنة الدولية لتقصي الحقائق بالتحقيق بالنزاعات المسلحة الدولية
فقط, أما النزاعات المسلحة غير الدولية، التي ينظمها البرتوكول الإضافي الثاني
لعام 1977 فإن اللجنة غير مختصة بالنظر بتلك النزاعات, رغم ان اللجنة عبرت عن
رغبتها في اكثر من مناسبة ان لديها صلاحية تلقي طلبات للتحقيق ولبذل مساعيها
الحميدة فيما يزعم وقوعه من انتهاكات في اوضاع النزاعات المسلحة غير الدولية ايضا
وحتى وقت كتابة هذه السطور لم يتم استخدام هذه الآلية في أي نزاع حدث
.
    
رغم ان اللجنة الدولية لتقصي الحقائق ليس لها اختصاص قضائي, الا انها لها
تأثير في المجال القضائي الدولي, حيث ان الجهات القضائية الدولية يمكنها الاستناد
الى تحقيقات اللجنة والنتائج التي تتوصل اليها, ذلك ان اللجنة تتسم بالحياد
والنزاهة وان اعضاءها يؤدون مهامهم بصفتهم الشخصية وبشكل مستقل عن دولهم
.
    
تتولى جميع التحقيقات في اللجنة غرفة تحقيق تنشأ خصيصاً للقيام بهذا الدور،
تتكون من عدد سبعة أعضاء، يعين عدد خمسة منهم بواسطة رئيس اللجنة من أعضاء اللجنة،
على الا يكون أي منهم من أطراف النزاع ، ويعين العضوين الأخرين بواسطة أطراف
النزاع ،على أن يقوم كل طرف بتعيين عضوا
. رغم اهمية لجنة تقصي الحقائق في تنفيذ القانون
الدولي الانساني الا ان هذه اللجنة لم تمارس – ومنذ تأسيسها- الا حالة واحدة جرت
فيها الاستعانة بالفعل بخدماتها, رغم تزايد حدة النزاعات التي شهدها العالم
.
   
لا يمكن للجنة الدولية لتقصي الحقائق مباشرة التحقيق من حيث المبدأ إلا بعد
موافقة جميع الأطراف المعنية، ولكن لا يوجد ما يمنع دولة ثالثة أن تطلب من اللجنة
إجراء تحقيق في مخالفة جسيمة أو انتهاك خطير للقانون الإنساني يرتكبه أحد أطراف
النزاع، شريطة أن يكون الطرف المعني قد اعترف أيضًا باختصاصات اللجنة
.
   اما
التوصيات فنذكر منها

:
محاولة تطبيق قواعد
المسؤولية الدولية أثناء النزاعات المسلّحة غير الدولية , من أجل رصد الانتهاكات
الجسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني المطبقة على هذه النزاعات المسلّحة ,
ونعتقد أن أفضل سبيل لتطبق هذا الأمر يكون من خلال إعطاء اللجنة الدولية لتقصي
الحقائق الدور الفاعل في مراقبة تطبيق قواعد القانون الدولي الإنساني أثناء
النزاعات المسلّحة غير الدولية
.
     
تعديل ما يتعلق بآلية التحقيق في انتهاكات القانون الدولي الإنساني، والغاء
شرط الموافقة من قبل الدول على التحقيق, وأن يصبح التحقيق أمراً مفروضاً على
الدولة التي تنتهك أحكام القانون الدولي الإنساني بغض النظر عن موافقتها
.
   محاولة
توسيع ولاية لجنة تقصي الحقائق للتوسع حتى تتمكن من أن تعالج مجموعات انتهاكات
أوسع نطاقا بكثير وتغطي فترات زمنية أطول وفي ظروف أشد تعقيدًا.