التسليم المراقب في جريمة المخدرات الباحث العميد الحقوقي أياد عاشور كاظم البحراني معهد العلمين للدراسات العليا

التسليم المراقب في جريمة المخدرات بقلم الباحث العميد الحقوقي أياد
عاشور كاظم البحراني
التسليم المراقب في جريمة المخدرات
 بقلم الباحث العميد الحقوقي أياد
عاشور كاظم البحراني معهد العلمين للدراسات العليا

يعتبر التسليم
المراقب ابرز آليات التعاون الدولي في مكافحة جرائم الاتجار غير المشروعة بالمخدرات
من خلال قطع الطريق أمام عصابات المخدرات من العبور عبر الحدود بين الدول والتوصل إلى
الرؤوس المدبرة لهذه الجرائم.
وقد عرفت
اتفاقية (فينا لعام 1988) في الفقرة (ز) من المادة الأولى بـــ ( أسلوب السماح
للشحنات غير المشروعة من المخدرات أو المؤثرات العقلية بمواصلة طريقها إلى خارج إقليم
بلد أو أكثر أو عبره أو في داخلهُ بعلم سلطاتهُ المختصة وتحت مراقبتها بغية كشف
هوية الأشخاص المتورطين في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (1) من المادة
(3ن) الانتقالي ).
كذلك تضمنت
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة و دخلت حيز التنفيذ في 29/9/2003
والتي تضمنت الفقرة (ط) من المادة (2) منها على تعريف التسليم المراقب
 
)يقصد بتعبير التسليم المراقب الأسلوب الذي يسمح
لشحنات  غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من إقليم
دولة أو أكثر وتحت مراقبتها بغية التحري عن جرم ما وكشف هوية الأشخاص الضالعين في
ارتكابها
(.
هذا على صعيد
الاتفاقيات الدولية أما على صعيد القوانين الوطنية فلقد تضمنت قوانين العديد
من الدول على نصوص قانونية تتضمن التسليم المراقب , ومن هذه الدول فرنسا حيث نص
قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي على أحكام التسليم المراقب في المادة (706 – 32)
حيث ورد فيه أنهُ لأجل ضبط الجرائم المنصوص عليها في المواد (222 -34) إلى (222 –
38)
من هذا القانون ومعرفة مرتكبيها والوصول أليهم (ومن أهمها جريمة جلب وتصدير
المخدرات)
فأن الضباط و الشرطة القضائية يستطيعون بعد أبلاغ النائب العام مراقبة نقل المواد
المخدرة
وهؤلاء جميعاً لا يسألون جنائياً وذلك أذا قاموا بحجز أو حيازة أو نقل أو تسليم
المواد المخدرة
أو نتاجها .
ومن هذا نلاحظ بأن التشريع الفرنسي قد أجاز استعمال أسلوب التسليم المراقب
من أجل ضبط العناصر الإجرامية .
كما أن هنالك
عدد من التشريعات العربية تضمنت أحكاماُ لتنظيم التسليم المراقب في مكافحة المخدرات
ومن هذه التشريعات هو القانون السوري لمكافحة المخدرات رقم (2)
لسنة 1993 حيث نصت المادة (68) منهُ
] يجوز لوزير الداخلية بناءً على عرض
مدير أدارة مكافحة المخدرات وأعلام وزير العدل ومدير الكمارك أن يسمح خطياً
بمرور شحنة من المواد المخدرة عبر أراضي الدولة إلى دولة أخرى
[.
كذلك القانون
اللبناني رقم (673) لسنة 1998 لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف في
المادة (220)آلية استخدام التسليم المراقب.
كذلك عالج
مشروع قانون الإجراءات الجنائية المصري في الباب الثالث منهُ على التسليم المراقب
حيث تضمن آلية التسليم المراقب والذي أجاز للنائب العام السماح بعبور أشياء تعد
حيازتها جريمة كما أن هذا المشروع لا يقتصر على شحنات المخدرات فقط وإنما اتسع
نطاقهُ ليشمل مختلف الأشياء التي تعد المتاجرة بها والحيازة جريمة أو المبالغ المستحصلة
منها.
وحسناُ فعل
المشرع العراقي عندما شرع قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50 ) 
لسنة 2017 حيث نصت المادة (45) منه على
]  لوزير الداخلية بالتنسيق مع وزير الصحة
و وزير المالية بناءً على أذن قاضي التحقيق استخدام أسلوب التسليم المراقب
للمخدرات
والمؤثرات العقلية والسلائف الكيميائية بغية كشف العصابات الإجرامية المتعاملة
بتلك المواد
[
من كل ما ورد أعلاه
أود أن أبين من العرض السابق بأن خطورة جرائم المخدرات ذات جسامة
وتتعاظم جسامتها من النتائج المترتبة عنها والتي قد تدفع إلى ارتكاب أنواع أخرى من
الجرائم
كالقتل والسرقة و أستغلال الأطفال والفقراء في تسهيل المتاجرة بالمخدرات بين الدول
وداخلها
وكذلك
ارتباطها الوثيق بجرائم غسيل الأموال التي تعتبر الباعث الدافع للمتاجرين بالمخدرات

واستثمار أرباحهم غير المشروعة والتي أصبح من الضروري أن تتكاتف الجهود الدولية
والوطنية في ملاحقة الذمة المالية المستحصلة عن هذه الجرائم و مصادرتها كذلك أن
عملية التسليم المراقب تؤدي إلى تحديد هوية المحرضين والممولين والمتاجرين
والوسطاء و سائر العناصر المشتركة في الشحن والتهريب والتصدير والقبض عليهم .