بقلم الحقوقي فاروق العجاج
الاختزال عملية توصيح مبسطة وشفافة من غير تعقيد او ارباك لحقائق المواضيع وطبيعة تفاصيلها ومضامينها بحيث تساهم على توضيح معالم المقاصد المطلوبة والمهمة لكل قارئ وعلى مختلف مستوياتهم ولكل من يستمع الى مفاهيمها والافكار المنوطة ببرامجها نظريا وعمليا بحيث لا يؤثرذلك على اصل الموضوع والمبادئ والاسس التي بني عليها .
ولكن ما نرى في الشؤون السياسية ومن اعمال الساسة العراقيين انهم يختزلون العقود والسنين الماضية وما تم فيها من كفاح ونضال وبناء واعمار بدقائق من غير توضيح لها ومن غير بذل جهد فكري او ابداع نظري لابراز معالمها الحقيقية وكان الامر هو مجرد تاريخ من ماضي غابر اكل عليه الدهر وشرب لا قيمة له اليوم في هذه الدنيا الجديدة عصر النهضة والتغيير المنشود والمزعوم . ويختزلون القوانين والمبادئ الشرعية بشعارات وافكار ونظريات ما انزل بها من سلطان على وجه الارض وكان العراق بلا تاريخ قانوني او شرعي او مبدئي . اختزل الساسيون كل شئ وفق تصوراتهم الكتلوية والعنصرية والمذهبية فاختزلوا حتى الدولة العراقية فجعلوها ناصية لحكمهم وطغيانهم وجبروتهم ولاثرائهم غير المشروع.
واليوم يختزل السياسيون مجلس النواب فجعلوه محلسا لمآربهم واطماعهم الفئوية والكتلوية والمصالح الشخصية, وجيروا كل قراراته باسمهم وليس باسم الشعب صاحب المصلحته الاساسية والشرعية اولا واخيرا وسوف يعلم هؤلاء الساسة المتغافلين عن هذه الحقيقة عن قريب وان الصبح لناظره لقريب .وسوف يختزل التاريخ من يستحق اختزاله نهائيا ومن غير اسفا عليهم.
الذين يحاولون اختزال الأزمة في كونها تعبر عن تصادم بين حركة حريات مدنية وبين سلطات غير ديمقراطية، يقعون في عملية تبسيط واختزال، بل وتزييف لوعي الناس، يراد من خلالها إخفاء الحقائق المهمة ,التي كانت سبباوراء ايقاف واعاقة عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي . وان الحريات في أسوء وضع لها منذ سنوات عديدة، و من غير حقوق ومساواة بين الناس . ان الأزمة اليوم بوصفها الحقيقي ناجمة عن «تسلط واستبداد سياسي»
احد اهم ظواهر المحاصصة السياسية بين القوى المتنفذة في العملية السياسية وهي بوابة الصراع المتعدد الجبهات بين مختلف الاطراف , متخذين الهيمنة على السلطة كاساس للهيمنة على العملية السياسية برمتها وجعلها اداة لمآربهم الاخرى . كما أن الذين يحاولون اختزال الأزمة في كونها مجرد «صراع سياسي» يرتكبون خطأ مزدوجا بتغيب الطبيعية الاجتماعية- والإقليمية والدولية للموضوع. والبعض الاخر يرى انها نتيجة صراع مقاومة للإرهاب..
ولن تستقيم الحياة دون تطبيع كامل لحياتنا السياسية.تستوجب مراجعة تامة لتقييم الاوضاع واستخلاص الدروس والعبر بمشاركة كافة الاطراف الوطنية والمراكز الاجتماعية والسياسية والقوى الشعبية في حوار مشترك لا تغييب ولا تهميش لاي طرف كان.في اطار تجمع وطني حر في قراراته وملزم للجميع عبر مؤسسات الدولة الرسمية والمجتمعية.وسيكون مجلس النواب احد اهم المشاكل التي سيناله التقييم في اعماله وانجازاته ومصير مستقبله القادم وخلاصة العملية السياسية ومدى اخفاقها في مسيرتها السابقة حتى اليوم .