تعد المجالس النيابيّة ممثلاً للشعب ، وحلقة وصل بينه وبين السلطة الحاكمة ، مع أنّ لها دوراً في وضع ما يتلائم وتحقيق مصالح تلك المجتمعات وفق رؤى آنيّة ، وتطلعات مستقبليّة ، وإستناداً لأسس الماضي ، ومحاولة تجديدها وفق المستجدات المتغيّرة كي تنسجم واتجاهات المجتمعات .وإنطلاقاً من هذا المبدأ ـ والذي بات أمراً واقعاً لا محيص عنه ـ بدأت المجتمعات بتسمية ممثليها وفق آليات الإنتخاب، تحقيقاً لذلك الغرض .
ولأجل ذا وذاك نجمل القول بأنّ لهم حق تشريع القوانين الملزمة ، وإن لم تكن- في حكمها الأوّلي- تتمتع بنوع من الإلزام ولو لبعضها .
ويرى بعضهم أنّ لها حق ملء منطقة الفراغ التشريعي، على بيان سيأتي إن شاء الله .
فالمجلس النيابي -إذن – غير مجلس الشورى – الذي يعمل في محور آخر ، قد يكون في عرضه من جهة إستقلاليّة كل منهما ، ولكلٍ عمله مستقلاً وفي إتجاه مغاير ، وقد يكون في طوله إن كانت التوصيات ترفع من المجلس النيابي ، وللشورى الموافقة عليه، أو لا، وبالعكس، كما سيأتي في بيان أساليب التشريع في المجلس النيابي العراقي نموذجاً .
إلا أنّ الكلام الذي نحن بصدده حاليّاً هو : هل أنّ لهذه المجالس تشريع القوانين الوضعيّة- كما هو المتعارف – ، أو أنّ لها طابعاً شرعيّاً ؟
ومما هو معلوم أنّ القسم الأول خارج تخصصاًُ عن محل البحث ، وأما القسم الثاني ، فيأتي التساؤل عن صفة إعتباره الشرعي ـ بعد الجزم بعدم فقاهة بعضهم أو جلهم فيما يتعلق بالمجال الشرعي في الجملة ، وإن كانوا فقهاء في المجالات غير الشرعيّة ـ هل هو بتفويض من الفقيه، أو أنّهم محور لتحرير الموضوعات ؛ ليحكم فيها الفقيه ، أو هو إمضاء لما يفعلون ـ حفظاً للنظام ـ كما يرى آخرون وبالحكم الثانوي ؟
ثم أي المجتمعات هي التي تمثلها المجالس النيابيّة ؟
تساؤلات عدّة تدعو إلى وضع منهج هذا المبحث وفق النقاط الآتية في حلقات متسلسلة يوميا بالقريب العاجل