الوقت الثمين والمأزق السياسي د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

 

الوقت
الثمين والمأزق السياسي

د.
ايناس عبد الهادي الربيعي

 


الوقت الثمين والمأزق السياسي

د. ايناس عبد الهادي الربيعي

 

   على الرغم من
مرور اشهر على الانتخابات التشريعية والتي تم اجرائها في تشرين الاول الماضي نجد
ان الانسداد السياسي في العراق يراوح في مكانه ، قد يرى الخبير المختص في ذلك بعض
الايجابيات من خلال كون العمل على تشكيل حكومة اغلبية هو ترسيخ للعملية
الديمقراطية من جهة ، في حين قد تتمثل السلبية في ذلك في كون ذلك لن يمثل تغيرا
جوهريا في العملية السياسية في العراق ، وانطلاقا من ذلك تجد ان الموقف بحاجة الى
حوار منظم ومنتظم بسياق مؤسسي بجداول زمنية محددة لكون استمرار الفراغ السياسي هو
امر محفوف بالمخاطر مع عواقب محتملة على المدى البعيد تقوض استقرار البلد لذا على
الجميع من شركاء العملية السياسية الاتحاد بدلا من التنافس لحل العالق من القضايا
بروح الشراكة والتعاون على كافة الاصعدة واستغلال الفرصة لذلك ولا سيما ان الوضع
الاقتصادي بات في طريقه الى التحسن بسبب انخفاض العجز وزيادة الاحتياطات من العملة
الاجنبية ، ومع ذلك فان الحاجة الى اصلاح هادف بحلول دائمة وهيكلية هو المطلوب في
ظل تحديات مالية واقتصادية والبيئية لدرء عدم الاستقرار في المستقبل فالوقت ينفذ
في العراق بتحديات قائمتها تطول والتي باتت في الصدارة التحديات البيئية والتي في
مقدمتها ندرة المياه والتي تتطلب اتخاذ خطوات عاجلة لإدارة الموارد المائية بشكل
فعال ، أضف الى ذلك ان من الجدير بالذكر

   ان التكهنات
منذ انعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي في العاشر من تشرين الاول الماضي هو
تأخر تشكيل الحكومة الجديدة المنبثقة عن العملية الانتخابية الاخيرة فالنزاع حول
تسجيل الكتلة الاكبر واصدار المحكمة الاتحادية قرار ولائيا بوقف صلاحيات رئيس
المجلس المنتخب حديثا في قضية فصلت فيها في الخامس عشر من كانون الثاني الماضي مؤكدة
دستورية اجراءات الجلسة الاولى للمجلس ، الا ان تجاوز المدد الدستورية دفع المحكمة
الاتحادية للحث على ايجاد مخرج عبر مد مدة اختيار رئيسا للجمهورية حتى السادس من
نيسان الماضي الا ان الكتل السياسية فشلت مرة اخرى في تسمية رئيسا للجمهورية خلال
المدة المحددة وهو ما يمكن ان نرجعه الى عدم الرغبة لدى الكتل السياسية في اختيار
رئيسا للجمهورية يكون ملزما بتسمية رئيسا للوزراء من داخل الكتلة الاكبر خلال خمسة
عشرة يوما والتي لم يتم تحديدها فعليا حتى ساعة كتابة هذه السطور وهو ما يدفع
العراق نحو مسار معقد من البدائل والخيارات الصعبة والتي قد لا يستطيع البلد
تحملها في ظل التحديات العديدة التي يواجهها مع تغيرات دولية باتت تضع لماستها على
الساحة الدولية راسمة خرائط لتحالفات دولية تختلف عن الموجود بأهداف وشخوص متغيرة
سيكون لها نتائجها وتبعاتها على الوضع المحلي والاقليمي تجهل نتائجها وان كانت بعض
الاحتمالات قد تمثل واقع حال بالنسبة للعراق كدولة تحتل موقعا متميزا في الخارطة
الاقليمية والدولية لا يمكن تجاهله من قبل التحالفات القديمة او المزمع انشائها
والتي تمثل الاطار المحدد لتفاعلات القوى السياسية في الداخل ، الا ان انسحاب
التيار الصدري من العملية السياسية عقد المشهد السياسي فتعثر عملية انتخاب رئيس
الجمهورية لثلاث جولات خرق واضح للقواعد الدستورية التي تقر انتخاب الرئيس خلال
ثلاثين يوما من تأريخ انعقاد اول جلسة للمجلس المنتخب أضف الى ذلك الخلافات بشأن
الكتلة الاكبر ادى الى تجاوزات دستورية من شأنها نسف مخرجات العملية الانتخابية
برمتها وهو امر قد يدفع العراق نحو مسار مجهول من البدائل والخيارات والتي قد لا
يستطيع تحمل تكلفتها في ظل الوضع الراهن من ازمات سياسية ومتغيرات دولية قد تسهم
في تعقد المشهد وفرض اعباء شديدة الوطأة على العراق بشكل خاص والذي قد يكون محلا
مرتكز اقليمي لمشاريع بعض القوى الدولية والذي ينعكس على تفاعلات القوى السياسية
في العراق تبعا لذلك بشأن استحقاق منصب رئيس الجمهورية من جهة وتحديد الكتلة
الاكبر من جهة اخرى وتسمية رئيس للوزراء من ناحية اخرى ، ليكون الوضع الحالي عبارة
عن ضغوط متبادلة بين جميع الاطراف ، وسط كل تلك التجاذبات لن يتمكن اي من اطراف
العملية السياسية من ترجمة توقعاته الى واقع فعلي ، فمن منظور عملي على ارض الواقع
نجد ان الجميع مجبر على التوافق للخروج من مرحلة الانسداد السياسي وتجاوز
الاشكاليات التي خلقتها قاعدة تقاسم السلطة وهو ما يفتح الطريق الى خيارات وبدائل
قد يكون اسوأها هو حل البرلمان لنفسه ودعوة رئيس الجمهورية لانتخابات مبكرة خلال
ستين يوما من تأريخ حل المجلس ، مشهد لا يخلو من المعضلات الدافعة لمنعطفات خطيرة
تضع تطلعات المواطنين في دولة مستقرة على المحك نتيجة لغياب الارادة السياسية
لانتشال العراق من ازماته المتعددة تكون حالة الفراغ الدستوري موضعا للمزيد من
الازمات في المشهد برمته.