العقوبات الاقتصادية الدولية و أثرها على التنمية ايران إنموذجا ابى الخير حافظ علوان : معهد العلمين للدراسات العليا

العقوبات الاقتصادية
الدولية و أثرها على التنمية ايران إنموذجا
ابى الخير
حافظ علوان 
معهد العلمين للدراسات العليا

العقوبات الاقتصادية الدولية و أثرها
على التنمية ايران إنموذجا
ابى الخير حافظ علوان : معهد
العلمين للدراسات العليا
    اساسها ( أثر العقوبات الاقتصادية على التنمية
السياسية ) و محورها ( العامل الاقتصادي ) . فالدراسة تدور حول فلسفة العقوبات الاقتصادية
في آلياتها و حقيقة و واقعية أسبابها و مبرراتها و نتائجها .
    فالفصل الأول نظري , بمثابة فصلاً تمهيدياً
توضيحياً لعناوين و مفردات الأطروحة , في أطارها النظري للإلمام بكل ما يتعلق بــ
(التنمية السياسية) في مفهومها و النظريات التي تناولتها و المعوقات التي واجهتها
.
    فمفهوم التنمية يتضمن مبدأ
التغير نحو الأفضل , كونها عملية ذات أبعاد و توجهات اقتصادية , فهي لا تتضمن
سياسات اقتصادية فحسب بل تتطلب ايضاً وجود مؤسسات قادرة على تعبأة و تنمية الموارد
البشرية و المادية .
   ولما كانت العقوبات الاقتصادية
قضية معترفاً بها في تاريخ العلاقات الدولية , فذهبت الدراسة في توضيح مفهوم
العقوبات الاقتصادية الدولية , و أنواعها و الأهداف التي تتوخاها . فالعقوبات الاقتصادية
بمعناها العام وقف العلاقات الاقتصادية و المالية و التجارية مع أفراد او جمعات أو
دول , لتحقيق غرض اقتصادي او سياسي أو عسكري في السلم أو الحرب , و العقوبات ما هي
إلا أجراء اقتصادي يهدف الى التأثير على إرادات الدولة المستهدفة في ممارسة حقوقها
لحملها على احترام التزاماتها الدولية .
    إما انعكاسات العقوبات
الاقتصادية على التنمية السياسية كانت العنوان للفصل الثاني الذي تمحور حول دور
المتغير الاقتصادي في التنمية السياسية اولاً . فالعامل الاقتصادي عاملاً مهماً في
قوة الدولة اذ كلما زادت القوة الاقتصادية للدولة , كلما زادت قوتها في باقي المجالات
, و كل مقومات القوة الأخرى تعتمد على المقوم الاقتصادي و ما يوفره لها من وفرة اقتصادية
ممكن استثمارها في قوة الدولة الشاملة , و تحديداً جدلية العلاقة بين العامل
الاقتصادي و التنمية السياسية , فلا تنمية اقتصادية دون تنمية سياسية أو العكس تعد
مؤشرات التنمية السياسية كالشرعية و الفاعلية مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالعامل الاقتصادي
و الأهم بالاستقرار الاقتصادي إذ ينعكس ايجاباً على التنمية في كل جوانبها الاقتصادية
, و الاجتماعية, والسياسية .
   ثم انتقلت الدراسة من إطارها
النظري الى حقلها التطبيقي , و كان نموذجها (الجمهورية الاسلامية الايرانية)
فالعقوبات الاقتصادية فرضت على إيران بعد أندلاع الثورة الاسلامية تحديداً في عام
( 1979) و لازالت مستمرة و متصاعدة , وقد مرت تلك العقوبات بمراحل مد و جزر , و
كانت أشدها عند تسلم الرئيس الامريكي ( دونالد ترامب ) أدارة الدولة الامريكية عام
2016 .
    وقد تعددت الدوافع و
تداخلت مع الأسباب و الحجج و المبررات التي لا يمكن حصرها , ولكن هناك من الأسباب
ما يرتقي الى مستوى الدوافع الحقيقية من قبيل : ( المشروع النووي الايراني , أمن
منطقة الشرق الأوسط تحديداً اسرائيل و منطقة الخليج العربي , و ضمان استمرار تدفق
البترول ) .
     فقد وجدت كل الأطراف
المتقاطعة و المختلفة و المتصارعة مع ايران 
فرصاً كافية لفرض العقوبات الاقتصادية عليها , و التي كانت شاملة عامة , و
كان هدفها المعلن هو أحداث تغير في مواقف و سياسيات و سلوك القيادات السياسية الإيرانية
, ولكن حقيقة العقوبات تخفي وراءها مصالح سياسية , وأطماع و نفوذ دولية متعددة و
على رأسها الولايات المتحدة الامريكية , و إعادة رسم الخارطة السياسية الدولية
لناحية توزيع مراكز القوى و التوازنات الاستراتيجية في المنطقة .
     وهذه الأهداف تقاطعت و
اختلفت مع الموقف الإيراني الثابت في وجه مشروع الشرق الأوسط الجديد و المشاريع
الأخرى في المنطقة , فكان لابد من الضغط على إيران لإجبارها للتراجع عن مواقفها و
سياساتها , وكان للعقوبات الاقتصادية الدولية نتائج سلبية على الجمهورية الاسلامية
الايرانية فضرب اقتصادها و حوصرت صادراتها البترولية و خفضت وارداتها المالية و
عرقلت تنميتها الاقتصادية و السياسية . و قد برز ذلك فعلياً في تفاقم معدلات الفقر
و البطالة و انخفاض قيمة العملة الوطنية و تدني المؤشرات الاقتصادية و كلها تهدف
الى زعزعة النظام السياسي الايراني و بالتالي إسقاطه .
   ولكن إيران استطاعت بقدرتها
الذاتية و إمكاناتها المادية ان تحجم بشكل واضح من آثار العقوبات الاقتصادية , من
خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي أولاً , الى تحقيق انجازات علمية عسكرية و مدينة , و
الى تحقيق أمن مجتمعي مستفيدة من مرونة نظامها الاقتصادي و تجارب تعاملها مع العقوبات
الاقتصادية لفترة طويلة .
   واخيراً تناولت الدراسة
مستقبل العقوبات الاقتصادية الدولية و أثرها على التنمية السياسية في الجمهورية
الاسلامية الإيرانية في ثلاثة مشاهد او احتمالات بين متشائم ببقاء العقوبات و تصاعد
وتيرتها و في أحسن الأحوال بقاء الحال على ما هو عليه , و احتمال متفائل تذهب باتجاه
رفع العقوبات و إزالتها . كل هذه الاحتمالات لا تزال قائمة و الأسباب و الظروف حاضرة
و النيات و الغايات مختلفة و متقاطعة .