الخرق الصامت وفقدان العراق لمقعده في
مجلس حقوق الانسان
مجلس حقوق الانسان
بقلم : ايناس عبدالهادي الربيعي معهد
العلمين للدراسات العليا
العلمين للدراسات العليا
الخرق الصامت وفقدان العراق لمقعده
في مجلس حقوق الانسان
في مجلس حقوق الانسان
بقلم : ايناس عبدالهادي الربيعي
معهد العلمين للدراسات العليا
معهد العلمين للدراسات العليا
ظهر الاهتمام الدولي بالحريات العامة اثر الحرب العالمية الثانية عبر
الإعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 وهو وان كان ذو صفة إلزامية أدبية إلا انه
كان ذو اثر كبير على الممارسات الدولية أقرار الحقوق والحريات، والذي يمكن أن نعده
كامتداد تاريخي لإعلان حقوق الانسان والمواطن الفرنسي لعام 1779 والذي ينص في
المادة (1) منه على : ( يولد جميع الناس أحرارا ويبقون متساويين في الحقوق ولا
تبقى الفوارق الاجتماعية إلا على المصلحة المشتركة ) ، لتكون المساواة والحرية هي
الدافع للشعور بعدالة القانون ،وهو ما تأكد في الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام
1948 والذي نص في المادة (7) منه على : ( الناس جميعا سواء أمام القانون وهم
متساوون في حق التمتع بحماية القانون دون تمييز ،كما يتساوون في حق التمتع
بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الاعلان ومن أي تحرض على هذا)، ولم تقتصر جهود
المجتمع الدولي على ذلك الاعلان بل عمدت تلك الجهود مجتمعة الى اصدار العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية والثاني الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966
والنافذين عام 1976 ، واللذان يعدان من الخطوات المهمة في توفير الحماية القانونية
للإنسان على المستوى الدولي ونقل تلك الحماية للتشريعات الوطنية ،ليكون أساس
الالتزام الوطني هو تشريعات دولية تكون هي المنطلق لإقرار تلك الالتزامات ووضعها
موضع التطبيق عبر سن قوانين تؤكد تلك الحماية وتفعلها بشكل حقيقي على ارض الواقع، لتضع
الهيئة الدولية أحدى أهم الآليات لمتابعة التزام الدول بتطبيق التزاماتها بموجب
تلك العهود الدولية والتي منها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة والذي
يتولى مهمة الرقابة على التزام الدول في هذا النطاق ومتابعة خرق تلك الالتزامات
،وما خسارة العراق لمقعده في مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة إلا تأكيدا على
خرقه لتلك الالتزامات ولا سيما أن تقرير للأمم المتحدة عام 2010 قد سبق وان حذر من
الوضع الهش لحقوق الانسان في جميع أنحاء العراق ، إذ بين مكتب حقوق الانسان التابع
للأمم المتحدة لمساعدة العراق أن الفقر المنتشر والركود الاقتصادي وانعدام الطرق
والتدهور البيئي وغياب الخدمات الأساسية يعد خرقا صامتا لحقوق الانسان ،وهو ما
ينعكس سلبا على حياة فئة كبيرة من أفراد الشعب ،في ظل حقيقة أن الواقع السياسي لا
يلبي طموح الشعب ليساهم هو الأخر في العجز عن تنفيذ إصلاحات تضمن توفير تلك الحقوق
، ولا سيما حرية التعبير التي عدها التقرير أعلاه بأنها تحت التهديد ، ومنذ تاريخ
صدور ذلك التقرير وحتى لحظتنا هذه نجد أن تلك المؤشرات التي أشار إليها التقرير هي
ذاتها على الرغم من مرور سنين عدة في ظل حاجة لإصلاح شامل يضمن تلك الحقوق
والحريات والتي في مقدمتها احترام الإجراءات القانونية في منع الاحتجاز غير
القانوني واقرار مبدأ المساواة أمام القانون والتي تقع مسؤولية تحقيقها على كاهل
الحكومة العراقية بما يتوافق مع المعايير الدولية ولا سيما أن دستور جمهورية
العراق لسنة 2005 قد اقر تلك الحقوق بمواضع عدة منه، ليكون العراق بذلك بموقف حرج
بعد التظاهرات الأخيرة والعنف المفرط الذي واجهت به الحكومة المتظاهرين السلميين
واصابة أعداد كبيرة من المتظاهرين السلميين بمناطق عدة من البلد ليكون ذلك متناقضا
مع المعايير الإنسانية في تعامل الحكومة مع الشعب ، وهو ما يرسل اشارات خطيرة
للمجتمع الدولي بان سلوك الحكومة العراقية هو انتهاك صريح لالتزاماتها الدولية في
هذا المجال ،وهو ما يدعو الحكومة العراقية للهمل بصورة جدية لمحو الصورة السلبية
التي ترافق العراق كونه من الدول التي تعرض فيها الأفراد لانتهاكات باتت تحرج
العراق في المحافل الدولية ولا سيما بعد تلك الخسارة التي يمكن أن يحولها العراق
لدافع للعمل الجدي على استعادة مكانته وتعزيز الثقة بإجراءات الدولة عبر العمل على
الإصلاح الواقعي والفعلي وتجاوز تلك الانتهاكات وما نتج عنها.