قراءة في حالة التلبس في القانون الجزائري

قراءة في حالة التلبس في القانون الجزائري

 

مقدمة :
إن أطر التحقيق التي يقوم ضابط الشرطة القضائية تعتمد أصلا حول ممارسة القوة( La contrainte) ( الجبر، القسر) (الإكراه) وعليه تنقسم هذه الأطر الإطار التحقيق في حالة التلبس –إطار التحقيق الابتدائي، إطار الإنابة القضائية، ثم إطار استثنائي وهو التحقيق في حالة الموت المشكوك فيها ( La Mort Suspect ).

التفرقة بين أطر التحقيق بالنظر إلى معيار مبدأ الظاهرية : إن معاينة المحقق للجريمة تعتمد أصلا على مبدأ الظاهرية، أي معاينته طبقا لما رآه أو لاحظه و انطلاقا من هذه المعاينة فهو يستعمل سلطاته الواسعة في حالة التلبس ، خاصة وأن هناك حالات يخطأ فيها الشرطي في التحقيق من وجود أو عدم وجود الجريمة ( الموت المشكوك فيه)، وستعمل فيها سلطات تمس بحقوق الأفراد وقد اعتبر المشرع الفرنسي أعمال الشرطي في هذه الحالة صالحة لئلا يؤدي ردع الشرطي في كل مرة يخطأ فيها إلى الحد من نشاطه أو إحجامه عنه خوفا من العقاب.

وسواء تحقق أم يتحقق من وجود الجريمة فان المحقق يستعمل الجبر في حالتين.
أ) الإكراه المادي المباشر( Contrainte Matérielle Directe ):
تمارس في حالة التلبس، وأيضا في ميدان البحث عن الهوية( التحري عن الهوية) (م 50 ا ج.ج) حيث يحق لضابط الشرطة القضائية استعمال الإكراه المادي المباشر.
يمكن أيضا لضابط الشرطة القضائية ممارسة الإكراه المادي المباشر في حالة التحقيق الابتدائي لكن ذلك يستلزم رضا المعني بالأمر( الضحية) (ويمكن لمساعدي ضابط الشرطة القضائية) ( الأعوان) ممارسة هذه الصلاحية).

ب)- الإكراه المادي غير المباشر( Contrainte Matérielle Indirecte) : ويمارسه ض ش ق في حالتين :
1) حالة الإنابة القضائية : إن الصلاحيات التي يمارسها ضابط الشرطة القضائية مستمدة في هذه الحالة من الإنابة نفسها وهي   صلاحيات محددة لا يجوز لضابط الشرطة القضائية الخروج عنها.
2) حالة الموت المشكوك فيها :
إذ أن ضابط الشرطة القضائية غالبا ما يستمد صلاحياته من تعليمات وكيل الجمهورية.

3) الإكراه المادي عن طريق التنفيذ( Contrainte Exécutive) :
· والمقصود بها تنفيذ الأوامر القضائية الصادرة عن الجهات القضائية.
· ويجوز لأي فرد من القوة العمومية تنفيذها حيث لا يشترط صفة الضبطية القضائية إلا إذا تعلق الأمر بالأمر داخل منزل.

بعد أن تعرضنا إلى التفرقة بين مختلف الأطر التي يقوم فيها ضابط الشرطة القضائية بالتحقيق وبينا أن درجة وطبيعة الجبر المستعمل من طرفه يختلف من إطار إلى أخر ونتعرض فيما يلي كل إطار على حدا.

التحقيق في حالة التلبس :
مفهوم التلبس :
أ)- التلبس الحقيقي : بالنظر إلى المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية نجد أن الجريمة المتلبس بها هي التي ترتكب في الحال أو عقب ارتكابها وهو ما يسمى بالتلبس الحقيقي.
وتعتبر الجريمة مرتكبة في الحال سواء شاهدها( عاينها) أحد رجال الشرطة أو الشهود أما بالنسبة للجريمة الثانية( عقب ارتكابها) فهي تطرح فكرة انقضاء مدة معينة بين وقوع الجريمة ومعاينتها أو علم الشرطة بها، كما تطرح هذه الجريمة فكرة ما إذا كان يجب أن يكون لهذه الجريمة أثارا خارجية.

بالرجوع إلى نص المادة المذكورة نجد أن المشرع أخذ بعين الاعتبار عامل الزمن(عقب ارتكابها) ولم يشترط أن يكون للجريمة أثارا خارجية ، غير أن القضاء خاصة في فرنسا نجده يشترط هذه الاعلامات الخارجية ومن ثم لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يقوم بتفتيش شخص أو تفتيش بيته بسبب شكوك تدور حوله.

وتثور الصعوبة أيضا حول مفهوم أثار أو العلامات الخارجية لجريمة ما فقد يتمثل في حيازة الفاعل للمسروقات عقب ارتكاب السرقة كما قد يتمثل أحيانا في تصرف ما كما هو الحال بالنسبة للشخص الذي عند رؤية رجال الأمن يقوم بالفرار( يحبذ في هذه الحالة مباشرة تحقيق ابتدائي للوصول إلى الآثار الخارجية للتلبس) ، إلا أنه في حالة ما إذا تلقى مثلا ضابط الشرطة القضائية معلومة من شخص مجهول يخبره فيها مثلا بأن جريمة ما ترتكب في الحال فان ذلك لا يعتبر من حالات التلبس ويجب على ض ش ق إعداد محضر معلومات( لبقاء الشخص مجهولا) ومباشرة هذه القضية في إطار تحقيق ابتدائي.

وفي كلا الحالتين فانه لا يجوز ل-ض ش ق-أن يستعمل القوة الضرورية إلا إذا شاهد CONSTATER –الجريمة-سواء بالعين، بالشم كما هو الحال بالنسبة للمخدرات، أو السماع لطلقات نارية إذ لا يشترط رؤية الجاني ذلك أن المادة 41 تنص على “تعتبر الجريمة متلبس بها إذا ارتبطت في الحال أو عقب ارتكابها”.

ملاحظة :
– تستمر وتظل حالة التلبس قائمة في الجريمة المستمرة( كما هو الحال في حالة الخطف والحجز).
– في الجرائم الباطنة ( إخفاء المسروقات) ممكن استعمال التحقيق في حالة التلبس بصفة غير مباشرة.
– مسألة اكتشاف الجريمة وعلم الشرطة بها كما هو الحال بالنسبة للضحية في جريمة الاغتصاب التي تسلتزم السكوت والتي لا تقدم شكوى إلا بمرور وقت طويل وقد اختلفت أحكام القضاء في هذا الشأن :
– مجلس قضاء دواي ( douai) في سنة 1990 من قضية تقدم فتاة بشكوى اغتصاب بعد 48 سا أعتبر الإجراءات التي أتخذتها الشرطة في حالة التلبس باطلة لانقضاء مدة طويلة.
– في قضية مماثلة أعتبرت المحكمة أن تقديم شكوى في مدة 28 سا حالة من حالات التلبس.

خلاصته : مسالة الوقت بين الجريمة وعلم الشرطة بها( saisine) تمثل أولا حالة تلبس في نظر القضاء بالنظر إلى كل قضية على حدا في عموما فان المدة المعقولة هي 24 سا التي تزيد أو تنقص قليلا حسب المحاكم.

ب)- التلبس الاعتباري :
– وهو في الأصل غير حقيقي إنما اعتبره المشرع في المادة 41 فقرة2 بمثابة تلبس وهو :
1- تتبع العامة للجاني بالصياح في وقت قريب من ارتكابه الجريمة مع الإشارة إلى أن المشرع لم يحدد مدة هذا الوقت ونعتقد أن يكون وقتا قصيرا.
2- وجود آثار أو علامات بالمشتبه فيه : والمقصود بها أن ضابط الشرطة القضائية في هذه الحالة لم يشاهد الجريمة في حد ذاتها إنما الآثار التي خلفتها أو التي توجد بالمشتبه فيه مثالها أن يشاهد رجل الأمن شخصا على الثالثة صباحا أمام موقف للسيارات يحمل معدات لكسر إقفال بالسيارات وأن إحدى السيارات المتوقفة هي مفتوحة ففي هذه الحالة يباشر ض ش ق التحقيق في حالة التلبس.
3- اكتشاف صاحب البيت لجريمة في البيت واستدعاء ض.ش.ق :
وهي الحالة التي يقوم فيها صاحب المنزل باكتشاف جريمة داخل منزله ويبادر باستدعاء ض ش ق أو وكيل الجمهورية، ولا عبرة للوقت المنقضي هنا بين وقوع الجريمة و اكتشافها أو علم الشرطة بها فقد يتمثل في أيام أو أسابيع أو شهور.

وتطلق صفة صاحب المسكن على من يشغله فقد يكون هذا الشغل قانونا( المالك والمستأجر الحارس) وقد يكون غير قانوني كما هو الحال بالنسبة لمن يحتل مسكنا وقد يكون الزوج أو الزوجة أو الأولاد الراشدين ولذلك فان القاصر لا يعتبر صاحب مسكن لكن يمكنه أن يقوم بنقل استدعاء آبائه إلى ض ش ق.

وينصرف لفظ المسكن إلى البيت الأصلي والمسكن الثانوي ومحلات الشركات والمستودعات و الأماكن المعدة للسكن سواء كانت مسكونة أم لا( م 355 ق.ع).

و يشترط أن ترتكب الجريمة داخل المسكن حتى يمكن اعتبارها حالة من حالات التلبس فإذا قام صاحب البيت مثلا بإبلاغ ض ش ق عن جريمة سرقة سيارته كانت متوقفة أمام بيته فان المادة 41 فقرة 2 لا تنطبق في هذه الحالة لوقوعها في الطريق العمومي.

و نشير إلى أن المشرع لم يشترط شكلا للاستدعاء فقد يكون كتابيا أو شفاهيا وغالبا ما يتم عن طريق الهاتف وقد جرت العادة أنه في مثل هذه الأحوال تتجه أولا فرقة من أعوان الأمن العمومي للتحقق من صحة وقوع الجريمة ثم تقوم بإخبار ضابط الشرطة القضائية الذي ينتقل فيما بعد لمعاينة الجريمة مع الإشارة إلى أن هذه الحالة لا تستدعي احترام عات القانونية.

بعد انتقال ض ش ق وقيامه بمعاينة الجريمة يجوز له فتح تحقيق في حالة تلبس مع الإشارة في المحضر إلى طبيعة فتح التحقيق وصفة المستدعي وظروف الاستدعاء.

ملاحظة : إذا استدعى صاحب البيت ضابط الشرطة القضائية لا للتدخل في مسكنه الشخصي إنما في مسكن جاره مثلا فإننا لا نكون بصدد التلبس إنما تعتبر حالة تبليغ لا استدعاء صاحب مسكن.

الجرائــم :
– جميع الجرائم يمكن أعمالها ضمن التحقيق في حالة التلبس بما في ذلك الشروع ، إلا أنه يخرج من هذا الإطار الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط ، والمخالفات.

أ)- الجنايات : جميع الجنايات يمكن أن تكون محل تحقيق في حالة تلبس بما في ذلك الشروع فيها إذا توافرت شروطه( البدأ في التنفيذ وغياب النتيجة في ضرف خارج عن إرادة الجاني).

ب)- الجنح : لممارستها في حالة التلبس يجب أن تكون من الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة ثلاثة أشهر على الأقل ، كما يمكن ممارسة الشروع في الجنحة في حالة تلبس إذا كان منصوص عليه قانونا.

ملاحظة : في بعض الحالات قد يخطأ ضابط الشرطة القضائية في معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بجنحة أو جناية نظرا لأنه يعتمد لدى تدخله على ظاهر الأشياء فقد يلجأ ض ش ق مثلا إلى إلقاء القبض على شخص في حالة تلبس متورط في جريمة الضرب والجرح العمدي معتقدا أنها جناية، في حين يحدد الطبيب الشرعي بعد ذلك مدة العجز بيومين مثلا فتتحول إلى مخالفة ، ومع ذلك تبقى مباشرة هذه الجريمة في حالة تلبس صحيحة نظرا لان تدخل ض ش ق في هذه الحالة كان مبنيا على أسباب معقولة.
C’est Au Moment De L’intervention De L’O.P.J Que La Légalité De L’utilisation De La Procédure De Flagrance Est Appréciée.

الأشخاص :
يعرف التحقيق في حالة التلبس بعض القيود من حيث الأشخاص على النحو الآتي :
أ‌) – دبلوماسيون : تنص اتفاقية فيان في المادة 29 على أن شخص الدبلوماسي لا يمكن أن يكون محل متابعات أو تحقيق أثناء أدائه مهامه.

ويستفيد من هذا المبدأ أيضا : أفراد عائلته(على أن لا يكونوا من رعايا البلد المعتمد).
ب) – أفراد السلك الإداري والتقني للبعثة وأفراد عائلاتهم على أن لا يكونوا من رعايا البلد المعتمد ويعتبر أيضا من أفراد السلك الإداري والتقني الممثل التجاري للسفارة.

لا يمكن القيام بأي إجراء من إجراءات التحقيق في حالة التلبس بالنسبة للأشخاص السابق ذكرهم و إن إجراءات الشرطة القضائية( تفتيش الأشخاص، تفتيش المنازل، سماع الأقوال) التي يمكن أن ترتكب عن جهل تعتبر باطلة.

ج) – القناصل: إن حماية القناصل واردة في اتفاقية فيان الخاصة بالعلاقات القنصلية التي تنص أنه في حالة التلبس فقط وبعد الترخيص من السلطة القضائية المختصة يجوز ل ض ش ق إيقاف أو حجز شخص.
في حالة التوقيف أو الحجز يتوجب على البلد المعتمد إخبار القنصل و إذا كان هذا الأخير معني بالتوقيف أو الحجز وجب إخبار دولته.

إن موظفي القنصلية لا يمكن متابعتهم بالنسبة للأعمال التي يقومون بها خلال تأدية مهامهم.
يمكن استدعائهم للإدلاء بشهادة في قضايا جنائية و إدارية وفي حالة الرفض لا يجوز ل ض ش ق ممارسة أي إجبار.

و أخيرا نشير إلى أنه يمكن للدولة أن تتنازل عن حصانة أحد أعضاء القنصلية وفي هذه الحالة يجب أن يبلغ هذا التنازل كتابة إلى الدولة المعتمدة.

د) – أعضاء المنضمات الدولية: جرى العرف الدولي على الاعتراف بنوع من الحصانة للمنضمات الدولية المعتمدة لدى أغلبية دول العالم ( interpol)( unesco)( unicef) إذ يعتبر مدير المنضمة متمتعا بالحصانة الديبلوماسية.

هـ) -أعضاء المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة : طبقا للدستور فان عضو مجلس الشعب الشعبي الوطني أو عضو مجلس الأمة لا يمكن أن يكون محل متابعة أو بحث أو إيقاف أو حجز بسبب الآراء التي يقوم بها أثناء أدائه لمهمته البرلمانية( المواد 109 –110 – 111 دستور).

هذه الحصانة تنطبق على الأعمال التي يقوم بها النائب أو ممثل مجلس الأمة أثناء تأدية وضيفته وتمتد إلى ممثلي الحكومة الذين في الحالات المعينة يقومون بالإدلاء بآرائهم في أعمال معينة داخل المجلس الشعبي الوطني.

إلا أنه في حالات التلبس يمكن إيقاف النائب و إخبار مكتب المجلس الشعبي الوطني الذي إما يتنازل عن حصانته أو ينفي أو يؤكد وقوع الجريمة.

الأمـاكن :
القاعدة العامة أن التحقيق في حالة التلبس يمارس على كافة التراب الوطني مع بعض القيود على النحو الآتي:
أ) – السفارات : طبقا لإتفاقيات إفيان لايجوز الدخول إلى مقر السفارة إلا برضاء السفير رئيس البعثة أو قائم الأعمال.

وتتمتع بنفس الحصانة كل مقرات السفارة، الأثاث وجميع الأشياء الأخرى الموجودة داخل المقرات، وسائل النقل( هذه الأخيرة لا يمكن أن تكون محل تفتيش أو تسخير أو حجز)، الأرشيف، المراسلات في أي وقت ومهما ما كان مكانها، مقر الشخصي للعضو الديبلوماسي.

يتمتع أعضاء عائلة العضو الديبلوماسي بنفس الحصانة وكذا أفراد السلك الإداري والتقني.

ب) – القنصليات : طبقا لاتفاقيات فيان فان ض ش ق لا يمكنهم دخول مقرات القنصليات إلا بناء على رضاء رئيس القنصلية أو ممثله ويعتبر رضائه موجودا مسبقا في حالات الحريق و الكوارث الطبيعية التي تستدعي التدخل التلقائي السريع.
الأرشيف و الوثائق محاطة بنفس الحصانة في أي وقت و أي مكان.

ملاحظة : إذا طلب من ضابط الشرطة القضائية التدخل وذلك داخل سفارة أو قنصلية وجب أن يكون ذلك بترخيص كتابي وصريح مسبقا مؤرخ يحمل اسم وصفة و إمضاء الشخص الذي قام بالترخيص وطبيعة التدخل، بعد الحصول على الترخيص يتوجب إخبار السلطة الرئاسية.

ج) – المنضمات الدولية : تتمتع مقرات هذه المنضمات بنفس الحصانة المشار إليها سابقا وذلك طبقا إلى الاتفاقية التي تبرمها كل منضمة مع الجزائر.

د)- الجامعات : ليس هناك قواعد تحكم حالة الدخول إلى الجامعات وقد جرت العادة الى أنه في ما عدا حالات التلبس في جريمة الإحراق أو النداءات الآتية من الداخل فانه لا يجوز ل-ض ش ق-الدخول إلى مقرات الجامعات إلا برخصة من النيابة ويستحسن أخبار وكيل الجمهورية مسبقا وقبل التدخل و إخبار رئيس الجامعة.

ه) – مكاتب الاقتراع : أثناء عملية الاقتراع يتوجب على رجال القوة العمومية إن اقتضى الأمر الدخول إلى هذه المكاتب بدون سلاح وفي حالة التلبس وجب الحصول على ترخيص من رئيس المكتب قبل الدخول إلى المكتب و إجراء التدخل.

الاختصاص :
السلطات المختصة:
1) ضباط الشرطة القضائية : لدى علمهم بجريمة ملتبس بها يجب على رجال الشرطة القضائية
· إخبار وكيل الجمهورية.
· الانتقال إلى مكان الجريمة لإجراء المعاينات الضرورية( مع مراعات الاستثناء الوارد على الساعات القانونية).
إن ضباط الشرطة للأمن العمومي غير متمتعين بالضبطية القانونية يجوز لهم معاينة الجرائم المتعلقة بقانون المرور والجرائم الجنائية التي تقوم بمناسبة حوادث المرور ( حادث مرور أدى إلى وفاة، القتل الخطأ) أو التي تنشأ في المظاهرات غير أنهم لا يمكنهم اتخاذ قرار الحجز تحت المراقبة.

2) – أعوان الشرطة القضائية : لا يمكنهم مباشرة التحقيق في حالة التلبس وتقتصر مهامهم على معاينة الجريمة فقط ويقومون بمساعدة ضابط الشرطة القضائية.

وفي الحياة العملية يقوم هؤلاء تحت إشراف ضابط الشرطة القضائية بسماع الأشخاص والتحقق من هويتهم كما يمكنهم كأي مواطن إلقاء القبض على شخص في حالة تلبس و لا يجوز لهم اتخاذ قرار وضعه في الحجز تحت المراقبة.

و يعتبر هؤلاء غير مختصين للقيام بأي تفتيش أو حجز.

3) وكيل الجمهورية : يعتبر مدير الشرطة القضائية على مستوى قطاع اختصاصه وبمجرد وصوله إلى عين مكان وقوع الجريمة ترفع يد ض ش ق إذ يتولى إما مباشرة التحقيق أو إعطاء التعليمات إلى ضباط الشرطة القضائية بمواصلته.

من جهة أخرى يجوز لوكيل الجمهورية أن يجبر الأشخاص الذين لم يستجيبوا إلى استدعاء ض ش ق على الحضور بالقوة كما يجوز له في حالة التلبس إذا لم يكن قاضي التحقيق قد بدأ التحقيق أن يصدر أمرا بالإحضار ضد الأشخاص الذين يحتمل أنهم ساهمو في الجريمة.

4) قاضي التحقيق : نظرا للسرعة التي تتميز بها حالة التلبس يمكن لقاضي التحقيق الانتقال إلى مكان وقوع الجريمة وبمجرد وصوله ترفع يد ض ش ق عن التحقيق وكذا وكيل الجمهورية إن وجد وبالتالي يقوم بتوجيه التحقيق و اتخاذ الإجراءات الضرورية أو توجيه تعليمات ل ض ش ق بمواصلة التحقيق.

عند انتهائه من هذه الإجراءات يقوم قاضي التحقيق بإرسال الملف إلى وكيل الجمهورية الذي يكون من سلطاته إما حفظ القضية أو فتح تحقيق.

وعادة إذا اجتمع وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق في مشرح الجريمة جاز للأول أن يطلب من الثاني فتح تحقيق دون المرور على المحكمة.

ملاحظة : إذا انتقل قاضي التحقيق إلى مكان الجريمة بعد انتهاء الإجراءات العاجلة لا يمكن في هذه الحالة قيادة عمليات التحقيق أو إجراءات ض.ش.ق.

5) المشاركة الاستثنائية للمواطن العادي :- القبض : طبقا للمادة 61 من ( ق ا ج) فانه يجوز لأي شخص في حالة الجنحة أو الجناية المعاقب عليها بالحبس أن يقوم بالقبض على الفاعل وتقديمه إلى أقرب-ض ش ق- ممكن.
وواضح أنه لا يجوز للمواطن العادي أن يمارس الحجز قبل تقديمه إلى ضابط الشرطة القضائية و إلا أعتبر متورطا في جريمة الحجز التعسفي.

ب ) – صلاحيات : ( القسر، الجبر، الإكراه coercition ): نظرا لحاجة ض ش ق إلى الحصول على العناصر الأولى للجريمة بسرعة وجب أن يتمتع ض ش ق أثناء حالة التلبس بنوع من القسر والجبر، مع أنه ليس هناك ما يمنع من اختياره لإطار التحقيق الابتدائي.

وإذا باشر ض ش ق تحقيقه في حالة التلبس جاز له أن يمنع أي شخص من مغادرة مكان الجريمة إلى حين انتهائه من تحرياته ومعايناته كما يجوز له أن يأمر بالتحقق من هوية الأشخاص الحاضرين.
في نفس الإطار يجوز له سماع جميع الأشخاص الذين يمكنهم تقديم معلومات أو يحوزون أوراق أو أشياء لها علاقة بالجريمة، ويلتزم الأشخاص الذين يستدعون إلى هذا الغرض الاستجابة على الفور وفي خلاف ذلك يقوم ض ش ق بإخبار وكيل الجمهورية الذي يمكنه إرغامهم على الحضور بالقوة.

يجوز إلى ض.ش.ق القيام بأي تفتيش أو حجز و استعمال القوة عند الضرورة وذلك على خلاف التحقيق الابتدائي الذي يستلزم رضا المعني بالأمر ( شاغل المكان) كما يجوز له اتخاذ قرار الحجز تحت المراقبة و إلقاء القبض على الفاعل.

إن فترة التحقيق في حالة التلبس غير محددة بنص وقد جرى فقه القانون على اعتبار فترة التلبس قائمة ما دام ض ش ق يقوم يوميا وبدون انقطاع بإجراء من إجراءات التحقيق في حالة التلبس( سماع، تفتيش…الخ) ومن ثم قد أعتبر القضاء عملية التفتيش التي جرت 10 أيام بعد وقوع الجريمة بدون رضا شاغل المكان أنها صحيحة ( في حالة تلبس) مادام ض ش ق واصل إجراءاته بدون انقطاع من يوم وقوع الجريمة إلى غاية إجراء التفتيش.

في حالة انقطاع الإجراءات يجب على ض ش ق مباشرة الإجراء التالي إما في حالة تحقيق ابتدائي أو حالة إنابة قضائية.

ملاحظة : وكيل الجمهورية هو الذي يقوم بتحديد الفترة التي يعتبر فيها التحقيق في حالة تلبس ويجوز توقيفه في أية لحظة.

شروط التلبس :
1) شرعية اكتشاف التلبس : لا يجوز ل-ض ش ق-استعمال الإكراه المادي المباشر في حالة التلبس إلا إذا كانت طريقة وصوله إلى هذا التلبس شرعية.

وعليه يجب أن يذكر في محضرهم الآثار أو العلامات الخارجية للجريمة التي أدت إلى تدخله فقد أعتبرت محكمة النقد الفرنسية أنه في حالات البطلان أن يقوم أحد ض ش ق بتفتيش شخص فقط بناءا على تعوده الاتجار بالمخدرات بدون أمر من القضاء إذ للا تعتبر هذه الحالة من حالات التلبس نظرا لانعدام العلامات الخارجية لهذه الجريمة ( مع الإشارة أن تفتيش الأشخاص يقاس على تفتيش المساكن).

يجب التفرقة بين تفتيش الأشخاص و التفتيش الإداري إذ يمكن لأعوان الشرطة القضائية و أعوان الأمن القيام به الأعمال اليومية، وليس هناك ما يمنع من أن يؤدي التفتيش الإداري إلى اكتشاف حالة التلبس مثالها أن يقوم عون الأمن المكلف بتلمس الأشخاص في مدخل الملعب باكتشاف مسدس.
ويدخل ضمن الشرعية أيضا مراعاة سبب القيام بالإجراء فإذا أفترضنا أن ض ش ق وصل إلى حجز مخدرات داخل منزل بعد أن حضر مع منفد الأحكام فان هذا الحجز باطل.

2) أن يكون التلبس سابقا على إجراءات التحقيق : وهي الحالة التي يعاين فيه ض ش ق الجريمة بالعين أو اللمس أو السمع ثم يباشر باتخاذ إجراء من الإجراءات كالقبض مثلا وعليه إذا قام ض ش ق بإجراء التفتيش التعسفي على شخص و أكتشف لديه مخدرات مثلا فان هذا الإجراء باطل لقيام ض ش ق بالتحقيق قبل التلبس.

التحريات :Modes D’investigations
الانتقال إلى عين المكان لإجراء المعاينة : يجب على ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس الانتقال إلى عين المكان، ويعتبر هذا الالتزام قابل للتغيير بالنظر إلى ظروف ارتكاب الجريمة فمثلا السرقات الخاصة في حالة التلبس لا تستدعي انتقال ض.ش.ق.

كما يجب عليه إخطار وكيل الجمهورية والذي يمكنه الانتقال إلى مكان الجريمة كما هو الحال بالنسبة إلى الجرائم الخطيرة( القتل بالمتفجرات، أو القتل العادي، خطف القصر…) وقد جرت العادة أن ض ش ق يمتثل عادة لتعليمات النيابة الخاصة بالتبليغ إذ عادة ما يبلغ ض ش ق وكيل الجمهورية عن الجنح و الجنايات فقط.

إن ض.ش.ق الذي يجب عليه الانتقال هو الضابط المختص محليا إذ يقوم بالحفاظ على الآثار و العلامات و إجراء المعاينات و الإبقاء على الشهود أما دور الشرطة العلمية تتمثل في إعداد مخطط للمكان ورفع الآثار والبصمات و اخذ الصور.

يجب إعداد محضر جرد لكل الأدوات و الأشياء التي أستعملت في الجريمة، ووضع الأسلحة و الأدوات التي أستعملت في الجريمة في إحراز و إذا كان الجرد يصعب من الناحية العملية وجب وضعها في إحراز( مؤقتة) و يجوز ل ض ش ق إذا كان الحال يستدعي إجراء معاينات عاجلة لا يمكن تأخيرها أن يقوم بتسخير أي شخص مؤهل لإجراء هذه المعاينة الذين يقومون بأداء اليمين بأنهم يدلون بآرائهم بكل ما يملي عليهم ضميرهم.

كما يجوز له أن يلجأ إلى تسخير أي شخص آخر ذو خبرة في ميدان معين ( صانع المفاتيح مثلا) والذين بعد قبولهم هذا التسخير لا يمكنهم الرجوع عنه.

التفتيش و الحجز:
طبقا للمادة 44 ق.ا.ج فانه لا يجوز ل ض ش ق إجراء التفتيش في حالة التلبس إلا بعد الحصول على أمر بالتفتيش من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع مراعاة أحكام المادة 45 ق ا ج .وطبقا للمادة 47 فانه يجب أن يجري هذا التفتيش بعد 05 صباحا وقبل20 سا ليلا مع الإشارة إلى أن التفتيش قد يستمر إلا ما بعد 20 سا إذا اقتضى الأمر ذلك لان العبرة في وقت الدخول.
إن حضور الشخص الذي يتخذ لديه إجراء التفتيش أمرا ضروريا ( م 45) وفي حالة تعذر ذلك وجب حضور ممثل عنه هو الذي يختاره و إذا تعذر ذلك وجب على ض ش ق تعيين شاهدين من غير الأشخاص الخاضعين إلى سلطة ض.ش.ق الارية على أن يمضي هؤلاء الأشخاص في محضر التفتيش.