دراسة موجزة حول تأثير استخدام تطبيقات التواصل الالكتروني على العلاقات الاجتماعية
أثر استخدام تطبيق الواتساب على العلاقات الاجتماعية
نموذج مدينة طرابلس – لبنان
The Effect of Using the WhatsApp Application on Social Relations
Model of the City of Tripoli, Lebanon
د. سونيا سليم البيطار، الجامعة اللبنانية، معهد العلوم الاجتماعية، طرابلس- لبنان
Dr. Sonia Salim El-Bitar, Lebanese University, Tripoli-Lebanon
بحث مشارك ومنشور في كتاب أعمال المؤتمر الدولي المحكم حول الخصوصية في مجتمع المعلوماتية الصفحة 107.
Abstract
The messaging applications available on smart phones have been widely distributed among people, especially the application of WhatsApp, which has contributed to the enhancement of the communication process making it easier and less expensive.
This research seeks to illustrate the nature of the emerging relationships and transformations in the patterns of community communication that have begun to take place by crossing the boundaries of time and space through digital technology.
This study is based on the analytical and statistical methods in presenting and analyzing the data that were obtained through a questionnaire. We selected a representative sample from various neighborhoods of Tripoli, observing the following independent variables: gender, age, marital status, educational level and economic level.
Keywords: Social Change, Social Relations, Communication Technology, WhatsApp Application, Tripoli – Lebanon
ملخص
تلقى تطبيقات التراسل المتوفرة على الهواتف الذكية انتشارا واسعاً بين الناس وبخاصة تطبيق الواتساب الذي ساهم في تفعيل عملية الاتصال وجعلها أكثر يسراً وسهولة وأقل كلفة.
يسعى هذا البحث الى تبيان طبيعة العلاقات الناشئة والتحولات التي طرأت على أنماط التواصل المجتمعي التي بدأت تأخذ منحى مختلف بتخطيها حدود الزمان والمكان بفعل التكنولوجيا الرقمية.
تعتمد هذه الدراسة على المنهج التحليلي وعلى الطريقة الإحصائية في عرض وتحليل البيانات التي تم استيفاؤها من خلال تقنية الاستمارة. وقد قمنا باختيار عينة ممثلة من مختلف أحياء مدينة طرابلس مراعين المتغيرات المستقلة الآتية: النوع، العمر، الحالة الزواجية، المستوى التعليمي، المستوى الاقتصادي.
الكلمات المفتاح: التغير الاجتماعي، العلاقات الاجتماعية، تكنولوجيا الاتصالات، تطبيق الواتساب، طرابلس – لبنان
مقدمة
عرف العالم خلال العقود الثلاثة الأخيرة تطورات متلاحقة غير مسبوقة في مجال الاتصالات، تمثّلت في التغيرات العميقة في مجالات التواصل الإنسانية التي أحدثها التقدم التكنولوجي وما نتج عنه من تطبيقات، مكّنت الأفراد من الاتصال والتواصل اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، وكان لها أثرها في إعادة تشكيل حياتهم.
تعتبر شبكة الأنترنت أهم إنجازات تكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلومات في القرن العشرين، لبروز دورها كأسرع وأفضل وسيلة لنقل وتبادل المعلومات في العالم، وهي تتميز بكونها ثنائية الاتجاه في تبادل المعلومات.
أصبحت شبكة الأنترنت فاعلاً أساسياً ومؤثراً في جميع مجالات الحياة، فهي أفسحت المجال أمام الأفراد والمؤسسات للوصول إلى كل ما يريدونه مهما كانوا بعيدين، كما أصبحت تقنيات الاتصال ونقل المعلومات رافداً أساسياً وركناً مهماً في بناء منظومة الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية في ظل التحولات والتطورات المعرفية في هذا العصر. فالاتصال بالأنترنت هو شكل من أشكال الاتصال الوسيطي الذي يتم عبر وسائط أخرى كالكومبيوتر والهاتف.[1]
شهدت تكنولوجيا الهاتف النقال تقدماً ملحوظاً خلال العقدين الماضيين وذلك بفعل التطورات المتلاحقة التي حدثت في مجالي تصنيع الأجهزة ووسائل الاتصال وما رافقها من تحديث مستمر للأنظمة التكنولوجية النقالة.
يخلق التقدم في مجال الاتصالات النقالة فرصاً وخيارات متنوعة تلبي حاجات الإنسان العصري في القرن الواحد والعشرين الذي أصبح ينشد أقصى قدر ممكن من الحرية في تنقلاته مع بقائه على اتصال بمصادر الحصول على المعلومات ومراكز عمله. كما أن ما تقدمه الاتصالات الهاتفية النقالة من خدمات الوسائط المتعددة دفع الأفراد الى اقتناء الهواتف النقالة بمعدلات عالية تفوق ما عداها من وسائل الاتصال.
مع تقدم تكنولوجيا الهاتف النقال، أصبح بإمكان مستخدمي الهواتف النقالة النفاذ الى الإنترنت عبر الشبكات اللاسلكية، فانتشرت خدمات تصفح المواقع الإلكترونية والنفاذ الى المعلومات وتحميل ملفات الصوت والفيديو على الهاتف عبر الإنترنت وبأسعار تتجه عموماً نحو الانخفاض.
عرفت الهواتف النقالة مراحل تطور عديدة، وكل مرحلة أضافت إلى سابقتها الكثير حتى ظهرت بالشكل الذي نراه اليوم. ومع التطور الكبير في صناعة الهاتف النقال، وتصغير حجمه وخفض وزنه وانخفاض أسعاره وكذلك أسعار المكالمات الهاتفية عبره، انتشر الهاتف النقال بصورة غير مسبوقة في تاريخ الأجهزة التكنولوجية، وأصبح الأداة التكنولوجية التي لا تكاد تفارق مستخدميها، فسعت، بناء على ذلك، العديد من الشركات إلى دمج المزيد من التقنيات والخدمات فيها، وإلى إدخال تطبيقات كثيرة ومدهشة. فقدرات الهاتف النقال العملية الحديثة قد تسهل أو تعيق التفاعلات والعلاقات الاجتماعية، وتخلق ظروف بيئية مؤثرة على النظم الاجتماعية التقليدية.
يعتبر الواتساب أحد التطبيقات المستخدمة على الهواتف النقالة التي أثرت على نمط حياة الأفراد، فهذا التطبيق لديه مميزات عديدة يمكن استخدامها في التواصل مع الأسرة والأصدقاء والزملاء ومؤسسات الخدمات وسواها.
ساهم تطبيق الواتساب في إحداث تغيرات في علاقات الناس الاجتماعية التقليدية، وفي أشكال وأساليب تفاعلهم وتواصلهم، حيث أنه تحول إلى منصة تفاعل مجتمعي افتراضي يحاكي الواقع الحقيقي بحكم امتداده إلى مختلف الجوانب الحياتية للأفراد وفي كل الأوقات. يسعى هذا البحث إلى ملاحظة أساليب ووسائل التواصل المجتمعي التي يتيحها تطبيق الواتساب وما ترتب عليها من تغيرات طالت قواعد وأساليب الحياة المجتمعية وذلك في مدينة طرابلس-لبنان.
الإشكالية
يتميز القرن الحادي والعشرين بالتحول المتسارع نتيجة تغلغل التقنيات الحديثة في الوسط المجتمعي وخاصة الإنترنت الذي دخل مختلف مجالات الحياة وأدى الى بروز ثقافة جديدة تولدت بفعل التواصل البشري المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقدم التكنولوجي والتقني. وإذا كان التفاعل الاجتماعي الواقعي يحقق التواصل بين الأفراد ويعكس مشاعر معينة أو فكرة ما أو انفعالات، فإن التواصل عبر الوسائل الإلكترونية، باستثنائه الحضور الجسدي، قد غيّر من طبيعة الاتصال والتواصل بين الناس.
تلقى تطبيقات التراسل المتوفرة على الهواتف الذكية انتشاراً واسعاً بين الناس وبخاصة تطبيق الواتساب الذي ساهم في تفعيل عملية الاتصال وجعلها أكثر يسراً وسهولة وأقل كلفة، فمن الملاحظ أن استخدام هذا التطبيق يطال كل الفئات الاجتماعية، وتتعدد استخداماته بين الأفراد والمجموعات والمؤسسات، وتتراوح هذه الاستخدامات بين إنجاز الأعمال والقيام بالواجبات ببساطة دون الانتقال أو حتى اللقاء بين الأفراد، وبين تبادل الأحاديث والأخبار والمعلومات بين الأقارب والجيران والأصدقاء.
لقد ساهم الواتساب بتغيير أسلوب حياة الناس ووقت فراغهم وعلاقاتهم مع الأسرة والأصدقاء والزملاء، ووضعهم أمام نظام مجتمعي – افتراضي مستجد، له قيمه وقواعده وممارساته الخاصة. ومن هنا نتساءل: كيف أثر امتلاك الهاتف النقال واستعمال تطبيق الواتساب على مستخدميه وتفاعلاتهم المجتمعية؟
للإضاءة على هذا التساؤل، نطرح عدة أسئلة فرعية هي الآتية:
من هي الجهات التي يتم التواصل معها عبر الواتساب؟ وما هي أسباب التواصل؟ وما هي أبرز موضوعاته؟ ما هي أبرز الموضوعات التي تستقطب المجموعات على هذا التطبيق؟ وما هي الغاية من إنشائها والمشاركة فيها؟ أي تأثير لاستخدام الواتساب على العلاقة مع الأهل والأقارب والأصدقاء وزملاء الدراسة والعمل؟ ما هو المنحى الذي يميل إليه المستخدم في تفاعلاته المجتمعية، الواقعية المباشرة أم الافتراضية غير المباشرة؟ هل ينظر المستخدم لتطبيق الواتساب سلباً أم إيجاباً؟
أهداف البحث
يهدف هذا البحث إلى التعرف على مكونات ونوعية شبكة العلاقات التي ينشئها مستخدمو تطبيق الواتساب في مدينة طرابلس، والى تحديد أبرز موضوعات التفاعل وأنواع المجموعات التي تستحوذ على اهتمامهم. كما يسعى الى تبيان الأسباب المجتمعية المحفزة للتواصل في مجتمع مدينة طرابلس، والآثار السلبية والإيجابية التي يتركها استخدام تطبيق الواتساب على العلاقات المجتمعية في هذه المدينة. ويهدف أيضاً الى معرفة رأي المستخدمين وتقييمهم لاستخدامهم تطبيق الواتساب في مجتمع البحث.
أهمية البحث
تظهر أهمية هذا البحث في أنه يساهم في الكشف عن سلم أولويات العلاقات المجتمعية التي يهتم أفراد المجتمع الطرابلسي في الحفاظ عليها. كما يساعد في التعرف على الحاجات التي تهمّ أفراد المجتمع الطرابلسي، والتي تعينهم تلك العلاقات الافتراضية الناشطة على تحقيقها والوصول إليها. ويحاول هذا البحث أن يعكس واقع اهتمامات أفراد المجتمع الطرابلسي، والتي تمثل بالنسبة إليهم قضايا تمس بذاتهم وبامتدادهم المجتمعي. وهو يلقي الضوء على ميزات المجموعات المتخصصة التي ينشئها مستخدمو تطبيق الواتساب في المجتمع الطرابلسي.
يسمح هذا البحث بالتعرف إلى السلبيات والإيجابيات المترتبة على استخدام أفراد المجتمع الطرابلسي لتطبيق الواتساب، سواء على ذواتهم، أم على علاقاتهم المجتمعية التقليدية. كما يساعد على تلمس مدى وعي مستخدمي تطبيق الواتساب في المجتمع الطرابلسي، للتغيرات والفوارق في مستويات العلاقات الواقعية والافتراضية، كما ولآثارها على متانة تلك العلاقات والنتائج المترتبة عليها.
المفاهيم الإجرائية
الواتساب
الواتساب هو برنامج تطبيقي عملي سهل، يحتاج لهاتف ذكي ورقم هاتف واتصال بخدمة الأنترنت كي يعمل. وهو يتيح للمستخدم التواصل مع قائمة الأسماء الموجودة على هاتفه، ولديه مميزات عديدة منها: إرسال رسائل نصية، إرسال مقطع صوتي، إرسال صورة مباشرة، مقاطع فيديو، إنه امتداد لخدمات كثيرة داخل الهاتف النقال. وهو أكثر وسائل الاتصال انتشاراً حتى اليوم، إذ يسمح للفرد بالبقاء على اتصال وتواصل مع العائلة والأصدقاء داخل وخارج البلد وبتكلفة مادية زهيدة نسبة الى تكلفة الاتصالات المحلية والدولية العادية.
وقد أصبح استخدامه شائعاً جداً لدى الأفراد والمؤسسات، نظراً لميزاته التي تساعد على توفير المال والوقت والجهد والتنقل مقابل المكالمات الهاتفية، فأصبح وسيلة رسمية للتداول بين الشركات والمؤسسات للدعاية والإعلان، وأصبح له التأثير الكبير على العلاقات الاجتماعية. وهو يشكل مكاناً افتراضياً يجمع الأفراد كالجيران والأصدقاء والعائلة والطلاب وجماعات العمل والزملاء في النادي الرياضي أو الثقافي أو في مختلف المهن، لتبادل الأحاديث والأخبار والمعلومات، فيشكلون “مجموعة مغلقة” تضم أفراداً محددين ويتواصلون بشكل يومي ودائم.
العلاقات الاجتماعية
تنشأ الحياة الاجتماعية عندما يتفاعل الأفراد فيما بينهم مكونين جماعات بشرية ينتج عنها مجموعة من العلاقات الاجتماعية والتفاعلات التي تعتبر المحور الأساسي في حياة البشر.[2]
والعلاقات الاجتماعية هي “الروابط والآثار المتبادلة بين الافراد والمجتمع، وهي تنشأ من طبيعة اجتماعهم وتبادل مشاعرهم واحتكاكهم ببعضهم البعض ومن تفاعلهم في بوتقة المجتمع”[3]. وتختلف العلاقات الاجتماعية من حيث شكلها، فقد تكون مؤقتة أو طويلة الأجل وقد تكون محدودة.[4]
التفاعل الاجتماعي
تتركز وظيفة التفاعل الاجتماعي في حاجة الفرد إلى الانتماء والحوار والتواصل مع الآخرين، كما في حاجتهم الى إيجاد فرصة لتكوين علاقات مع الآخرين، بفضل ما يجمعهم من مصالح مشتركة[5]. وبفضل وسائل الاتصال الحديثة، اختلفت شخصية الإنسان التقليدي، والمحصور ضمن إطار الزمان والمكان، عن شخصية الانسان المعاصر، الذي بات أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي، ومختلفاً بعاداته وتقاليده.
ويتخذ التفاعل الاجتماعي صوراً وأساليب متعددة فقد يحدث هذا التفاعل بطريق مباشر (واقعي) أو غير مباشر (افتراضي)، وكذلك بين عدد محدود من الأفراد أو عدد كبير منهم (الشبكات الاجتماعية).
أ – التفاعل الاجتماعي الواقعي:
يعرّف التفاعل الاجتماعي الواقعي بأنه “العملية التي ينتج عنها فعل ورد الفعل تجاه الآخرين، معتمدين على التواصل المباشر من خلال اللغة أو الاشارات والرموز والايماءات التي تعكس تعبيرات وملامح الوجه وحركات الجسد، ويُطلق عليها “لغة الجسد”، وذلك لتحقيق التواصل بين الأفراد لتعكس مشاعر معينة أو فكرة ما أو انفعالات”.[6]
ب – التفاعل الاجتماعي غير المباشر (الافتراضي):
يتم التفاعل الاجتماعي الافتراضي بين “جماعة من البشر تربطهم اهتمامات مشتركة ولا تحدّهم بالضرورة حدود جغرافية أو أواصر عرقية أو قيمية أو سياسية أو دينية، يتفاعلون عبر وسائل الاتصال أو وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، ويطورون فيما بينهم شروط الانتساب إلى الجماعة وقواعد الدخول والخروج وآليات التعامل والأخلاقيات التي ينبغي مراعاتها، فهو بذلك يدل على نظام اجتماعي تكنولوجي.[7]
ويتميز التواصل في المجال الافتراضي بأربعة عناصر:
التفاعلية: حيث لم يعد المتلقي ذلك الطرف السلبي الذي يتعرض لمضمون رسالة المرسل، بل أصبح إيجابياً في العملية الاتصالية، ومسؤولاً عن جزء من مضمون هذه الرسالة.
اللا جماهيرية: الرسالة في هذا المجال توجه إلى فرد أو جماعة معينة، فلا يمكن توجيهها إلى جماهير كبيرة، مثلما كان العمل به في وسائل الاتصال الجماهيرية.
اللا تزامنية: يمكن إرسال أو تلقي الرسالة حسب الوقت الذي يناسب المستخدم، فليس مطلوباً من جميع المستخدمين استعمال التقنية الاتصالية نفسها وفي نفس الوقت.
الفورية: أي الإرسال والاستقبال في ذات الوقت.[8]
الشبكات الاجتماعية
الشبكات الاجتماعية هي “عبارة عن أنظمة مرتبطة بنوع أو أكثر من أنواع الترابط التي تشمل القيم والرؤى والأفكار المشتركة والاتصال الاجتماعي والقرابة والصراع والتبادلات المالية والتجارية والعضوية المشتركة في المنظمات والمجموعات المشاركة في حدث معين، وجوانب أخرى عديدة في علاقات الانسان. وبفضل وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي الحديثة، تغيرت خارطة التواصل الاجتماعي، وتغير العالم معها”.[9]
تعني شبكة العلاقات مجموعة العلاقات الاجتماعية الضرورية الناتجة عن الصلات والعلاقات بين عوالم الأشخاص والأفكار والأشياء. ويشكل الفرد في هذه الشبكة كلاًّ اجتماعياً كبيراً له أهداف عامة وأدوار مستقلة وثقافة فرعية.
ويرى دوركايم أن القاعدة الأخلاقية لا تنبثق من الفرد، ولكن المجتمع هو أساس القيم: فالمجتمع هو الذي أنتج الفرد وليس العكس، وإذا كان العديد منا يعتبر نفسه غير خاضع إلا لما يراه هو، فالحقيقة أن ذلك ليس إلا وهماً، فهو ليس إلا نتاج القوى الاجتماعية المحيطة به مثل الأسرة و علاقات العمل. والقواعد التي يفرضها المجتمع حسب دوركايم: جبرية وملزمة، فالفرد ليس حراً في اتباع النظام الاجتماعي أو الخروج عليه: والمجتمع وضع الجزاء لكل من ينحرف بسلوكه عما اقتضته طبيعة الحياة الاجتماعية.[10]
لذلك يجد الفرد في وسائل الاتصال الحديثة ما يتيح له التحرر من معايير الواقع، وتأليف جماعة أو شبكة جديدة من حيث المعايير والطقوس، مصممة بطريقة مستقلة نوعاً ما عن سلطة الضبط الاجتماعي الخارجية، وتمارس بشكل ما تأثيراً على هذه السلطة. وعليه، فإن وسائل الاتصال الحديثة تساهم في رفع درجة تأثير فاعلية الفرد في البنية الاجتماعية، وهذا ما يساهم بالإجابة على تساؤل بيار بورديو عن كيفية التوفيق بين البنية الاجتماعية وفاعلية الفرد، والذي قاربه من خلال معالجة مفهوم الهابيتوس.
الهابيتوس (Habitus) هو مجموعة من الاستعدادات أو الملكات الدائمة التي يكون الفرد قد اكتسبها أو تطبع عليها عبر التنشئة الاجتماعية[11]. وبالتالي، فالاستعدادات هي مجموعة من الميول والاتجاهات والمواقف المتعلقة بالتفكير والإدراك والإحساس، التي يستبطنها الأفراد حسب الظروف الموضوعية لوجودهم، وتوظف هذه الاستعدادات بطريقة لاشعورية. وتتمثل هذه الاستعدادات المستضمرة في القيم والتصرفات والسلوكيات والمكتسبات المعرفية والذهنية. يستطيع الفرد عبره أن يتحرك في العالم المجتمعي، بغية فهمه بطريقته الخاصة، أو بطريقة مشتركة مع الطبقات الاجتماعية الأخرى التي يعيش معها.[12]
لا يربط الهابيتوس بين الماضي والحاضر والمستقبل فحسب، وإنما هو يربط أيضاً بين المجتمعي والفردي، لأن تجارب المرء الحياتية قد تكون بالفعل فريدة من حيث محتواها الشخصي، ولكنها من حيث بنيتها، تشترك مع الأفراد الذين ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية ذاتها. ويربط كذلك بين الذاتي والموضوعي، مبيّناً أن الاستعدادات هي التي تؤسس للأفعال، وهي التي تساهم بدورها في تشكيل البنى الاجتماعية. وبالهابيتوس أراد بورديو أن يتجاوز ثنائية البنية/الفاعل، مؤكداً على أن الفاعل يتعلم مع الوقت والخبرة إيقاع اللعبة وقواعدها غير المكتوبة. في الواقع، يشدد بورديو على العلاقات “فيما بين”، عوضاً عن “إما/أو”، وبالتالي فإن كل بعد معني يتم تعريفه من خلال النظر في علاقاته.[13]
وبناء عليه، نلاحظ أن وسائل التواصل من خلال الأنترنت خلقت عالماً افتراضياً فيه أخذ وعطاء وتبادل، وسمحت للمستخدمين بطرح مواضيع كانوا غير قادرين على التطرق إليها من خلال القنوات التقليدية، فخلقت لديهم قيماً موازية، لكنها ليست قيماً افتراضية، لأنها سرعان ما تتسرب إلى الواقع المعيشي، وهذا ما يمثل نوعاً من كسر الحواجز بين الحياة العادية والحياة الافتراضية.[14] وبسبب ذلك تتفكك صلات وروابط متنوعة وعديدة كانت تربطهم في الزمن الماضي، والقيم والعادات، وكل ما تمتع بالثبات لوقت طويل. وعليه من الصعب أن يُطلب إلى من امتطى الدوامة أن يحافظ على الثبات، وأن يحمي علاقات اتصاله بأسرته ومحيطه من التغيير.[15]
التكنولوجيا والتغير الاجتماعي
يعرف التغير الاجتماعي بأنه “المظهر الديناميكي للمجتمع الإنساني والحركة المستمرة والمتتابعة التي تتم من خلال التفاعل الاجتماعي عبر الزمن، وتعبر عن أنماط من العمليات والانتقال والتنمية والتقدم التي تتم عن طريق الاختلافات والتعديلات التي تطرأ في الطبيعة والعلاقات الاجتماعية خلال تتابع الزمن (كالسلوك الاجتماعي الذي يتمثل في العادات والأعراف والنظم واللغة)، بحيث يمكن ملاحظتها وتقديرها. وهو عند آخرين، كل ما طرأ على الأشكال الثقافية والعلاقات الاجتماعية في مجتمع معين خلال فترة محددة من الزمن”.[16]
وقد حدد جورج بالاندييه في إطار حديثه عن دينامية التغيرات الاجتماعية الداخلية، ثلاثة مؤثرات لها ارتباط بالتغيرات السوسيو – ثقافية، تتعلق الأولى بالتعديلات الناجمة عن العلاقات القائمة بين المجتمع والإطار الطبيعي الضامن لها، أما الثانية فتتصل بهشاشة التوازنات الاجتماعية، بينما الأخيرة فمصدرها التحديث والابتكار.[17]
إذن، تعتبر التكنولوجيا سبباً رئيساً في التغيير الاجتماعي، ولقد بات واضحاً أثر التكنولوجيا على المجتمعات المعاصرة، ولا شك أن أشكال التواصل الإلكتروني قد أحدث ثورة في الطريقة التي يتواصل بها الناس، “وعلى الرغم من حداثة عهد الأنترنت في الظهور، فإن التكنولوجيا أسهمت في إحداث انقلاب كبير في عادات الإنسان المعاصر، وفي كيفية رؤيته للعالم. وليس من باب المبالغة القول أنها أضحت واحدة من الوسائل المهمة التي يصعب الاستغناء عنها حالياً في جميع مجالات الأنشطة البشرية. وهي تعلن بزوغ عهد ثقافة جديدة وعالم جديد ليس من اليسير استشراف حدوده النهائية، لكثرة ما هي متنقلة دوماً إلى الأمام، وليس هناك إمكانية للتنبؤ بجميع ما يمكن أن تحمله من مفاجآت في العقود القادمة من الألفية الثالثة. لقد أوجدت تطبيقات الأنترنت عالماً إلكترونياً يخترق بأبعاده وأطيافه مساحات متزايدة من الواقع الموضوعي الذي يدركه الإنسان ويتواجد فيه”.[18]
بناء على هذه الرؤية المفاهيمية، وعلى ضوء الخلفية النظرية التي استندت إلى مقاربة بيار بورديو التي تفسر العلاقة بين فاعلية الفرد والبنية الاجتماعية، باعتبار أن ممارسات المرء واعتقاداته وتصوراته وأحاسيسه ليست مجرد أثر لهابيتوسه، وإنما هي أثر للعلاقات بين هابيتوس المرء وظروفه السائدة، أي بين بنية الهابيتوس وبنية الحقل، أجرينا بحثاً ميدانياً لاستقصاء أثر استخدام تطبيق الواتساب على العلاقات الاجتماعية، بغرض التعرف على واقع الممارسات والتصورات التي تخطت مضمون التنشئة على مستوى الفاعل، وأحدثت فيه تغييراً ملموساً، وبدأت ترسي أنماط قيمية وسلوكية جديدة في بنية المجتمع في مدينة طرابلس.
إجراءات البحث
نعرض تحت هذا العنوان الخطوات المنهجية المتبعة لتنفيذ البحث الميداني من حيث المنهج والتقنيات المستخدمة وتوضيح أسلوب معالجة البيانات، وتحديد مجتمع البحث والعينة.
– المنهج والتقنيات
يتناسب المنهج التحليلي مع أهداف البحث، حيث قمنا بوصف العلاقات المرتبطة بتطبيق الواتساب من حيث أشكالها وطبيعتها وحدودها وصولاً الى وصف متكامل وتشخيص دقيق للظاهرة.
وبهدف جمع المعطيات الميدانية تمّ استخدام تقنية الاستمارة التي تتوافق مع طريقة التحليل الكمي المعتمدة في هذا البحث. وقد تمّ تصميم نموذج الاستمارة من خلال الاطلاع على المراجع والدراسات والأبحاث المتعلقة بموضوع البحث. وقد استخدمنا البرنامج الإحصائي SPSS في فرز الاستمارات وبناء الجداول وإجراء اختبار كا-تربيع للتأكد من وجود فروقات ذات دلالة إحصائية عند مستوى المعنوية 0.05 بين المتغيرات المستقلة: النوع، العمر، الحالة الاجتماعية، الوضع الاقتصادي والمستوى التعليمي، وبين بعض المتغيرات التابعة التي تعبر عن مواقف وتوجهات أفراد العينة المدروسة. ثم قمنا بتحديد درجة الارتباط بين المتغيرات وقوته واتجاهات المستجوبين فيما خص المتغيرات المدروسة.[19]
– مجتمع البحث
حددنا مجتمع البحث بمدينة طرابلس-لبنان نظراً لضرورة التقيد بفترة زمنية محددة لإنجاز البحث.
مدينة طرابلس هي ثاني أكبر المدن في لبنان، هي مركز قضاء طرابلس، الواقع ضمن محافظة لبنان الشمالي. تقع طرابلس على ارتفاع 40 م عن سطح البحر، وتبعد عن العاصمة بيروت مسافة 84 كلم. تضم طرابلس القديمة الأحياء التالية: الحدادين، المهاترة، النوري، باب الحديد، الرمانة، التل، الزاهرية، السويقة -الجسرين، القبة، والتبانة. أما الأحياء الحديثة، فهي طريق الميناء، المئتين، شارع عزمي، المعرض، والضم والفرز[20]. يقدّر عدد سكان طرابلس بحوالي 600 ألف نسمة[21]، أما عدد الناخبين فهو 230,000 ناخب وفق لوائح الشطب لعام 2018.
– عينة البحث
اعتمد البحث الميداني على المعلومات التي أدلى 386 مستجوب يقيمون في مختلف أحياء مدينة طرابلس. وتعتبر هذه العينة ممثلة وفق القواعد الإحصائية المتبعة لتحديد حجم العينة مع أخذ الانحراف الأقصى في المجتمعp=q=0.5) ) بحدود الثقة 95% وبخطأ تقدير 5%. وقد حرصنا على أن تتمثل الفئات ضمن المتغيرات المستقلة بعدد كاف من الحالات تتيح لنا التأكد من توفر شروط إجراء اختبار كا-تربيع.[22]
نتائج البحث الميداني
نعرض لمعطيات البحث الميداني وفق المحاور الآتية:
أولاً- خصائص العينة
راعينا عند اختيارنا للعينة عدة متغيرات ذات أهمية في توضيح بعض الاستجابات المتصلة باستخدام تطبيق الواتساب، ونظراً لما تحمله من دلالات تتصل بطبيعة مجتمع البحث، الذي تتعايش فيه ثنائية التقليد والحداثة، فلا هو تقليدي يستمر ماضيه في حاضره، ولا هو حديث مارس فعلاً عملية القطع السوسيولوجي مع التقليد[23]. لذا، تكتسب متغيرات العمر والنوع والمستوى التعليمي والوضع الاقتصادي والحالة الاجتماعية، أهمية تفسيرية ومعبرة عن ديناميات العلاقة بين المستجوب (الفاعل الاجتماعي) والمجتمع المحلي (الحقل)، والتي تعتمد على تقنية التواصل والتفاعل المستخدمة التي يتركز عليها موضوع البحث.
1- النوع والعمر.
تضمنت عينة البحث 386 مستجوباً كما سبق وذكرنا، وهم يتوزعون بنسبة 48.2% ذكور و 51.8% إناث، وهذه النسبة المتقاربة بين الجنسين سمحت لنا بملاحظة الفروق في استخدام تطبيق الواتساب بينهما. كما تشكل الفئة العمرية 18-35 سنة ما نسبته 38.1% منهم. وقد بلغ متوسط الأعمار 39.35 سنة بانحراف معياري 13.58سنة، والعمر الوسيط هو 37 سنة. علماً بأن الحد الأدنى للأعمار لدى أفراد العينة هو 18 سنة، والحد الأعلى هو 67 سنة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة تتوافق مع هرم الأعمار الذي يتشكل منه مجتمع البحث، بالاعتماد على قراءة تحليلية أجريناها للوائح الشطب الخاصة بالانتخابات النيابية على مدى ثلاث دورات انتخابية، باعتبارها تتضمن الأرقام الإحصائية الأكثر موثوقية في مجتمع البحث.
2- المستوى التعليمي.
وتنوعت أيضاً المستويات التعليمية في العينة، وقد بلغت نسبة المستوى التعليمي ثانوي وما دون 73.8 %. حيث بإمكاننا ملاحظة أثر اختلاف المستوى التعليمي على استخدام تطبيق الواتساب، واتجاهات استعماله.
ويلاحظ أن هناك فروقات ذات دلالة إحصائية على مستوى المعنوية 0.05 (الدلالة: 0.041 – درجة الإرتباط: 0.173) بين الذكور والإناث فيما خص المؤهل العلمي حيث يتجه الذكور الى حيازة المستوى التعليمي ابتدائي-متوسط، فيما تتجه الإناث الى الحصول على المستوى التعليمي ثانوي وما فوق. وما يمكن أن يفسر هذه الظاهرة هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها مجتمع البحث، مما يدفع أكثر بالذكور مبكراً إلى سوق العمل، باعتبار أنهم تقليدياً معنيين بإعالة أسرهم عند الحاجة. والجدير بالذكر أن الأمية لدى النساء تفوق مثيلتها لدى الذكور، وهذا الفارق يعود الى ارتفاع نسبة أمية النساء في الأعمار المتقدمة، ممن لم ينلن نصيبهن من التعليم في مقتبل العمر، في زمن لم يكن تعليم الفتيات من أولويات الأسر.
3- الوضع الاقتصادي.
صرّح 53.11% من المستجوبين أن وضعهم الاقتصادي هو متوسط، فيما أشار 31.35% الى معاناتهم من مستوى اقتصادي سيئ، في حين أن 15.54% فقط أفادوا بأن أوضاعهم الاقتصادية جيدة. وهنا أيضاً تبرز الفروقات الإحصائية بين الذكور والإناث (الدلالة0.041: – درجة الارتباط: 0.182) حيث تتركز نسبة الوضع الاقتصادي السيئ لدى النساء بشكل خاص. وهذا ما يجد تفسيره في أسباب عدة أبرزها، الفرق في نسبة المشاركة في النشاط الاقتصادي والذي يميل بوضوح لصالح الرجال[24]، وكذلك هو حال الفجوة في الأجور بين الجنسين، الذي هو في الواقع قضية عالمية، وإن كانت تظهر في مجتمعاتنا على نحو أكثر فجاجة[25]، ولا بد من الإشارة إلى واقع استمرار النظرة التقليدية إلى المرأة، باعتبار أن إعالتها تقع على عاتق الرجل إلى حد كبير.
4- التوزع المناطقي.
شملت العينة مستجوبين يقيمون في مختلف أحياء مدينة طرابلس، وقد توزعوا كالآتي: في التبانة: 6.2%، باب الرمل: 9.1%، التل: 7.5%، الزاهرية: 10.4%، أبو سمراء: 15.5%، القبة: 16.3%، المئتين-الثقافة-عزمي-المعرض-الضم والفرز: 35%.
ومكانياً أيضاً، تبين وجود فروقات ذات دلالة في المستويات الاقتصادية (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.236)، حيث يتجه المستجوبون المقيمون في باب الرمل-التبانة، الزاهرية، التل، القبة الى اعتبار أوضاعهم الاقتصادية سيئة، واعتبر المستجوبون المقيمون في أبي سمراء بأن وضعهم الاقتصادي متوسط، أما المستجوبون المقيمون في المئتين- عزمي-المعرض-الضم والفرز فقد صرّحوا بأن أوضاعهم الاقتصادية جيدة.
في الواقع، إن من يعرف تاريخ تطور مدينة طرابلس العمراني، يفهم المنطق الذي يحكم هذا التوزع والفروقات في المستويات الاقتصادية بين سكان مناطقها، فانطلاقاً من أحيائها القديمة، كانت الأحياء الجديدة تستقطب ذوي القدرات الاقتصادية الأعلى.
ليس هذا فحسب، بل إننا نجد مثل هذه الفروقات في المستويات التعليمية في ذات المناطق، فلقد تبين وجود فروقات ذات دلالة إحصائية (الدلالة: 0.006 – درجة الارتباط: 0.268) حيث يتركز المستوى التعليمي ابتدائي وما دون في باب الرمل-التبانة، الزاهرية، ويتجه المستجوبون المقيمون في التل والقبة وأبو سمرا الى المستوى التعليمي متوسط-ثانوي، فيما يتركز المستوى التعليمي جامعي وما فوق لدى أفراد العينة المقيمين المئتين- عزمي-المعرض-الضم والفرز.
5- الوضع المهني.
يعمل المستجوبون في مختلف النشاطات الاقتصادية ويتركزون في العمالة اليومية بنسبة 34.4%، تليها الوظيفة في القطاع الخاص بنسبة 16.6% ثم في الحرف (نجارة، حدادة،…) بنسبة 15.4%، وقد تمثل القطاع الأمني والعسكري بنسبة 12.6%، والقطاع العام بنسبة %10.9، وأصاحب المؤسسات التجارية والخدماتية بنسبة % 5.7، بالإضافة الى المهن الحرة العليا (طب، هندسة،…) بنسبة 4.5%. ويلاحظ وجود نسبة 3.4 % متقاعدون، ونسبة 18.1% من ربات المنازل اللواتي يصنف عملهن ضمن فئة العمل غير المأجور، ونسبة 14.5 % لا يعملون ويشكل الطلاب جزءاً مهماً منهم. وقد تبين وجود فروقات ذات دلالة في الوضع المهني وفق النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0. 381)، حيث تتجه النساء الى الوظيفة في القطاعين العام والخاص أو ممارسة حرفة (خياطة، تصفيف شعر،..) أو مهنة حرة عليا (طب، هندسة، صيدلة، محاماة)، فيما يتجه الرجال الى العمالة اليومية والقطاع الأمني والعسكري أو إنشاء مؤسسات عمل خاصة (محل تجاري، مطعم،..).
6- الوضع الاجتماعي وحجم الأسرة.
بلغت نسبة المتزوجين في العينة 66.6%، في حين أن نسبة العازبين هي 26.7% والمطلقين والأرامل 6.7%. تشكل الأسر المؤلفة من 5 أفراد وما دون نسبة 68.7% من الأسر، ويبلغ متوسط حجم الأسرة 4.95 فرد بانحراف معياري 1.66، وحجم الأسرة الوسيط هو 5 أفراد. أما الحد الأدنى لحجم الأسرة فهو فردين، والحد الأعلى هو 10 أفراد.
في نظرة إجمالية لتركيبة وخصائص العينة التي هي فعلياً تمتلك هاتفاً نقالاً، وتستخدم بواسطته تطبيق الواتساب، نلاحظ واقع انتشار استخدام هذا التطبيق بين الذكور والإناث، وبمختلف الأعمار، وعلى اختلاف حالاتهم الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وكذلك في كل أحياء مدينة طرابلس، التي تحظى بتغطية الشبكة الخلوية Cellular network، وكذلك بتغطية الأنترنت بوسائط مختلفة:WiFi أو الجيل الرابع للشبكات الخلوية (The 4th Generation of Cellular Networks اختصاراً 4G)، ومن المنتظر طرح شبكات الجيل الخامس للهواتف المحمولة التي تَعد بسرعات تتجاوز الغيغابايت.
ثانياً- استخدام تطبيق الواتساب
تحتل الهواتف النقالة اليوم موقع الصدارة كإحدى أحدث الابتكارات التكنولوجية في عالم الاتصالات. وقد تبلورت أهمية هذه التقنية خصوصاً بعد انتشار الهواتف الذكية القابلة لإدخال خدمات الانترنت عليها، إذ أصبح هناك إمكانية لتصفح مواقع الانترنت المتنوعة وصفحاته اللامحدودة، باستخدام هذا الجهاز. فتعدّت بذلك وظيفة الهاتف النقال مهمة التخابر أو التواصل لأجل العمل أو التواصل مع الأصدقاء والأقارب، نحو الاستخدام في الدردشة الإلكترونية والتصوير وسماع الموسيقى، ومشاهدة برامج التلفزيون[26]. “وتضافرت المكتشفات الجديدة في مجال التقانة الرقمية والألياف البصرية وأنظمة الأقمار الاصطناعية لدمج المعلومات وتسهيل نقلها من خلال الوسائط المتعددة التي تجمع بين أشكال عديدة في وسط واحد هو الوسط التفاعلي الذي يتيح للمتلقي فرصة المشاركة النشطة في ما يراه ويسمعه”[27]، من خلال هذه التقنية التي شملت الكثير من الخدمات والتطبيقات.[28]
1- أولوية استخدام الواتساب وحدوده الزمانية والمكانية
بالنسبة الى العينة المستجوبة بمختلف فئاتها، أصبح امتلاك الهاتف النقال من المؤشرات الدالة على مدى مواكبة التطور والحداثة من خلال هذه الوسيلة الاتصالية المتطورة. وقد أوجد الهاتف الذكي لنفسه مساحات واسعة في الاستخدام، نظراً لما يوفره من إمكانات تواصلية متنوعة، بالاعتماد خصوصاً على تطبيقاته وما تقدمه من خدمات. وتختلف تلك التطبيقات في مميزاتها، ويتجه المستجوبون في العادة نحو التطبيقات التي توفر لهم مزايا اتصالية متنوعة، مثل المحادثة الفورية وتبادل النصوص والصور وسواها، وأيضاً تلك التي تتميز بقلة التكلفة والمرونة وسهولة الاستعمال وتحفظ الخصوصية. ولاحظنا من خلال عينة المستجوبين أن أبرز هذه التطبيقات هي: الواتساب، فايسبوك، تويتر، يوتيوب، انستغرام وتلغرام. أما فيما خصّ أولوية استخدام التطبيقات فقد احتل الواتساب المرتبة الأولى لدى 93.7% من المستجوبين والمرتبة الثانية لدى 6.3% منهم، فيما حلّ الفايسبوك في المرتبة الأولى لدى 6.4% وفي المرتبة الثانية لدى 66.6% من المستجوبين. ولا شك أن ما يفسر احتلال الواتساب موقع الصدارة هو المزايا التي يتمتع والتي تَعدتْ انجاز الأعمال واختزال الوقت والزمان والتكلفة المادية حتى أصبح منصة للإعلان عن مناسبات مجتمعية محددة حيث يتم إرسال الدعوات من خلاله (ذكرى وفاة، تهنئة وتبريكات، دعوة زفاف، دعوة لحضور حفلة ميلاد وغيرها الكثير) حتى أن البعض يختزلون الزيارة مثلا لتأدية واجبٍ معين عبر ارسال تسجيلٍ أو رسالة صوتية للشخص الآخر. أضف أيضاً أنه يعتبر مصدر لهو وتسلية عبر تبادل النكات المصورة والدردشة الطويلة.
ومن الملفت أن نسبة 92.2% من المستجوبين يستخدمون الواتساب داخل وخارج المنزل، لأنهم حريصون على البقاء على اتصال مع الأشخاص الذين يتفاعلون معهم لأسباب مختلفة، وما يسهل لهم هذا الأمر هو طرح شبكات الخلوي لخدمة انترنيت داعمة لهذا التطبيق، وبكلفة زهيدة، وبذلك يتمكن المستخدمون مهما كان وضعهم المادي من الحصول على هذه الخدمة.
يمضي 76.2 % من المستجوبين بين ساعة و6 ساعات في اٍستخدام التطبيقات المتوفرة على الهاتف المحمول وخاصة تطبيق الواتساب، فيما يمضي 32.8% فوق 7 ساعات في ذلك، بمعدل 5.44 ساعة وبانحراف معياري 4.27 ساعة. ويبلغ عدد الساعات الوسيط 4 ساعات، علماً أن الحد الأدنى هو ساعة واحدة، والحد الأعلى هو 15 ساعة.
تشير هذه النسب إلى مدى استغراق أفراد العينة في التفاعل مع ما توفره تلك التطبيقات من خدمات تواصلية وثقافية، وهذا ما يؤشر إلى مدى تأثير الهاتف النقال في تغيير أنماط الحياة لدى مجتمع البحث. وتذهب نظرية المحيط الواسع والمحيط الضيق إلى القول بأن وسائل الاتصال تلعب دوراً سلبياً بطريقة غير مقصودة في المجتمع الغني بالعادات والتقاليد والتفاعل الاجتماعي، ذلك أن وسائل الاتصال تبعد أفراد المجتمع بعضهم عن بعض. ويحدث مع الزمن أن يألف الفرد هذا النمط من الاتصال، فيصبح انعزالياً ويعفي نفسه من المسؤولية الاجتماعية تجاه الآخرين[29]. ولكن برأينا أنه تكفي الإشارة إلى عدد التفاعلات التي يمكن أن يجريها المستخدم خلال 5 ساعات، بسبب ميزة الفورية التي تتمتع بها تطبيقات التواصل الاجتماعي، فما قد يبدو في الشكل أنه انعزال للمستخدم عن التلاقي المباشر مع الآخرين، إلا أنه بالفعل حضور وتواصل معهم مستمر وفوري، مهما كانت المسافات الفاصلة، وفي أي وقت.
2- الجهات التي يتم التواصل معها عبر تطبيق الواتساب
تُبين لنا معطيات الميدان أن أفراد العينة يتواصلون عبر الواتساب بشكل أساسي مع الأهل، وقد بلغت النسبة 90.4% منهم، يليها التواصل مع الأصدقاء بنسبة 68.1%، ثم نسبة 65.8% للتواصل مع الأقارب. ثم يأتي التواصل مع زملاء العمل والدراسة وأصحاب المهن والزبائن، وهذا يشير الى توسع دائرة التواصل المرتبطة بالحاجة والإرادة (متى نشاء). وبهذا الصدد يقول أنتوني غيدنز “تقدم شبكة الأنترنت مثالاً آخر على الترابط بين أشكال الحياة الاجتماعية من جهة، والقدرة على التحكم والسيطرة على المكان والزمان من ناحية أخرى… وقد أعاد هذا التغير التقني ترتيب المكان، بحيث أصبح باستطاعتنا التفاعل مع الآخرين من دون التحرك من مكاننا، كما عدلت هذه النقلة من تجربتنا مع الزمان، لأن التواصل يتم بصورة فورية”.[30]
وقد تبين وجود فروقات ذات دلالة إحصائية في التواصل مع الأهل وفق عدة متغيرات مستقلة: النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.22)، والعمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.214) والوضع الاجتماعي (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.21). حيث لاحظنا أن الإناث يقومون بالتواصل مع الأهل أكثر من الذكور، وهذا السلوك ما هو إلا انعكاس للسلوك التقليدي المتحفظ الذي يمارسه الأهل مع الإناث، خاصة عندما يتفاعلون لأسباب شتى مع المحيط الاجتماعي الأوسع، فالنظرة إلى الفتاة على أنها ضعيفة، والخشية عليها من كلام الناس ونظرة المجتمع، يدفع الأهل الى إبقائها قريبة منهم “على السمع، وتحت النظر” لحمايتها. والفتاة بدورها تتقبل هذا التوجه لأسباب شتى أيضاً تتصل بالقيم الدينية والعائلية، وربما لعدم تحصنها بالثقة الكافية لاعتمادها على نفسها. وأما بالنسبة للفئة العمرية 51 وما فوق، فإن اهتمامهم بالتواصل مع الأهل كأولوية مرده للمسؤوليات الأسرية التي تقع على عاتقهم، كما ولحاجتهم المتزايدة لهذه العلاقة باعتبار أنهم بهذا العمر يحتاجون أكثر للإطار الأسري الذي من شأنه أن يقدم لهم الحماية والدعم النفسي والمعنوي والمادي. وهذا أيضاً ما يحتاجه المطلقون والأرامل، الذين يهتمون بالتواصل مع الأهل كأولوية.
وكذلك ظهرت فروقات ذات دلالة إحصائية في التواصل مع الأقارب وفق النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.234) والعمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.193). فالإناث يتمتعن بحرية أكبر في التواصل مع الأقارب لأنهم يمثلون تقليدياً واحد من أهم أطر الحماية لهن، والمجتمع نفسه متسامح مع الإناث في هذا النوع من العلاقات. وأما اهتمام الفئة العمرية 51 سنة وما فوق بالتواصل مع الأقارب، ربما يرجع إلى أن أفراد هذه الفئة ينسجمون مع واقع تنشئتهم التي سبقت توفر وسائل التواصل، ومما يدعم هذا التقدير هو تراجع نسبة التواصل مع الأقرباء لدى الفئات الشابة، كما أظهرت لنا معطيات الميدان.
وظهرت فروقات ذات دلالة إحصائية أيضاً في التواصل مع زملاء الدراسة وفق العمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.418) والمستوى التعليمي (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.293). يظهر أن استعمال تقنية الواتساب للتواصل مع زملاء الدراسة يتخذ منحى عملياً، حيث أنه يوفر إمكانية تبادل المعلومات المتصلة بالشؤون الدراسية، التي يرافقها عادة نوع من التقارب بين زملاء الدراسة، تستمر كما يبدو إلى سنوات عديدة قبل أن تبدأ بالانقطاع، كما يظهر من امتداد زمن التواصل حسب فئة العمر المشار إليها.
وقد تبين وجود فروقات ذات دلالة إحصائية في التواصل مع زملاء العمل وفق النوع (الدلالة: 0.001 – درجة الارتباط: 0.173)، العمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.418) والحالة الاجتماعية (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.255). يعتمد تكوين علاقات زملاء العمل على الشراكة الفعالة والروابط القوية والاهتمامات المشتركة. ويوفر تطبيق الواتساب هذا التواصل، لأسباب مهنية أو شخصية وغيرها. ويبدو أن هذه العلاقات تبقى فاعلة، طالما أن الفرد ينشط في إطار مهني معين، كما تدل على ذلك اتجاهات الفئة العمرية من 24-50 سنة. ويبدو أنه، ولاعتبارات وضوابط اجتماعية، ترتفع نسبة التواصل بين زملاء العمل الذكور والعازبين، ما يؤشر إلى أن مستخدمي هذه الوسيلة للتواصل لم يتفلتوا إلى حد كبير من تلك الضوابط الفاعلة في المجتمع الطرابلسي.
وقد تبين وجود فروقات ذات دلالة إحصائية في التواصل مع الجيران وفق متغيرات النوع (الدلالة: 0.006 – درجة الارتباط: 0.214) والعمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.216)، حيث يشكل استخدام الواتساب بالنسبة للإناث وسيلة اتصال موازية للتواصل الفعلي مع المحيط المتاح اجتماعياً. وأما ارتفاع نسبة الاعتماد على الواتساب لدى الفئة العمرية 36 سنة وما فوق، للتواصل مع الجيران، فهو يؤشر فعلاً إلى تغير مهم في نمط العلاقة التقليدية بين الجيران، والذي يجد مبرراته في أسباب مجتمعية (ظروف الحياة والعمل) وتكنولوجية (توفر التلفزيون والانترنت) ونفسية، وعليه، ربما يسدّ الواتساب ثغرة كان من الممكن أن تكون أكبر.
3- أسباب التواصل
يشكل التواصل مع أفراد العائلة والأصدقاء السبب الأبرز للتواصل عبر الواتساب لدى 76.7% من المستجوبين، يليها التسلية وملء أوقات الفراغ بنسبة 66.8%، ثم التحاور وتبادل الآراء والمعلومات مع الأصدقاء بنسبة 51.3%. وقد صرحت نسبة 12.7% أن هذا التواصل يخلصها من العزلة، في حين أن 11.9% يستخدمون الواتساب لضرورات العمل .
يتبين لنا من خلال الجدول الوارد أدناه، أن التفاعل مع أفراد العائلة والأصدقاء يقع في رأس أسباب التواصل باستخدام تطبيق الواتساب، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها عينة البحث للعلاقات الاجتماعية الأولية. فعلى الرغم من أهمية الحوار بين أفراد الأسرة والأصدقاء باعتباره من أهم وسائل التواصل الإنساني، إلا أن انتقال العلاقات الاجتماعية من النمط الواقعي إلى النمط الافتراضي، لم يؤثر على مركزية أهمية تلك العلاقات بالنسبة للمستخدمين، خاصة وأن خيارات التواصل التي يتيحها الواتساب واسعة، ويتمتع الفرد بحرية اختيار كبيرة بينها.
ويشكل عامل التسلية والترفيه وملء وقت الفراغ السبب الثاني من حيث الأهمية لاستخدام تطبيق الواتساب، وفي هذه الناحية بالذات يمكن ملاحظة بروز اتجاه يتعارض إلى حد كبير مع أنماط استغلال وقت الفراغ ووسائل التسلية والترفيه التي عرفها مجتمع البحث، كالنشاطات الرياضية والثقافية والترويحية وغيرها، وما تزود به الفرد من قيم وما تتيح له من بناء علاقات واكتساب مهارات وترقية خبرات، والاستعاضة عنها بما يوفره تطبيق الواتساب من تبادل للصور والفيديوهات والنكات والمنشورات الهزلية وغيرها، إضافة إلى الحوار الذي غالباً ما يفتقر إلى العمق الثقافي المفيد. على الرغم من ذلك، فإن إعطاء أفراد العينة للتحاور وتبادل الآراء والمعلومات أهمية متقدمة، تعيد الاعتبار للواتساب كوسيلة مفيدة في الاستخدام الاتصالي بين المستخدمين.
4- أبرز موضوعات التواصل
أما فيما خصّ أبرز موضوعات التواصل فقد سجلت أعلى نسبة للمستجوبين الذين يطمئنون عبر الواتساب على أحوال أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء وهي 91.7%، يليها تبادل الصور والطرف بين الأفراد وذلك بنسبة 59.6% من المستجوبين، ثم يأتي تحديد موعد بنسبة أقل بلغت 23.8%، مع الإشارة الى استخدام أفراد العينة الواتساب لنشر الإرشادات الصحية، وللتسوق ولضروريات العمل وإن بنسب أقل من الأسباب الأخرى .
5- المجموعات
تشكل المجموعات شكلاً من أشكال التواصل الجماعي عبر الواتساب، وعادة ما تتشكل المجموعة بمبادرة من أحد الأشخاص، وتتكون من أناس تجمعهم علاقات اجتماعية ما، أو تجمعهم قضية أو موضوع معين. وغالباً ما يوضع للمجموعة قوانين أو أن حدودها تتشكل مع الممارسة، ويكون عرض الآراء أو تبادل المعلومات عن طريق الكلام المنطوق أو الكلام المكتوب، وسواها من وسائل النشر والتعبير (صور، فيديوهات، نصوص، الإشارات التي يوفرها الواتساب).
يبلغ متوسط عدد المجموعات التي يشارك بها أفراد العينة 2.71 مجموعة بانحراف معياري 1.809، والعدد الوسيط للمجموعات هو 2، مع الإشارة الى أن 7.3% فقط من المستجوبين لا يشاركون بمجموعات على الواتساب، ويصل عدد المجموعات لدى بعض المستجوبين الى 15 مجموعة كحد أعلى.
تتنوع الأهداف التي من أجلها أنشأت المجموعات وتأتي في مقدمتها الأهداف العائلية بنسبة 68.39% من المستجوبين، والمهنية بنسبة 38.34% منهم، تليها الأهداف الترفيهية بنسبة 36.27%. وكذلك سجلت الأهداف التربوية (14.25%) والأسباب الدينية (19.43%) ومتابعة أخبار المنطقة (19.69%) مبرراً لإنشاء مجموعات خاصة ولو بنسب أقل، ويسجل أيضاً وجود مجموعات زملاء الدراسة (14.8%)، والجيران (10.4%)، ومن الملفت وجود مجموعات تتعلق بنشر معلومات تتعلق بالطبخ، أو بالتسوق أو بحواجز السير وكاميرات مراقبة السرعة على الطرقات (ما مجموعه18.91%). وعليه فإن الحصة الأكبر للمشاركين في هذه المجموعات تعود للأهل بنسبة 70.2%، يليها الأصدقاء بنسبة 50.5 % وزملاء العمل بنسبة 21.2%، علماً أن بعض المجموعات المتعلقة بالطبخ أو بالتسوق أو بأخبار المناطق تضم أناساً لا يعرفون بعضهم بالضرورة.
ثالثاً- آثار استعمال تطبيق الواتساب على العلاقات الاجتماعية
من المعلوم أن أي تغير في المجتمع يمر بمراحل قبل أن يستقر ويصبح مقبولاً في المجتمع[31]، فهو العمليـــة التـــي بموجبهـــا تحقـــق المجتمعـــات الإنسـانية تحولات مسـتمرة مـروراً بمراحـل متلاحقـة مترابطـة. ومن البديهي أن يتعرض النسق الاجتماعي التقليدي للقيم للاضطراب نتيجة انبثاق وتبلور قيم اجتماعية جديدة. وينتج عن ذلك ظواهر سلوكية، يبقى الحكم الاجتماعي العام عليها يتأرجح بين السلبية والإيجابية إلى أن تستقر وتصبح مقبولة.
1- العلاقة مع الأهل والأقارب
يعتمد مجتمع البحث على الواتساب كوسيلة تواصل مع الأهل والأقارب والجيران وزملاء الدراسة والعمل، حيث صرّح المستجوبون بأن استعمال تطبيق الواتساب قد أثّر على العلاقة مع الأهل والأقارب، وتراوحت هذه التأثيرات بين السلبية والإيجابية حيث اتجهت النسبة الأكبر من المستجوبين الى اعتبار أن الواتساب قد سهل التواصل مع الأقرباء البعيدين الموجودين في بلدان أخرى وقد بلغت هذه النسبة 75.4%. ويلاحظ أن 74.9% من المستجوبين يقومون بتهنئة المعارف والأقارب في المناسبات الخاصة والأعياد بواسطة الواتساب، ونسبة 37.6% منهم يعزون معارفهم وأقربائهم في مصابهم، وعليه يرى 35.5% من المستجوبين بأن زياراتهم للأقارب والأصدقاء قد تراجعت، و 30.3% منهم قلّ حضورهم في المناسبات. هذا بالإضافة الى إشارة أفراد العينة من الطلاب الى شكوى الأهل من كثرة الاعتماد على الواتساب، ومن التأخر في إنجاز الواجبات الدراسية، وكذلك أشارت بعض ربات المنازل الى مسألة التأخر في إنجاز الأعمال المنزلية بفعل قضاء الوقت بالدردشة عبر الواتساب.
2- العلاقة مع الجيران.
أما فيما خصّ الآثار على العلاقة مع الجيران، فيظهر أن مستوى العلاقات مع الجيران على الواتساب هو سطحي بالنسبة الى 43.5% من المستجوبين، ونسبة 24.9% منهم تلغي التواصل مع الجيران عبر الواتساب في حال حدوث مشكلة معهم، و 18.1% يزعجهم إصرار جيرانهم على الدردشة عبر الواتساب، في حين أن 15.3% فقط من المستجوبين توسعت علاقتهم مع الجيران بعد استخدام الواتساب و 15.5% يتواصلون مع الجيران على هذا التطبيق أكثر من قيامهم بزيارتهم، و19.2% يشجعون الجيران على التواصل عبر الواتساب .
3- العلاقة مع زملاء الدراسة والعمل
يؤثر تطبيق الواتساب على العلاقة مع الزملاء حيث صرّح 58.5% من المستجوبين أنه سهل التواصل مع زملاء العمل والدراسة، وسمح لنسبة 29.8% منهم بإعادة التواصل مع زملاء سابقين سواء في الدراسة أو العمل. كما سهل حصول الطلاب على الواجبات الدراسية من زملائهم والتواصل مع الأساتذة وإن بنسب أقل. ومن جهة أخرى أدى قضاء الوقت في الدردشة عبر الواتساب الى انخفاض الاهتمام بالرياضة لدى 21% من المستجوبين، وقلّت مشاركة 8.3% منهم في النشاطات الثقافية، وقد صرّح 8.3% من المستجوبين بأن لقاءاتهم مع الزملاء بعد أوقات العمل والدراسة قد تراجعت بشكل ملحوظ
رابعاً- السلبيات والإيجابيات : نظرة عامة
أكّد المستجوبون على إيجابيات استخدام تطبيق الواتساب حيث أشار 76.7% منهم أنه سهّل وسرّع التواصل بين الناس وبكلفة زهيدة وفق 42.2% منهم. وقد ساهم تنوع خدمات هذا التطبيق من إرسال رسائل نصية أو صوتية الى إمكانية إجراء اتصال مرئي في الإقبال على استعماله بالنسبة الى 33.2% من المستجوبين، وخاصة أنه أصبح متوفر لدى الجميع كما أشار 19.2% من المستجوبين. وقد ساعد الواتساب البعض في تمضية الوقت والتسلية والدردشة وفي تعزيز العلاقات والحصول على المعلومات ونشرها، كما في تسهيل الأعمال وإن بنسب أقل. وقد أشار أحد المستجوبين وهو محام الى أن الرسائل النصية والصوتية أصبحت حديثاً وسيلة إثبات يُعتدّ بها في المحاكم .
مقابل إيجابيات الواتساب التي ذكرها المستجوبون والتي جعلتهم يقبلون على استخدام هذا التطبيق، يوجد العديد من السلبيات التي لم يغفلوا عنها، حيث أشار 45.6% من المستجوبين الى مسألة هدر الوقت كأبرز سلبيات الواتساب. وتشكل المشاكل العائلية وإهمال الأزواج لبعضهم البعض أحد الانعكاسات السلبية المهمة لاستخدام هذا التطبيق لدى 31.1% منهم. وقد يؤدي استخدام الواتساب الى العزلة الاجتماعية وانكفاء الفرد عن التواصل المباشر مع الناس بالنسبة الى 26.4% من المستجوبين. كما يشكل التواصل بين الجنسين في مجتمع تقليدي وازدياد الانحراف بين الشباب والشك والخيانة وازدياد الطلاق والإزعاج والتدخل في الخصوصيات مخاطر إضافية تترتب على سوء استخدام هذا التطبيق. وهنا يبرز بوضوح وجود مؤشرات لسلوكيات محكومة بمعايير متفلتة أو خارجة على القيم التقليدية، ويبدو أنها تمهد شيئاً فشيئاً للتحول إلى قيم تلقى القبول المجتمعي بوجه عام. ومن الملفت إشارة بعض المستجوبين الى مسألة الإدمان على التطبيقات الذي قد يؤدي الى تأخير إتمام الواجبات (المنزلية، العائلية، الدراسية) والى مشاكل صحية في شبكة العيون والرقبة والظهر، وأحياناً قد يدفع الفرد حياته ثمناً لدردشة عبر الواتساب أثناء القيادة على الطرقات.
خامساً- تقييم شخصي حول استخدام تطبيق الواتساب
تنبع أفعال الفرد ومعتقداته من الموقع الاجتماعي والظرف الاجتماعي الذي يوجد فيه، حيث يتشكل لديه نظام من القواعد المنظمة أو البنى الهابيتوسية الجامدة ولكنها قابلة للتطور والنقل، عبر التكيف التلقائي بين القيود المفروضة عليه وآماله أو تطلعاته الخاصة.[32]
1- العلاقات المباشرة والعلاقات الافتراضية
لقد تميزت العلاقات الاجتماعية التقليدية بالواقعية، بمعنى أنها تتم من خلال التواصل المباشر بين الناس في المناسبات المختلفة، لتحقيق غاياتهم الفردية والمجتمعية. ومن جهته، وفّر الواتساب للناس وسائل اتصال افتراضية، يمكن التواصل من خلالها عن بعد. واتجه الناس شيئاً فشيئاً نحو اعتماد هذه الوسائل الجديدة، وصار هذا المستجد غير المألوف في علاقات الناس، مقبولاً. إذاً، ربط الهابيتوس المقبول والمرفوض بالمسلكيات والعلاقات وأعاد تصنيفها وترميزها بناء على المستجدات التي طالت المجتمع.
بالنسبة الى عينة البحث، فقد صرّح 21.8% من المستجوبين أن مستوى العلاقات المباشرة في الواقع قد ازداد بعد استخدام الواتساب، بفعل اختزال الزمان والمكان الذي توفره هذه الوسيلة الاتصالية، في حين أن 31.6% يعتقدون بأن علاقاتهم المباشرة قد تراجعت بفعل الاعتماد على هذا التطبيق، والنسبة الأكبر هي 46.6% للمستجوبين الذين يرون أن علاقاتهم المباشرة لم تتغير بعد استخدام الواتساب.
وقد تبين بأن هناك فروقات ذات دلالة إحصائية في تقييم مستوى العلاقات المباشرة في الواقع بعد استخدام الواتساب وفق متغيرات النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.406)، والحالة الاجتماعية (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.162 ). حيث تبين لنا أن العلاقات المباشرة قد تراجعت لدى الذكور وفئة المتزوجين، في حين أنها زادت أو لم تتغير لدى الإناث، وكذلك لدى العازبين والمطلقين والأرامل.
ومن جهة أخرى، يفضل 43.3% من المستجوبين العلاقات المباشرة، ويميل 20.5% منهم الى تفضيل العلاقات عبر الواتساب، وتبقى نسبة 36.3% للمستجوبين الذين يفضلون الإثنين معاً.
وقد تبين بأن هناك فروقات ذات دلالة إحصائية في تحديد العلاقات المفضلة وفق متغيرات النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.35)، والعمر (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.32 )، والحالة الاجتماعية (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.23 ). حيث يبدو أن هناك تفضيل للعلاقات المباشرة بين الذكور، وفئات المتزوجين والمطلقين والأرامل، والفئة العمرية من 36-51 سنة، في حين أن الإناث، والعازبين، والفئة العمرية الشابة تفضل الإثنين معاً.
2- الخصوصية
يسمح تطبيق الواتساب بفضل ارتباطه برقم الهاتف النقال، وأيضاً بفضل بعض الخدمات المتوفرة فيه، بالحفاظ على الخصوصية، فقد أشار 75.3% من المستجوبين بأن استخدام الواتساب لم يؤثر على خصوصيتهم، فهم يحددون المادة المعروضة على الواتساب من صور وتعليقات، ويدخلون إلى هواتفهم الأرقام الشخصية لمن يعرفونهم ويثقون بهم فقط، وبإمكانهم استعمال خدمة الحظر لمن لا يرغبون باستمرار التواصل معه، كما أن بإمكانهم تعطيل الخدمة بشكل كامل خلال أوقات العمل أو الدراسة أو النوم، وغيرها من الضوابط التي يمكن للمستخدم أن يلجأ إليها.
رغم توفر كل تلك الضوابط، فإن الواتساب شكل وسيلة مسّت بالخصوصية كما صرح 24.7% من المستجوبين، لأسباب عدة منها أن الجميع يمكنهم الاتصال في أي وقت، سواء كان الوقت متأخراً أو أثناء العمل، أو عند تدريس الأولاد. والتعرض للإحراج من بعض الأسئلة عما يفعلون الآن، وحشرية بعض الأقارب والأصدقاء لمعرفة تفاصيل حياتهم اليومية، وكذلك التعرض للإزعاج عندما يجبرون على الحديث مع أشخاص لا يريدون التحدث إليهم.
وقد تبين بأن هناك فروقات ذات دلالة إحصائية في أثر الواتساب على الخصوصية وفق متغيرات النوع (الدلالة: 0.000 – درجة الارتباط: 0.301)، والعمر (الدلالة: 0.030 – درجة الارتباط: 0.21). حيث يبدو أن الإناث هم الأكثر عرضة للمس بخصوصيتهن، سواء من جانب الأهل لهدف الضبط والاطمئنان، أو من جانب صديقاتهن اللواتي تدفعهن الحشرية للاطلاع باستمرار على تفاصيل حياتهن، وكذلك أفراد الفئة العمرية الشابة من 18-35 سنة، الذين لا يتشددون بوضع الضوابط للتواصل مع الآخرين، كما هو الحال مع الفئة الأكبر سناً.
خلاصة عامة واستنتاجات
تعتبر العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين الأفراد في مجتمع ما نتيجة تفاعلهم مع بعضهم البعض من أهم ضرورات الحياة، وفي إطارها ينشأ التفاعل الاجتماعي الذي، وعلى الرغم من انضباطه بقواعد ومعايير مجتمعية راسخة ومتفق عليها، إلا أنه يحمل قابلية التغيير والاستبدال، بفعل عوامل عدة، وخاصة عامل التحديث والابتكار المرتبط بالتطور التكنولوجي. هذا الأخير الذي يساهم بقوة في تسريع التفاعلات بين الفاعل الاجتماعي الذي يمثل حالة هابيتوسية تشير إلى ميل وتهيؤ واستعدادات قابلة للنقل وأن تكون فعالة في الحقل المجتمعي، وبين البنية الاجتماعية القابلة، كما أشرنا، للتغيُر والاستبدال.
لقد ساهم تطور الهاتف النقال، الذي وفّر إمكانية النفاذ إلى خدمة الأنترنت، باستحداث تطبيقات متنوعة للتواصل الاجتماعي، ترتب على انتشار استخدامها تغيرات طالت قواعد وأساليب التفاعل في الحياة المجتمعية. وقد أدى هذا التطور التقني إلى إعادة ترتيب المكان من خلال التفاعل عن بعد مع الآخرين، كما عدَّل العلاقة مع الزمان لأن التواصل يتم بصورة فورية.
بناء على ما سبق الإشارة إليه، تركز بحثنا حول ما أحدثه استخدام تطبيق الواتساب وما يوفره من مزايا اتصالية وتفاعلية، من أثر على علاقات الناس الاجتماعية التقليدية، وفي أشكال وأساليب تفاعلهم وتواصلهم، وما ترتب عليها من تغيرات طالت قواعد وأساليب الحياة المجتمعية وذلك في مدينة طرابلس-لبنان.
فقد احتل تطبيق الواتساب المرتبة الأولى من بين التطبيقات الأكثر تفضيلاً للاستخدام في التواصل الاجتماعي، نظراً لما يوفره من مزايا اتصالية وتفاعلية متعددة، مثل المحادثة الفورية وتبادل النصوص والصور وسواها، وأيضاً تلك التي تتميز بانخفاض التكلفة والمرونة والسهولة في الاستعمال، وكذلك توفيره ميزة التحكم بقدر عالٍ من الخصوصية، التي يحرص عليها مجتمع طرابلس التقليدي.
لاحظنا واقع انتشاره بين مختلف الفئات والمستويات النوعية والعمرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والاعتماد الكبير على تطبيقاته، مما يؤشر إلى أنه قد أصبح ضرورة مجتمعية، ووسيلة غيَّرت كثيراً من طبيعة وأنماط التواصل والتفاعل الاجتماعي، وليس بالإمكان إهمالها، كوسيلة اتصال وتفاعل، دون خسارة الكثير من المزايا التي توفرها الهواتف الذكية وتطبيقاتها، التي باتت تعد من أساسيات الحياة العملية، لما توفره من إمكانات غير محدودة للتواصل.
يبدو لنا أن نمط ترتيب أولويات العلاقة عبر الواتساب مع المحيط الاجتماعي وأسبابها وموضوعاتها، يتوافق بشكل كبير مع نمط ترتيب العلاقات التقليدية وأهدافها، وهذا ما يدل على أن التحول الحاصل في أشكال التواصل، أي من التواصل الواقعي المباشر إلى الافتراضي، لا زال منضبطاً، إلى حد كبير، بحدود البنية المجتمعية التقليدية الراسخة في المجتمع الطرابلسي.
وإن كان تشكيل مجموعات التواصل على تطبيق الواتساب يعطي الصدارة للروابط العائلية، إلا أن نشوء مجموعات ذات أهداف متنوعة تتخطى هذه الدائرة يشير الى توسع دور هذا التطبيق وتشعبه ليطال تلبية حاجات مهنية وسياسية ودينية وترفيهية.
يتقدم الواتساب اليوم ليفرض نفسه كأداة فاعلة ومؤثرة في العلاقات الاجتماعية بوجه عام. ولقد استطاع من خلال خدماته المتنوعة أن يفرض تغيرات واضحة في أشكال التواصل على مستوى العلاقات الاجتماعية، تفتقد فعلاً للحميمية ولحرارة الحس الإنساني وللضبط الاجتماعي التي توفرها أشكال التواصل التقليدية المباشرة، وهي تعبر عن حقيقة وجود ملامح منظومة قيم جديدة، تزاحم منظومة القيم التقليدية الراسخة في مجتمع البحث، وتتقدم نحو التحكم بالعلاقات الاجتماعية على اختلافها، ومن المتوقع أن تتبلور آثارها مستقبلاً. ولأن تطبيق الواتساب يتمحور حول العلاقات الأكثر قرباً من المستخدم، فهو يشكل المرآة التي تعكس صورة اتجاهات تطور منظومة القيم الاجتماعية في المجتمع.
التوصيات
على ضوء النتائج التي توصلنا اليها، فإننا نوصي بما يلي:
إجراء دراسات ميدانية مفصلة ومقارنة حول استخدام مختلف وسائل التواصل الاجتماعي (الواتساب، الفايسبوك، تويتر…)، وقياس تأثيرها على بنية العلاقات الاجتماعية.
إجراء دراسات ميدانية مقارنة بين الريف والمدينة بهدف التعرف على مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على منظومة القيم الاجتماعية السائدة.
إجراء دراسات ميدانية حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الفئات الشابة بهدف رصد القيم الاجتماعية المستجدة والمتشكلة بفعل هذا التواصل.
قائمة المصادر والمراجع:
المراجع باللغة العربية:
1- بيضون أحمد، 1985. دين الحداثة ودين التقليد، دلو لبنانية في بئر آسنة، المؤتمر العالمي، الثقافة والدين والسياسة وإعادة بناء لبنان، أعمال المؤتمر، الحركة الثقافية انطلياس.
2- جي سائر بصمه، 2012. موسوعة اقرأ عن الاتصالات، بيروت: دار المعرفة.
3- جيدور حاج بشير، 2017. أثر وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التحول الديمقراطي في البلدان العربية، أطروحة دكتوراه، من جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر. متوفر على الموقع: http://thesis.univ-biskra.dz/2930/
4- حجي طارق، 2001. قيم التقدم، مصر: دار المعارف.
5- حطب زهير، 2006. الشباب العربي والتواصل الأسري، من التقييم إلى التفعيل، مؤتمر وزراء الشباب العربي في جامعة الدول العربية المنعقد في القاهرة.
6- حمداوي جميل. المفاهيم السيوسيولوجية لدى بيار بورديو. متوفر على الرابط:https://seketmaaref.files.wordpress.com. تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
7- الخولي سناء، 1988. الأسرة والحياة العائلية، بيروت: دار النهضة العربية.
8- الدواي عبد الرزاق، 2012. مجتمع المعرفة، معالم رؤية تكنولوجية جديدة للعالم، الكويت: عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 3، المجلد 40.
9- ساري حلمي، 2005. ثقافة الأنترنت، دراسة في التواصل الاجتماعي، الأردن: دار مجدلاوي.
10- عطية عاطف، 2000. الدولة المؤجلة، بيروت: دار أمواج.
11- عبد الحميد حسين، 1988. التغير الاجتماعي والتنمية السياسية، الإسكندرية: المكتب الجامعي.
12- عبد المعطي عبد الباسط، 1981. اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، عالم المعرفة، العدد 44، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون.
13- عزي عبد الرحمن، 2003. الثقافة وحتمية الاتصال، نظرة قيمة، المستقبل العربي.
14- غيدنز أنطوني، 2005. علم الاجتماع، ترجمة فايز الصياغ، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
15- القصير عبد القادر، 1999. الأسرة المتغيرة في مجتمع المدينة العربية، بيروت: دار النهضة العربية.
16- كفروني يوسف، 2011. الإحصاء في العلوم الاجتماعية، ط2، بيروت: المركز العربي للأبحاث والتوثيق.
17- كفروني يوسف،2011. البحث الكمي في العلوم الاجتماعية التطبيقات الإحصائية بإستخدام SPSS، بيروت: المركز العربي للأبحاث والتوثيق.
18- كيلش فرانك، 2000. ثورة الأنفوميديا، ترجمة فؤاد زكريا، مجلة عالم المعرفة، العدد 253، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون.
19- ماتون كارل. مفهوم الهابيتوس عند بيار بورديو، ترجمة طارق عثمان، مركز نماء للبحوث والدراسات، متوفر على الرابط: http://arabsocio.blogspot.com/2017/09/blog-post_43.html تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
20- مذكور إبراهيم، 1975. معجم العلوم الاجتماعية، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
21- مجلةكوثريات، “هل تساهم الأنترنت في تغيير القيم لدى الشباب العربي؟”، ، العدد 19، 2005. تونس: مركز المرأة العربية للتدريب.
22- وزارة الشؤون الإجتماعية، 2001، مدينة طرابلس، بيروت: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. متوفر على الرابط: www.beirutobserver.com تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
23- ” القوى العاملة ومعدلات النشاط الاقتصادي، العمالة والبطالة”، متوفر على الرابط: http://www.cas.gov.lb/images/PDFs/ تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
24- “المساواة بين الجنسين: تحد للتنمية.”. موقع الدبلوماسية الفرنسي:
https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/politique-etrangere-de-la-france/، تاريخ دخول الموقع: أيار 2019
المراجع باللغة الأجنبية:
1- Balandier G., 1971. Sens et puissance: Les dynamiques sociales, 3ème éd. Paris: PUF.
2- Bourdieu Pierre -1930 – 2002. Esquisse d’une théorie de la pratique, Disponible sur le site: http://www.toupie.org/Dictionnaire/Habitus.htmConsulté en mai 2019.
3- Stenger T. et Coutant A., 2010. Des amis sur les réseaux socionumériques, Types et formes de relations. Journée d’études, Dispositifs techniques de communication et humaine: Transformation du lien et nouveaux liens sociaux. Belgique (Namur). Disponible sur le site: http://www.be/eco/schu/aislf201/actes. Consulté en mai 2019.
4-Wagner A.-C.. Habitus, Sociologie (en ligne), Les 100 mots de la sociologie, mis en ligne en 2012, disponible sur le site: http://journals.openedition.org/sociologie. Consulté en avril 2019.
[1] حلمي ساري، 2005. ثقافة الأنترنت، دراسة في التواصل الاجتماعي، الأردن: دار مجدلاوي، ص. 20.
[2] سناء الخولي، 1988. الأسرة والحياة العائلية، بيروت: دار النهضة العربية، ص 79.
[3] إبراهيم مذكور، 1975. معجم العلوم الاجتماعية، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص 403.
[4] عبد القادر القصير، 1999. الأسرة المتغيرة في مجتمع المدينة العربية، بيروت: دار النهضة العربية، ص180.
[5] فرانك كيلش، 2000. ثورة الأنفوميديا، ترجمة فؤاد زكريا، مجلة عالم المعرفة، العدد 253، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون، ص. 456.
[6] أنطوني غيدنز، 2005. علم الاجتماع، ترجمة فايز الصياغ، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ص. 157.
[7] حاج بشير جيدور ، 2017. أثر وسائل التواصل الاجتماعي في عملية التحول الديمقراطي في البلدان العربية، أطروحة دكتوراه، من جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجزائر، ص. 41، متوفر على الموقع: http://thesis.univ-biskra.dz/2930/
[8] المرجع السابق نفسه، ص. 42.
[9] المرجع السابق نفسه، ص. 50.
[10] عبد الباسط عبد المعطي، 1981. اتجاهات نظرية في علم الاجتماع، عالم المعرفة، العدد 44، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون، ص. ص. 80-81
[11] A.-C. Wagner. Habitus, Sociologie (en ligne), Les 100 mots de la sociologie, mis en ligne en 2012, disponible sur le site: http://journals.openedition.org/sociologie. Consulté en avril 2019.
[12] جميل حمداوي. المفاهيم السيوسيولوجية لدى بيار بورديو. متوفر على الرابط:https://seketmaaref.files.wordpress.com. تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
[13] كارل ماتون. مفهوم الهابيتوس عند بيار بورديو، ترجمة طارق عثمان، مركز نماء للبحوث والدراسات، متوفر على الرابط: http://arabsocio.blogspot.com/2017/09/blog-post_43.html تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
[14] “هل تساهم الأنترنت في تغيير القيم لدى الشباب العربي؟”، مجلةكوثريات، العدد 19، 2005. تونس: مركز المرأة العربية للتدريب.
[15] زهير حطب، 2006. الشباب العربي والتواصل الأسري، من التقييم إلى التفعيل، مؤتمر وزراء الشباب العربي في جامعة الدول العربية المنعقد في القاهرة، ص. 16.
[16] حسين عبد الحميد، 1988. التغير الاجتماعي والتنمية السياسية، الإسكندرية: المكتب الجامعي، ص. 45.
[17] G. Balandier, 1971. Sens et puissance: Les dynamiques sociales, 3ème éd. Paris: PUF, p : 143
[18] عبد الرزاق الدواي، 2012. مجتمع المعرفة، معالم رؤية تكنولوجية جديدة للعالم، الكويت: عالم الفكر، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، العدد 3، المجلد 40، ص. 99.
[19] يوسف كفروني،2011. البحث الكمي في العلوم الاجتماعية التطبيقات الإحصائية باستخدام SPSS، بيروت: المركز العربي للأبحاث والتوثيق، ص.ص. 94-104.
[20] وزارة الشؤون الإجتماعية، 2001، مدينة طرابلس، بيروت: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ص.ص. 13-16
[21] www.beirutobserver.com تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
[22] يوسف كفروني، 2011. الإحصاء في العلوم الاجتماعية، ط2، بيروت: المركز العربي للأبحاث والتوثيق، ص.ص. 92-93.
[23] عاطف عطية، 2000. الدولة المؤجلة، بيروت: دار أمواج، ص. 110و ص 116.
وانظر أيضاً: أحمد بيضون، 1985. دين الحداثة ودين التقليد، دلو لبنانية في بئر آسنة، المؤتمر العالمي، الثقافة والدين والسياسة وإعادة بناء لبنان، أعمال المؤتمر، الحركة الثقافية انطلياس، ص. 34.
[24] أنظر ” القوى العاملة ومعدلات النشاط الاقتصادي، العمالة والبطالة”، http://www.cas.gov.lb/images/PDFs/ تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
[25] “المساواة بين الجنسين: تحد للتنمية.”. موقع الدبلوماسية الفرنسية. https://www.diplomatie.gouv.fr/ar/politique-etrangere-de-la-france/، تاريخ دخول الموقع: أيار 2019.
[26] T. Stenger et A. Coutant, 2010. Des amis sur les réseaux socionumériques, Types et formes de relations. Journée d’études, Dispositifs techniques de communication et humaine: Transformation du lien et nouveaux liens sociaux. Belgique (Namur). Disponible sur le site: http://www.be/eco/schu/aislf201/actes. Consulté en mai 2019.
[27] أنطوني غيدنز، 2005. علم الاجتماع، مرجع سابق، ص. 519.
[28] سائر بصمه جي، 2012. موسوعة اقرأ عن الاتصالات، بيروت: دار المعرفة، ص. 24.
[29] عبد الرحمن عزي، 2003. الثقافة وحتمية الاتصال، نظرة قيمة، المستقبل العربي، 9 أيار، ص. 29.
[30] أنتوني غيدنز. علم الاجتماع، مرجع سابق، 2005، ص 519.
[31] طارق حجي، 2001. قيم التقدم، مصر: دار المعارف، ص 21 .
[32] Pierre Bourdieu -1930 – 2002. Esquisse d’une théorie de la pratique
, Disponible sur le site: ( http://www.toupie.org/Dictionnaire/Habitus.htm Consulté en mai 2019.