مدى تطبيق الطعن التمييزي للقانون
اولاً: يلعب التمييز بين الواقع والقانون دورا بالغ الأهمية في نطاق الطعن التمييزي :
وذلك بالنظر إلى أن مهمة النقض تقتصر على مسائل القانون في حين تستقل محكمة الموضوع بمسائل الواقع ومن هنا فقد عنى الفقه بمحاولة التمييز بينهما وسنتناول ابتداءً النظريات الفقهية التي ظهرت في هذا المجال . فقد ظهرت أولى النظريات الفقهية في هذا المجال في عام 1822م وعلى يد الأستاذ باريس Barris وترتكز على ما يسمى بالأفكار المعرفة والأفكار غير المعرفة بواسطة القانون Lesnations definies parlaloi ومعنى هذا انه إذا قام القانون بتعريف فكرة معينة كنظام البيع مثلا ، فان تطبيق قاضي الموضوع لهذه الفكرة المعرفة يخضع لرقابة التمييز اما إذا اقتصر القانون على مجرد تسمية فكرة معينة دون أن يسبغ عليها تعريفاً معيناً مثل الإهانة أو الخطأ فان إعمال القاضي لهذه الأفكار يفلت من رقابة محكمة الطعن . ووجه في الواقع إلى هذه النظرية نقداً عنيفاً فهي لا تقوم على أساس صلب لان التعريف الذي يعطى للأفكار يوجد بصفة احتماليه في كل استخدام يجريه القانون لفكرة معينة. إضافة إلى انه لا يلزم المشرع دوماً بإعطاء تعريفاتً قانونيه للأفكار التي يستخدمها ؛ فهذه الوظيفة اكثر التصاقا بالفقه منها بالتشريع إذ عن طريق الاستخدام الذي يحدده المشرع لفكرة معينة يمكن للفقيه أن يتوصل إلى تعريفها إضافة إلى أن الأخذ بأفكار معقدة يكفي لا بعاد الأحكام القضائية المبينة عليها عن أية رقابة لمحكمة الطعن وهذا ما ذهب إليه الفقه الإجرائي . في أن محكمة الطعن التمييزي تكون محكمة قانون دون الوقائع ولما كانت الدعوى تتألف في واقع الأمر من جميع ما يثيره الخصوم فيما بينهم من نزاع في مسائلها الواقعية والقانونية كافة، كان على القاضي الذي يفصل فيها أن يتأكد من صدق وقائعها ثم يطبق ما ثبت صدقه منها لدى ما يناسبها من القواعد القانونية ثم يوقع الحكم على موجب ما طبقه من تلك القواعد وإذا كان التمييز بين المسائل الواقعية والمسائل القانونية عدم الفائدة أمام محكمة الاستئناف إلا أن الفائدة تبدو جلية أمام محكمة التمييز وخاصة في مجال تحديد صلاحيتها وسلطتها وحدودها لان محكمة الطعن لا تختص إلا بالرقابة على ما يكون قد اخطأ فيه القاضي من حكم القانون . ماعدا في القانون العراقي فالواقع يخضع لرقابة محكمة الطعن التمييزي وفق أحكام المادة 203/5م0م0ع 0
ثانيا: ونتيجة للانتقادات الفقهية وجهت إلى نظرية الأستاذ باريس :
ظهرت عام 1834 وبواسطة المحامي العام الأستاذ Dupin نظرية جديدة ترتكز على التمييز بين التقديرات القانونية Lesappreciation guridiques. وبين التقديرات غير القانونية guridiques non- (6). فمنذ اللحظة الأولى التي يجب تقدير وقائع النزاع فيها تقديرا خاصاً، سبق وان نظمه المشرع بشكل معين نكون عندئذً أمام نوع من التقديرات القانونية0 والحكم الصادر استناداً لذلك يخضع لرقابة التمييز باعتبارها من مسائل القانون أما إذا كان عمل القاضي لا يعدو أن يكون تقديراً مادياً ، مثل معرفة ماذا كانت الوصية مثلا كتبت بخط يد الموصي أم لا، أو كان تقديراً معنويا مثل بحث القاضي عن تواطؤ في سلوك معين ،فهنا الحكم الصادر بناء على هذه التقديرات الخاضعة لصلاحية القاضي لعدم ارتباطها بنص آو تأكيد النص على منح تلك الصلاحية لا يخضع لرقابة التمييز لان الأمر يتعلق بمسائل الواقع0 والنقد الأساس الذي وجه هنا هو صعوبة الفصل بين ما يعتبر تقديراً قانونيا وما لا يعتبر كذلك، إضافة إلى أن الأفكار تتحول من فروع المعرفة الإنسانية إلى أفكار قانونية تسمى بالأفكار القانونية المشتقة لتمييزها عن الأصلية وبالتالي يتغير أساس النظرية حسب تغير الأفكار
ثالثا: ويذهب المستشار فأي Faye . إلى جمع الفكرتين السابقتين :
لكي يستخدمها كقاعدة عامة للتمييز بين الواقع والقانون فهو يرى ضرورة التقدير القانوني بالمعنى السابق لنا تحديده وبالإضافة إلى التعريف القانوني ويوجه إلى هذا الرأي الانتقادات السابقة مجتمعة
رابعا: يذهب الأستاذ مارتي G.marty إلى أن كل تكييف قانوني يصنع مشكلة متعلقة بالقانون ويخضع بالتالي لرقابة محكمة الطعن :
وان كل تعريف قانوني لأية فكرة مستخدمة بواسطة القانون يصنع مشكلة تخضع لرقابة الطعن . ويرى بعض الفقه . أن هذا الرأي يحتاج إلى جهد كبير لكي يكون المعيار الذي يمكن به التمييز بين الواقع والقانون ونؤكد هنا إلى أن كل ما يتعلق بتحليل أو تفسير القاعدة القانونية يعتبر من القانون ويخضع لرقابة المحكمة أما كل ما يتعلق بالاعتراف بالوقائع الثابتة أو التي تم تحقيقها بعد أن كانت متنازع عليها فأنها تعتبر من مسائل الواقع ونحن بدورنا نؤيد الجانب الأخر من الفقه. الذي يرى أن الفاصل بين ما يعتبر من الواقع وما يعتبر من القانون هو غير واضح الحدود والمعالم، فالواقع البحت والقانون البحت لا يوجد في الحقيقة القانونية لان الفقيه حين يعتبر بالواقعة فانه يعتبرها من ناحية القانون وحين يعتبر القانون فأنه يعتبره كقاعدة مكرسة لخدمة واقعة معينة0ونضيف هنا أن تلك الزاوية التي ينظر منها الفقه لأتمنع أبداً النظر إلى الوقائع البحتة التي لم تنظمها قاعدة قانونية مجردة مادامت تلك الوقائع تؤثر وتتأثر بسلوك الأفراد ومن ثم فان تسليط الضوء عليها من قبل الفقه سيجعلها في يوم من الأيام حتما واقعة موصوفة بالقانون وإلا لما حصل هذا التطور الهائل في القواعد القانونية ،ولظل الحال واقفا عند قواعد القانون الطبيعي ، وعلى العموم لم يثبت لدينا نظرية أو قاعدة عامة يمكن بواسطتها تحديد ما يعتبر واقعاً وما يعتبر قانوناً في النزاع القضائي ،وحتى وان كان الأمر سهل التحديد من الناحية النظرية أو بضمن حالة معينة مطروحة على القضاء ، إلا أنه من الصعب وضع معيار عملي محدد بصيغة قاعدة عامة يمكن تطبيقها بسهولة ، لمعرفة ماذا كنا بصدد مسألة واقع أو مسالة قانون ، إلا أن الفقه الإجرائي يستلهم في ذلك التمييز أحد الطريقين الآتيين :-
فالطريقة الأولى وفق الاتجاه التقليدي القديم . الذي قال بضرورة تعقب نشاط القاضي في كل دعوى من ناحية فحص الوقائع وتقرير الصحيح منها والثابت فيها ، ثم إعطاء الوصف القانوني لكل واقعة ، وبعد ذلك يجب إعمال حكم القانون في ضوء الوصف أو التكييف المعطى لهذه الوقائع ، ويذهب الفقه إلى ضرورة النظر في كل مرحلة من هذه المراحل لبحث ماذا كان عمل القاضي فيها يعتبر عملاً قانونياً صرفاً مما يصح بالتالي إخضاعه لرقابة محكمة الطعن، أم هو مجرد تحري الصدق في هذه الوقائع المدعاة يعمل فيها القاضي ذكاؤه ومنطقه0 وبناء عليه لا يخضع عمله لرقابة هذه المحكمة0 ويوجه الفقه .النقد إلى هذا الاتجاه ، باعتباره اتجاهاً شكلياً ووصفياً في آن واحد إذا أنه يقتصر على وصف المراحل التي يمر بها النزاع أمام القاضي ، فهو لا يقدم لنا أي معيار لتمييز مسائل الواقع عن مسائل القانون في النزاع المدني ومن جهة أخرى فهذا الرأي لا يقدم لنا الوسائل الفنية التي عن طريقها يمكن لنا القول بأن هذه المرحلة دون سوها نكون إزاء مسالة واقعية أو قانونية
أما الطريقة الثانية : فقد ذهب بعض الفقهاء . إلى سلوك منهج الاستدلال القياسي أو ما يسمى YLLOGISME JUDICIARE . ومضمونه أن كل حكم صدر في دعوى أو في مسألة من دعوى هو في الواقع نتيجة منطقية لقياس تكون مقدمته الكبرى القاعدة القانونية التي يصح تطبيقها على مادة هذه الدعوى أو مادة تلك المسألة وتؤلف مقدمته الصغرى ما ثبت من وقائع هذه المادة بجميع عناصره أو شرائط انطباق تلك القاعدة القانونية عليها وبناء ذلك ، فإذا كان الفساد أو الخطأ واقعاً في المقدمة الكبرى أي في القاعدة القانونية كان هذا خطأ في القانون يستوجب إعمال رقابة محكمة الطعن وعلى العكس من ذلك إذا وقع الخطأ في المقدمة الصغرى أي مجموع الوقائع فأن مثل هذا الخطأ لا يستوجب رقابة محكمة الطعن أما إذا وقع الخطأ في الحكم الصادر من القاضي أي في نتيجة القياس المنطقي فنكون عندئذ إزاء الخطأ في القانون يستوجب إعمال رقابة محكمة الطعن ويمكن توجيه النقد لهذه الطريقة التي تعتمد بصورة أساسية على نشاط القاضي إذا أن هذا الأمر يثير صعوبة مفادها أن ما يقوم به القاضي من عمليات متعددة بهدف حسم النزاع المطروح عليه لا يتم بصورة بسيطة وبمراحل منفصلة إنما هذا العمل يتم بصورة مركبة وبمراحل مندمجة وبالتالي لا يمكن أن نقول فيها أن هذا واقع وأن هذا قانون لأن الطعن بالتمييز يوجه إلى حكم قضائي ينبني في أساسه على واقع وقانون في آن واحد ، فالقانون ،هو مقدمته الكبرى ،والذي هو عبارة عن قاعدة قانونية مكونة من جزئيين الأول هو مفترض القاعدة القانونية والذي هو عبارة عن مجموعة من التراكمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية تصورها المشرع وصورها لنا في صورة نص قانوني0 هذا المفترض إذ ما تحقيق في نزاع معين وطرح على القضاء وتأكد القاضي من وجوده فأن ذلك يستوجب حتماً إعمال الشق الثاني من هذه القاعدة والذي هو أثرها القانوني الكامن فيها ، والذي تصوره المشرع وصوره لنا بالجزء الثاني المكمل لنصها ، معتقداً أن هذا الأثر هو الحل الأمثل لهذا النزاع، وفي لحظة تطبيق أثر القاعدة القانونية سيوجد حتماً نوعاً من الرجوع بالعناصر القانونية إلى العناصر الواقعية والاجتماعية، فالقانون لابد أن يعود إلى أصله مرة أخرى كواقع . ومن هنا تبرز الصعوبة في اتخاذ الطريقة التحليلية كأساس لوضع معيار للتفرقة بين الواقع والقانون من مجموعة العناصر النشطة التي توجد في الخصومة القضائية. ويظهر من الطريقتين السالفتين في انهما تلتقيان في أن فهم الواقع متروك لقاضي الموضوع، أما تكيفه وتطبيق القانون عليه واستخلاص أثاره القانونية فهي من مسائل القانون التي تخضع لرقابة التمييز وذلك لان مسائل الواقع تعتمد على أمور يتعين ثبوتها أمام القضاء بإقامة الدليل عليها وفق قانون الإثبات ثم يترك أمر ما ثبت لقاضي الموضوع ليستخلص منه معانٍ معينه مستخدما في ذلك ذوقه ومنطقه السليم وخبرته القضائية معتمدا على الوقائع التي ثبت لديه ليطبقها مع ما يوجد لديه من قانون يماثلها وتقع تحت حكمه ومسائل القانون هذه ليست محل إثبات أمام القضاء بل دورها المنطقي يأتي بعد ثبوت الوقائع حتى يتعين تكيفها واستخلاص أثارها القانونية لإعمالها على النزاع بما يثبت من وقائع فيه وصولا لحله وفق القانون . وعموما فلقاضي الموضوع سلطة تامة في تحديد هذا الفهم ورأيه فيه قطعي لا يحتمل الطعن عليه بالخطأ إمام محكمة الطعن، فقد جاء في أحد أحكام النقض المصرية ما نصه ” كان المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم إليها من أدلة والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه منها ” . وهو إذا كان حراً في تقديم الأدلة وفي تحصيل الواقع في الدعوى ، إلا انه ليس حراً في اتباع القانون فيما جاء به من قواعد الإثبات. وذلك ما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية إذ جاء في أحد أحكامها ما نصه” أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وطرح ما تشاء منها والاقتناع بإحداها ما دامت قد سلكت طريق الإثبات القانوني . فان خالفها أو اخطأ في تطبيقها أو تأويلها فهذا يكون خطا في القانون والأمثلة في ذلك كثيرة وعديدة مثل تعيين من يكون عليه عب الإثبات ومن يكون عليه النفي ،أو عن تجزئة الإثبات بين طرفي الخصومة، وكذلك لا يجوز لقاضي الدعوى أن يحصل فهم الواقع منها إلا بالدليل القانوني الذي يجوز الاستدلال به قانوناً، وبالطريق الذي يقرره القانون لذلك الاستدلال ، ومقدار قوة و حجية كل دليل وكذلك لا يجوز للقاضي أن يحصل فهم الواقع من غير طريق الخصوم أو من خارج الأدلة المقدمة أو بدليلً لم يعرض على الخصم الأخر ولم يناقشه. ولا سبيل لمراقبة محكمة الطعن ذلك إلا من جهة أسباب الحكم الذي يتبين فيه انه قد حَصَل القاضي منه فهمه للدعوىفكل حكم لا يبين فيه ذلك يكون حكما خاليا من الأسباب ولا أساس له من القانون0 وفي كثير من الصور تكون محكمة الطعن مضطرة إلى الانصراف عن الحكم المطعون فيه والرجوع إلى أوراق الدعوى ومختلف الدلائل المقدمة لتتأكد بنفسها من قيام الوقائع فيها للحكم بعد ذلك بقبول الطعن أو رفضه 0 لذا فان من المتفق عليه. أن الإثبات يرد على الواقعة ذاتها بوصفها مصدراً للحق والالتزام به وهو ما اصطلح على تسميته بعنصر الواقع والسبب في هذا أن الحق باعتباره أمراً معنويا يستعصي على الإثبات، ولذلك لامناص من نقل محل الإثبات من الحق المدعَى به إلى مصدر هذا الحق سواءً كان تصرفا قانونياً أو واقعةً قانونية، وقد اشترط القانون توفر ثلاثة شروط في الواقعة لكي يمكن الاعتماد عليها كدليل في الإثبات باعتبارها مصدراً للحق والالتزام وهي أن تكون الواقعة متعلقة بالدعوى، ومنتجة فيها ، وجائزة الإثبات قانوناً0 وقد استقر في الفقه. أن الشرطين الأولين تكون سلطة القاضي في تقديرها واسعة ولا معقب عليه من قبل محكمة الطعن، لأنها تدخل ضمن المسائل الموضوعية القانونية أما الشرط الثالث فقد يحرم القانون إثبات واقعة معينة تحقيقا لأغراض مختلفة منها الحفاظ على النظام العام أو الآداب، مثل المحافظة على سر المهنة وتحريم دين المقامرة أو المخدرات أو قد يتعلق ذلك التحريم بالصياغة الفنية للتشريع مثل ذلك عدم إجازة إثبات واقعة خلافاً لما هو ثابت في الحكم القضائي. أو مثل الاعتماد على الأدلة الكتابية دون غيرها في إثبات الدين إذا زاد قيمته على خمسة الأف دينار. ومن هذا فان عدم جواز إثبات الواقعة يرجع دائما لحكم القانون ومن هنا فان ذلك الشرط يخضع لرقابة محكمة الطعن لذا وبعد ذلك كله نرى مدى ضيق المساحة المعطاة لقاضي الموضوع في فهم الوقائع وإفلاته من رقابة التمييز بذلك. في هذه المرحلة التي اصطلح عليها باستخلاص الواقعة الأساسية من وقائع الدعوى والتثبت والتحقق من وجودها المادي وحتى في هذا الاستخلاص والفهم يجب على القاضي مراعاة ماياتي : –
1-الاستخلاص مناطه الدليل القانوني والمنطق السليم وعلى الوجه المبين في القانون
2-الاستخلاص مبناه الكفاية إذ أن من المقرر فقهاً. وقضاءاً . أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينه من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلاً على دعواهم كما أنها غير مكلفة بان تورد كل حجج الخصوم وتفندها طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله لكن يجب أن يتضمن الحكم رداً على كل مسالة واقعية من مسائل الواقعة الأساسية chefs des demendes لما يقدمه الخصوم من وسائل لإثباتها أو نفيها وهو ما يعبر عنه الفقه الفرنسي. بضرورة الرد على أجزاء دفاعهم – le chfsde conclusion فهي من المسائل التي يعدونها من عناصر الحل للنزاع
3–يجب أن يكون الاستخلاص من واقع نابع من أوراق الدعوى أو ملفها ومن مستندات أو قرائن تم مناقشتها والاطلاع عليها من قبل أطرافها دون أن يستند إلى كتب أو معلومات سرية لم يطلع عليها كل الأطراف ولم تتم مناقشتها من قبل المحكمة أمامهم ، أو أن يعتمد على معلوماته الشخصية الخاصة عن طريق ما وصل إلى علمه أو سمعه أو عينه وان كان يجوز الاستناد إلى معلوماته العامة التي يفترض علم الكافة بها كونها من قبيل الثقافة العامة.
ومن هنا فان محكمة الطعن التمييزي تراقب سلامة الاستنتاج في أسباب العمل القضائي وفقا للمنطق العادي المقبول فتقضي في الأدلة التي يعتمد عليها في الحكم والتي تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها إما إذا كان يستحيل عقلا استخلاص الواقعة التي اعتمدها الدليل الذي يذكره الحكم كسبب لها فانه يكون مشوبا بخطأ في القانون أو فساد في الاستدلال يوجب بطلانه وهكذا فان من المتفق عليه فقها. وقضاءً. أن لقاضي الموضوع الاستقلالية في تقدير الأدلة وكفايتها في الإقناع وان يستخلص من الدليل نتيجة دون أخرى ولو محتملة ولكن بشرط أن تكون من الممكن أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها في حكمه