آثار إبلاغ المحجوز عليه بأمر الحجز – قراءة في القانون المصري
آثار إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه
يترتب على إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه في الميعاد الذي نص عليه القانون أثران هامان:
1/ قطع التقادم: الساري لمصلحة المحجوز عليه في مواجهة الحاجز، وهو يقطع التقادم في جميع الحالات سواء كان الحجز بسند تنفيذي أو بحكم أو بأمر القاضي عملاً بنص المادة (383) من القانون المدني الجديد التي تنص على أن الحجز ضمن الأسباب القاطعة للتقادم، والإبلاغ يقطع التقادم سواء أكان الحجز بسند تنفيذي وتضمن الإبلاغ تكليف المحجوز عليه بالوفاء أو لم يتضمن، أم لم يكن بسند تنفيذي، وسواء أكان الإخبار مشتملاً على إعلان المحجوز عليه بدعوى صحة الحجز أو كان غير مشتمل (في الحالات التي لا يجب رفعها فيها) [(397)].
2/ حفظ الحجز من السقوط: إذ يترتب على عدم إبلاغ الحجز إلى المحجوز عليه في الميعاد الذي نص عليه القانون اعتباره كأن لم يكن وزوال قيد الحجز بالنسبة للمحجوز لديه (م 551 – 3).
آثار الحكم بصحة الحجز
موضوع دعوى صحة الحجز، كما قدمنا، طلبان، الأول طلب الحكم للحاجز بدينه على المحجوز عليه، والثاني طلب الحكم بصحة إجراءات الحجز. ولذلك يترتب على الحكم بصحة الحجز الآثار الآتية:
1/ ثبوت دين الحاجز في ذمة المحجوز عليه وحصوله على سند بدينه يخول له استفاءه مما يكون في ذمة المحجوز لديه أو في حيازته من أموال، متى أصبح الحكم بصحة الحجز جائز النفاذ.
2/ الحكم بصحة الحجز في مواجهة المحجوز عليه وفي مواجهة المحجوز لديه، إن اختصم في الدعوى، ويتضمن هذا الحكم إلزام المحجوز لديه بالوفاء للحاجز مما يثبت في ذمته للمحجوز عليه.
اختصاص الحاجز بالدين المحجوز:
جرت محكمة النقض الفرنسية [(398)] وتبعتها المحاكم الأخرى [(399)]، مدفوعة بالرغبة في تأمين الحاجز المحكوم بصحة حجزه ضد خطر توقيع حجوز أخرى ومشاركة الحاجزين فيها له لا سيما إذا لوحظ طول إجراءات حجز ما للمدين إذا قورنت بإجراءات حجز المنقول لدى المدين، جرت على القول بأنه يترتب على الحكم بصحة الحجز تخصيص الدين المحجوز للوفاء بدين الحاجز المحكوم بصحة حجزه والحاجزين قبل الحكم بصحة الحجز بحيث لا يشاركهم في اقتسامه الحاجزون بعده. وأساس هذا التخصيص في مذهب محكمة النقض الفرنسية أنه يترتب على الحكم بصحة الحجز إذا أصبح حائزًا لقوة الشيء المحكوم فيه [(400)] وأعلن، بعد أن أصبح كذلك، للمحجوز لديه [(401)] حوالة الدين المحجوز للحاجز المحكوم بصحة حجزه نتيجة لما يقضي به الحكم بصحة الحجز من إلزام المحجوز لديه بالوفاء مباشرة للحاجز، فهو ينشئ له حقًا مباشرًا قبل المحجوز لديه.
أخذ القضاء المختلط بعد شيء من التردد [(402)] بفكرة حوالة الدين المحجوز حوالة قضائية كأثر يترتب على الحكم بصحة الحجز، وانتهى هذا القضاء إلى القول بأنه ما دام الحاجز حجزًا تنفيذيًا (بسند تنفيذي من أول الأمر) يتساوى مع الحاجز حجزًا تحفظيًا المحكوم بصحة حجزه فإن هذا الأثر يترتب أيضًا على الحجز التنفيذي بمجرد توقيعه حتى لا يمتاز الحاجز حجزًا تحفظيًا بعد الحكم بصحة حجزه على الحاجز حجزًا تنفيذيًا من أول الأمر [(403)].
ولا نريد الدخول في تفصيل الكلام على هذه النظرية من حيث أساسها القانوني الذب بنيت عليه، ومن حيث الاعتبارات التي قيل بها لتبريرها [(404)]، ولا من حيث ما وجه لها من نقد سواء إلى النظرية في أساسها [(405)]، أو إليها في وضعها الذي يقول به القضاء بالشروط التي قيدها بها [(406)]، فإن هذا البحث أصبح بعد صدور قانون المرافعات المصري الجديد قليل الجدوى وإنما يجتزئ عن كل ذلك بالقول إن هذه النظرية إن أمكن أن تستقيم مع نظام حجز ما للمدين لدى الغير في القانون الفرنسي لا يمكن أن تستقيم مع نظامه في القانون المصري، لأن دعوى صحة الحجز في القانون الفرنسي ترفع دائمًا سواء أكان بيد الحاجز سند تنفيذي أم لم يكن ولذلك فإن من الممكن أن يقال إن الغرض منها أن يحصل الحاجز على سند بحق مباشر له قبل المحجوز لديه يكون من أثره اختصاصه في حدود دينه بالدين المحجوز، أما في القانون المصري حيث لا ترفع الدعوى إلا إذا لم يكن بيد الحاجز سند تنفيذي أو حكم بدينه فإن الغرض الأساسي من رفعها أن يحصل الحاجز على سند تنفيذي بدينه على المحجوز عليه ولذلك إذا كان بيده هذا السند عند توقيع الحجز لا ترفع الدعوى. وليس أقطع في الدلالة على فساد الأخذ بفكرة الحوالة القضائية في القانون المصري من النتيجة التي انتهى إليها القضاء المختلط والتي لم يكن له محيد عن القول بها إلا بالعدول عن فكرة الحوالة نفسها، ألا وهي ترتيب الحوالة وما تقتضيه من اختصاص الحاجز بالدين المحجوز لا على الحكم بصحة الحجز فحسب، وإنما على الحجز التنفيذي بمجرد توقيعه. هذه النتيجة قاطعة في الدلالة على فساد الأخذ بنظرية الحوالة القضائية في القانون المصري لما في الأخذ بها من تمييز حاجز على آخر لمجرد أسبقية الأول في الحجز مما يتنافى مع القواعد العامة في التنفيذ. لهذا لم يأخذ المشرع المصري في قانون المرافعات الجديد بفكرة الحوالة القضائية كأثر يترتب على الحكم بصحة الحجز أو على توقيع الحجز التنفيذي، وإنما رتب اختصاص الحاجز بالدين المحجوز على توافر شروط أخرى.
اختصاص الحاجز بالدين المحجوز في القانون الجديد:
تقدم القول بأنه إذا توافرت شروط الوفاء للحاجز وجب على المحجوز لديه أن يقوم بالوفاء له، فإذا قام به انفرد الحاجز الذي حصل له الوفاء بالدين وأمن مزاحمة غيره من الدائنين الذين يحجزون بعد ذلك، أما إذا تأخر المحجوز لديه في الوفاء للحاجز بالرغم من استيفائه شروط الوفاء له، ثم أوقع دائن آخر حجزًا ثانيًا شارك الحاجز الثاني الحاجز الأول في اقتسام الدين المحجوز. فاختصاص الحاجز بالدين المحجوز أو مزاحمة حاجز آخر له يتوقف إلى حد ما على مبادرة المحجوز لديه بالوفاء للحاجز بمجرد استيفائه شروط الوفاء له أو عدم مبادرته به. أراد المشرع في القانون الجديد أن يتفادى ما قد يترتب على تأخير المحجوز لديه (بغير مبرر) في الوفاء، من ضرر للحاجز بسبب إيقاع حجوز جديدة ومشاركة أصحابها للحاجز، فقرر في المادة 567/ 2 منه أن الحجز الموقع بعد استيفاء الحاجز لشروط الوفاء له، لا يكون له أثر إلا فيما زاد على دين الحاجز الأول، ومقتضى ذلك أن يختص الحاجز الذي استوفى شروط الوفاء له بالدين المحجوز دون الحاجزين بعد ذلك، فإن كان الحجز الجديد قد وقع قبل استيفاء الحاجز الأول لشروط الوفاء، فإن هذا الحجز يشمل كل الدين المحجوز.
وينبني على ما تقدم أن تخصيص الحاجز، إذا توافرت شروط الوفاء له [(407)] يحصل في حالتين:
الأولى: أن يكون الحاجز واحدًا وفي هذه الحالة يحصل تخصيصه بالمبلغ الذي أقر به المحجوز لديه سواء أكان كافيًا للوفاء بدين الحاجز أم لم يكن كافيًا، وسواء أكان الحاجز قد نازع في صحة التقرير أم لم ينازع، لأنه في جميع هذه الصور يكون المبلغ المقر به واجب الأداء للحاجز خصمًا من مطلوبه [(408)].
الثانية: أن يتعدد الحاجزون بشرط أن يكون المبلغ الذي حصل إقرار المحجوز لديه به كافيًا للوفاء بديونهم جميعًا، لأن هذا المبلغ يكون في هذه الحالة واجب الأداء للحاجزين السابقين الذين استوفوا شروط الوفاء لهم قبل إيقاع الحجز الجديد. فإذا لم يكن المبلغ الذي حصل الإقرار به كافيًا للوفاء بديون الحاجزين امتنع التخصيص إذ يمتنع الوفاء للحاجزين ويتعين إيداع المبلغ المقر به في خزانة المحكمة، فيجوز لكل دائن آخر أن يوقع الحجز عليه فيزاحم الحاجزين السابقين في اقتسامه.
ومما تجدر ملاحظته أن المشرع المصري في تنظيمه لاختصاص الحاجز بالدين المحجوز وفي تحديده للوقت الذي يحصل فيه هذا التخصيص على النحو الذي ورد في المادة (567) من قانون المرافعات الجديد، قد تأثر بالقضاء الفرنسي وإن لم يأخذ بفكرة الحوالة كما قال بها هذا القضاء، ويظهر أثر هذا التأثر في أمرين:
الأول: أن اختصاص الحاجز بالمال المحجوز لا يكون إلا في حالة الحجز على الديون أما إذا كان الحجز على أعيان منقولة فلا يحصل التخصيص وهذا ظاهر من نص القانون في المادة (567) فإنها عالجت فقط حالة الحجز على مبلغ من النقود [(409)]، وقد تقدم القول بأن القضاء الفرنسي أخذ بفكرة الحوالة في حالة الحجز على الديون دون الحجز على أعيان منقولة، إذ لا تتصور الحوالة إلا إذا كان الحجز على دين [(410)].
الثاني: أن المشرع المصري في تحديده للوقت الذي يحصل فيه التخصيص بالوقت الذي يجب فيه على المحجوز لديه الوفاء للحاجز، استوحى الفكرة التي بني عليها القضاء الفرنسي اشتراطه، لحصوله الحوالة، أن يكون الحكم بصحة الحجز قد أصبح حائزًا لقوة الشيء المحكوم فيه، وإنما أخذ المشرع المصري بهذه الفكرة على نحو يستقيم مع نظام حجز ما للمدين في القانون المصري.
آثار التقرير بما في الذمة
يترتب على التقرير بما في الذمة الآثار الآتية:
1/ ثبوت دين المحجوز عليه في ذمة المحجوز لديه، ويعتبر تقرير المحجوز لديه سندًا تنفيذيًا يبيح التنفيذ عليه لاقتضاء ما حصل الإقرار به (م 570).
2/ تحديد مدى الحبس إذا كان الحجز حجزًا عامًا على كل ما في ذمة المحجوز لديه، إذ أن الحبس يشمل في هذه الحالة، فضلاً عن الديون التي نشأت قبل الحجز، الديون التي تنشأ أسبابها بعد الحجز وقبل التقرير، أما الديون التي تنشأ أسبابها بعد التقرير فلا يشملها الحبس (م 563).
3/ يترتب على مضي خمسة عشر يومًا على التقرير بما في الذمة اختصاص الحاجز بالمبلغ الذي حصل الإقرار به إذا استوفى الحاجز شروط الوفاء له الأخرى (م 567/ 2).
4/ يعتبر تقرير المحجوز لديه، إذا كان الحجز على أعيان منقولة، بمثابة محضر حجز، فيستوفي الحاجز دينه من ثمنها بعد بيعها بإجراءات بيع المنقول بدون حاجة إلى توقيع حجز المنقول عليها (م571).
صورة خاصة من حجز ما للمدين:
نقصد بالكلام في هذا المبحث الكلام عن بعض القواعد التي اختص بها المشرع بعض صور حجز ما للمدين لدى الغير، وأهم هذه الصور اثنتان:
1/ الحجز تحت يد النفس.
2/ الحجز تحت يد إحدى المصالح الحكومية.
1 – الحجز تحت يد النفس
– صورة هذا الحجز أن يكون شخص دائنًا لآخر بمبلغ ومدينًا له في نفس الوقت وامتنعت المقاصة بين الدينين في القدر المشترك بينهما لأي سبب من الأسباب، كوقوع الحجز على أحدهما أو كاختلاف نوعهما أو كون أحدهما غير حال الأداء أو غير ذلك من الأسباب التي تمنع وقوع المقاصة [(411)]، في مثل هذه الحالات يكون لكل منهما مصلحة في إيقاع الحجز تحت يد نفسه على ما يكون مدينًا به للآخر ليمنع الوفاء به لدائنه.
ويطبق على الحجز تحت يد النفس قواعد حجز ما للمدين لدى الغير من حيث الآثار التي تترتب عليه، فالحجز تحت يد النفس لا يمنح الحاجز أي امتياز يمتاز به على أي حاجز آخر يحجز على الدين، كما أنه لا يعفي الحاجز باعتباره محجوزًا لديه من واجب إيداع المبلغ المحجوز في خزانة المحكمة إذا ما طلب منه ذلك المحجوز عليه، وفي الجملة يعامل الحاجز تحت يد نفسه باعتباره حاجزًا كسائر الحاجزين بطريق حجز ما للمدين، ويعامل باعتبار، محجوزًا لديه كسائر المحجوز لديهم.
كما أن الأصل أن تطبق على الحجز تحت يد النفس قواعد حجز ما للمدين لدى الغير من حيث إجراءات الحجز، ولذلك يجب على الحاجز استئذان القضاء في توقيع الحجز كلما كان ذلك واجبًا. ولكن لما كان الحاجز هو نفس المحجوز لديه فليس هناك محل لأن يقوم بإعلان نفسه بتوقيع الحجز تحت يده، فمثل هذا الإجراء لا يحقق أية فائدة، وإذا كان هناك من قال بضرورة إجرائه في القانون الفرنسي فلأن القانون الفرنسي لم ينص صراحة على جواز الحجز تحت يد النفس فالقول بجوازه في هذا القانون إنما يكون على أساس تصويره بأنه حجز لما للمدين لدى الغير يجمع فيه الحاجز شخصيتين مستقلتين وتتبع فيه كل إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، أما القانون المصري فقد صرح بجواز الحجز تحت يد النفس، ونص قانون المرافعات الجديد على أن الحجز تحت يد النفس يكون بإعلان إلى المدين (المحجوز عليه) م (573) [(412)].
فالحجز يبدأ بإبلاغ المحجوز عليه بأن الحاجز قد حبس تحت يده ما هو مدين به للمحجوز عليه، ولذلك يجب أن يشتمل هذا الإعلان على جميع البيانات الواجب ذكرها في ورقة إبلاغ الحجز، بما في ذلك تكليف المحجوز عليه بالحضور أمام محكمة صحة الحجز لسماع الحكم بصحة الحجز (م 573) في الحالات التي يجب فيها رفع هذه الدعوى، أي إذا لم يكن بيد الحاجز سند تنفيذي أو حكم بدينه [(413)].
والحجز تحت يد النفس جائز سواء أكان المال المراد حجزه دينًا في ذمة الحاجز تحت يد نفسه أم عينًا في حيازته [(414)]، وإنما قام الخلاف في فرنسا عند من يجيزون الحجز تحت يد النفس، وهو أمر أصبح الآن مسلمًا بعد أن استقر قضاء محكمة النقض الفرنسية على جوازه، قام الخلاف حول ما إذا كان يجوز الحجز تحت يد النفس على الديون التي منع المشرع المقاصة بالنسبة لها كما إذا كان الدين شيئًا مودعًا أو معارًا عارية استعمال وكان مطلوبًا رده. فثمة رأى يقول إن الحجز تحت يد النفس تمهيد للمقاصة فما لا تجوز فيه المقاصة لا يجوز حجزه تحت يد النفس [(415)]. وثمة رأي آخر – وهو في نظرنا أصح – يرى أن الحجز تحت يد النفس جائز بالنسبة لجميع الأموال التي يجوز الحجز عليها تحت يد الغير سواء أكانت مما تجوز فيه المقاصة أم كانت مما لا تجوز فيه، لأن الحجز غير المقاصة فالحجز لا يعفي الحاجز تحت يد نفسه من التزامه برد المال المحجوز متى طولب بهذا الرد، وغاية الأمر أنه – بدلاً من رده للمحجوز عليه – يودع خزانة المحكمة [(416)]. ويؤيد هذا الرأي الثاني في مصر أن المشرع المصري أجاز الحجز تحت يد النفس كما أجاز الحجز تحت يد الغير بغير تمييز بين ما إذا كان المال المحجوز مما تجوز فيه المقاصة أو مما لا تجوز ما دام ليس من الأموال التي منع المشرع الحجز عليها.
2 – الحجز تحت يد مصالح الحكومة
الأصل أنه يراعي في الحجز تحت يد مصالح الحكومة اتخاذ إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير، كما تترتب عليه الآثار التي يرتبها القانون عليه، وفي الجملة تطبق عليه سائر قواعد حجز ما للمدين لدى الغير ولكن المشرع قد خص الحجز تحت يد المصالح الحكومية ببعض القواعد اقتضتها الرغبة في التيسير على هذه المصالح، فضلاً عن انتفاء مظنة التواطؤ بين المصالح الحكومية باعتبارها محجوزًا لديها وبين المدينين المحجوز عليهم. وأهم هذه القواعد الخاصة القواعد الآتية:
1/ ما نصت عليه المادة (549) من قانون المرافعات الجديد من أنه إذا كان الحجز تحت يد محصلي الأموال العامة أو المديرين لها أو الأمناء عليها وجب أن يكون إعلان ورقة الحجز إلى أشخاصهم، فلا يجوز الإعلان في مكاتبهم، ولا إلى رؤساء المصالح التابعين لها أو غيرهم من الموظفين، وذلك ضمانًا لوصول الإعلان إلى علم المحجوز لديهم [(417)].
2/ ما نصت عليه المادة (562) من أن الحجز إذا كان تحت يد إحدى المصالح الحكومية وجب عليها أن تعطي الحاجز بناءً على طلبه شهادة تقوم مقام التقرير بما في الذمة، ومبنى هذا النص الثقة المتوافرة في هؤلاء الأشخاص [(418)].
3/ سقوط الحجز الموقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية: إذا وقع الحجز صحيحًا بقي قائمًا منتجًا لآثاره حتى يرفع باتفاق الخصوم، أو بحكم من القضاء، كذلك يسقط الحجز إذا كان بأمر القاضي وألغي الأمر بعد التظلم منه، أو حكم في دعوى صحة الحجز ببطلان الحجز، أو بأي حكم آخر يزيل الخصومة فيها، إذ يترتب على مثل هذا الحكم زوال صحيفة الدعوى فيسقط الحجز. ولا يجدي في حفظه تجديد دعوى صحة الحجز إذ أن هذا التجديد سيكون بعد فوات الميعاد (ثمانية أيام من إعلان ورقة الحجز) الذي يوجب القانون رفع دعوى صحة الحجز فيه وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكن (م 552).
في غير الحالات المتقدمة يبقى الحجز قائمًا حتى يسقط بمضي خمس عشرة سنة، وإنما ينص القانون الجديد في المادة (574) على سقوط الحجز الواقع تحت يد إحدى المصالح الحكومية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ إعلانه، ما لم يعلن الحاجز المحجوز لديها قبل انتهاء هذه المدة باستيفاء الحجز، وما لم يجدد هذا الإعلان كل ثلاث سنوات مهما كانت الإجراءات أو الاتفاقات أو الأحكام التي تكون قد تمت أو صدرت في شأنه. وتبدأ مدة الثلاث السنوات المذكورة في الحجوز الموقعة على الأموال المودعة في خزائن المحاكم من تاريخ إيداع المبالغ المحجوز عليها فيها. ولعل المشرع لاحظ في وضع هذا النص احتمال تغيير الموظف الذي وقع الحجز تحت يده وصعوبة التحقق من الحجوز الموقعة تحت يد بعض المصالح الحكومية نظرًا لتشعب معاملاتها مع سائر الأفراد، فهذا النص كنص المادة (562) الذي يعفي المصالح الحكومية من واجب التقرير بما في الذمة اكتفاءً بالشهادة التي تعطيها لحاجز، قصد به التيسير على مصالح الحكومة.
ولما كان نص المادة (574) نصًا استثنائيًا فهو لا يطبق على غير المصالح الحكومية من الهيئات العامة كمجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية [(419)] ولا يطبق من باب أولى على الحجوز الموقعة تحت يد الأفراد أو الهيئات الخاصة كالبنوك والشركات وغيرها [(420)].
ويسقط الحجز تحت يد المصالح الحكومية بمضي ثلاث سنوات من يوم إعلانه ولا يقف سريان هذه المدة أي سبب ولا اتخاذ أي إجراء من إجراءات التنفيذ ولذلك فإن على الحاجز كلما قاربت مدة السنوات الثلاث على الانتهاء أن يعلن المحجوز لديه باستبقاء الحجز لتبدأ مدة سقوط جديدة من هذا الإعلان وهكذا.
والتمسك بسقوط الحجز بمضي مدة السنوات الثلاث جائز للمصلحة الحكومية المحجوز تحت يدها كما هو جائز لكل ذي مصلحة كالمحجوز عليه [(421)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[(397)] راجع كيش بند (123) صفحة 210، وقارن محمد حامد فهمي بند (285).
[(398)] راجع الأحكام العديدة المشار إليها في جلاسون الجزء الرابع ص290 هامش 1 وراجع بصفة خاصة حكم دائرة العرائض في أول أغسطس سنة 1881 دالوز سنة 1882 – 1 – 337 وتعليق Lacointa عليه وحكم نقض في 14 فبراير سنة 1899 سيرى 1900 – 1 – 121 وتعليق سيرى عليه. وراجع من الأحكام الحديثة حكم النقض في 18 سبتمبر سنة 1940 دالوز الأسبوعي 1940 – 190.
[(399)] راجع جلاسون جـ 4 لهامش صفحة 290.
[(400)] راجع جلاسون جـ 4 بند (1129) والأحكام المشار إليها في هامش صفحة 293، وكيش بند (138).
[(401)] راجع حكم نقض فرنسي في 18 سبتمبر سنة 1941 السابق الإشارة إليه.
[(402)] راجع الأحكام العديدة المشار إليها في أبو هيف هامش صفحة 371 وفي محمد حامد فهمي صفحة 242.
[(403)] راجع استئناف مختلط في 8 فبراير سنة 1934 مجلة التشريع والقضاء سنة 46 صفحة 160، وفي 21 مارس سنة 1939 مجلة التشريع والقضاء سنة 51 صفحة 208.
[(404)] راجع في ذلك جلاسون جـ4 ص 288 – 298 ومختصر كيش ص 132 – 136.
[(405)] من الشراح الفرنسيين من لا يسلم بالنظرية ويرى أنها لا تقوم على أساس من القانون سليم كما أنه لا يقتضيها أي اعتبار عملي أو داعٍ من دواعي العدالة – راجع تسييه في تعليقه السابق الإشارة إليه.
[(406)] يشترط القضاء لترتيب الحوالة القضائية أن يكون الحكم بصحة الحجز قد أصبح حائزًا لقوة الشيء المحكوم فيه حتى يكون سندًا تنفيذيًا يمكن التنفيذ به على المحجوز لديه باعتباره من الغير، كما يشترط إعلان الحكم للمحجوز لديه قياسًا على الحوالة الحاصلة بالاتفاق حتى تصبح نافذة في حق الغير وينتقد كثير من الشراح الذين يسلمون بهذه النظرية اشتراط هذه الشروط ويرون ترتيب الحوالة على صدور الحكم بصحة الحجز بمجرد صدوره – راجع جلاسون جـ4 بند (1129) ومختصر كيش بند (138).
[(407)] تقضي هذه الشروط أن يكون بيد الحاجز سند تنفيذي، وأن يستوفي شروط التنفيذ على الغير، وأن يكون قد مضى على التقرير بما في الذمة خمسة عشر يومًا.
[(408)] راجع ما تقدم عند الكلام على استيفاء الحاجز لدينه.
[(409)] يظهر ذلك من نص المادة (567) على أنه (يجب على المحجوز لديه بعد خمسة عشر يومًا من تاريخ تقريره أن يدفع إلى الحاجز المبلغ الذي أقر به…..).
[(410)] راجع مختصر كيش صفحة 134.
[(411)] راجع في موانع المقاصة المواد (362)، (364)، (367) من القانون المدني الجديد.
[(412)] قارن نص المادة 431 هـ/ 493 من القانون القديم.
[(413)] راجع ما تقدم عند الكلام على دعوى صحة الحجز.
[(414)] يجوز في هذه الحالة الحجز على الأعيان بحجز المنقول لدى المدين إذا كان بيد الحاجز سند تنفيذي ولو أن المال المراد حجزه في حيازة غير المدين، لأن الحكمة من منع حجز المنقول لدى المدين إذا كان المال في حيازة الغير ألا وهي رعاية مصلحة الغير غير متوافرة في هذه الحالة – راجع رسالة إيلي أوزيه Elie – Auzé في (حجز ما للمدين تحت يد النفس في القانون الفرنسي) باريس سنة 1927 ومحمد حامد فهمي صفحة 210.
[(415)] راجع جلاسون جزء 4 صفحة 223 وحكم محكمة السين في 26 مايو سنة 1909 سيرى 1910 – 2 – 127.
[(416)] راجع جلاسون جزء 4 صفحة 223.
[(417)] راجع المادة 416 هـ/ 477 م من قانون المرافعات القديم.
[(418)] أصل هذا النص المادة (427) من مشروع لجنة 1944، وهو خاص بالحجوز التي توقع تحت يد الحكومة أو إحدى مصالحها فلا يطبق على الحجوز الموقعة تحت يد البنوك المعتمدة بالرغم من الثقة المتوافرة فيها فقد يقع في الشهادة التي يعطيها البنك خطأ فيتعذر على الحاجز كشفه لأن البنوك ترفض اطلاع الغير على دفاترها بينما الجهات الحكومية لا ترفض الاطلاع على دفاترها للتثبت من صحة ما تقرره في الشهادة التي تعطيها – راجع محضر الجلسة الخامسة والثلاثين من محاضر لجنة سنة 1946.
[(419)] بهذا قال شراح القانون الفرنسي قبل صدور قانون 12 إبريل سنة 1922 الذي طبق أحكام هذا السقوط على الهيئات العامة الأخرى كالبلديات. راجع جلاسون جزء 4 صفحة 325.
[(420)] نص المادة (574) من قانون المرافعات المصري مقتبس من المادة (14) من القانون الصادر في 9 يوليه سنة 1836 في فرنسا، التي تنص على أن الحجوز المتوقعة تحت يد الدولة لا يكون لها أثر إلا في خلال خمس سنوات من تاريخ توقيعها، وقد أراد واضعو مشروع قانون المرافعات المصري الذي وضعته لجنة سنة 1944 بسط نطاق تطبيق هذه القاعدة على جميع الحجوز لدى الغير بما فيها الحجوز الموقعة لدى الأفراد، ولكن واضعي القانون الجديد لم يأخذوا بهذا التعميم وقصروا تطبيق القاعدة على الحجوز الموقعة تحت يد المصالح الحكومية – راجع المادة (428) من مشروع لجنة سنة 1944 والمذكرة التفسيرية لهذا المشروع صفحة 80 ومحضر الجلسة الخامسة والثلاثين من محاضر جلسات لجنة سنة 1946.
[(421)] راجع جلاسون جزء 4 صفحة 325 وحكم محكمة النقض الفرنسية في 9 أغسطس سنة 1892 سيرى 93 – 1 – 201 وتعليق تيسييه عليه.