بحث قانوني حول طرق الطعن في القانون الجنائي الجزائري

بحث قانوني حول طرق الطعن في القانون الجنائي الجزائري

خــطـــــــة البـــــحـث

المـقـدمـة:
المبحث الأول: طرق الطعن العادية.
المطلب الأول: المعارضة.
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابي.
الفرع الثاني: ميعاد و إجراءات رفع المعارضة.
الفرع الثالث: آثار المعارضة.
المطلب الثاني: الاستئناف.
الفرع الأول: حق و ميعاد وإجراءات رفع الاستئناف
الفرع الثاني: اثر الاستئناف
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف

المبحث الثاني: طرق الطعن الغير العادية.
المطلب الأول: الطعن بالنقض
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات وميعاد رفع الطعن بالنقض
الفرع الثاني: أوجه طرق الطعن بالنقض
الفرع الثالث: اثر الطعن بالنقض
الفرع الرابع: الطعن بالنقض لصالح القانون.
المطلب الثاني: التماس إعادة النظر.
الفرع الأول: شروط طلب التماس إعادة النظر.
الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر.
الفرع الثالث: الحكم وإجراءات رفع التماس إعادة النظر.
الخــاتـمـة.

مـقـدمـة:

رسم المشرع لخصوم الدعوى العمومية طرقا للطعن في الأحكام الصادرة في غير صالحهم لرفع الضرر الذي أصابهم من هذه الأحكام و تعتبر طرق الطعن ضمانة لتفادي الأخطاء القضائية و تصنف طرق الطعن إلى:
طرق الطعن العادية التي تهدف إلى إعادة النظر في القضية من جديد و هي طرق مفتوحة للمتقاضين و تتمثل في المعارضة و الاستئناف.
طرق الطعن الغير العادية هدفها إعادة النظر في قانونية القرار الصادر من المجلس القضائي و هما التماس إعادة النظر والطعن بالنقض.
و سنقسم بحثنا الى مبحثين نتطرق في المبحث الأول طرق الطعن العادية و هما المعارضة والاستئناف و المبحث الثاني طرق الطعن الغير العادية و هما الطعن بالنقض و التماس اعادة النظر.

المبحث الأول: طرق الطعن العادية
المطلب الأول: المعارضة:
تعتبر المعارضة طريقا من طرق الطعن العادية التي تهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه و ذلك في حالة صدور الحكم في غياب المتهم. إن المتهم الذي لم يحضر إجراءات المحاكمة لم يتمكن من تقديم دفاعه و بالتالي لم تستمع المحكمة إلى حججه و يمكن أن يكون سبب تخلفه خارجا عن إرادته و من ثم فان الحكم لا يخضع إلى مبدأ حضورية الإجراءات و مادام التخلف عن الحضور خارجا عن إرادة المتهم فان القانون يرخص له مواجهة هذا الحكم بالمعارضة.
مجال المعارضة:
إن مجال المعارضة هو الجنح والمخالفات أما في مجال الجنايات فان المعارضة يحل محلها إعلان إجراءات التخلف عن الحضور ويحق للمتهم المعارضة في الحكم الصادر ويجوز أن تنحصر هذه المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية (1)
أما المعارضة الصادرة من المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية فلا أثر لها إلا على ما يتعلق بالحقوق المدنية(2)

(1) المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2) المادة 413 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا:
تقتضي المعارضة ألا يكون المتهم قد امتنع عن الحضور بإرادته و يعتبر الحكم غيابيا
في حالتين:
· إذا تم تبليغ المتهم و لكن لا يوجد دليل يفيد بتلقيه التبليغ.
· إذا تلقى المتهم التبليغ و قدم عذرا مقبولا لعدم الحضور.
تنص المادة 407 من قانون الإجراءات الجزائية على : كل شخص كلف بالحضور تكليفا صحيحا و تخلف عن الحضور يحكم عليه غيابيا.
الفرع الثاني: ميعاد و إجراءات رفع المعارضة:
تقبل المعارضة في مهلة 10 أيام من تاريخ التبليغ الحكم للمتهم. و تمدد هذه المدة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني(1) إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم تعين تقديم المعارضة في المواعيد السابق ذكرها آنفا و التي يسري اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم بالموطن أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة (2).
إجراءات رفع المعارضة:
يطعن بالمعارضة بتقرير كتابي أو شفوي لكتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم الغيابي في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم كما تبلغ هذه المعارضة بكل وسيلة إلى النيابة العامة التي يعهد إليها بإشعار المدعي المدني بها و ذلك برسالة مضمنة
الوصول و في حالة ما إذا كانت المعارضة قاصرة على ما قضى به.

(1) المادة 411 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية (2) المادة 412 من قانون
الإجراءات الجزائية

الحكم من الحقوق المدنية فيتعين على المتهم أن يقوم بتبليغ المدعي المدني مباشرة بها(1) .هذا طبقا لنص المادة 410 و 411 من قانون الإجراءات الجزائية .
الفرع الثالث : أثار المعارضة:
للمعارضة أثرين هما:
الأثر الموقف:
و مفاده أن المعارضة توقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فيها.إلا في حالة وحيدة ذكرتها المادةٍٍِِ 357فقرة 02 و 03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف.
الأثر الملغي:
و مفاده أن المعارضة تلغي ما قضي به الحكم الغيابي(2) حيث أن الجهة التي أصدرت الحكم الغيابي تفصل من جديد في القضية فإذا حضر المتهم إلى الجلسة المحددة فان محاكمته تعتبر حضورية وتسترجع المحكمة حريتها نتيجة إلغاء الحكم السابق بالمعارضة و يمكن لها إلغاء ما قضت به سابقا أو تخفيفه أو تشديده أما إذا لم يحضر المتهم بالجلسة المعلنة فان معارضته تعتبر كأن لم تكن(3).

(1) المادة 410 و 411 من قانون الإجراءات الجزائية
(2) المادة 413 من قانون الإجراءات الجزائية
(3) المادة 413 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية.

المطلب الثاني: في الاستئناف:
يختلف الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا ويعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لاصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا لمبدأ تعدد درجات التقاضي كما أنه
وسيلة لمنع الحكم من حياز حجية الشيء المقضي فيه.
في تشكيل الجهة القضائية الاستئنافية:
يفصل المجلس القضائي في الاستئناف في مواد الجنح و المخالفات مشكلا من ثلاثة على الأقل من رجال القضاء. ويقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة وأعمال قلم الكتاب يؤديها كاتب الجلسة.و إذا كان المستأنف محبوسا تنعقد الجلسة وجوبا خلال شهرين من تاريخ الاستئناف (1).
مجال الاستئناف:
تكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح و المخالفات إذا قضى بعقوبة الحبس التي تزيد عن 100 دج طبقا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على أنه تكون قابلة للاستئناف :
الأحكام الصادرة في مواد الجنح, الأحكام الصادرة في مواد المخالفات إذا قضت بعقوبة الحبس أو عقوبة غرامة تتجاوز 100 دينار أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز الحبس خمسة أيام.

(1) المادة 429 من قانون الإجراءات الجزائية.
كذلك كما نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: يجوز للمدعي المدني أو لوكيله أن يطعن بطريق الاستئناف في:
الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق و الأوامر الصادرة بعدم إجراء التحقيق أو بالا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوق المدعي المدنية غير أن الاستئناف هنا لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم
احتياطيا.كما يجوز له أن يستأنف الأمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناء على دفع الخصوم بعدم الاختصاص.
الفرع الأول: حق وميعاد وإجراءات رفع الاستئناف:
حق الاستئناف:
يتعلق بالمتهم المسؤول المدني وكيل الجمهورية النائب العام الإدارة العامة والمدعى المدني طبقا لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على:
يتعلق حق الاستئناف : بالمتهم , و المسؤول عن الحقوق المدنية , ووكيل الجمهورية , و النائب العام , و الإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية , و المدعي المدني , و في حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم و بالمسؤول عن الحقوق المدنية. و يتعلق هذا الحق بالمدعي المدني فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط.

ميعاد الاستئناف:
يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري طبقا لنص المادة418 فقرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على : يرفع الاستئناف في مهلة عشرة أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري.

غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن و إلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو بتكرر الغياب حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 345 و 347 فقرة 01 و03 و المادة 350 وهذا طبقا لنص المادة 418 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.
و في حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة 05 أيام إضافية لرفع الاستئناف (1). هذا بالنسبة للخصوم أما فيما يخص السيد وكيل الجمهورية أو النائب العام فيكون ميعاد الاستئناف في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم (2) . و تنص المادة 426 أنه إذا فصلت المحكمة في طلب إفراج مؤقت وفقا للمواد 128 129 130 تعين رفع الاستئناف في مهلة 24 ساعة. و يظل المتهم محبوسا ريثما يفصل في استئناف وكيل الجمهورية وذلك في جميع الأحوال حتى تستنفذ مهلة ذلك الاستئناف.
يرفع الاستئناف في أوامر قاضي التحقيق في ظرف 03 أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم و يتم ذلك أمام غرفة الاتهام (3).

(1) المادة 418 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2) المادة 419 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 172 فقرة02 من قانون الإجراءات الجزائية.

إجراءات رفع الاستئناف:
يرفع الاستئناف بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالاستئناف و يعرض على المجلس القضائي(1). يرفع وجوبا تقرير الاستئناف و يجب أن يوقع عليه من قبل كاتب الضبط و من المستأنف نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع و في الحالة الأخيرة يرفق التفويض بالمحرر الذي دونه الكاتب و إذا كان المستأنف لا يستطيع التوقيع ذكر الكاتب ذلك(2) .
إذا كان المتهم محبوسا جاز له كذلك أن يعمل تقرير استئنافه في المواعيد المنصوص عليها في المادة 418 لدى كاتب دار السجن حيث يتلقى و يقيد في الحال في سجل خاص و يسلم إليه إيصال عنه و يتعين على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يرسل نسخة من هذا التقرير خلال أربع وعشرين ساعة إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه و إلا عوقب إداريا(3) . و يجوز رفع الاستئناف بعريضة تودع بكتابة الضبط المحكمة في المواعيد المنصوص عليها لتقرير الاستئناف و يوقع عليها المستأنف أو محاميه أو وكيل خاص مفوض بالتوقيع و ترسل العريضة و كذلك أوراق الدعوى لمعرفة وكيل الجمهورية إلى المجلس القضائي في أجل أقصاه شهر.

(1) طبقا لنص المادة 420 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2) المادة 421 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 422 من قانون الإجراءات الجزائية.

و إذا كان المتهم مقبوضا عليه يحال في أقصر مهلة و بأمر من وكيل الجمهورية إلى مؤسسة إعادة التربية بمقر المجلس القضائي(1).
في إجراءات الاستئناف أمام المجلس القضائي:
نظمتها المواد 430 431 432 433 من قانون الإجراءات الجزائية:

يفصل في الاستئناف في جلسة بناء على تقرير شفوي من أحد المستشارين و يستجوب المتهم و لا تسمع شهادة الشهود إلا إذا أمر المجلس بسماعهم. و تسمع أقوال أطراف الدعوى حسب الترتيب الأتي: المستأنفون فالمستأنف عليهم و إذا ما تعدد المستأنفون و المستأنف عليهم فللرئيس تحديد دور كل منهم من إبداء أقواله. و للمتهم دائما الكلمة الأخيرة(2).. إذا رأى المجلس أن الاستئناف قد تأخر رفعه أو كان غير صحيح شكلا قرر عدم قبوله و إذا ما رأى أن الاستئناف رغم كونه مقبولا شكلا ليس قائما على أساس قانوني قضي بتأييد الحكم المطعون فيه(3). أما إذا كان الحكم باطلا بسبب مخالفة أو إغفال لا يمكن تداركه للأوضاع المقررة قانونا و المترتب على مخالفتها أو إغفالها البطلان فان المجلس يتصدى و يحكم في الموضوع(4).
يجوز للمجلس بناء على استئناف النيابة أن يقضي بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه.ليس للمجلس إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده أو من المسؤول عن الحقوق المدنية أن يسيء حالة المستأنف. ولا

(1) المادة 423 من قانون الإجراءات الجزائية (2) المادة 431 من قانون الإجراءات الجزائية.
(3) المادة 432 من قانون الإجراءات الجزائية (4) المادة 438 من قانون الإجراءات الجزائية.

يجوز له إذا كان الاستئناف مرفوعا من المدعي المدني وحده أن يعدل الحكم على وجه يسيء إليه.و لا يجوز للمدعي المدني في دعوى الاستئناف أن يقدم طلبا جديدا و لكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى (1).
الفرع الثاني: أثر الاستئناف:
يترتب على الاستئناف أثران:
الأثر الموقف و الأثر الغير الموقف:
للاستئناف أثر موقف للتنفيذ إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد 357فقرة 02 و03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار
حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف و في المواد 365بقولها: يخلى سبيل المتهم المحبوس احتياطيا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئناف ما لم يكن محبوسا لسبب آخر.و كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس احتياطيا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المقضي بها عليه. و المادة 419
بقولها: يقدم النائب العام استئنافه في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم و هذه المهلة لا تحول دون تنفيذ الحكم و المادة 427 بقولها: لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو (1) المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية. التمهيدية أو التي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع و في الوقت نفسه مع استئناف ذلك الحكم. ليس للاستئناف المرفوع من طرف المتهم ضد الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أثر موقف (1).
الأثر الناقل:
يترتب على الاستئناف أثر ناقل و معنى ذلك أن الاستئناف يحيل القضية إلى جهة عليا تعيد من جديد الإجراءات وتقيم العناصر القانونية والموضوعية للقضية ولا يترتب هذا الأثر الناقل إلا في حالة اتصال الجهة العليا بالاستئناف مع الملاحظة أن الاستئناف
لا يلغي الحكم و إنما يحيله إلى جهة عليا في الحدود.
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف:
هناك حدود معينة تترتب على نقل القضية إلى جهة الاستئناف التي يجب عليها مراعاتها: لا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لوقائع غير تلك التي أحيلت إلى القاضي الأول حيث توسع جهة الاستئناف في مجال الوقائع الأخرى يترتب عليه حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي و هذا ما يسمى بعدم جواز إثارة طلبات جديدة في الاستئناف. تتقيد جهة الاستئناف بموضوع الاستئناف بحيث يحق للمستأنف رفع الاستئناف لجزء من الحكم فمثلا إذا رفع المحكوم عليه بالحبس و الغرامة استئنافه حول الحبس فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لموضوع الغرامة.

(1) المادة 172 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية.

لا يحق لجهة الاستئناف الإساءة إلي مركز المستأنف وذلك بإصلاح الحكم بكيفية مخالفة لمصالحه سواء كان المستأنف هو المتهم أو المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية وعليه فإذا كان المتهم هو المستأنف ولم تستأنف النيابة العامة فلا يجوز لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركزه بتقرير عقوبة أشد أو تغيير وصف الجريمة إلى وصف أشد كما أنه لا يجوز لها إساءة مركز الطرف المدني أو المسؤول المدني في حالة استئنافهما.
أما في حالة ما إذا قامت النيابة العامة بالاستئناف فيجوز للمجلس أن يقضي إما بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه(1). وهناك حالة فريدة تقع غالبا يجب الإشارة إليها وتتمثل في كون الطرف المدني هو المستأنف الوحيد لحكم قضى ببراءة المتهم إن مثل هذا الاستئناف ينصب فقط على الدعوى المدنية ومادامت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الجزائي فان الدعوى العمومية تكون قد انقضت فكيف تفصل جهة الاستئناف في هذا الاستئناف؟
في هذه الحالة تقوم جهة الاستئناف بالتحقق من وجود عناصر الجريمة تأسيسا على أن الدعوى المدنية لا تكون مقبولة إلا إذا كانت ناشئة عن الجريمة فإذا ما تبين لجهة الاستئناف ارتباط بين الضرر المطلوب جبره و الجريمة فانه لا يجوز لها معاقبة
المتهم و إنما يحق لها فقط منح التعويضات للطرف المدني وهذا المبدأ استقر عليه الفقه.

(1) المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية
المبحث الثاني: طرق الطعن الغير العادية
المطلب الأول: الطعن بالنقض:
يتم الطعن بالنقض أمام المجلس الأعلى ويتعلق بإصلاح الأخطاء القانونية التي ارتكبت أمام المحاكم الدنيا.ويختلف الطعن بالنقض عن الاستئناف من حيث أن المجلس الأعلى غير مختص بإعادة النظر في الوقائع التي استند إليها الحكم المطعون فيه ولا يملك
كذلك سلطة إجراء التحقيق أو سماع شهود و إنما يجب عليه فقط البحث عما إذا كان الحكم المطعون فيه مطابقا للقانون وذلك تطبيقا لمبدأ أن محكمة النقض (المحكمة العليا) محكمة قانون و ليست محكمة وقائع وأنها لا تشكل درجة ثالثة من التقاضي.
الفرع الأول: حق وشروط وإجراءات و ميعاد رفع الطعن بالنقض:
إن الطعن بالنقض طريق من طرق الطعن الغير العادية يهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه ومن ثم فمجاله بعض الحالات المحددة في القانون فطبقا لنص المادة 495 من قانون الإجراءات الجزائية: يجوز الطعن بطريق النقض أمام المحكمة العليا:
في قرارات غرفة الاتهام ما عدا ما يتعلق منها بالحبس المؤقت و الرقابة القضائية.
في أحكام المحاكم و المجالس القضائية الصادرة آخر درجة أو المقتضي بها بقرار مستقل
في الاختصاص.
لا يجوز الطعن بالنقض: في الأحكام الصادرة بالبراءة إلا من جانب النيابة العامة وفي أحكام الإحالة الصادرة من غرفة الاتهام في قضايا الجنح أو المخالفات إلا إذا قضى الحكم في الاختصاص أو تضمن مقتضيات نهائية ليس في استطاعة القاضي أن يعد لها غير

انه يجوز أن تكون أحكام البراءة محلا للطعن بالنقض من جانب من لهم اعتراض عليها إذا ما كانت قد قضت إما في التعويضات التي طلبها الشخص المقضي ببراءته أو في رد الأشياء المضبوطة أو في الوجهين معا و لا تجوز مباشرة الطعن بطريق عرضي طبقا لنص المادة 496 من قانون الإجراءات الجزائية.
الحق في الطعن بالنقض:
يتعلق بالنيابة العامة.المحكوم عليه أو محاميه أو وكيل مفوض عنه بالتوقيع بتوكيل خاص المدعي المدني أو محاميه.المسؤول مدنيا طبقا لنص المادة 497 من قانون الإجراءات الجزائية. و فضلا عن الاستثنائين المنصوص عليهما في المادة 496 السابقة الذكر فانه يسمح للمدعي المدني بالطعن في أحكام غرفة الاتهام: إذا قررت عدم قبول دعواه إذا قررت أنه لا محل لادعائه بالحقوق المدنية إذا قبل الحكم دفعا يضع نهاية للدعوى المدنية إذا سها عن الفصل في وجه من أوجه الاتهام أو كان القرار من حث الشكل غير مستكمل للشروط الجوهرية المقررة قانونا لصحته. و في جميع الحالات الأخرى غير المذكورة بالذات و ذلك فيما إذا كان ثمة طعن من جانب النيابة العامة.
شروط الطعن بالنقض:
تكون قابلة للطعن بالقض تلك الأحكام والقرارات الصادرة عن آخر درجة ويترتب على ذلك ما يلي:
لا يقبل الطعن في القرار القابل للاستئناف ولو أن الاستئناف لم يرفع.
لا يقبل الطعن بالنقض إذا كان القرار أو الحكم قابلا للمعارضة.

بصفة عامة حتى يمكن مباشرة طرق الطعن الغير العادية يجب أولا مباشرة طرق الطعن العادية أي احترام درجات التقاضي.
إجراءات رفع الطعن:
يرفع الطعن بتقرير لدى قلم كاتب الجهة التي أصدرت القرار المطعون فيه ويجب توقيع التقرير بالطعن من الكاتب و الطاعن بنفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع و في الحالة الأخيرة يرفق التوكيل بالمحضر المحرر من الكاتب و إذا كان الطاعن
المقرر لا يستطيع التوقيع نوه الكاتب عن ذلك وترفق نسخة من المحضر وكذا التقرير بملف القضية ويجوز أن يرفع الطعن بكتاب أو برقية إذا تعلق بمحكوم عليهم يقيمون في الخارج غير أنه يشترط أنه في خلال مهلة الشهر المقررة في المادة 498 يصدق على
الطعن محامي معتمد يباشر عمله في الجزائر ويكون مكتبه موطنا مختارا حتما ويترتب البطلان على مخالفة هذا الشرط و إذا كان المتهم محبوس فيجوز رفع الطعن إما بتقرير يسلم إلى قلم كتاب المحكمة العليا بمعرفة رئيس السجن الذي يتعين عليه أن يصادق على تاريخ تسليم الكتاب إلى يده(1).
ميعاده: مهلة الطعن بالنقض 08 أيام بالنسبة لجميع الأطراف. تسري هذه المهلة من يوم النطق بالقرار إذا كان القرار حضوري و تسري هذه المهلة من تاريخ التبليغ إذا كان القرار غيابي أو بمثابة حضوري (حضوري اعتباري) تمد المهلة هذه إلى شهر إذا كان أحد أطراف الدعوى مقيما بالخارج(2)

(1) المادة 504 من قانون الإجراءات الجزائية
(2) المادة 498 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الأول: في أوجه طرق الطعن:
حددت المادة 500 من قانون الإجراءات الجزائية الأوجه التي يبنى عليها الطعن بالنقض وهي:
· عدم الاختصاص.
· تجاوز السلطة.
· مخالفة قواعد جوهرية في الإجراءات.
· انعدام أو قصور الأسباب.
· إغفال الفصل في وجه الطلب أو في أحد طلبات النيابة العامة.
· تناقض القرارات الصادرة من جهات قضائية مختلفة في آخر درجة أو التناقض فيما قضى به الحكم نفسه أو القرار.
· مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه.
· انعدام الأساس القانوني.
و يجوز للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها الأوجه السابقة الذكر.

الحكم في موضوع الطعن بالنقض: إذا كان الطعن بالنقض جائزا و مقبولا شكلا فان المحكمة العليا تفصل في موضوعه بأحد
القرارين:
· قبول الطعن ونقض الحكم:
إذا صدرت المحكمة العليا قرار بقبول الطعن موضوعا فانه يقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه و إحالة الدعوى إلى الجهة القضائية نفسها مشكلة تشكيلا آخر أو إلى جهة قضائية أخرى من نفس درجة الجهة التي أصدرت القرار المنقوض.
· الحكم بالا وجه للفصل في الطعن:
إذا رأت المحكمة العليا أن الطعن بالنقض غير مؤسس قانونا فإنها تصدر قرار بالا وجه للفصل فيه(1).
الفرع الثاني: أثر الطعن بالنقض:
للطعن بالنقض أثران :
أثر موقف للتنفيذ هذا ما نصت عليه المادة 499 فقرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها:
يوقف تنفيذ الحكم خلال ميعاد الطعن بالنقض و إذا رفع الطعن فإلي أن يصدر الحكم من المحكمة العليا في الطعن و ذلك فيما عدا ما قضى فيه الحكم من الحقوق المدنية.

و أثر غير موقف و هذا ما نصت عليه المادة 499 فقرة 02 و 03 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها:
و بالرغم من الطعن يفرج فورا بعد صدور الحكم عن المتهم المقضي ببراءته أو إعفائه أو أدانته بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة. و كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس الذي يحكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد استنفاذ حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المحكوم بها.

(1) المادة 526 من قانون الإجراءات الجزائية.

تنص المادة 474 فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجزائية ما لي: ولا يكون للطعن بالنقض أثر موقف لتنفيذها إلا بالنسبة لأحكام الإدانة الجزائية التي يقضي بها تطبيقا للمادة 50 من قانون العقوبات.
الفرع الثالث: الطعن بالنقض لصالح القانون:
تعرض المشرع للطعن بالنقض لصالح القانون في المادة 530 من قانون الإجراءات الجزائية. حيث خول القانون صلاحية الطعن بالنقض لصالح القانون فقط للنائب العام لدى المحكمة العليا من تلقاء نفسه أو بناء على تعليمات وزير العدل.
شروط الطعن بالنقض لصالح القانون:
حددت المادة 530 من قانون الإجراءات الجزائية شروط الطعن لصالح القانون كما يلي:
· أن يكون الطعن متعلقا بحكم نهائي من محكمة أو مجلس قضائي.
· أن يكون الحكم أو القرار مخالفا للقانون أو لقواعد الإجراءات الجوهرية.
· ألا يكون الخصوم قد طعنوا فيه في الميعاد المقررة.
إذا توفر شرط من هذه الشروط فان النائب العام لدى المحكمة العليا ملزم بأن يعرض هذا الأمر بعريضة على المحكمة العليا.
آثار الطعن بالنقض لصالح القانون:
إذا انقض الحكم فلا يجوز للخصوم التمسك بالحكم الصادر من المحكمة العليا للتخلص مما قضى به الحكم المنقوض.و إذا قضى المجلس الأعلى (المحكمة العليا) ببطلان الحكم يستفيد المحكوم عليه منه ولكنه لا يؤثر في الحقوق المدنية.

المطلب الثاني: التماس إعادة النظر:
ينصب التماس إعادة النظر على الحكم القضائي البات القاضي بالإدانة في موضوع جناية أو جنحة.
تنص المادة 531 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: لا يسمح بطلبات إعادة النظر إلا بالنسبة للقرارات الصادرة عن المجالس القضائية أو الأحكام الصادرة عن المحاكم إذا حازت قوة الشيء المقضي فيه وكانت تقضي بالإدانة في جناية أو جنحة.
الفرع الأول: شروط طلب التماس إعادة النظر:
تنص المادة 531 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية على:
يجب أن يؤسس طلب التماس إعادة النظر على إحدى الحالات الأربعة:
· تقديم مستندات بعد الحكم بالإدانة في جناية قتل يترتب عليها قيام أدلة كافية على وجود المجني عليه المزعوم قتله على قيد الحياة.
· إذا أدين بشهادة الزور ضد المحكوم عليه شاهد سبق أن ساهم بشهادته في إثبات إدانة المحكوم عليه.
· إدانة متهم آخر من أجل ارتكابه الجناية أو الجنحة نفسها بحيث لا يمكن التوفيق بين الحكمين.
· كشف واقعة جديدة أو تقديم مستندات كانت مجهولة من القضاة الذين حكموا بالإدانة مع انه يبدو منها آن من شانها التدليل على براءة المحكوم عليه.

الفرع الثاني: الحق في طلب التماس إعادة النظر:
طبقا لنص المادة 531 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية فان طلب التماس إعادة النظر يرفع:
من وزير العدل أو المحكوم عليه أو نائبه أو زوجه بالنسبة للحالات الثلاثة الأولى. أما بالنسبة للحالة الرابعة فان طلب التماس إعادة النظر يرفع فقط من طرف النائب العام لدى المحكمة العليا متصرفا بناء على تعليمات وزير العدل.
الفرع الثالث: الحكم و إجراءات رفع التماس إعادة النظر:
يرفع الأمر مباشرة إلى المحكمة العليا و يفصل فيه بعد سماع أقوال النيابة العامة و الخصوم و بعد اتخاذ ما يراه لازما من إجراء التحقيق و إذا تبين له صحة موضوع الطلب فانه يقضي ببطلان الحكم دون إحالته إلى الجهة التي أصدرته. وهذا ما نصت عليه المادة 531 فقرة 03 و 04 من قانون الإجراءات الجزائية بقولها: وتفصل المحكمة العليا في الموضوع في دعوى إعادة النظر ويقوم القاضي المقرر بجميع إجراءات التحقيق و عند الضرورة بطريق الإنابة القضائية. و إذا قبلت المحكمة العليا الطلب قضت بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي تثبت عدم صحتها. أما في حالة قبول الطلب تنقض المحكمة العليا بغير إحالة ببطلان أحكام الإدانة التي
تثبت عدم صحتها و تقبل طلبات التعويض للمحكوم عليه أو ذوي حقوقه طبقا لنص المادة531 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية.تتحمل الدولة التعويضات الممنوحة لضحية الخطأ القضائي أو ذوي حقوقه و نشر القرار(1)

(1) المادة 531 مكرر 01 من قانون الإجراءات الجزائية.