إضاءات في ” حق المواطن في الإضراب “
مقــــدمة
لا احد ينكر أن الفكر القانوني عرف انعطافات بارزة على مستوى اختياراته من زاوية تقرير الوسائل والأليات الكفيلة بخلق قاعدة قانونية لها خاصية الإلزام بين الأفراد.
ذلك ان التحول الي حصل في هذا الإطار كان باديا، من خلال رصد التحولات الكبرى التي عرفها موضع الدولة داخل العلاقات بين الأفراد، من دولة حارسة تأخد على عاتقها تطبيق النصوص القانونية التي تقيم مبدأ سلطان الإردة كمجال يؤطر مختلف العلاقات القائمة داخلها، الى دولة تتدخل بأليات متعددة قصد ضبظ توافقا ولو في حدوده النسبية.
لعل متأمل، في ملامح هذا السياق العام الذي باتت تستكنه روح القواعد القانونية الحالية، سيلاحظ بكون الألة التشريعية لم تفلح بعد في تقرير أليات فعالة ــ مواكبة لمتطلب تطبيق النصوص القانونية ــ محايثة للمصالح المتعارضة.
غير أن يتضح، ان أثار فكر العدالة الخاصة[1]، أرسى ببعض مظاهره حتى استعصى على واضع القانون التخلص من بقاياه التي باتت تشكل منفذا وحيدا، يمكن ان يعيد للقاعدة القانونية توازنها المطلوب، في مجمل المجالات القانونية.
ذلك أن الإضراب يندرج ضمن هذه الوسائل الخاصة التي اقتضت من التشريعات الإعتراف بها ضمن نصوصها، فكانت فرنسا أول الدول التي عرفت اضرابات على مستوى نسيجها الإقتصادي، خاصة بعد ظهور صناعات متقدمة، وعمليات انتاج تقوم على مبادئ اللبيرالية مما أفرز انتعاشا على مستوى هضم حقوق الطبقة العاملة.
فكان الإضراب الوسيلة الفعالة لمواجهة هذه اللبيراية الانتاجية، و لتحقيق مختلف المطالب التي تطمح اليها الطبقة العمالية،ذلك مادفع السلطات الرسمية الفرنسية الى التشديد على ممارسة الإضراب من خلال قانون “شابلي” الصادر في 6 يونيو1781 ، الذي يمنع كل تجمع مهني وكل عمل نقابي بفرنسا، وكذلك تضمين القانون الجنائي الفرنسي جنحة التكتل، والمعاقبة عليها من خلال المادتين 415 و 414 من القانون المذكور، فكان يجب الإنتظار الى حدود سنة 1946 لإرتقاء بالإضراب الى مصاف الحقوق الستورية في هذا البلد.
وفي المغرب، حيث بدت بوادره الأولى ـ الإضراب ـ تتشكل في عهد الحماية الفرنسية، رغم أن القانون الفرنسي كان يمنع المغاربة من الحق النقابي ــ خاصة مع الإضرابات التي اندلعت في صيف 1936، حيث شملت قطاعات متعددة على مختلف صعيد الإنتاج المغربي، اذ عمد العمال الفرنسين من أجل دعم مطالبهم تجاه أرباب العمال، من خلال استقطاب عمال المغاربة الى صفوفهم، قصد المشاركة في تلك الحركات الإضرابية.
فكان يجب الإنتظار الى حدود صدور ظهير 19 يناير 1946 المتعلق بتنظيم بالمصالحة والتحكيم في المنازعات الجماعة للعمل، الذي ينص ضمنيا على الحق في الإضراب من خلال منع اللجوء اليه قبل استنفاد مسطرة المصالحة والتحكيم، هذا الذي مهد الطريق بعد استقلال المغرب الى التنصيص عليه كاهم الحقوق الدستورية التي ستنظم بصدور قانون تنظيمي، الفصل 14 من دستور 1962. ثم احتفظ المشرع المغربي بنفس القاعدة الدستورية الى حدود دستور 2011، دون أن يصدر هذا القانون التنظيمي .
ويطرح بحث موضوع الإضراب أهمية بالغة سواء من حيث المنظور النظري، ذلك أن الإضراب، لم يشهد بعد الإطار التنظيمي الذي يكفل الحدود أو الصيغ التي يجب احترامها أثناء ممارسته، رغم تقريره في مختلف المنظومات القانونية[2] باعتباره من أهم الحقوق التي يجب أن تضمن للأفراد، فهو كما يعبر بعض الفقه الحرية الأم[3]، كما تبرز من هذا الجانب اهميته في اعتباره موضوعا يثأتر بطبيعة النظام الذي يحكمه، بحيث قد تضيق مساحات ممارسته كما يمكن ان تتسع حسب النمط الإقتصادي المعمول به وكذا النظام السياسي الذي يمكن أن يمارس فيه[4]، هذا الذي يقضي بضرورة تقرير بعض الضوابط التي يجب استحضارها في مجال ممارسة هذا الحق .
وعلى نفس المنوال يطرح من الناحية العملية متطلب بحث مدى محاولة التشريعات الدولية تقرير بعض القواعد التي من شأنها أن تساعد على ممارسة هذا الحق وفق أسس وأحكام يمكن ان تستجيب لها مختلف التشريعات الداخلية، خاصة مع تتبع طبيعة العمل القضائي في هذا الشأن.
هذا وفي محاولة الإحاطة بالأحكام المرتبطة بموضوع الإضراب في التشريع المغربي يشهد الباحث منظومة قانونية تتكون من نصوص عديدة ــ تضع الإضراب بين الحضر والممارسةــ متوزعة بين القانون الجنائي الفصل 288، ناهيك عن ظهير الوظيفة العمومية، وأنظمة أساسية أخرى [5]وكذا مدونة الشغل باعتبارها كأخرنص تشريعي يتعرض للموضوع الإضراب.
وامام غياب نص تنظيمي يكفل احكام ممارسة حق الإضراب ، وأمام وجود عذة نصوص يلفها الغموض بسبب التعارض البين بين أحكامها، بات من المشروع تحديد الإشكالية التي تعتبر محور دفع هذا الموضوع الى البحث في ما يلي:
ماهي الحدود الفاصلة بين الممارسة المشروعة والغير المشروعة للحق في الإضراب ؟
للإحاطة بالإشكال أعلاه، تعين نهج التصميم الأتي:
المبحث الأول: البناء المفاهيمي للحق في الإضراب
المبحث الثاني: المجال التنظيمي لممارسة الحق في الإضراب
المبحث الأول: البناء المفاهيمي للحق في الإضراب
لما أصبح الإهتمام قائما بالمقاولة، من حيث تنظيم مقاربات تشريعية، ترمي الحفـــــــــاظ علــــى النشاط الإقتصادي الذي تقوم به، حتى أضحت توجد في قلــــب اهتمامات التشريعــات الــقانونية، من خلال تدخل الــدولة عبر عدة أليات تـــــكفل هذه الإستمرارية، فإن ذلك الوضع الجديد لم ينل من قواعد الحماية التي انتجها قانون الشغل لفائدة الطبقة العاملة.
بل لعل قيام هذا الرهان ــ المثمتل في ضرورة المزاوجة بين مصلحة المقاولة من جهة ومصلحة الأجير من جهة ثانية ــ هـــو الذي أسهم في جعل الإضراب حقا معلقا الى حين صدور نص تنظيمي في التشريع المغربي ، هذا الأخير الذي يفترض في صدوره وجوب أخد بعين الإعتبار حرية الممارسة التي تتطلع اليها إرادة الطبقة العمالية، دون أن تلحق ضرر بالمقاولة.
ووفق هذا المنوال، يستغرق منا البناء المفاهيمي في هذا الإطار، موجب تحديد دلالات الحق في الإضراب(المطلب الأول)وصولا إلى تحديد عناصره(المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحديد مدلول الحق في الإضراب
مما لاشك في أن سبر اغوار أية مؤسسة قانونية، يبدأ من محاولة تقرير تعريف يحكم مختلف الجوانب المرتبطة بها، وبما أن المشرع المغربي لم يعمد الى الإهتمام بتحديد تعريف لمؤسسة الإضراب، وربما ذلك معلق الى حين صدور ذاك القانون التنظيمي الذي أحاله عليه دستور 2011 ، الفصل 29. فإن هذا سيؤدي بالضرورة الى تضارب قضائي، فما قد يعتبر إضرابا في نازلة قد لا يعتبر في نازلة أخرى مماثلة لها .
وفي كل الأحوال، إذا كان من المقبول أن تمتد سلطة القضاء الى حدود إعطاء تعريفات، متى أحجم المشرع عن ذلك، لاكن قد تحيط هذه المهمة، بعض الصعوبات خاصة عندما يرتبط الأمر بمجال موضوعه علاقة الشغل ذلك أن هاته العلاقة تخضع لمنطق قاعدة الأصلح للأجير، وعندما يتم دفع القضاء إلى خلق اجتهادات لسد فراغات تشريعية في هذا المجال، فإننا نخرج بقانون الشغل المستنبط من الإجتهاد القضائي عن ذاك التوافق النسبي الذي يفترض أن تنشأ في كنهه قواعده عادة .
وعموما بتتبع مختلف الإجتهادات القضائية في موضوع الإضراب، يتبين عدم عنايتها بتحديد تعريف له، هذا ما يستدعي طرح مواقف الفقه في هذا المقام.
وهكذا، دهبت بعض المواقف في تعريف الإضراب ” من الوسائل الأكثر عنفا وتطرفا لحل الخلافات الجماعية[6]، وفرض المطالب العمالية،ويتم اللجوء اليه عادة بعد استنفاذ الطرق والوسائل الودية “،لكن ما يلاحظ على هذا التعريف أنه لم يعمد الى تحديد الإضراب في ذاته، بل اكتفى بتحديد صفته المثمتلة في العنف والتطرف[7]” هذا وحاول اتجاه اخر تعريفه على اعتباره ” امتناع عن العمل، بصفة جماعية ومنظمة، بقصد حمل اصحاب الأعمال على تحقيق مطالبهم فيما يتعلق بشروط العمل[8]”
وفي نفس الإتجاه ذهب رأي أخر بتعريف الإضراب ” امتناع كل أو جزء من الأجراء عن العمل بنية الإضراب، ونتيجة خلاف جماعي، ويهدفون من وراءه بصفة مدبرة حمل مشغليهم عن تلبية مطالبهم موضوع النزاع”، ويلاحظ على هذه التعاريف الأخيرة قد استطاعت ان تركزعلى تحديد تعريف للإضراب بدقة، بحيث اعتبرته يأخد شكل امتناع جماعي مدبر عن العمل يهذف الى تحقيق مطالب مهنية، لاكن ما يؤخد عليها انها لم تحدد طبيعة هذا العمل بحيث أوردته بصفة مطلقة، مما قد يسمح معه بتكييف حتى الحالات التي لا يلزم فيها الأجير بقيام العمل، تكييف امتناعه على اساس إضراب.
هذا ما انتبه اليه الأستاد موسى عبود بتعريف الإضراب ” توقف عن العمل..[9].”، ذلك أن حالات التوقف قد عمد المشرع المغربي الى تحديدها في متن المادة 32 من مدونة الشغل[10]، وجعل من بين الحالات التي توقف سير عقد الشغل الإضراب،هكذا فالتوقف لا يثبت كحق للأجير الا في الحالات التي يكون فيها عقد الشغل ساريا، ومن تم جواز له التمتع بحق الإضراب. لاكن ما يلاحظ على االتعريف السابق عند إقراره بأن الإضراب هو توقف، فقد اخفق، عندما استطرد وقال “…… أجراء مؤسسة أو عدة مؤسسات من نفس النشاط عن الشغل للحصول على استجابة مطلب يصدم من طرف بالرفض من طرف المؤاجر، أو للحصول على إلغاء قرار صادر عنه” ،فهذا الإتجاه لم يتوفق على مستوى تحديد طبيعة هذه المطالب بحيث يجب أن تأخد طابعا مهنيا حتى يمكن أن يدرج الإضراب في إطار شرعي مقبول، وهذا ما تفادته التعارف السابقة عند تأكيدها، على اعتبار الإضراب يكون بمناسبة المطالبة بملفات مهنية.
وعموما يمكن تعريف الإضراب بأنه امتناع عن العمل الملزم بصفة جماعية يهذف الى تحقيق مطالب مهنية،[11] أو بالأحرى اعتباره حالة من حالات التوقف لعقد الشغل قصد الدود والدفاع عن المطالب المهنية بشكل جماعي من الاجراء.
ومن خلال ما سبق ايراده من تعاريف، يبدو أنه بدأت تتناهى لعلم الباحث مجموعة من العناصر التي لامناص لوجود الإضراب بدونها، وهذا ما سنتعرض إليه في الفقرة الموالية.
المطلب الثاني: عناصر الإضراب
يدخل في تعريف الإضراب ضرورة توافر مجموعة من العناصر، يعمل القضاء على وفقها من أجل تحديد معالم الإضراب المشروع الذي يسمح به القانون.
وما تجدر الإشارة اليه، أمام غياب نص يحتكم إليه الأطراف أمام القضاء، على أنه من هذه العناصر ماتم إضفاءه عليه من مرونة حسب حالات متعددة عرضت على القضاء وهذا ما سنتناوله في كل عنصر على حدى.
وعليه، سنعمل على تحديد مدلول عنصر التوقف عن العمل (الفقرة الأولى ) ثم نعرج على تحديد عنصر الطابع الجماعي لهذا التوقف (الفقرة الثانية) قبل أن نختم بعنصرالغرض المهني للتوقف (الفقرة الثالثة ).
الفقرة الأولى: التوقف عن العمل
تندرج حالة التوقف عن العمل بسبب الإضراب ضمن تلك الحالات التي أشار اليها المشرع في متن المادة 32 من مدونة الشغل[12] ، ويقصد بتوقف عقد الشغل، كما عرفه الأستاد محمد الشرقاني” تعليق سريان عقد الشغل بسبب طارئ ليعود بعد زوال هذا السبب الى ترتيب أثاره وذلك تفاديا لفسخه “[13]، وهــكذا فالإضراب يعتبر من أسباب توقيف عقد الشغل فقط، فمشروعية الإضراب كحق دستوري، لاينبغي أن تؤدي إلى إنهاء العقد من جانب المشغل أو الأجير تحت طائلة الدفع من هذا الجانب او ذاك بالتعويضات التي يلزم بها القانون[14]، فهو لا يعدو مجرد وسيلة اكراه يبيحها القانون للاجراء لحمل مشغليهم على تنفيذ مطالبهم المهنية[15].
كما لا يدخل في تحديد عنصر التوقف عن العمل بسبب الإضراب[16]، أن يكون هذا التوقف مؤقتا، او مستمرا، ذلك أن هذا استمرارية مدة الإضراب، رهينة فقط بتحقق المطالب المهنية التي كانت باعثا للإمتناع عن أداء العمل.
وتعتبرمرحلة توقف عقد الشغل مرحلة جس النبض للأجراء الذين يحرمون من أجورهم طيلة فترة هذا الإضراب، وللمشغلين كذلك الذين يتأثرون حتما بنتائجه على توقف نشاط المقاولة، بالتالي فعدم تحديده أمده صراحة، يضفي عليه نجاعة من حيث ثأتيره، على نشاط المقاولة مما يجعل هذا الأخير مدفوعا الى تقديم تنازلات الى الحركات الإضرابية بالمقاولة.
هذا ويقتضي من التوقف عن العمل أن يكون توقفا كاملا عن العمل الملزم، ذلك ان كل توقف جزئي عن العمل بحيث يعمد الاجراء الى المساس بإنتاج المقاولة، عن طريق التخفيض من نشاطهم المتفق عليه في
العقد، يعتبر اضرابا غير مشروعا[17].
الفقرة الثانية: الطابع الجماعي للتوقف:
يطرح هذا العنصر كمظهر مادي يبرز فيه حق الإضراب، ضرورة أن ياخد شكلا جماعيا حتى يمكن الإعتداد به[18]، لاكن يبقى الإشكال المطروح بمصير الإضراب الذي يقدم عليه اجيرا واحدا، أمام إطلاقية التي ورد بها النص الدستوري وكذا المواثيق الدولية في هذا الشأن.
ذهب الفقه والقضاء الى منع الإضراب الفردي، بل لابد من تأطيره من طرف نقابة عمالية، أو على الأقل ممارسة من طرف جماعة من الاجراء، حتى ولو كانت تشكل أقلية داخل المقاولة[19].
كذلك رغم توحد غالبية الأراء الفقهية حول اعتباره الإضراب حقا فرديا[20]، يأخد ممارسة جماعية،[21] فقد تطرح وضعيات مختلفة في هذا الشأن مما تلتبس معه ما مدى تأثير تلك الممارسة التي قد يقدم عليها أجيرا ما كمشاركته في إضراب عام؛ يذهب الأستاد الخالفي الى إجازة هذا النوع من الإضراب على اعتبار ان ممارسته تكفل توفر عنصر الجماعية على مستوى الممارسة[22]، لاكن في كل الأحوال يجب أن لايخرج عن دافع الأسباب المهنية.
فما المقصود بالأسباب المهنية؟
الفقرة الثالثة: الأسباب المهنية
يقصد بالأسباب المهنية انصراف الإضراب الى تحقيق مطالب ترتبط بمقتضيات مشروعة يكفل احترامها قانون الشغل، من تم وجب استبعاد من دائرة الإضراب المشروع كل تلك التوقفات التي تستهذف تحقيق مطالب تتعارض مع نصوص قانون الشغل، كالدفاع عن اجير ارتكب خطأ جسيما ثابتا في حقه، أو تلك التوقفات التي تهدف الى عقد اجتماعات عمالية تستهدف خوض نقاش بعض النقاط المرتطة بهم[23]، أو من أجل مشاهدة مبارة هامة، او التوقف بسبب قوة قاهرة[24]، وفي كل هذه الحالات لا يمثل التوقف إضرابا.
لاكن رغم هذا الوضوح الذي يتبدى لنا أعلاه، قد تطرح بعض الفرضيات التي يلتبس فيها، ما مدى تحق الاسباب المهنية في ممارسة حق الإضراب، كحالة مجموعة من الاجراء تضرب عن العمل تضامنا مع وجود إضرابات ترتبط بنفس القطاع الذي يعملون فيه، [25]أو بالنسبة لفرضية أخرى، الذي يختلط فيها إضراب وطني يشمل جميع القطاعات يمتد الى أجراء المقاولة، فهل يحق للمشغل انهاء عقود الشغل بدعوى ان ذاك الإضراب لم يكن بسبب العلاقة التي تربطه بأجراءه؟
هذه الفرضيات ترتبط بالإضراب التضامني، هذا الشكل من الإضراب الذي عرف تباينا حول مدى شرعيته، فقها وقضاءا[26]، بين اتجاهات تبيح ممارسته واتجاهات أخرى ترفضه.
بعد استجماع للإضراب لمختلف عناصره، بات يتعين التساءل عن المكانة التشريعية للإضراب ؟
المبحث الثاني: مدى فعالية المجال التنظيمي للحق في الإضراب
يشكل الإضراب أهم الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الفرد، فالأفراد قد تجد نفسها امام وضعيات حقوقية جامدة من حيث المزايا التي تستفيد منها، بالنظر للدينامية التي تطبع الوعاء الإقتصادي الذي تسري فيه.
لذلك فهو وسيلة هجومية تستهدف بالدرجة الأولى قطع السير العادي لقطاع الإنتاج، هذا الأخير الذي يعتبر مناط ابرام مجموعة من العلاقات سواء بين المنتجين أو المستهلكين او الموزعين، وكل فئة من هذه الفئات تدخل في علاقات أخرى تضمن استمراريتها في نسق إنتاج متكامل الحلقات.
ذلك أن أي توقف عن العمل بسبب الإضراب، من شأنه أن يهدد استقرار المعاملات، على مستوى طول هذا النسق .
لعل هذه الإعتبارات الكفيلة بفهم ذاك الإحتشام على مستوى تنظيم هذا الحق،وبناءا على ذلك ، سنحدد في ( المطلب الأول) بعض معالم القصور على مستوى تنظيم الحق في الإضراب، والتي تفتح مجالا للتضيق على دستورية هذا الحق، بل للإنتهاكه لصالحه ضمان مصالح أخرى ارتأت إرادة المشرع، إضفاء عليها حماية تتجاوز ماهو منصوص عليه في أسمى وثيقة. وهو اعتبار حق الاضراب مكفول الممارسة.
هذا الذي سيدفعنا الى تحديد نطاق ممارسة الحق في الإضراب (المطلب الثاني )
المطلب الأول : الموقف التشريعي المحتشم في تنظيم للحق في الإضراب
من خلال تتبع طبيعة التنظيم ــ كما سنبين ذلك ــ الذي حضي به الإضراب، في الشرع الدولية والإتفاقيات التي تمخضت عنها عمل المنظمات العمل الدولية (الفقرة الأولــــى)، وكذ التشريع المغربي الداخلي (الفقرة الثانيــــــــــــــــة)، يتضح بجلاء، أن هناك غياب تنظيم واضح لهذا الحق، بل هذا ماسمح في مناسبات متعددة بإنتهاكه من قبل العمل القضائي استجابة لمطالب المشغلين، بل وتكريسا لقاعدة قانون القوة، وذلك بموجب نصوص أخرى.
الفقرة الأولى : ملامح[27] تنظيم الإضراب داخل القانون الدولي للشغل
يقصد بالقانون الدولي للشغل الإتفاقيات والتوصيات والإعلانات الصادرةعن منظمة العمل الدولية في مجال الشغل[28]. فتتبع هذه المصادر[29]تتضح عذة نصوص تعنى بالتنصيص على الحق في الإضراب، لاكن لم يحضى بنفس الأهمية التي حضيت بها باقي الحقوق الأخرى[30]، وهومايتبدى من خلال، ذلك التحفظ والاحتياط الأولي الذي ارتبط بحق الإضراب، بحيث لم تكن هناك ارادة موحدة تعمل على تحديد معالم ممارسة هذا الحق.
ومن بين المواثيق والتوصيات التي همت بتنظيم الحق في الإضراب، تلك التي صدرت على المستوى الدولي والأروبي؛ إذ بمراجعة التوصية رقم 92 الصادرة عن منظمة العمل الدولية، يلاحظ على أنها تنص على حق طرفي النزاع اللجوء الى تجارب القوة، أثناء نظر النزاع من الجهة المختصة، وتعزز هذا الإتجاه بصدور إتفاقية 105 سنة 1957، التي منعت توقيع عقوبة السخرة عن كل ممارسة كان موضوعها الحق في الإضراب، كذلك تم تدعيم تلك المقتضيات بتضمين الحق في الإضراب كأهم الموضوعات التي تم إقرارها داخل نصوص الميثاق الإجتماعي الأروبي 18 أكتوبر 1961. كذلك حضي الحق في الإضراب باهتمام بالغ ضمن مقتضيات العهدين الدولين للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الإقتصادية والإجتماعية، بحيث عنت نصوصهما بتنظيم هذا الحق[31].
كذلك حضي الحق في الإضراب باهتمام بالغ، وذلك على المستوى العربي، اذ من بين أهم الإتفاقيات التي تناولت الموضوع على هذا المستوى إتفاقية رقم 1 لسنة 1966، التي نصت مادتها 93 “ينظم القانون حق الإضراب….. في الحالات المترتبة على منازعات العمل بما يكفل حفظ النظام العام…”
وعلى أية حال، يمكن القطع أن طبيعة هذا التنظيم الذي حضي به حق الإضراب على المستوى الدولي لا يوازي أهميته، بالنظر لدور الذي يقوم به في إطار علاقات الإنتاج عامة، خاصة إذا علمنا أن بعض الحقوق او الوضعيات الأخرى ــ لا يقل عنها الإضراب أهمية ــ كانت موضوع تنظيم محكم من قبل التشريعات الدولية. نذكر مثلا تلك المواقف المشرقة التي أبانت عنها الإتفاقيات الدولية في مجال تشغيل الأطفال والنساء والمعاقين.
هذا في ما يرتبط بمكانة الإضراب داخل المنظومة التشريعية الدولية.
فماذا عن مكانته داخل المنظومة التشريعية المغربية؟
الفقرة الثانية: النصوص القانونية الداخلية: روح التشردم والتعارض.
عرف الإضراب التنظيم القانوني في التشريع المغربي منذ ظهير 19 يناير 1946 الذي سمح باللجوء الى الإضراب بعد اللجوء إلى مسطرة المصالحة والتحكيم[32]، كذلك تم تعزيز هذه الضمانة بمناسبة صدور دستور 1962 في الفصل 14. وهو ما تم تكريسه في باق الدساتير الى حدود دستور 2011 [33]، في المادة 29[34] ، بحيث احتفظ بنفس الصياغة التي كانت مقررة في الدساتير السابقة،[35]، عنذ تنصيصه على حق الإضراب مضمون.
لاكن ما يستغربه الباحث، هو تأخر صدور هذا القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب على خلاف القوانين التنظيمية المتعلقة بمجالات الاخرى التي صدرت الى الوجود[36].
هذا ولم يغب على واضعي مدونة الشغل التنصيص على الحق في الإضراب في مواضع مختلفة، فبدءا بالمادة 32، التي اعتبرته من حالة التوقف في عقد الشغل، عمل المشرع على تاكيد ذلك من خلال تنظيمه لحالات التي يمنع فيها اللجوء إلى عقد الشغل المحدد المدة، وكذلك عند تقريره للحالات التي يمنع فيها اللجوء الى عقد شغل المؤقت، في الماد 497 من م ش، هاته المواد التي عرفت تعليقا من قبل بعض الفقه بتعديها على اختصاص البرلمان بتنظيم حق الإضراب في قانون تنظيمي[37].
بعد بسط مختلف النصوص المكونة لقانون الشغل، سواء منها الداخلية أو الخارجية التي تشكل أساسا، يمكن الإحتجاج به أثناء ممارسة الإضراب، يقتضينا ذلك طرح بخصوصها الملاحظات التالية:
ــ أنها أوردت الأعتراف بالإضراب بشكل مطلق، لم تأخد تلك النصوص غمار تنظيمها.
ــ أن المواثيق الدولية احتفظت بحق التنظيم الإضراب وفق خصوصيات التي تفرزها كل بلد، خاصة على مستوى نصوص العهدين الدوليين.[38]
ـــ هذا الذي يضفي الى الدفع بالقصورالتشريعي سواء الوطني أو الدولي على مستوى تنظيم الحق في الإضراب .
من خلال ما سبق عرضه، بخصوص الاساس القانوني للحق في الإضراب، يطرح هذا الموضوع بموازاة مع مجموعة من النصوص الأخرى، مدى شرعية ممارسته، هذا ما سنعرض إليه في أفق بسط مجموعة من النصوص الذي تشوش على ممارسته.
المطلب الثاني: نطاق ممارسة الحق في الإضراب
يطرح بحث نطاق ممارسة الحق في الإضراب ضرورة الوقف على أنواع الإضراب ومدى مشروعيتها (الفقرة الأولى)، ثم انتقال الى إستعراض الأثار التي تترتب على هذه الممارسة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أنواع الإضراب
لئن كانت طريقة ممارسة الإضراب، لم تحدد بعد بسبب عدم صدور قانون تنظيمي، يحدد الطرق والصيغ التي يجب أن يأخدها ذاك الحق.
فقد تراءت في الساحة القضائية ــ خاصة العمل القضائي الفرنسي ــ مجموعة من الإجتهادات التي تعنى بتحديد الحدود الفاصلة بين الإضراب المشروع والإضراب الغير المشروع، وذلك بمناسبة عرض عليه مجموعة من الأشكال المختلفة لممارسة الحق في الإضراب.
وعليه سنعمد إلى التمييز بين أنواع الإضراب من حيث طبيعتها (أولا) ثم من حيث شكلها( ثانيا).
اولا: من حيث الطبيعة
يندرج في هذا الإطار الإضراب التقليدي (أ)، والإضراب السياسي (ب)، والإضراب العام (ج).
أ: الإضراب التقليدي
هذا النوع من الإضرابات هو الأكثر انتشارا، يستلزم فقط استجماع العناصر العامة للإضراب؛ أي أن يكوت توقفا عن العمل، ويأخد شكلا جماعيا، ثم يهدف لتحقيق مطالب مهنية.
ومن الناحية العملية، إن نجاح هذا الإضراب رهين بمدى قدرة أطراف علاقة الشغل على تحمل نتائجه التي تلقي بعبئها سواء على أجور الأجراء أو على مردودية المقاولة.
ب: الإضراب السياسي
يقصد بالإضراب السياسي ذلك الإضراب الذي يكون الهدف منه تحقيق مطالب سياسية، كالمطالبة بتعديل الدستورأو بعض قواعده، أو المطالبة بتغير الحكومة.
هذا النوع من الإضرابات ، ثارت حول مدى شرعيته خلافات عديدة، وذلك على مستوى القضاء الفرنسي ــ على اعتبار اننا لم نصادف مواقف للقضاء المغربي ــ بين منعه واتجاهات أخرى تقضي باباحته في حدود معينة[39].
لكن عموما إذا تم مشاركة الأجراء في هذا النوع من الإضرابات وكانت لهذه المطالب السياسية انعكاسا واضحا على وضعيتهم الإقتصادية فقد ذهبت بعض المواقف القضائية إلى إباحته، أما إذا لم تكن لهذه المطالب السياسية إي انعاكس على وضعيتهم، فالقضاء يتجه الى عدم شرعيته[40].
ج: الإضراب العام
إذا كان القضاء المغربي كذلك لم يفصح على موقفه بخصوص هذا الإضراب، فإن نفس الخلاف قام على مستوى القضاء الفرنسي، بخصوص الإضراب السياسي، فقد قام كذلك بالنسبة لهذا النوع من الإضرابات .
لكن يبدو أن نفس التصورـ والذي نسانده ـ حافظت عليه بعض مواقف القضاء الفرنسي بخصوص مدى مشروعية هذا الحق، ذلك أنه كلما تم ممارسته في سياق تحسين ظروف الشغل كان إضرابا مقبولا، لكن إذا تم الخروج على هذه الأهذاف، كان بالتبعية إضرابا غير مشروع.
ثانيا: من حيث شكل الإضراب
قد يتخد الإضراب عذة أشكال مختلفة لايمكن أن تقع تحت حصر، لكن يبقى أهمها؛ إضراب الإنتاج (أ) و إضراب الدائر (ب) ثم إضراب القصير المدة مع إحتلال أماكن العامة (ج).
أ: اضراب الإنتاج
يقصد به ذلك التخفيظ من الجهد البدني الملزم به الأجير أتناء تنفيد عقد الشغل، وقد استقر غالب الفقه حول عدم شرعية هذا النوع من الإضرابات وذلك لإعتبارين:
ــ لان في ممارسة هذ النوع من الإضراب، ثأتيرا على أهم عنصر مكون له، وهو التوقف الكامل عن أداء العمل.
ــ في التخفيض من الإنتاج مساس بمبدأ حسن نية عند تنفيد عقد الشغل.
ب: اضراب الدائر
يقصد به ذلك الإضراب الذي يأخد شكل تناوب بين الأجراء، من حيث تنفيده، إذ لما تنتهي الطائفة الأولى المضربة تحل محلها طائفة أخرى، وتتجلى خطورة هذا الإضراب لما يكن أداء العمل في المقاولة يؤدى بشكل مترابط، بحيث ليمكن لمجموعة من الأجراء أداء عملهم إلا بعد قيام مجموعة أخرى بعملها.
تصدى القضاء الفرنسي لهذا النوع من الإضرابات مميزا بين ذلك الإضراب الذي يسبقه إعلاما حيث قضى بشرعيته، في حين أن الإضراب الذي لم يسبقه أي اعلام يعتبر في نظره غير مشروع[41].
ج: الإضراب القصير المدة والمتكرر
لتخفيف من أثار السلبية للإضراب على الأجراء، تم ابتكار من قبلهم أسلوبا جديدا يثمثل في القيام بإضرابات قصيرة المدة لكن تاخد طابع التكرار.
هذا النوع من الإضرابات لقي قبولا من محكمة النقض الفرنسية متى توافرت العناصرالذي يجب أن تتوفر فيه، على اعتبار أنه لايوجد نص تنظيمي يمنع من ممارسة هذا النوع من الإضراب، وبالتالي فالقاعذة تقضي الأصل في الأشياء هو الإباحة[42].
هذا في ما يخص أنواع الإضراب وموقف القضاء منها، فماذا عن أثار الإضراب؟
الفقرة الثانية: أثار الإضراب
نميز في هذا الإطار بين تلك الإضرابات التي تمس الأجراء المضربين(أولا)، وبين تلك الإضرابات التي تمس الاجراء الغير المضربين (ثانيا).
أولا: أثار الإضراب على الأجراء المضربين
من خلال المادة 32 من مدونة الشغل يلاحظ أن الإضراب يؤدي الى توقف سريان أثار عقد الشغل، إلى حين زوال هذا الإضراب، وعليه يمنع فصل المشغل للاجير نتيجة ممارسته لهذا الحق، اللهم إذا ارتكب في هذه الأحوال خطأ جسيما يستوجب فصله، على اعتبار أن الإضراب يوقف التزام الأجير بقيام بالعمل المقرر عليه بموجب عقد شغل فقط دون أن يمس التزاماته الأخرى التي يفرضها عليه العقد أو تلك التي جاءت محددة في مدونة الشغل، كالتزامه بالحفاظ على السر المهني والتزامه باحترام الاخلاق والأداب العامة[43]… .
كذلك تترتب على ممارسة الحق في الإضراب منع المشغل من إحلال أجير محل الأجير المضرب وذلك تفاديا للثأتير على ممارسة هذا الحق، كما هو مقرر في المادة 16 و م 504 من مدونة الشغل.
هذا ونشير إلى أن توقف عقد الشغل، لايؤثر في رأي جانب من الفقه على التزامات المشغل، خاصة منها لواجبه في تحمله للمخاطر المهنية التي يمكن أن تنتج عن الحوادت بمناسبة ممارسة الشغل أو بسببه[44].
ثانيا: أثار الإضراب على الأجراء غير المضربين
من بين ما يمكن أن تترتب عليه ممارسة الحق في الإضراب، وجود طائفة من الاجراء تطالب المشغلين بحقوقهم، نتيجة عدم مشاركتهم في عملية الإضراب، نظرا لرغبتهم في العمل الذي لم يستطع مشغليهم توفيره لهم، نتيجة ارتباط نشاطهم بنشاط الأجراء المضربين.
وهكذا فهذه الفرضية تطرح اشكالية مدى ثأتير توقف عقد الشغل ونتائجه على الأجراء الغير المضربين.
تجيب المادة 347 من مدونة الشغل ” يؤدي للأجير عن المدة التي يقضيها في مكان الشغل، في حالة ضياع الوقت لسبب خارج عن إرادته، اجرا يحتسب بناء على نفس الأسس التي يحتسب عليها الأجر العادي… ”
وعليه، يمكن القول أن المادة أعلاه تلزم المشغلين بأداء أجور الأجراء الغير المضربين، كلما كان توقف عقد الشغل لسبب خارج عن إرادتهم ، شريطة فقط، أن يضعو أنفسهم رهن إشارته طيلة مدة تنفيد الشغل.
لكن ما يؤخد على هذه المادة ، انها تعنى فقط بالأجراء القطاعات الغير الفلاحية دون القطاع الفلاحي، وهو مايمس بحقوق هؤلاء
خاتمة :
مجمل مايمكن القول من خلال ماسبق التعرض إليه، أن موضوع الإضراب في التشريع المغربي، يثأتر بالوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي تسري فيه علاقات الشغل، بمعنى انه في غياب نص تنظيمي، جامع ومانع لمختلف الإشكالات المرتبطة به، سيجعل ذلك من أحكام هذا الموضوع، تطبعها مقومات اللاثبات، بحيث:
ـ ما يعتبر إضرابا مشروعا من جانب جهة قضائية ما، فقد يعتبر من لدن جهة قضائية أخرى غير مشروع.
ـ بل إن القضاء سيجد نفسه يقوم بالإجتهاد في علاقة تطبعها مقومات اللاتوازن، معتمدا في ذلك على أسس من القانون المدني.
ـ هذا سيؤدي بالتبعية إلى التضييق من ممارسة هذا الحق.
ومن وجهة نظرنا، أنه لاسبيل لدرك إصلاح نظام الإضراب، إلا بإعادة النظر في المنظومة التشريعية الإجتماعية جمعاء، فصدور قانون تنظيمي لن يحل الإشكالات التي تطرحها هذه الممارسة.
من تم وجب توضيح اختيارات المشرع في مايخص مسطرة تسوية نزاعات الشغل الجماعية بدل ذلك الإرتباك الذي حصل على مستوى النصوص.
يجب تخليق قانون الشغل المغربي، وذلك في محاولة تكريس قواعد تؤثت لمقاولة مواطنة، بحيث تسود مبادئ الالتزام وتحمل المسؤولية من كلا أطراف الإنتاج في أفق تحقيق سلم اجتماعي، وذلك في نظرنا لن يتأتى إلا من خلال إشراك فئات الأجراء على مستوى إتخاد القرارت المرتبطة بقواعد مسلسل الإنتاج، ناهيك عن تمكين فئات المشغلين من قواعد المرونة في أفق مقاومة مختلف التحديات التي قد يطرحها السوق.
وهكذا إذا تم تكوين منظومة قانونية، تستجيب في نصوصها لقاعدة التوازن المطلوب بين أطراف علاقة الانتاج ــ الأجراء والمشغلين ــ يمكن أنذاك ــ وفقط ــ الحد من خطر الإضراب، ولن تكون الحاجة الى اصدار قانون تنظيمي إلا مسألة تنظيمية لممارسات قد تندر