دراسة مقارنة في التنظيم القانوني للصكوك التمويلية

دراسة مقارنة في التنظيم القانوني للصكوك التمويلية

دراسة في القانون الكويتي والقانون المقارن

تعد‭ ‬الصكوك‭ ‬التمويلية‭ ‬أداة‭ ‬حديثة‭ ‬للتمويل،‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتجددة،‭ ‬وتعرف‭ ‬بأنها‭: ‬أوراق‭ ‬مالية‭ ‬متساوية‭ ‬القيمة‭ ‬يمكن‭ ‬تداولها،‭ ‬وتمثل‭ ‬ملكية‭ ‬في‭ ‬محل‭ ‬إصدارها‭ ‬وتتخذ‭ ‬من‭ ‬أحكام‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي‭ ‬مرجعاً‭ ‬رئيساً‭ ‬لها،‭ ‬وهي‭ ‬بذلك‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬عدة‭ ‬أركان‭ ‬أساسها‭ ‬فكرة‭ ‬التصكيك‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬وضع‭ ‬موجودات‭ ‬أساساً‭ ‬لإصدار‭ ‬صكوك‭ ‬تعتبر‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬أصولاً‭ ‬مالياً‭. ‬

ويعبر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الصكوك‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬بـ‭(‬الصكوك‭ ‬الإسلامية‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬برزت‭ ‬باعتبارها‭ ‬أحد‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسة‭ ‬للنظام‭ ‬المالي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وقد‭ ‬شهد‭ ‬سوق‭ ‬الصكوك‭ ‬التمويلية‭ ‬ازدهاراً‭ ‬مشهوداً‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القريبة،‭ ‬وهي‭ ‬تعد‭ ‬من‭ ‬الموضوعات‭ ‬الحديثة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدراسات‭ ‬القانونية،‭ ‬لذلك‭ ‬واجهت‭ ‬الدراسة‭ ‬صعوبات‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬ندرة‭ ‬المراجع‭ ‬القانونية‭ ‬المتخصصة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ارتباط‭ ‬الموضوع‭ ‬بالحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬تتصف‭ ‬بالتطور‭ ‬والتجدد‭ ‬المستمرين،‭ ‬ويندرج‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬تحت‭ ‬مظلة‭ ‬نظام‭ ‬قانوني‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬مستمد‭ ‬أساساً‭ ‬من‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬مما‭ ‬يضفي‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬على‭ ‬الدراسة‭ ‬القانونية‭ ‬لها‭.‬

إعداد‭ ‬وتقديم‭: ‬د‭. ‬كوثر‭ ‬الأبجي

الطالب‭ :‬‭ ‬محمد‭ ‬مبارك‭ ‬فضيل‭ ‬الرشيدي‭ ‬

مصدر‭ ‬جديد

وتظهر أهمية موضوع البحث في بعض جوانبه في استحواذ المصارف والشركات الاستثمارية الإسلامية على نصيب كبير من العمل التجاري في دولة الكويت، وقد سبق أن أعطت المادة (87) من القانون رقم 32 لسنة 1968 والمضافة إليه بالقانون رقم 30 لسنة 2003؛ البنوك التقليدية إمكانية تأسيس شركة ذات مقر واحد تعمل وفق الشريعة الإسلامية، وبذلك فتحت باباً واسعاً لدخول شركات ومؤسسات إسلامية أخرى، كما أن قانون التجارة والقانون المدني باعتباره الشريعة العامة للمعاملات التجارية والمدنية مصدرين من مصادر العمليات المصرفية.

وتفتح الصكوك التمويلية أمام مُصدرها باباً جديداً من أبواب التمويل المتاحة، وهي تتمتع بمميزات لا تتوفر في غيرها من الأوراق المالية الأخرى، لذلك يتناولها هذا البحث لتميزها عن السندات التقليدية التي تختلط في أذهان البعض مع الصكوك التمويلية.

وتمثل الصكوك التمويلية الحكومية الجزء الأكبر من إصدارات الصكوك على مستوى العالم بهدف توفير أداة مالية لدى البنك المركزي لتمكنه من ممارسة دوره الرقابي والتنظيمي للقطاع المصرفي خاصة في علاقته بالبنوك والمصارف الإسلامية، ويمكن لتلك الصكوك أن تقوم بالدور الذي كانت تقوم به سندات الدين العام ذات الفائدة الثابتة التي لا تتعامل بها البنوك الإسلامية.

تنظيم‭ ‬قانوني

تهدف هذه الدراسة إلى تقديم تنظيم قانوني يناسب الصكوك التمويلية بدراسة قانونية يتم فيها تناول التنظيم القانوني للصكوك التمويلية في دولة الكويت المنظم بمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 2012 بإصدار قانون الشركات الكويتي بعض أحكام تلك الصكوك، إلى جانب وجود تشريعات عربية أخرى مثل قانون الصكوك المصري ومن قبله قانون الصكوك الأردني، مع الإشارة إلى تجربة القانون الفرنسي لتنظيم الصكوك ومشروع قانون مقترح لدولة الكويت، ولجميعها هدف واحد هو وضع تنظيم قانوني متكامل للصكوك التمويلية.

ويعتمد نجاح نظام الصكوك التمويلية على وجود مناخ اقتصادي مناسب في ظل وضوح تشريعي كامل يتم من خلاله تنظيم الجوانب القانونية المختلفة ذات الصلة بعمليات إصدار الصكوك.

ويتكون البحث من ثلاثة أبواب كما يلي:

الباب الأول: التعريف بالصكوك التمويلية ومبررات تنظيمها في دولة الكويت.

الباب الثاني: آلية إصدار الصكوك التمويلية لبيان مراحل إصدارها.

الباب الثالث: الأساس القانوني لإصدار الصكوك التمويلية ومصادرها القانونية.

نتائج‭ ‬الدراسة

توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:

أولاً: تكتسب فكرة الصكوك أهمية كبرى ومرونة واسعة، حيث تستقطب الكثير من رؤوس الأموال من خلال مشاركة المئات بل الألوف في ذات العملية.

ثانياً: مصطلح الصكوك التمويلية مصطلح مركب وحديث سواء في رحاب الحياة الاقتصادية أو في الحياة القانونية.

ثالثاً: الصكوك التمويلية هي عبارة عن أوراق مالية متساوية القيمة وقابلة للتداول تخضع لصيغ التمويل الإسلامية وتتخذ من أحكام الفقه الإسلامي مرجعاً رئيساً لها.

رابعاً: تشترك الصكوك التمويلية مع السندات في أنها أدوات تمويلية وأوراق مالية، وتختلفان في طبيعة كل منها: فالصكوك تمثل ملكية في أصول محددة في حين تمثل السندات ديناً على مصدرها.

خامساً: محل إصدار الصكوك التمويلية أوسع وأشمل من سندات التوريق المعروفة في القانون المصري.

سادساً: تتميز الصكوك التمويلية عن صكوك الاستثمار ووثائق الاستثمار في القانون المصري، وهي التي تصدرها صناديق البنوك وشركات التأمين، حيث إنها غير قابلة للتداول، في حين تتميز الصكوك التمويلية بإمكانية تداولها.

سابعاً: تقوم الصكوك التمويلية على فكرة التصكيك، وقد استخدم هذا المصطلح بديلاً عن التوريق للاختلاف الجوهري بينهما، وإن اتفقا في بعض الأحكام، ومكمن هذا الاختلاف هو في محل الإصدار.

ثامناً : يختلف التصكيك عن التوريق من حيث نوعية الأصول والعائد ووجود هيئة رقابة شرعية، ومن حيث عجز السيولة المؤقت، ومن حيث رد المبالغ المستثمرة في نهاية العقد.

تاسعاً: من شأن إيجاد سوق ثانوية لتداول الصكوك التمويلية زيادة الإقبال عليها ومنحها المرونة المطلوبة.

عاشراً: تساعد الصكوك التمويلية على تنمية سوق المال وفتح قنوات وأوعية شرعية جديدة للاستثمار.

أحد عشر: تتنوع الصكوك التمويلية وتختلف صورها باختلاف الأساس الذي تقوم عليه وأكثرها انتشاراً هي صكوك الإجارة التمويلية.

ثاني عشر: يحتاج نظام الصكوك التمويلية إلى إنشاء شركة ذات غرض خاص تنقل إليها الأصول محل الإصدار، وتتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الشركة المنشئة لها.

ثالث عشر: يساعد وجود قانون متطور للإفلاس مع تبسيط إجراءات نقل ملكية العقارات وقيد الرهون عليها، وهو شرط لإنجاح عملية اصدار الصكوك التمويلية.

رابع عشر: يستخدم مؤشر «ليبور» في عمليات إصدار الصكوك التمويلية لتحديد العائد، حيث لا تستخدم الفائدة.

خامس عشر: يعد النظام القانوني القائم على فكرة الـ»ترست» أفضل النظم القانونية التي تناسب نظام الصكوك التمويلية وما تمثله من ملكية شائعة في الأصول محل الإصدار، وهو ما أخذت به مملكة البحرين، وكذلك القانون الفرنسي عندما أدخل تعديلاً على القانون المدني الفرنسي بإضافة نظام العقود القائمة على الثقة، مما يستوجب معه ضرورة تعديل وتطوير مفهوم حق الملكية في القانون المدني الكويتي.

سادس عشر: كانت الصكوك التمويلية في دولة الكويت – قبل المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 2012 بإصدار قانون الشركات الكويتي الجديد – تعيش بين فراغ تشريعي سابق ومعالجة حالية ناقصة تمثلت في القرار الوزاري رقم 388 لسنة 2007 وقانون الاستقرار المالي.

سابع عشر: صدر المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 2012 بإصدار قانون الشركات الكويتي الجديد وهو من شأنه تأسيس مرحلة جديدة للصكوك التمويلية في دولة الكويت، ولا يقتصر نجاح عمليات إصدار الصكوك على ما جاء بالقانون من أحكام بل لابد من استصدار قوانين أخرى مكملة مثل قانون التصكيك أو التوريق.

توصيات

من خلال الدراسة توصل الباحث للتوصيات التالية:

أولاً: وقف الباحث من خلال الدراسة على أوجه قصور واضحة في الأدوات الرقابية التي يمتلكها البنك المركزي خاصة فيما يتعلق بعلاقته مع البنوك الإسلامية، الأمر الذي يقتضي البحث عن مزيد من الأدوات التي تمكن البنك المركزي من ممارسة دوره المطلوب.

ثانياً: توجد حاجة شديدة إلى استخدام الصكوك التمويلية كأداة بديلة لسندات الدين العام.

ثالثاً: يوصي الباحث بدراسة فكرة استصدار صكوك قصيرة الأجل تحل بديلاً عن أذون الخزانة لتقوم بتقديم التمويل قصير الأجل للخزانة العامة.

رابعاً: يجب تهيئة المناخ الاقتصادي والاستثماري المناسب لاستصدار الصكوك التمويلية؛ حيث يعتمد نجاحها على ذلك في إطار نظام تشريعي متكامل ينظم الجوانب المختلفة لها.

خامساً: يشهد العمل المصرفي الإسلامي توسعاً ينبغي أن يوازيه دراسات قانونية متخصصة تؤصل تلك العمليات تأصيلاً قانونياً محلياً من ناحية، وحتى تعود الفائدة على النظم القانونية الدولية من ناحية أخرى، حيث لوحظ غياب الإطار التشريعي لتلك الأداة في كثير من البلدان العربية الشقيقة مما أدى إلى لجوء البعض إلى قوانين الدول الغربية للاستفادة من مرونتها.

سادساً: يؤدي الاهتمام بالدراسات المتخصصة بالشأن القانوني إلى انتعاش سوق الصكوك التمويلية والإقبال عليها من كل من المصدرين والمكتتبين فيها.

سابعاً: ضرورة وضع ضوابط فنية دقيقة لعملية إصدار وتداول الصكوك التمويلية بجانب استكمال الإطار التشريعي لها.

ثامناً: ضرورة إنشاء المؤسسات المكملة لسوق الإصدار والتداول، وذلك في إطار الاتساق مع أحكام الشريعة الإسلامية.