اجتهادات القضاء المصري حول براءة الاختراعات التي تمس بالأمن القومي
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة .
الحكم الصادر فى الدعوى
رقم 50387 لسنة 66 ق – بجلسة 23/5/2015
المقامة من /
” أحمد محمد على مسعود ” .
ضــد /
1- وزير الصحة ………………………… – بصفته –
رئيس الإدارة المركزية للشئون الصيدلية – بصفته –
الوقـائع
أقام المدعى دعواه الماثلة بإيداع صحيفتها قلم المحكمة بتاريخ10/7/2012 ، وطلب فى ختامها الحكم ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع : أ- بإلغاء القرار الصادر بإعتراض وزارة الصحة متمثله فى الإدارة المركزية بشأن طلب براءة الإختراع رقم 609 لسنة 2006 والمقدم بتاريخ 26/11/2006 مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها السير فى إجراءات منح المدعى براءة الإختراع تحت مسمى(مستحضر دوائى من العرقسوس المخمر منزوع الجلسريزين لعلاج مضاعفات مرض السكر ) ب – مع إلزام المدعى عليهما بصفتيهما بمبلغ مائة ألف جنيه مصرى تعويضاً عما أصابه من أضرار مادية وأدبية ، وبالمصروفات ” .
وذكر شرحاً لدعواه ، أنه تقدم بطلب للحصول على برءة إختراع برقم 609 لسنة 2006 بتاريخ 26/11/2006 لمكتب براءات الإختراع المصرى تحت مسمى ( مستحضر دوائى من العرقسوس المخمر منزوع الجلسريزين لعلاج مضاعفات مرض السكر ) وقد تمت الموفقة المبدئية على قبول براءة الإختراع ، ثم فوجىْ بإعتراض وزارة الصحة بتاريخ 7/2/2012 على السير فى الإجراءات ، لذا تقدم بتظلم للإدارة المركزية للشئون الصيدلية بتاريخ 12/3/2012، ولم يتلق رداً على تظلمه ، ثم لجأ إلى لجنة التوفيق بوزارة الصحة برقم 685 لسنة 21/5/2012 ، ثم أقام دعواه الماثلة بالطلبات سالفة البيان .
وقد أحيلت الدعوى الماثلة لهيئة مفوضى الدولة ، حيث جرى نظر الدعوى على النحو الموضح بمحاضر الجلسات ، ثم أعدت الهيئة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ، خلصت فيه لطلب الحكم ” بقبول الدعوى شكلاً ، ووفى الموضوع : أولاً : بإلغاء القرار المطعون فيه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار . ثانياً : بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للمدعى التعويض المناسب الذى تقدره المحكمة عن كافة ما أصابه من أضرار مادية ومعنوية من جراء القرار المطعون فيه ، وبإلزامها مصروفات الدعوى ” .
وقد جرى نظر الدعوى بجلسات المرافعة على النحو الموضح بمحاضرها ، وبجلسة 14/3/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتمله على أسبابه ومنطوقه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
وحيث أن المدعي يهدف من دعواه لطلب الحكم ” بقبول الدعوى شكلاً ، و فى الموضوع أولاً : بإلغاء قرار جهة الإدارة بإيقاف السير فى إجراءات تسجيل براءة الإختراع رقم 609 لسنة 2006 ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، ثانياً : بإلزام جهة الإدارة بتعويضه بالتعويض المناسب عما أصابه من أضرار ، وبإلزام جهة الإدارة المصروفات ” .
وحيث أنه عن شكل الدعوى ، فإن الثابت بالأوراق ، أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 7/2/2012 ، وذكر المدعى أنه أخطر بالقرار بموجب الخطاب رقم 135 المؤرخ 14/2/2012 – وهو ما لم تجحده جهة الإدارة أو تثبت خلافه – ، وقد تظلم منه المدعي بتاريخ 13/3/2012، دون رد من جانب جهة الإدارة ، ثم أقيمت الدعوى الماثلة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 10/7/2012، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت خلال المواعيد المقررة قانوناً ، وإذ إستوفت الدعوي سائر أوضاعها الشكلية والإجرائية ، فإنها تغدو مقبوله شكلاً 0
وحيث أن المادة (1) من قانون حماية الملكية الفكرية الصادر بالقانون رقم 82 لسنة 2002 تنص علي أنه ” تمنح براءات إختراع طبقا لأحكام هذا القانون عن كل اختراع قابل للتطبيق الصناعي يكون جديدا، ويمثل خطوة إبداعية سواء كان الإختراع متعلقا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة ، كما تمنح البراءة إستقلالاً عن كل تعديل أو تحسين أو إضافة ترد على اختراع سبق أن منحت عنه براءة، إذا توافرت فيه شروط الجدة والإبداع والقابلية للتطبيق الصناعي على النحو المبين في الفقرة السابقة، ويكون منح البراءة لصاحب التعديل أو التحسين أو الإضافة وفقا لأحكام هذا القانون ” 0
وتنص المادة (2) من ذات القانون علي أنه ” لا تمنح براءة اختراع لما يلي : 1ـ الإختراعات التي يكون من شأن إستغلالها المساس بالأمن القومي أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة أو الإضرار الجسيم بالبيئة أو الإضرار بحياة أو صحة الإنسان أو الحيوان أو النبات 0
2ـ الإكتشافات والنظريات العلمية والطرق الرياضية والبرامج والمخططات .
3ـ طرق تشخيص وعلاج وجراحة الإنسان أو الحيوان …………………..” 0
وتنص المادة (15) منه علي أنه ” يجوز لطالب براءة الاختراع أن يقدم في أي وقت قبل الإعلان عن قبول طلب البراءة طلباً بتعديل مواصفات الإختراع أو رسمه الهندسي مع بيان ماهية التعديل وأسبابه ، وبشرط ألا يؤدي التعديل إلى المساس بذاتية الإختراع ، وتتبع في هذا الشأن ذات الإجراءات الخاصة بطلب البراءة “0
وحيث أن المادة ( 135 ) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 ، تنص على أن ” للمحكمة عند الإقتضاء ، أن تحكم بندب خبير واحد أو ثلاثة ، ويجب أن تذكرفى منطوق حكمها :
( أ ) بياناً دقيقاً لمأمورية الخبير والتدابير العاجلة التى يؤذن له فى إتخاذها .
( ب) الأمانة التى يجب إيداعها خزانة المحكمة لحساب مصروفات الخبير وأتعابه ، والخصم الذى يكلف بإيداع هذه الأمانة ، والأجل الذى يجب فيه الإيداع ، والمبلغ الذى يجوز للخبير سحبه لمصروفاته .
(ج) الأجل المضروب لإيداع تقرير الخبير .
( د) تاريخ الجلسة التى تؤجل إليها القضية للمرافعة فى حالة إيداع الأمانة ، وجلسة أخرى أقرب منها لنظر القضية ، فى حالة عدم إيداعها .
( هـ ) وفى حالة دفع الأمانة ، لا تشطب الدعوى ، قبل إخبار الخصوم بإيداع الخبير تقريره ، طبقاً للإجراءات المبينه فى المادة 151 ” .
وحيث أن من المقرر ، أن الإستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع ، وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأى أهل الخبرة ، ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير ، ولها أن تطرح ما إنتهى إليه كله أو بعضه .
( حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 4842 لسنة 43 ق . ع – بجلسة23 /6 /2001) .
وحيث إن مفاد ما تقدم ، أن المشرع منح المحكمة مكنة الاستعانة بخبير أو ثلاثة خبراء لأداء ما تكلفه به ، مما يكون لازماً لاستجلاء وجه الحقيقة في الدعوى على أن تحدد له على وجه الدقة المأمورية المكلف بها ، والأمانة واجبة الإيداع ومن يكلف بها من الخصوم ، والأجل المحدد لإيداع التقرير وتاريخ الجلسة في حالة عدم إيداع الأمانة وفي حالة إيداعها 0
وحيث أن الدعوى الماثلة بحالتها الراهنة لا تكفي للفصل فيها ولتكوين عقيدة جازمة لدى المحكمة تؤدي لحسم النزاع ، بحسبان أن مقطعه يقتضى بحث علمى تفصيلى للدواء محل طلب براءة الإختراع للتأكد من توافر شرط الجدة والخطوة الإبداعية فى تلك التركيبة الدوائية ، وبحث كافة مستندات ملف المنازعة ، وما إذا كان ينصب على طريقة علاج مستحدثة ومبتكرة تمثل تعديلاً أو تحسيناً أو إضافةً على الأدوية المسجلة والمستخدمة فى علاج أمراض سكر الدم والكلى ، وما إذا كان قد تم إجراء تجارب معملية على حيوانات التجارب المعملية وكذا الدراسات الإكلينيكية بالطريقة المتعارف عليها علمياً ، بغية التيقن من فاعلية الدواء وهل تم إجراء أى تجارب على المرضى البشريين ، للتثبت من كفاءة العلاج محل طلب براءة الإختراع من عدمه أم أن الدراسات إقتصرت على الجانب النظرى فحسب دون العملى ، وهى من المسائل الفنية المتخصصة التى لا سبيل لإستخلاصها من الأوراق بطريقة تمكن المحكمة من بسط رقابتها على عناصر المنازعة وصولاً لتكوين عقيدتها ، توطئة لإصدار حكمها فى الدعوى الماثلة ، ومن ثم فلا مناص من الإستعانة بأهل الخبرة والتخصص لتحقيق وبحث هذه المسائل الفنية .
وحيث أنه إستجلاء لوجه الحق في الدعوى ، فإن المحكمة إعمالاً لسلطتها المخولة بقانون الإثبات تقضي بإحالة الدعوي إلي رئيس جامعة القاهرة لينتدب بدوره لجنة فنية ثلاثية من الخبراء والأساتذة المتخصصين بكلية الصيدلة بالجامعة ، تكون مهمتهم فحص طلب براءة الإختراع رقم 609 لسنة 2006 المقدم من المدعي فنياً لبيان التأصيل العلمى للدواء محل المنازعة ، ومدى توافر شروط الجدة والخطوة الإبداعية والقابلية للتطبيق الصناعي في طلب البراءة، وتحليل مكوناته وفاعليته الدوائية وبيان العائد الإقتصادى منه ، ومقارنته ببراءات الإختراع النظيرة بالأسواق المحلية والعالمية ، والأعراض الجانبية التى تترتب على إستخدامه ، وإجراء الفحص المختبرى والسريرى عليه ، فى إطار ضوابط قانون حماية الملكية الفكرية ، وللجنة الخبراء في سبيل أداء مهمتها سماع أقوال أطراف النزاع ، وقبول ما يقدموه من مستندات ومذكرات ، ولها حق الإنتقال للجهات التي تري لزوم الانتقال إليها ، وطلب ما تراه من مستندات وإجراء المعاينات اللازمة لأداء المهمة الموكلة إليها ، وتقديم تقرير بما تنتهي إليه من نتائج0
( فى ذات المعنى : حكم محكمة القضاء الإدارى – الدائرة السابعة – رقم 34531 لسنة 66 ق – بجلسة 3 /5/2014)
ومن حيث انه عن المصروفات ، فإن المحكمة ترجئ البت فيها لحين صدور حكم في الموضوع عملاً بمفهوم المخالفة لنص المادة (184/1) من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة ” بقبول الدعوى شكلاً ، وتمهيدياً وقبل الفصل فى الموضوع ، بإحالة الدعوي إلي رئيس جامعة القاهرة لينتدب بدوره لجنة فنية ثلاثية من أساتذة كلية الصيدلة بالجامعة ، لأداء المأمورية المبينة بالأسباب ، وكلفت المحكمة المدعي بإيداع خزينة المحكمة مبلغ ثلاثة الآف جنيهاً أمانة لحساب مصروفات وأتعاب لجنة الخبراء ، وحددت جلسة 29 / 8 / 2015 لنظر الدعوى فى حالة عدم إيداع الأمانة ، وجلسة 17 / 10 / 2015 فى حالة إيداعها ، وعلى لجنة الخبراء إيداع تقريرها قبل الجلسة الأخيرة بوقت كاف ، وصرحت المحكمة للخصوم بالإطلاع عليه ، وأبقت الفصل فى المصروفات ، وعلى قلم كتاب المحكمة إرسال كافة الأوراق لجامعة القاهرة فور إيداع الأمانة ” .