مفهوم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية وإختصاصات المحاكم
كلنا يعلم أن الأسرة هي نواة المجتمع وأساس بنائه فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، ولما كانت الأسرة تتكون من أفراد تقوم بينهم روابط كرسها الشرع والقانون لتكون ركيزة في تعاملاتهم، إلا أنه قد تنشأ نزاعات في ما بين أفراد الأسرة الواحدة أو الأقارب نتيجة لهضم الحقوق أو سوء المعاملة التي تولد الشقاق إن كان في ما بين الأفراد، أو نتيجة التعسف في استعمال الحق، ومن هنا خصت الشريعة الإسلامية بأن تتفرد بقوانين خاصة مستسقاة من مبادئ الشريعة الإسلامية، ومنها النكاح والطلاق والنسب والإرث والنفقة وكل ما ينشأ أو يتفرع من حقوق شخصية تقوم بين الأفراد.
ولا بد لنا قبل أن نتطرق لاختصاصات محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية أن نتحدث عن بعض المفاهيم التالية:
أولاً: مفهوم الأحوال الشخصية ونشأته.
ثانياً: نظرة المرأة في الإسلام وما خصتها قوانين الأحوال الشخصية من أحكام.
ثالثاً: لمحة تاريخية عن قضايا الأحوال الشخصية في الإسلام.
رابعاً: اختصاصات محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية.
خامساً آخر المجريات التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية.
أولاً: مفهوم الأحوال الشخصية ونشأته.
لقد اصطلح فقهاء القانون على تسمية ما يتعلق بقضايا النكاح والطلاق والوصية والميراث بالأحوال الشخصية،
إذ كان المعهود عند الفقهاء القدماء تسمية القضايا المتعلقة بالأسرة بأسماء خاصة، وتفريدها في كتب خاصة مثل كتاب النكاح وكتاب الطلاق وكتاب النفقة أو حصرها ضمن أبواب متعددة تشملها مدونة الأسرة مثل باب النكاح وباب الطلاق وباب الحضانة وباب النفقة …الخ ، والحقيقة أن هذا الاصطلاح ليس من أصول الشريعة الإسلامية وإنما تم ادخاله في العلوم الشرعية والقانونية اقتباساً من القوانين الوضعية، ولا بد أن نبدي على هذا المصطلح موقفاً شرعياً وقانونياً هل جاء هذا المصطلح الشرعي متناسباً مع الأحكام الفقهية ومتوافقاً مع اتجاهات الشريعة الإسلامية
ولما كان استخدام المصطلحات الأصل فيه على الإباحة، ولكن هذا بشرطين:
الأول:
أن يكون الاصطلاح الجديد معبراً عن المضمون العلمي المقصود في العلم.
الثاني:
ألا يكون مصادماً للشريعة، بحيث يعود عليها بالإبطال.
وبناء على هذا التأصيل يطرح التساؤل الآتي: هل مصطلح الأحوال الشخصية يمكن تبنيه للتعبير عن المضمون الشرعي للعلاقات الأسرية نكاحاً وطلاقاً ووصية وميراثاً ونفقة وحضانة …الخ ؟
والذي يظهر لنا صلاحية المصطلح للتعبير عنها؛ هو وجود أمرين:
الأول:
أنه اصطلاح لا يتعارض مع الشريعة وقواعدها ومقاصدها.
الثاني:
وإن هذا الاصطلاح أعطى تفاصيل المضمون الشرعي للعلاقات الأسرية معنى أكثر تحديداً وأدق مدلولاً.
وتأسيساً على ذلك يمكن اعتماد مصطلح الأحوال الشخصية لبناء الأحكام الأسرية؛ ليكون جامعاً لها، وطالما أننا في إطار التعريف الفقهي والعلمي للمصطلح يلزمنا بيان مفهومه؛ إذ الأصل أن الحكم على الشيء ينبع من تصوره وإداركه ولا يمكن إدراك المضمون على الوجه الأمثل والأدق إلا بالوقوف على المفهوم الشامل للصفات
الأساسية، وقد وردت عدة تعريفات توضح ماهية مصطلح الأحوال الشخصية، وكانت هذا التعريف هو التعريف الأوضح والأشمل لجميع ما يترتب عليه كمصطلح والذي تم تعينه كتعريف مختار بين جميع الشرائع ((الأحوال الشخصية هي مجموعة ما يتميز به الإنسان من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب عليها القانون أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية))
ثانياً: نظرة المرأة في الإسلام وما خصتها قوانين الأحوال الشخصية من أحكام.
لقد كانت العلاقات الأسرية في العصر الجاهلي الذي سبق النبوة تعاني من التفكك والتشتت إذ لم تكن العلاقات تبنى على الاحترام والتقدير، وإنما على الاضطهاد والتحقير فكانت المرأة التي تجلب الذكر تعزز ويكبر شأنها أمام القوم، والتي تولد الأنثى تهان وتحتقر وكان المصاب وقع والهم والغم قد حل كأنها بلية من البلايا العظيمة ومصيبة تجعل الرجل يتوارى عن أنظار الناس خشية من سؤالهم عما رزق، فالإفصاح قد يخلق له العيب والشأم فيبقى متردداً في ما سيفعل، وليس له تجاه ذلك إلا أحد أمرين: إما الوأد أو الإمساك على هوان، فهذا السياق يرسم صورة منكرة لعادات الجاهلية، إذ كانت المرأة لا تتجاوز كونها موضع شهوة الرجل، وأنها بمثابة متاع يباع ويشترى،
ويكفي في هذا التصوير القرآني لحالة المرأة في العصر الجاهلي، إذ يقول الله تعالى:﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59].
لذلك عندما جاء الإسلام اعتبر المعاصرين التطور التي حصل في حياة المرأة بأنه ثورة في التطورات والأوضاع، وفي قيمة المشاعر تجاهها ورفع قيمتها وتعزيز شأنها في ضمائرهم، إذ كرم الله الإنسان واستتبع تكريمه للجنس البشري تكريمه للأنثى، ووصفها بأنها شطر النفس البشرية، فلا تفاضل بين الشطرين الكريمين على الله، وجعل
للعلاقات الأسرية الجامعة للنوعين أحكاماً شرعية ضابطة لها،
وقد امتازت هذه الأحكام بجملة من الخصائص والمميزات، أبرزها:
أولاً:
أن التكليف بالأحكام الشرعية يشمل الرجل والمرأة إلا ما خص أحد النوعين بأحكام مغايرة لأحكام النوع الآخر كالنفقة بالنسبة للرجل والحيض بالنسبة للمرأة.
ثانياً:
المساواة في الحقوق والواجبات، إلا ما خص أحدهما بواجبات مغايرة للآخر، وقد دل عليها قوله تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: آية 228]، والدرجة في سياق الآية لها معنيان متداخلان، الأول متعلق بالطلاق كما يدل عليه السياق النصي وهو أن الرجل بيده العصمة في، وهو الذي يبقي المرأة في ذمته أو يطلقها، فالطلاق بيد الرجل وليس بيد المرأة وهو أمر يفرضه طبيعة الموقف الذي يضبط العلاقة بين الرجل والمرأة، والمعنى الثاني أن للرجل على المرأة درجة ليس هي درجة التفضيل والتشريف وإنما هي درجة التكليف، وقد اقتضته الطبيعة الخلقية للرجل.
ثالثاً:
للمرأة أهلية مطلقة، أي لها حق التصرف في أموالها بالبيع والشراء والهبة والتجارة دون خضوعها لقانون الزوج.
رابعاً:
المرأة في الشريعة لها ذمة مستقلة عن ذمة زوجها. هنا نرى كيف الشريعة الإسلامية قد فصلت أولى الأحكام التي تخص حقوق الأشخاص الذين يرتكز عليهم المجتمع
من ذكر وأنثى وحصنهم بتلك الأحكام التي تعتبر الدواء الذي يقي من المشاكل التي ممكن إن تتفاقم ولله في كل شيء حكمة فعندما خص الرجل أن تكون بيده عصمة النكاح والطلاق وذلك كون الرجل قادر على ضبط وكبح جماح مشاعره مقارنة بالأنثى وهو قادر على اتخاذ المواقف بطريقة مضبوطة أكثر من الأنثى وأيضاً في أحكام النفقة فعندما خص للأنثى نفقة على الرجل فهي حكمة إلهية تتمثل في ضعف الأنثى وعدم مقدرتها فالاعتماد على نفسها لكسب عيشها ولكي تشعر بالعطف والحنو من قبل الرجل عندما يقوم بحمايتها والانفاق عليها.
ثالثاً: لمحة تاريخية عن قضايا الأحوال الشخصية في الإسلام.
بعد تأسيس الدولة الإسلامية في المدينة النبوية، وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ونزول كثير من الأحكام التشريعية بمختلف صورها كان نصيب قضايا الأسرة والأحوال الشخصية منها الحيز الأكبر من الأحكام كونها عماد المجتمع وأساس تكوينه، ولقد استدعت الحاجات الإنسانية بحكم ما نشأ من علاقات والتطورات التي حصلت في الحياة بشكل عام والحياة الأسرية بشكل خاص أن توجد ضوابط خاصة تنظمها وتنفرد بقوانين يمكن تطبيقها عليها ، حيث بدأت أحكامها المستقاة من الشريعة الإسلامية أن تندرج في تطبيقات المجال القضائي الذ لم يكن معروف ولم تجري به أي نوع اخر من القضايا، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم بيده حكم الدولة والقضاء والإفتاء؛ لكونه المرجع للأمة في حياته عليه الصلاة والسلام، ومع هذا فإن اتساع الدولة بعد الفتوحات الإسلامية التي غطت الجزيرة العربية اقتضى إرسال الولاة إلى تلك البلاد، مما اضطر بهم الأمر أن يقوموا ببمارسة وظيفة الحكم والقضاء حماية لمصالح البلاد الإسلامية وللتخفيف من الخلافات والنزاعات التي تضعف الأمة الإسلامية.
صور الحكم والقضاء زمن النبي والصحابة من بعده :
ثم بعد اكتمال نزول القرآن ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتنصيب أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة بعده لم يختلف عهده من حيث صورة الحكم والقضاء عما كان عليه الحال زمن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الفارق بين العهدين أن المرجعية عند أبي بكر الصديق مبنية على الكتاب والسنة، وما يؤدي إليه النظر والاجتهاد بعد البحث والمشورة، وآلت الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وشهد عهده فصل القضاء عن الحكم، وأملاه توسع الدولة وتشعب المصالح والحاجات، وقد ترتب عليه عهد القضاء إلى أشخاص معروفين بالعلم والفتوى، كجعل أبي الدرداء رضي الله عنه على قضاء المدينة، وأبي موسى الأشعري رضي الله عنه على قضاء البصرة، واستمر الحال قائماً بلا تغيير في عهد الخليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما إلى أن أتى عهد الدولة الأموية حيث كان الاهتمام منصباً على فتح البلدان الجديدة ونشر الدعوة الإسلامية. ولم يطرأ ما يغير حال القضاء عن سابقه فيالعهود المتقدمة، سوى أن بعض الحوادث ألزمت القضاة تسجيل الأحكام في سجلات خاصة خشية إصدار أحكامقضائية شفوية تفضي إلى إنكارها من قبل من صدرت بحقهم هذه الأحكام، وتسجيل الأحكام وتدوينها بلا شك يعدمن الحاجات التي فرضتها المصلحة العامة، وكانت المرجعية قائمة على الكتاب والسنة واجتهاد الصحابة والتابعين،وفي الوقت الذي مثل تأسيس الدولة العباسية شكلاً مغايراً للدولة الإسلامية، من حيث اتساع الدولة وكثرةالرعايا وتزايد الحوادث والوقائع، استلزم كل ذلك إرسال الفقهاء والقضاة إلى الولايات.
والذي ميز العهد العباسي عن العهود السابقة مظهران:
الأول: ظهور المذاهب الفقهية، وأشهرها مذاهب الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، بخلاف غيرهم المذاهب والتي أضحت مرجعاَ فقهياً قائماً بذاته يمكن الرجوع إليه في الأحكام الفقهية والاجتماع والقياس.
الثاني: تدوين الأحكام والمسائل الفقهية والقضائية، ووضع القواعد والضوابط العامة المستندة على أدلة الأحكام وقواعد التشريع الإسلامي.
وكان لتدوين المذاهب الفقهية الأربعة وانتشار مدارسها في العالم الإسلامي عاملاً مساعداً في جعل القضاء المذهبي سائداً في المسائل القضائية، مع التفاوت في مدى تأثير المذهب في هذه المسائل بحسب البيئة الفقهية التابعة للمذهب المعني، فمثلاً نجد المذهب الحنفي كان منتشراً في بلاد المشرق وما وراء النهر، بانتشر المذهب الشافعي في بلاد الشام، بينما كان للمذهب المالكي حضوره في بلاد المغرب، وانعكست هذه الصورة على الأحكام القضائية، فنجد القاضي يحكم بموجب ما أملاه عليه الراجح في المذهب الذي يتبناه، تغير الحال إبان الدولة العثمانية، حيث تبنت المذهب الحنفي ليكون مذهباً للدولة، وانعكس هذا أيضاً على القضاء، بل جعلوا للقضاء مدونات خاصة مأخوذة من المذهب، كما هو الشأن في مجلة الأحكام العدلية التي كانت مرجع القضاة في العالم الإسلامي حتى إلغاء الخلافة الإسلامية، وانهيار الدولة العثمانية، وانقسام العالم الإسلامي إلى دول وإمارات.
رابعاً: اختصاصات محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية.
حدّد المجلس الاعلى للقضاء في المملكة العربية السعودية اختصاصات محاكم الأحوال الشخصية بالنظر في جميع مسائل الأحوال الشخصية، منها إثبات الزواج والطلاق والخلع وفسخ النكاح والرجعة والحضانة والنفقة والزيارة، وكذلك إثبات الوقف والوصية والنسب والغيبة والوفاة وحصر الورثة، كما تشمل اختصاصات محاكم الأحوال الشخصية الإرث وقسمة التركة بما فيها العقار إذا كان فيها نزاع أو حصة وقف أو وصية أو قاصر أو غائب، وإثبات تعيين الأوصياء وإقامة الأولياء والنظار والإذن لهم في التصرفات التي تستوجب إذن المحكمة، وعزلهم عند الاقتضاء والحجر على السفهاء ورفعه عنهم، وتحدد لوائح هذا النظام الإجراءات اللازمة لذلك، ومن اختصاصاتها أيضاً بحسب نظام القضاء إثبات توكيل الأخرس الذي لا يعرف القراءة والكتابة، وتزويج من لا ولي لها أو من عضلها أولياؤها وغيرها من الموضوعات التي يترتب عليها التزامات أدبية و مالية أو أثر قانوني بين أفراد الأسرة.
تحقيق الاهداف الشرعية :
وهذا الاختصاص يعرف بالاختصاص النوعي، والذي يهدف إلى تسهيل الإجراءات والحد من تأخر حسم النزاعات الأسرية، وإكساب القضاة من خلال ممارستهم الدقيقة المتخصصة للقضايا المتعلقة في الخلافات الأسرية الدراية القانونية الكاملة والمقدرة على الفصل في جميع الدعاوي بسرعة على اعتبار أنهم سيصبحون ملمين في كل ما يتعلق باختصاصهم النوعي وما جاء فيه من واجبات وحقوق، وما يتطلب منهم من اتخاذ قرارات وتكييف الأحكام في صيغتها الصحيحة، لتتحقق الأهداف الشرعية والاجتماعية المقصودة من ذلك. خامساً آخر المجريات التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية لقد أطلقت وزارة العدل مؤخراً جملة من الإجراءات الهادفة إلى تقليص مدد التقاضي، وذلك بإنشاء دوائر متخصصة داخل التخصص النوعي، فأوجدت دوائر متخصصة لقضايا الأحوال الشخصية، وبالفعل قلّصت هذه الإجراءات مدد المواعيد بنسب كبيرة، حيث تم افتتاح أربعة فروع للمحكمة العامة بالرياض، وذلك في مبانٍ مستقلة لتخفيف الضغط على المحكمة العامة ومنها ودوائر الأحوال الشخصية.
فعالية مكاتب الصلح:
وكشفت وزارة العدل أنمكاتب الصلح في المحاكم حققت أرقاماً كبيرة ونسب عالية في تخفيف عبء القضايا على المحاكم ومنها القضايا الأسرية، بحلها ودياً، مؤكدةً على أن الوزارة تعمل على تطوير قدرات العاملين في مجال الصلح، والأخذ بالبدائل الشرعية لتسوية المنازعات، وقد أكدت وكالة المصالحة والتحكيم بوزارة العدل أن مكاتب الصلح داخل المحاكم نجحت في الإسهام بفاعلية في تخفيف العبء على المكاتب القضائية، وإنهاء الكثير من الخصومات بالطرق الودية التي تسهم في ترابط المجتمع، مبينةً أن هذا النجاح يُعزى إلى العمل التوفيقي لمكاتب الصلح، الذي يجد اهتماماً ودعماً من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لمرفق القضاء، والعناية والإشراف المباشر من وزير العدل ((د.محمد بن عبدالكريم العيسى)) والعمل على تفعيل دور مكاتب المصالحة لتواكب التطور الكبير الذي يشهده مرفق القضاء في هذا العهد المشرق.
تنفيذ الأحكام القضائية:
وكشف النظام الجديد لتنفيذ الأحكام القضائية على تطبيق عقوبة السجن ثلاثة أشهر للأب أو الأم المعطلين أو الرافضين لتنفيذ الأحكام الصادرة بالحضانة أو الولاية أو الزيارة، وأعطى النظام قاضي التنفيذ بوزارة العدل سجن من هم في مقام الوالدين الممتنعين عن تنفيذ الأحكام القضائية، إضافةً إلى سجن من يقاوم التنفيذ أو تعطيله، وجاء أيضاً ضمن أحكام ومواد نظام التنفيذ في الأحكام القضائية في المادة (73) بتنفيذ الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية بالطرق المقررة في النظام بالحجز على الأموال وبيعها، وإذا تضمن التنفيذ دفع أموال بشكل دوري فيجري التنفيذ من خلال ترتيبات تحددها اللائحة.
وبينت المادة (74) أنه يجوز لقاضي التنفيذ بوزارة العدل الاستعانة بالقوة المختصة -الشرطة- والدخول إلى المنزل لتنفيذ الأحكام الصادرة بحضانة الصغير وحفظه، وكذلك التفريق بين الزوجين، حيث أوضحت المادة (75) أنه لا ينفذ الحكم الصادر على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية جبراً، وتم إعطاء قاضي التنفيذ صلاحية تحديد تنفيذ حكم الصادر بزيارة الصغير في مكان مهيأ على ألاّ يكون في مراكز الشرط ونحوها بموجب المادة (76) من قانون الأحوال الشخصية السعودي.
إلى هنا نرى كيف أن المملكة العربية السعودية تسعى جاهدة لبناء مجتمع متسامح، عبر حل الخلافات الأسرية بالطرق السلمية، والأخذ بالبدائل الشرعية لتسوية المنازعات، فهي وسيلة رضائية لتسوية المنازعات، ورأى مختصون أن تطبيق المحاكم للنظام سيكون له الأثر الفاعل في التقليل من الآثار السلبية في القضايا الأسرية على الطفل والوالدين والمجتمع بعامة، إذ أن أحكام هذا النظام ستعجل من التنفيذ، بحيث تقلل من تأثير النزاع على نفسية الأطفال ووضعهم الاجتماعي، كما أن تسليم المحضونين في أماكن مناسبة سيساعد على حمايتهم من سلبيات الخلاف الموجود بين الوالدين، مما سيعكس التطور بشكل ملحوظ على المجتمع.