حقوق الإنسان من زاوية دور القضاء في حمايتها
ظهرت مفاهيم حقوق الانسان في حقبات زمنية مختلفة على صعيد المجتمعات والدول والشرائع ([1]) انما لم تبرز على الصعيد الدولي ولم يظهر اهتمام المجتمع الدولي بكرامة الانسان الفرد وبحقوقه الاساسية إلا بعد الحرب العالمية الثانية التي اتصفت بالفظاعة والهمجية ( [2] ). فجاء ميثاق الامم المتحدة في 26 حزيران سنة 1945 يؤكد في ديباجته ومقاصده ومواده على الاهتمام بحقوق الانسان الفرد الى جانب الاهتمام بسيادة الدول لتحقيق السلام والامن الدوليين وانشأ لهذه الغاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
ورغم التجاذبات الفكرية والفلسفية والصراع الدولي تمكنت اللجنة المولجة من الامم المتحدة بوضع اعلان عالمي لحقوق الانسان (ضمت اللجنة الاميركية السيدة الينور روزفلت، والصيني الدكتور شانغ، والفرنسي الاستاذ رينه كاسان، واللبناني الدكتور شارل مالك) من ان تنجز الاعلان العالمي لحقوق الانسان بدون معارضة أية دولة من الدول المستقلة في حينه ما عدا بعض الدول التي أمتنعت عن التصويت بسبب ورود بعض المبادىء في الاعلان التي كانت تتحفظ عليها.
وهكذا صادقت الجمعية العامة للامم المتحدة في 10 كانون الاول من العام 1948 على أهم اعلان عالمي يعترف للانسان في كل مكان بحقوقه الطبيعية. ويعتبر هذا الاعلان انجازاً حضارياً هاماً لجميع البشر ولجميع الامم على اختلاف ثقافتها وفلسفاتها ( [3])
ولم تتوقف الامم المتحدة عند هذا الحد بل عملت على وضع عهدين دوليين مكملين يشتملان على ما تضمنه ” الاعلان العالمي لحقوق الانسان ” بصيغة اتفاقيات دولية لتنضم اليها الدول كافة. وهكذا وبعد ثمانية عشر عاماً وفي 1/9/1966 وضع كل من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومن ثم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأضيف اليهما فيما بعد بروتوكول اختياري للحقوق المدنية والسياسية يسمح بموجبه للفرد ضمن شروط وآلية معينة التظلم امام لجنة حقوق الانسان المنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبرتوكول اضافي آخر يوصي بالغاء عقوبة الاعدام.
فالاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولان الاختياريان المتممان لحقوق الانسان المدنية والسياسية يشكلون جميعاً الوثائق التي تعرف بالشرعة العالمية لحقوق الانسان، وهي مصدر المعايير الدولية لحقوق الانسان. مع الاشارة الى أهمية الاعلانات اللاحقة لحقوق الانسان كاعلان طهران في العام 1968 الذي جعل من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التزاماً على كل الدول والى اعلان فيينا لعام 1993 الذي دعا الى الالتزام بكل الاتفاقيات الدولية والاعلان والاتفاقيات اللاحقة المتعلقة بالمرأة أو بحقوق الطفل.
وقد شارك لبنان في وضع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ومن ثم انضم الى العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبمعظم الاتفاقيات المتعلقة بالمرأة والطفل وغيرها.
وخطا لبنان خطوة هامة على صعيد تكريس حقوق الانسان في نظامه القانوني الداخلي حينما التزم بتطبيق مباديء شرعة حقوق الانسان في الدستور فرفع الحريات العامة وحقوق الافراد الى مرتبة الحريات والحقوق الاساسية وأصبح القضاء الدستوري رقيب على تطبيق هذه الحريات والحقوق الاساسية الى جانب القضاء العادي (العدلي و الاداري) ( [4] )
وهكذا اصبحت قوانين السلطة التشريعية وقرارات السلطة التنفيذية تخضعان للرقابة القضائية وتحولت الدولة من دولة الشرعية الى دولة الحق وحكم القانون ( [5])
تتضمن هذه الدراسة:
فصل اول: اندماج مباديء حقوق الانسان في النظام القانوني الوضعي اللبناني وانبعاث نظرية الحريات والحقوق الاساسية.
فصل ثاني: القضاء (الدستوري والعادي) الضمانة الاساسية لحماية حقوق الانسان.
الفصل الاول: اندماج حقوق الانسان في النظام القانونـي اللبنانـي وانبعاث مفهـوم الحريات والحقوق الاساسية.
قبل ان نتحدث عن كيفية ومدى اندماج مباديء حقوق الانسان بالقانون الوضعي اللبناني لا بد باختصار من تحديد مضمون هذه الحقوق.
الفقرة الاولى: حقوق الانسان ومضمونها ( [6] )
لا بد من الاشارة بداية الى ان مفهوم حقوق الانسان يتطور ويتوسع باستمرار. انما يبقى الاعلان العالمي لحقوق الانسان هو الوثيقة الاساسية التي تتضمن المباديء الجوهرية لحقوق الانسان.
فالاعلان العالمي لحقوق الانسان كرس المباديء العامة وعاد وفصلها في العهدين الدوليين اللاحقين وفي الاعلانات والاتفاقيات اللاحقة.
ويمكن تقسيم حقوق الانسان وحسب تسلسلها التاريخي الى حقوق الجيل الاول أي الحقوق المدنية والسياسية وحقوق الجيل الثاني أي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهذا التقسيم هو شكلي لأن حقوق الانسان عالمية ومتكاملة ولا يمكن تجزئتها.
إما اهم ما اعلنته شرعة حقوق الانسان من حريات وحقوق فهي التالية.
أ -المساواة في الكرامة والحقوق [7]
نصت المادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على انه ” يولد جميع الناس احراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعض بروح الاخاء.”
وتضيف المادة الثانية ان لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الاعلان دونما تمييز من أي نوع لاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير سياسي، أو الاصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر. وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييز على اساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الاقليمي الذي ينتمي اليه الشخص، سواء أكان مستقلاً أو موضوعاً تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي ام خاضعاً لأي قيد آخر على سيادته.
ويبدو واضحاً من المادتين الآنفتين ان مبدأ المساواة ومفهوم الكرامة الانسانية هما اللحمه الاساسية لكامل نسيج الاعلان.
فمبدأ المساواة يسود مواد الاعلان العالمي إذ ورد الى جانب المادتين الاولى والثانية في العديد من المواد المتبقية.
لا يجوز استرقاق احد أو استبعاده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما (المادة الرابعة).
الناس جميعاً سواء امام القانون…. (المادة السابعة).
” لكل انسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في ان تنظر قضيته محكمة مستقلة محايدة (المادة العاشرة).
” للرجل والمرأة متى ادركا سن البلوغ حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله. (المادة 16).
” لكل شخص حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
” لكل شخص حق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية وفي الحماية من البطالة.
” لجميع الافراد، دون أي تمييز، الحق في اجر متساو على العمل .
كما ان مفهوم الكرامة الانسانية اخذ يتجسد في قواعد قانونية تمنع التعدي على تكوين الانسان بيولجياَ وتحميه من الجرائم ضد الانسانية.
ب- الحقوق والحريات المدنية.
الى جانب المساواة في الكرامة والحقوق كرس الاعلان العالمي لحقوق الانسان ” الحريات المدنية – الحقوق ” على اختلافها المتصلة بشخص الانسان (البنيه) والحقوق المتصلة بوجود الانسان (الكيان) والحقوق المتصلة بنشاط الانسان (الوجود) ( [8])
إذ اشارت المادة الثالثة الى ان لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الامان على شخصه.
كما اضافت المادة الرابعة الى انه لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
والمادة الخامسة على انه ” لا يجوز اخضاع احد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة السياسية اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة “.
كما ان المادة التاسعة اكدت على انه لا يجوز اعتقال أي انسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
كما ان المادة الثامنة عشرة نصت على ان:
” لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل هذا الحق حرية في ” تغيير دينه أو معتقده، وحرية في اظهار دينـه أو معتقده بالتعبد واقامة الشعائر ” والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة وامام الملأ أو على حده “.
واضافت المادة التاسعة عشرة الى ان:
” لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية في اعتناق ” الاراء دون مضايقه، وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها ونقلها الى الآخرين باية ” وسيلة ودونما اعتبار للحدود “.
بالاضافة الى ذلك نصت المادة الثامنة عشرة:
” على حريـة كل فـرد التنقل واختيار محل اقامته داخل حدوود كل دولة، والحق ” بالمغادرة والعودة “.
كما ان المادة الرابعة عشرة كرست حق اللجؤ في بلاد اخرى هرباً من الاضطهاد.
والمادة الخامسة عشرة حق كل فرد التمتع بجنسيته.
والمادة السابعة عشرة حق كل شخص التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره ولا يجوزتجريد احد من ملكه تعسفاً.
ج- الحقوق السياسية
تضمنت المادتان عشرين واحدى وعشرين الحقوق السياسية.
فقد نصت المادة عشرين على انه:
” 1- لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية.
” 2- لا يجوز ارغام أحد على الانتماء الى جمعية ما.
كذلك نصت المادة الواحدة والعشرين على ان:
” 1- لكل شخص حق المشاركة في ادارة الشؤون العامة لبلده اما مباشرة واما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
” 2- لكل شخص، بالتساوي مع الاخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده.
” 3- ارادة الشعب هي مناط سلطـة الحكم، ويجب ان تتجلى هـذه الارادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو باجراء متكافيء من حيث ضمان حرية التصويت.
د- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تضمنت المادة الثانية والعشرين وحتى الثامنة والعشرين، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد كفلت المادة الثانية والعشرين الحق لكل شخص بوصفه عضواً في المجتمع، في الضمان الاجتماعي، من خلال المجهود الوطني والتعاون الدولي.
كما ان المادة الثالثة والعشرين كفلت لكل شخص حقه في العمل وفي حرية اختياره وفي شروط عمل عادله ومرضيه وفي الحماية من البطالة. كذلك حق جميع الافراد دون أي تمييز في أجر متساو للعمل المتساوي كذلك الحق في المكافأة العادلة، وفي انشاء النقابات مع الآخرين والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه.
إما المادة الرابعة والعشرين فقد نصت على حق كل شخص في الراحة واوقات الفراغ وخصوصاً في تحديد معقول لساعات العمل وفي اجازات دورية مأجورة.
والمادة الخامسة والعشرين كرست حق كل شخص في مستوى معيشه يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولاسرته وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية. وكذلك للأمومة والطفولة حق برعاية ومساعدة خاصتين. ولجميع الاطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في اطار الزواج أو خارج هذا الاطار.
إما المادة السادسة والعشرين فقد نصت على الحق بالتعليم بينما المادة السابعة والعشرين كرست حق كل شخص في الثقافة وفي حماية ملكيته المعنوية والادبية للانتاج العلمي او الادبي او الفني. المادتان الباقيتان اولتا كل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي دولي يمكن ان تتحق في ظله الحقوق والحريات الواردة في الاعلان. كما حددت واجبات الفرد تجاه الجماعة والقيود التي يخضع لها الفرد في ممارسية حقوقه وحرياته وهي القيود التي يقررها القانون حصراً لضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي. ولا يجوز في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد الامم المتحدة.
يبدو واضحاً من مضمون الحقوق التي حددها الاعلان العالمي لحقوق الانسان انها مترامية وتتداخل في العديد من القوانين وذلك ما حدا بالاستاذ Jacques Robert ( [9]) الى القول بإن مادة حقوق الانسان ترتبط بسائر فروع القانون Sciene carefour. فالحرية الشخصية مثلاً نجد لها رعاية قانونية في كل من قانون الجزاء، والقانون المدني وقانون العمل وغيرها من القوانين الوضعية.
الفقرة الثانية: اندماج مفهوم حقوق االانسان في القانون الوضعي اللبناني.
دخلت مباديء حقوق الانسان في القانون الوضعي اللبناني على مرحلتين.
المرحلة الاولى حين انضم لبنان في اول ايلول سنة 1972 الى العهدين الدوليين، الاول المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجماعية والثقافية والثاني المتعلق بالحقوق السياسية والمدنية بموجب القانون المنفذ بالمرسوم قم 3855 تاريخ اول ايلول سنة 1972.
والمرحلة الثانية حين أصبح الاعلان العالمي لحقوق الانسان جزءاً من مقدمة الدستور من خلال القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/1990 الذي كرس الالتزام به بموجب الفقرة الثانية من المقدمة المذكورة التي نصت على ما يلي:
” أ-……
” ب – لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هـو عضو مؤسس وعامـل فـي منظمـة الامم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمـي لحقوق الانسان، وتجسد الدولـة هـذه المبـاديء فـي جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
وبذلك انبثق مفهوم الحريات والحقوق الاساسية في القانون الوضعي اللبناني الى جانب المفهوم القديم للحقوق والحريات العامة.
أ – انضمام لبنان الى العهدين الدوليين لعام 1966، الاول المتعلق بالحقوق الاجتماعية والثقافية بموجب القانون المنفذ بالمرسوم 3855 تاريخ اول ايلول سنة 1972.
تقتضي الاشارة هنا الى انه سبق للجمعية العامة للامم المتحدة أن اقرت هذين العهدين بتاريخ 16 كانون الاول 1966.
وهذان العهدان هما الاداة التطبيقية لمباديء للاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 10 كانون الاول سنة 1966.
وتعتبر الاتفاقيات الدولية التي تقرها الدولة فيما بينها أو من خلال المنظمات الدولية وفقاً لآليات محددة (الامم المتحدة، منظمة العمل الدولية، منظمة التجارة العالمية) من المصادر الرسمية التي تكون القاعدة الحقوقية الى جانب المصادر الرسمية الداخلية كالقانون العادي ( [10] )
وقد كرس المشرع اللبناني في المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية مبدأ سمو الاتفاقية الدولية على القانون العادي استناداً لمبدأ تسلسل القواعد.
” على المحاكم ان تتقيد بمبدأ تسلسل القواعد عند تعارض احكام المعاهدات الدولية مع ” احكام القانون العادي. تتقدم في مجال التطبيق الاولى على الثانية “.
ويلتقي النص اللبناني مع النص الفرنسي (المادة 55 من الدستور) ويخالف في ذلك غالبية القوانين العربية ولاسيما المصري الذي يأخذ بمبدأ سيادة القانون ويعتبر أن المعاهدة تستمد قوتها التنفيذية من القانون الداخلي الذي يجيزها.
وقد سار القضاء اللبناني على هذا النحو قبل وبعد صدور قانون اصول المحاكمات المدنية لعام 1983 ( [11] )
يضاف إلى ذلك أن المادة 1032 من قانون اصول المحاكمات المدنية نصت على انه:
” تعتبر ملحقة بهذا القانون جميع نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتضمنة قواعد ” خاصة باصول المحاكمات أو باختصاص محاكم أو مراجع قصائية أو باصول التنفيـذ” أو قواعد اثبات “.
وبالتالي فإن العهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية اصبحا في المرحلة الاولى وبعد انضمام لبنان اليهما قواعد ملحقة بالقانون الوضعي اللبناني وأعلى رتبة منه كونهما تكرست باتفاقيات دولية.
ب – المرحلة الثانية كرست الاعلان العالمي لحقوق الانسان كجزء من مقدمة الدستور اللبناني.
كرست مقدمة الدستور اللبناني التزام لبنان بميثاق الامم المتحدة وبالمواثيق الدولية وبالاعلان العالمي لحقوق الانسان. وهذه المقدمة اضيفت الى الدستور اللبناني بموجب القانون الدستوري رقم 18/1990.
وتجدر الاشارة إلى أن ميثاق الامم المتحدة اولى اهمية كبرى لحقوق الانسان واوجب حمايتها. وانبثق الاعلان العالمي لحقوق الانسان من التزام وتعهد الامم المتحدة بذلك.
وهكذا انصهر الاعلان العالمي لحقوق الانسان مادياً في النظام القانوني اللبناني الوضعي بعد أن أصبح جزءاً من المقدمة في العام 1990، والالتزام في دستور لبنان اقوى من العبارة المستعملة في الدستور الفرنسي الحالي التي تنص على ان الشعب الفرنسي يعلن تعلقه بحقوق الانسان.
وبالفعل فإن المجلس الدستوري في لبنان وبسرعة لم يعرفها المجلس الدستوري الفرنسي قرر بعد اربعة عشر شهراً من تشكيله أن المقدمة هي جزء من الدستور فانصهرت بذلك المقدمة ومعها الاعلان العالمي لحقوق الانسان بالنص الدستوري وتأكد هذا الاجتهاد اكثر من مرة بعد ذلك ( [12] ) واصبح الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين المتممين له جزءاً من الكتله الدستورية bloc constitutional التي يستند اليها اثناء مراقبة دستورية القوانين.
هكذا اصبح الاعلان العالمي لحقوق الانسان جزءاً من القانون الوضعي أسوة بسائر بنود الدستور.
اما ما نجم عن هذا التطور من اندماج الاعلان العالمي لحقوق الانسان في القانون الوضعي الدستوري فهو بزوغ مفهوم الحريات والحقوق الاساسية.
فمفهوم الحريات والحقوق الاساسية يسمو على مفهوم الحريات العامة والحقوق الفردية إذ ان الحريات العامة والحقوق الفردية تبحث على مستوى العلاقة الثنائية بين الفرد والادارة وتحت رقابة القاضي الاداري اما الحقوق والحريات الاساسية فهي ملزمة للمشرع وسائر السلطات بحيث يراقب المجلس الدستوري القوانين التي قد تتنكر وتخالف الحقوق الاساسية.
وبذلك رفع الدستور اللبناني الحريات العامة وحقوق الافراد الى المستوى الدستوري واصبحت الرقابة الدستورية احدى الوسائل لحمايتها ضد الاكثرية البرلمانية.
واصبحت هذه الحقوق الاساسية محمية بقاعدة قانونية عليا ووسائل قضائية ناجعه.
والتحول من الحريات العامة الى الحريات الاساسية يقابلها تحول هيكلي هام ولا عوده عنه حيث استبدل مفهوم الشرعية بمفهوم الدستورية كمحور اساسي لهذا النظام، فالحريات العامة تتناسب مع الدولة الشرعية Etat legale أي سيادة القانون او ما يسميه العلامة هوريو ” النظام الاداري ” بينما الحقوق والحريات الاساسية تتناسب مع دولة الحق Etat de droit وسمو القواعد فوق التشريعية على القانون ( [13] )
الفصل الثاني: القضاء الضمانة الاساسية لحماية حقوق الانسان.
كان دور القضاء بداية يقتصر على النظر في انتهاكات السلطة التنفيذية لحقوق الافراد وحرياتهم العامة دون امكانية النظر في مدى دستورية القانون لأن سيادة القانون كانت هي الاصل والبرلمان هو الهيئة العليا التي تقرر الحقوق لانه السلطة المنبثقة من الشعب. أنما هذه النظرة لسيادة القانون وللبرلمان ادت في العديد من الاحيان الى تجاوزات من السلطة التشريعية على حساب حقوق الانسان.
فكان لا بد للدولة من ان تجعل من القضاء رقيباً على القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية كما هو الحال بالنسبة للرقابة على قرارات السلطة التنفيذية وذلك من خلال تحديد الحقوق والحريات في متن الدستور فتنشىء رقابة دستورية عليها من خلال اما مجلس دستوري تحصر طرق المراجعة فيه او محكمة دستورية تبيح طرق المراجعة امامها لجميع المواطنين.
وانتقل لبنان من الدولة الشرعية الى دولة الحق وحكم القانون عندما التزم بحقوق الانسان كحقوق اساسية في صلب الدستور. واصبح المجلس الدستوري عند انشائه عملاً بالمادة 19 من الدستور يراقب دستورية القوانين الى جانب النظر بالطعون الانتخابية النيابية والرئاسية وبقي للقضاء العادي (عدلي واداري) دور في مراقبة قرارات السلطة التنفيذية من خلال مجلس شورى الدولة وحماية حقوق الافراد من خلال القضاء العدلي (جزائي ومدني)..
نتناول اولاً دور القضاء الدستوري في حماية حقوق الانسان ومن ثم ما تبقى للقضاء العادي من دور في الحماية.
الفقرة الاولى، دور القضاء الدستوري في حماية حقوق الانسان.
انشىء المجلس الدستوري في لبنان بموجب القانون رقم 250 تاريخ 12 تموز سنة 1993 استناداً لاحكام المادة 19 من الدستور وتحددت مهمته بمراقبة دستورية القوانين وسائر النصوص التي لها قوة القانون والبت في النزاعات والطعون الناشئة عن الانتخابات الرئاسية والنيابية. وباشر المجلس عمله عندما وضع نظامه الداخلي بموجب القانون رقم 516 تاريخ 6/6/1996 الذي الغي واستبدل فيما بعد بالقانون رقك 234 تاريخ 17 آب 2000 ( [14] )
ويعتبر المجلس الدستوري في لبنان حديث النشأة بالنسبة لمثيله الفرنسي بحيث لم تتح له الفرصة الكاملة للتصدي لكثير من القضايا.
كما ان انطلاقته كانت اكثر جرأة من بدايات المجلس الدستوري الفرنسي في حماية الحقوق والحريات الاساسية والمباديء الدستورية العامة رغم الضغوط التي واجهها ومرد ذلك لتأثره بما آلت اليه تجربة القضاء الدستوري الفرنسي الذي تعززت مكانته منذ أن خاض غمار الدفاع عن الحقوق والحريات والسهر على رعاية المباديء الديمقراطية.
إلا أن سيرة المجلس الدستوري اللبناني تعثرت لاسباب لم تعد مجهولة على أحد فتعرض لضغوط سياسية وعلقت نشاطاته لفترة طويلة ومؤخراً اعيد تأليفه بعد تعديل قانونه الاساسي لاكثر من مرة.
لكن هذا التعثر لا يمنع القول ان المجلس الدستوري في لبنان، رغم الكبوات، حاول في بداية عهده ان يحمي دولة الحق من خلال تكريسه لاستقلال السلطة القضائية وحمايته غالباً للحقوق الاساسـية ( [15] )
لقد صدر عن المجلس الدستوري منذ تأسيسه حتى تاريخه ثمانية وعشرين قراراً تتعلق بالطعن بدستورية القوانين ما عدا طبعاً القرارات المتعلقة بالطعون الانتخابية النيابية ولم يصدر أي قرار خلال السنوات 2006 -2007 -2008 لان المجلس الدستوري بقي مشلولاً[16]
فقد اعتبر المجلس الدستوري ان ما ورد في مقدمة الدستور جزءاً من الدستور ويتمتع بقيمة دستورية شأنها في ذلك شأن احكام الدستور نفسها ( [17] )
كما اكد المجلس الدستوري على استقلال السلطة القضائية وتعزيز مبدأ فصل السلطات في قراراته المتعددة واعتبره مبدأ دستورياً.
كما حرص المجلس الدستوري على مبدأ المساواة وحمايته في في اكثر من قرار من قراراته ووضع قيوداً للخروج على هذه المساواة اهمها اختلاف الاوضاع وتحقيق المصلحة العامة.([18])
ففي قراره رقم 4/96 تاريخ 7/8/1996 اعتبر ان مبدأ المساواة امام القانون مبدأ مقرر بصورة واضحة وصريحة في احكام الدستور كما في مقدمته التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه. وان القانون يجب ان يكون لجميع المواطنين انطلاقاً من مبدأ اعطاء كل صوت القيمة الاقتراعية ذاتها في مختلف الدوائر الانتخابية ومن خلال المساواة في محتوى قانون الانتخابات بالنسبة لتقسيم الدوائر ([19] )
كذلك رأى المجلس الدستوري اللبناني في قراره 2/99 تاريخ 28/9/99 ان المادة 15 من القانون رقم 140/99 باطلة لخرقها مبدأ المساواة لانها ميزت رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزارة والوزراء والنواب عن بقية المواطنين في معاملتهم تجاه قانون التنصت الذي يجري بناء قرار قضائي غير مبرر ( [20] )
وأولى المجلس الدستوي الحقوق والحريات الاساسية اهتماماً خاصاً فاحاطها بحماية استثنائية ومما جاء في قراراته المتعددة ( [21] ) انه إذا كان يعود للمشرع ان يلغي قانوناً نافذاً أو أن يعدل احكام هذه القانون دون ان يشكل ذلك مخالفة للدستور أو أن يقع تحت رقابة المجلس الدستوري، إلا ان الأمر يختلف عندما يمس ذلك حرية او حقاً من الحقوق ذات القيمة الدستورية.
كما قضى المجلس بإن المادة 20 من الدستور لحظت ضمانات يجب حفظها للقضاة والمتقاضين من أجل تأمين متطلبات استقلال القضاء وصون حقوق الدفاع والانتقاص من هذه الضمانات يؤدى الى مخالفة المادة الدستورية ( [22] )
وايضاً كرس حق المواطن في أن يكون ناخباً ومنتخباً تجسيداً للمبدأ الديمقراطي الذي يرتكز عليه النظام الدستوري في لبنان وان يكون دورياً بحيث يقتضى دعوة الناخبين لممارسة حقهم في الانتخابات بصورة دوريه وضمن مدة معقولة
ومن الحقوق السياسية إلى الحريات العامة، اذا تصدي المجلس الدستوري لحماية حرية المراسلات واحترام الحياة الخاصة عند تفحصه للطعن المقدم بوجه المادتين 15 و 16 قانون 140/99 تاريخ 27/10/1999 (المتعلق بصون الحق بسرية التخابر). وفي سبيل تأمين الحرية المطلقة لحرية المراسلات واحترام الحياة الخاصة، ميز بين التنصت على المخابرات بناءاً على قرار إداري، وتلك التي تجري بناءَ على قرار قضائي، ([23] )
وبالرغم من اهمية القرارات التي اصدرها المجلس الدستوري اللبناني إلا ان بعضها قوبل بالانتقاد ( [24] )
يبقى القول انه من مقارنة قرارات المجلس الدستوري اللبناني وقرارات المجلس الدستوري الفرنسي فإن هذا الاخير كان اكثر اهتماماً في قراراته ولاسيما في البدايات بمباديء فصل السلطات وبتحديد اطر الملكية العامة (التأميم والتخصيص) وفي وضع توازن بين المباديء الاساسية كحق الاضراب ومبدأ استمرار المرفق العام وتطوير مفهوم الحقوق الصحية والاجتماعية والاقتصادية ( [25] )
ويقتضي الاشارة اخيراً الى انه يجب اعادة النظر بكيفية تأليف المجلس الدستوري وابعاد التجاذب السياسي والمحاصصة الطائفية عنه لأن العدالة وحقوق الانسان لا طائفة لها كما يقتضي فتح المراجعة الدستورية لتشمل القاضي العادي في حال الطلب اليه من الافراد ولكل من مجلس القضاء الاعلى ومجلس الشوري ونقابة المحامين ( [26] )
الفقرة الثانية: القضاء العادي (عدلي واداري).
كان للقضاء العادي (العدلي والاداري) دور بارز في حماية الحقوق والحريات العامة في المرحلة التي سبقت نشؤ وتطور القضاء الدستوري. وما زال لهذا القضاء دور الحارس للحريات والحقوق بشكل يومي كون القضاء الدستوري لا يتدخل إلا بشكل استثنائي.
يضاف الى ذلك ان اندماج الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمواثيق المتممة له في النظام القانوني الوضعي الداخلي جعلت من حقوق الانسان متعلقة بضمانات المحاكمات جزء من اصول المحاكمات اللبنانية على اختلافها ( [27] )
فالحق بمحكمة منشأة وفقاً للقانون، والمحاكمة العادلة، وطرق المراجعة، وحق الدفاع، وقرينة البراءة كلها حقوق اجرائية متداخلة اصبحت جزءاً لا يتجزأ من قانون اصول المحاكمات على اختلافه مدنياً أم جزائياً.
وتظهر صلاحيات القضاء العدلي ( الجزائي والمدني) من خلال تدخله لمنع التعديات على الحريات الشخصية والملكية في حالات اعمال الغصب والتعدي Voies de fait عندما تكون قرارات الادارة غير مسندة الى القانون وكما يراقب القاضي العدلي عدم شرعية الاعمال الادارية من خلال رفضه معاقبة من ينتهكها.
وقد تسنى للقضاء العدلي اللبنانية حماية الحريات الاساسية في عدد من الحالات.
فقد اعتبرت محكمة التمييز المدنية بقرارها رقم 107 تاريخ 4/6/1968 وفي معرض طلب نقض قرار استئنافي فيه يمنع صدور احدى الصحف.
” ان القرار الاداري يكون متسماً بالتعدي إذا اتخذ دون الاستناد الى أي نص قانوني على ” الاطلاق أو كان خارجاً عن نطاق النشاط الاداري او ماساً بشكل جـدي وهام بالحريات ” العامة ومنها حرية الصحافة.
” ان الاعمال الناشئة عن تجاوز الاختصاص هي من التدابير التعسفية التي يعود أمر النظر ” بالتعويض عنها الى القضاء العدلي ( [28] )
كما ان القضاء العدلي اللبناني تدخل في الحالات المتعلقة بالاحوال الشخصية لجهة تعديل الاسم الذي يعرف به الشخص الى حرية التعبير فقضت.
” بما ان القانون اللبناني لم يمنع تصحيح الاسـم ولا الشهرة بنص خاص كما فعل مثلاً ” القانون الفرنسي في المادة 6 من قانون 6 fructidor an2 وبذلك يكون قـد اقر ” مبدئياً جواز ذلك عند تحقق المصلحة المبرره لصاحبها لان الاصل هو الاباحة وليس ” المنع.
” وبما ان حرية التعبير قولاً وكتابة المنصوص عنها في المادة 13 من الدستور تنطوي ” تحتها حرية المرء في اختبار الاسم الذي يعرف به بين انداده وذلك بدعوتهم لمخاطبته ” بهذا الاسم او الشهرة او للتعامل معها على اساسهما ( [29] )
ومن مراجعة القضاء العدلي يبدو في بعض قراراته تأثره بالمباديء الواردة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان قبل انضمام لبنان الى العهدين الدوليين للحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية وقبل التعديل الدستوري لعام 1990 وجعل الاعلان العالمي لحقوق الانسان كجزء من الدستور.
فقد جاء في حكم للقاضي البدائي المدني في بيروت تحت رقم 91 تاريخ 8 كانون الثاني سنة 1960 الذي صدق استئنافاً ما يلي:
“… وحيث ان البند السابع من العقد يخالف هذه الشروط لانه يمنع العمل على المدعى عليه ” اطلاقاً ولا يخضع المنع بمنطقة معيـنة يمكن ان تحصل فيها المزاحمة للمدعية بل يمنعه ” من العمل على جميع الاراضي اللبنانية بحيث انه يرمي حقيـقة لمنع المدعـى عليه من ” السكن وبالتالي العيش في لبنان الأمر الذي لم تتورع الجهة المدعية من القول بامكانه مع ” انه يخالف المادة 13 من شرعـة اعلان حقوق الانسان الموافـق عليها من قبل الجمعية ” العمومية للامم المتحدة في 10/12/1948 “. ([30])
كما ان القضاء الجزائي حرص على اعتبار الاعترافات المنتزعة بالعنف باطلة لانها تخالف شرعة حقوق الانسان ( [31] )
وحديثاً اصدر القضاء المستعجل في كل من زحلة وجديدة المتن قرارات قضت بالزام الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الداخلية – المدير العامة للامن العام باطلاق سراح لاجئين محتجزين تعسفياً بعد انقضاء تاريخ حكمهم واحتجازهم دون مسوغ قانوني ومن دون أي قرار قضائي أو اداري وقد استند القضاء المستعجل في احكامه الى المادة 8 من الدستور والى الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966التي تشكل جزءاً من الدستور ([32])
أما القضاء العدلي الفرنسي فكان اكثر شجاعة في مجال حماية الحقوق والحريات من القضاء الاداري إذ انه سبق المجلس الدستوري ومجلس الشورى الفرنسي في بعض المحاولات للرقابة على دستورية القوانين. إذ اعطى القوة الدستورية لمقدمة الدستور الفرنسي لعام 1946 التي تؤكد على اعلان حقوق الانسان والمواطن لعام 1789 وعلى المباديء الاساسية المعترف بها في قوانين الجمهورية اضافة الى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ( [33])
إما بالنسبة للقضاء الاداري في لبنان وهو المرجع الذي يراقب كل الاعمال الادارية سواء اكانت فردية أو تنظيمية سواء لناحية التحقق من شرعيتها أو المسؤولية الناجمة عنها فقد تدخل في عديد من الحالات لحماية الحريات العامة والحقوق السياسية لاسيما لجهة الاشتراك في الانتخابات النيابية ( [34] )
كما كرس حرية الانتساب للنقابات وتعدد النقابات للمهنة الواحد ( [35] ).
كما كان لمجلس الشورى موقف بارز لجهة حماية حرية الجمعيات ببالتأسيس بدون قرار ترخيص من وزارة الداخلية واعتبر ان العلم والخبر يكفي استناداً لقانون الجمعيات لعام 1909( [36] )
كما اعتبر حق المراجعة من المباديء القانونية العامة ذات القيمة الدستورية وهي تتعلق بالنظام العام. ورد الدفع لعدم صلاحية مجلس الدولة للنظر عن طريق النقض بقرارات الهيئة العامة للتأديب ( [37])
وابطل القرارات الادارية التي كانت تحرم الموظف من حق الدفاع في حالة العقوبة المقنعة ([38])
ولم يكن موقف مكجلس شورى الدولة الفرنسي اقل حماية للحقوق والحريات الاساسية إذ انه من مراجعة قراراته يتبين انه كرس حماية الحقوق الاساسية الواردة في دستور 1946 كما انه حرص على حقوق الدفاع ([39])
يقتضي اخيراً القول ان القضاء على انواعه لا يمكن ان يمارس دوره الطبيعي في حماية حقوق الانسان إلا إذا كان مستقلاً بكل معنى الكلمة من خلال سلطة قضائية مستقلة تؤمن له الضمانات المعنوية والمادية كافة لتأدية رسالته على اكمل وجه مع تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بحق جميع القضاة بدون استثناء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – – Cabrillac Rémy, Friçon- Roche Marie- Anne, Revet thierry , Libertés et droits
Fondamentaux , Paris . Dalloz 2009 15éd .P. 7 et suivant.
– هالة ابو حمدان: القضاء الدستوري والحقوق والحريات الاساسية. اطروحة دكتورا غير منشورة الجامعة اللبنانية كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية 2007.
” ظهرت مفاهيم حقوق الانسان في شريعة حمورابي قبل الميلاد وذلك باعتماد اصول المحاكمات وقرينة البراءة كما ظهرت في الشرعة العظمي الماغنا كارتا Magna Carta التي اقرت للشعب الانكليزي الكثير من الحريات الدينية والمدنية والسياسية وبعد ذلك في اعلان حقوق الانسان والمواطن في فرنسا، وفي العديد من دساتير الدول. كذلك نادت الشريعة المسيحية بالحقوق الطبيعية للانسان بينما نادت الشريعة الاسلامية بالمساواة بين بني البشر بدون تفصيل.
[2]- عبد السلام شعيب: حقوق الانسان بين المعايير الدولية والقانون اللبناني- محاضرة القيت في نقابة المحامين في طرابلس بتاريخ 17/4/2000 النهار في 20/4/2000.
– Olivier de Frouville. L’intangibilité des droits de l’Homme en droit international, Paris Pedone 2004.
– Les droits de l’Homme à l’aube du XXI siècle préface de Robert Badinter. La documentation francaise Paris 1998.
– Henry Steiner, Philip Alston. International Human Rights in context, second edition. Oxford university , Press. USN 2000.
– Jean- François Rennuci: Traité de droit européen des droits de l’Homme, L.G.D.J 2007.
– La Protection des droits de l’Home et l’évolution du droit international , Paris Pedone 1998.
[3] – Mary Ann Glendon, a world made new: Eleanor Roosevelt and the Universal Declaration of Human Rights , Random house, New York 2001.
– حقوق الانسان. مجلة الابحاث – الجامعة الاميركية بيروت 1998 عدد خاص.
[4] – حسان رفعت. الاعلان العالمي لحقوق الانسان. مقارنة نحو المستقبل، العدل 2008 عدد 2 صفحة 479.
[5] – امين عاطف صليبا. دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون. المؤسسة الحديثة للكتاب طرابلس لبنان 2001.
– ناصر كامل يحي صبح: اتجاهات العدالة الدستورية في الوطن العربي (مصر، لبنان، الكويت) ودورها في حماية الحريات والحقوق الاساسية. اطروحة دكتورا غير منشورة – كلية الحقوق الجامعة الاسلامية 2007.
[6] – عبد الواحد محمد الفار: قانون حقوق الانسان، دار النهضة القاهرة 1991.
[7] – Edelman. La dignité de la personne humaine un concept nouveau. D.1997 chron. Page 185 et s.
[8] – سامي منصور : حقوق الانسان في الوطن العربي لمن تقرع اجراسها. العدل 1990/1991 صفحة 36.
– Les droits de l’Homme au siècle du troisième millénaire. Mélange en hommage à Pierre Lambert.Bruylant 2000.
[9] – Jacques Robert , Henri Oberdorff. Libertés fondamentaux et droits de l’Homme, Montchrestien, 8éd 2009.
[10] – ندى سايد فرنجيه: المعاهدة الدولية امام القضاء الداخلي- رسالة دبلوم قانون عام. الجامعة اللبنانية. كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية- الفرع (الاول) 1977-1998.
– توفيق فرج: المدخل للعلوم القانونية – الدار الجامعية 1987 صفحة 181.
– حلمي الحجار: التنازع بين الشرعية الدولية والشرعية الوطنية داخل الدولة , سمو الشرعية الدولية – السفير تاريخ 8 كانون الاول سنة 2005.
[11] – تمييز اول رقم 59 تاريخ 9/12/1970 العدل 1974 صفحة277
– تمييز رابعة رقم 1 تاريخ 25/1/1944 النشرة القضائية 1944 صفحة 41.
[12] – قرارات المجلس الدستوري تاريخ 18 ايلول سنة 1995، تاريخ 7 ىب سنة 1994 و 10 أيار سنة 2001.
[13] – Hauriou Maurice. Précis de droit constitutionel. Paris 3ed 1929.
– Carré de Melberg, Raymond. Contribution à la théorie générale de l’Etat ,paris,sirey,1920.
[14] – صادر في المجلس الدستوري: انشاؤه، نظامه، قراراته، اراء فقهية 1993-2001 المنشورات الحقوقية صادر.
[15] – امين عاطف صليبا – دور القضاء الدستوري في ارساء دولة القانون، دراسة مقارنة 2002 المؤسسة الحديثة للكتاب – طرابلس 2002.
– قرار رقم 2/95 تاريخ 25/5/1995 والقرار 3/95 تاريخ 18/9/1997 والقرار 5/2000 تاريخ 27/6/2000.
[16] – السفير 25 تشرين الثاني 2009 (دراسة الدولية للمعلومات حول الدستوري).
[17] – قرار رقم 1/97 تاريخ 12/6/97 والثاني 2/99 تاريخ 24/11/99.
[18] – القرار رقم 1/2000 و 2/2001.
[19] – قرار رقم 4/96 تاريخ 7/6/1996.
[20] – قرار 2/99 تاريخ 28/9/1999.
[21] – قرارات المجلس الدستوري رقم 1/99 تاريخ 2/11/1999
ورقم 1/2000 تاريخ 1/2/2002
ورقم 5/2000 تاريخ 27/6/2000
[22] – قرار رقم 2/95 تاريخ 25/11/1995.
[23] – امين عاطف صليا. مرجع مذكور سابقاً صفحة 307 وما يليها.
[24] – دريد بشراوي- تعليق على قرار المجلس الدستوري رقم 4/2001 تاريخ 29 ايلول سـنة 2001 والمتعلـق بدستوريـة القانون رقـم 359/2001 الذي عدل قانون اصول المحاكمات الجزائية ومدى صحة المسائل الدستورية والقانونية التي تثار حوله فيما يتعلق بالحقوق والمباديء الاساسية . صادر – المجلس الدستوري- المنشورات الحقوقية – صادر صفحة 329.
– عبد السلام شعيب: تعليق على القرار الصادر عن المجلس الدستوري رقم 1/2003 القانون رقم 549 تاريخ
20-10-2003 جريدة النهار 5/11/2003.
[25] -L. L. Favoreu/ L. Philip. Les grandes décisions du conseil contstitutionnel, Paris. Dalloz 2003, 21e .
[26] – خالد قباني. لماذا الدستور. مجلة القلضاء الاداري في لبنان. العدد الخامس عشر صفحة 21
[27] – Nasri Antoine Diab. Le droit fondamental a la justice. Bruylant , Delta L.G.D.J. 2005.
[28] – محكمة التمييز المدنية – الدولة اللبنانية/ عبدالله المشنوق- النشرة القضائية – 1969 صفحة 1273.
[29] – محكمة التمييز (الغرفة المدنية 0 الهيئة الثانية) قرار رقم 4 تاريخ 26 تشرين الاول 1967 – الدولة اللبنانية/ابراهيم سليمان وعزيزة سرحان ورفاقهما. العدل 1968 صفحة 175,
[30] – القاضي البدائي المدني في بيروت – المطعم الايطالي/ راميللو – نشرة قضائية 1960 ص 150.
[31] – عفيف شمس الدين. المصنف السنوي الجزائي 1998 صفخة 79.
[32] – ميثم الربيعي/الدولة اللبنانية- وزارة الداخلية قرار رقم 33/2010 تاريخ 28/1/2010 القضاء المستعجل في المتن غير منشور.
[33]- Tribunal civil de la Seine , jurisprudence générale,Dalloz,1947 p 126 et 127.
– هالة ابو حمدان، مرجع مذكور سابقاً صفحة 15 وما يليها.
[34] – قرار مجلس شورى الدولة رقم 368 تاريخ 19 آذار 1968، وقرار مجلس شورى الدولة تاريخ 27 أيار 1968 ص 367 و ص 371
[35] – قرار شورى الدولة تاريخ 27 أيار سنة 1970 نشرة قضائية 1968 صفحة 911,
[36] – مجلس شورى الدولة. جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات/ الدولة ، قرار رقم 135 تاريخ 18/11/2003، مجلة القضاء الاداري، العدد 20 2008 المجلد الاول صفحة 271.
-M.Long/P.Weil/G Braib ant/ PDELVOLVé,B.Gnevois.les grandes arrêts de la jurisprudence administrative.12e Dalloz.
[37] – مجلس شورى الدولة القرار رقم 71/2001 تاريخ 25/10/2001 – الدولة/السفير الياس غصن – العدل2002-4 ص 555.
[38] – مجلس شورى الدولة القرار رقم 67/2001 تاريخ 23/10/2001 – المهندس رياض العبدالله /الدولة اللبنانية -العدل 2002 – 4 ص 58.
-Hassan Tabet Rifaat. La protetion des droits fondamentaux par le conseil D’Etat de Liban- Proche- Orient. Etudes juridiques 1981. Page 233.
[39] -M.Long P. Weil. G. Braib. Devolvé. B Genevios. Les grandes arrêts de la jurisprudence administrative 12e d Dalloz. 1999.