بحث مميز حول التفويض في الطلاق في ضوء احكام الفقه والقانون

بحث مميز حول التفويض في الطلاق في ضوء احكام الفقه والقانون

ما يقع به الطلاق:

يقع الطلاق بكل ما يدل على إنهاء العلاقة الزوجية سواء كان ذلك باللفظ الصريح كأنت طالق ونحوه، أو كان بالكناية كالحقي بأهلك، أو أنت علي حرام ونحو ذلك إذا قصد الطلاق، أو كان الطلاق بالكتابة البينة المعلومة كأن يكتب لزوجته يا فلانة أنت طالق ونحو ذلك، أو كان الطلاق بالإشارة التي تدل على إنهاء العلاقة الزوجية كالأخرس، إشارته كلفظ الصحيح، يقع بها الطلاق.
ويصح الطلاق بإرسال رسول يبلغ الزوجة الغائبة بأنها مطلقة، فيطلقها نيابة عن الزوج، ويقع الطلاق بدون إشهاد، ويستحب الإشهاد على النكاح، والطلاق، والرجعة، ولا يجب.
قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [3]} [الطلاق:2- 3].

حكم تحريم المرأة:

إذا حرم الرجل امرأته كأن يقول: أنت علي حرام، فلا يخلو من ثلاثة أمور:
1- أن يكون قصده تحريم العين، فهذه يمين يكفِّرها؛ لأنه حرَّم الحلال.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [2]} [التحريم:1- 2].
2- أن يكون قصده الطلاق، فهذا يقع طلاقه؛ لأن لفظ التحريم كناية من كنايات الطلاق.
3- أن يكون قصده الظهار، فهذا يكون ظهاراً، وفيه كفارة ظهار كما سبق.

أنواع فرقة النكاح:

الفرقة بين الزوجين تكون إما بطلاق أو فسخ.
1- الفرقة بسبب الطلاق: هي ما كانت بألفاظ الطلاق صريحاً أو كناية.
2- الفرقة بسبب الفسخ تكون فيما يلي:
الخلع إذا كان بغير لفظ الطلاق.. ردة أحد الزوجين.. الفرقة بسبب العيب المشترك كالجنون والصرع.. أو المختص بالمرأة كالرتق والقروح السيالة، أو المختص بالرجل كالجب والعِنّة.. إسلام أحد الزوجين..
الفرقة بسبب الإيلاء.. الفرقة بسبب اللعان.. الفرقة بسبب الإعسار في المهر أو النفقة أو السكن.. فرقة إسلام الزوج على أختين أو أكثر من أربع نساء.. فرقة عدم الكفاءة بين الزوجين.. الفرقة بسبب الرضاع ونحو ذلك.

الفرق بين الطلاق والفسخ:

الفرق بين الطلاق والفسخ من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الطلاق إنهاء لعقد النكاح، لكن لا يزول الحل إلا بعد البينونة الكبرى.
أما الفسخ فهو نقض للعقد من أساسه.
الثاني: أن الطلاق لا يكون إلا بناءً على عقد صحيح لازم، أما الفسخ فيكون بسبب حالات طارئة على العقد كردة الزوجة، أو جماع الزوج لأم زوجته أو بنتها ونحو ذلك، أو بسبب حالات مقارنة للعقد تقتضي عدم لزومه من الأصل كخيار البلوغ لأحد الزوجين، وخيار أولياء المرأة التي تزوجت من غير كفء.
الثالث: الطلاق ينقص عدد الطلقات التي يملكها الرجل، أما الفسخ فلا ينقصها.
فكل فرقة بسبب من جانب المرأة تكون فسخاً، وكل فرقة من جانب الرجل أو بسبب منه فهي طلاق.

من يملك الفسخ:

فسخ النكاح: هو حل الرابطة التي تربط بين الزوجين.
والفسخ قد يكون بسبب خلل وقع في العقد، كما إذا تم العقد فتبين أن الزوجة أخته من الرضاع، وقد يكون بسبب طارئ عليه يمنع بقاءه، كما إذا ارتد أحد الزوجين عن الإسلام، فيفسخ العقد بسبب الردة الطارئة، فإذا كان سبب الفسخ جلياً فسخ الزوجان النكاح من تلقاء أنفسهما، كما إذا تبين للزوجين أنهما أخوان من الرضاع.
وإذا كان سبب الفسخ خفياً فلا يفسخه إلا القاضي كالفسخ بسبب الردة، أو بسبب العيب، أو بسبب النشوز ونحو ذلك.

.الحالات التي يطلق فيها القاضي:
يجوز للقاضي أن يطلق الزوجة من زوجها عند طلبها في الأحوال الآتية:
عدم نفقة الزوج عليها.. وجود العيب بالزوج.. غيبة الزوج بلا عذر.. حبس الزوج.. حصول الضرر بسبب الزوج كأن يضربها، أو بسبها، أو يؤذيها ونحو ذلك.
فيجوز في هذه الحالات وأمثالها أن تطلب المرأة الطلاق من زوجها إذا تضررت، أو خشيت الوقوع فيما حرم الله بسبب بُعد الزوج عنها، أو عدم قدرته على جماعها.
قال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229].
الطلاق المنَجَّز والمعلَّق:
الطلاق إما أن يكون منجزاً، أو مضافاً، أو معلقاً كما يلي:
1- الطلاق المنجز: وهو ما يُقصد به حصول الطلاق في الحال، كأن يقول الزوج لزوجته: أنت طالق أو طلقتك ونحو ذلك، وهذا الطلاق يقع في الحال متى صدر من أهله، وصادف محلاً له.
2- الطلاق المضاف: وهو كل طلاق اقترن بزمن مستقبل، كأن يقول لزوجته: أنت طالق غداً، أو رأس السنة، أو بعد شهر ونحو ذلك، وهذا الطلاق لا يقع إلا عند حلول الأجل الذي حدده.
3- الطلاق المعلق: وهو كل طلاق جعل الزوج حصول الطلاق فيه معلقاً على شرط.
كأن يقول لزوجته إن ذهبت إلى السوق فأنت طالق، فإذا ذهبت إلى السوق طلقت.
ويشترط لصحة وقوع الطلاق المعلق ثلاثة شروط هي:
أن يكون التعليق على أمر معدوم يمكن وجوده في المستقبل.. وأن تكون المرأة في عصمته.. وأن تكون كذلك حين حصول المعلق عليه.

أقسام الطلاق المعلق:

الطلاق المعلق قسمان:
الأول: إن كان يقصد بطلاقه المعلق الحمل على الفعل أو الترك، أو الحظر أو المنع، أو تأكيد الخبر ونحو ذلك، كأن يقول لزوجته مريداً منعها من الخروج لا إيقاع الطلاق: إن خرجت من الدار فأنت طالق، يقصد منعها من الخروج، فهذا الطلاق لا يقع، ويجب فيه كفارة يمين إذا خالفت، والكفارة: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
الثاني: أن يقصد وقوع الطلاق عند حصول الشرط كأن يقول: إن دخلت بيت فلان فانت طالق، فهذا الطلاق يقع إذا حصل الشرط المعلق عليه.
وإذا قال لزوجته إن ولدت ذكراً فأنت طالق طلقة، وإن ولدت أنثى فأنت طالق طلقتين، فولدت ذكراً ثم أنثى، طلقت بالأول، ثم بانت بالثاني.

حكم الطلاق قبل الزواج:

إذا علق طلاق امرأة أجنبية على نكاحه لها فقال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فهذا الطلاق لا يقع؛ لعدم وجود المحل أثناء الطلاق.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [49]} [الأحزاب:49].
2- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ نَذرَ لاِبْنِ آدَمَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ عِتْقَ لَهُ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ وَلاَ طَلاَقَ لَهُ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ». أخرجه أبو داود والترمذي.

حكم التوكيل في الطلاق:

الرجل كما يملك الطلاق بنفسه يملك إنابة غيره فيه، ويقع الطلاق من غير الزوج بإذنه إما بالتوكيل، أو التفويض، أو الرسالة.
فالتوكيل: إنابة الزوج غيره في طلاق زوجته كأن يقول لغيره: وكّلتك في طلاق زوجتي، فإذا قَبِل الوكيل الوكالة، ثم قال لزوجة موكِّله: أنت طالق، فقد وقع الطلاق، وكل من صح طلاقه صح توكيله، والوكيل في الطلاق مقيد بالعمل برأي الموكِّل، فإذا تجاوزه لم ينفذ تصرفه إلا بإجازة الموكِّل، وللموكِّل أن يعزل الوكيل متى شاء.
وإذا وكل الزوج زوجته في طلاق نفسها صح توكيلها، وطلاقها لنفسها؛ لأنه يصح توكيلها في طلاق غيرها، فكذا في طلاق نفسها.

حكم الطلاق بالرسالة:

الطلاق بالرسالة له صورتان:
الأولى: أن يكتب الزوج رسالة بالطلاق إلى زوجته، ويرسلها محررة إليها، كأن يكتب لها حرفياً أنت طالق، أو مطلقة ونحو ذلك مما يفيد الطلاق، فإذا استلمتها صارت طالقاً.
الثانية: أن يرسل إليها رسالة شفوية بالطلاق، كأن يقول الزوج لرجل: اذهب إلى فلانة زوجتي وقل لها: إن زوجك يقول لك أنت طالق.
فإذا ذهب الرسول إليها، وبلّغها الرسالة على وجهها، وقع الطلاق، والرسول ناقل لا مطلق.

حكم تفويض الزوجة بالطلاق:

الطلاق حق من حقوق الزوج، فله أن يطلق زوجته بنفسه.. وله أن يفوضها في طلاق نفسها.. وله أن يوكل غيره في الطلاق، وكلٌّ من التفويض والتوكيل لا يُسقط حقه في الطلاق، ولا يمنعه من استعماله متى شاء، والتفويض: إنابة الزوج زوجته في طلاق نفسها، كأن يقول لها: أمرك بيدك ونحو ذلك.

أنواع التفويض بالطلاق:

التفويض بالطلاق ثلاثة أنواع:
1- التوكيل: وهو أن يوكل الرجل زوجته في طلاق نفسها، فلها أن تطلق نفسها واحدة أو أكثر حسب ما وكلها فيه، وله أن يعزلها ما لم تفعل الموكَّل فيه.
2- التمليك: وهو أن يُمَلِّك الرجل زوجته أمر نفسها كأن يقول لها: جعلت أمرك بيدك، أو جعلت طلاقك بيدك ونحو ذلك.
ولها بهذا التمليك أن تطلق نفسها واحدة أو أكثر حسب ما ملَّكها زوجها من الوقت والعدد.
3- التخيير: وهو أن يخيرها زوجها بين البقاء معه أو الفراق كأن يقول لها: اختاريني أو اختاري نفسك، فلها أن تفعل من الأمرين ما أحبت، فإن اختارت الفراق طلقت نفسها واحدة أو أكثر حسب ما فوضه إليها من الوقت والعدد.
فإذا قال لزوجته اختاري البقاء أو الطلاق، فقالت: طلقت نفسي، وقع الطلاق حسب تفويض الزوج بائناً أو رجعياً.
عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِي فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْراً، فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ». قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}-إِلَى- {أَجْرًا عَظِيمًا}» قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ، فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. متفق عليه.

.الطلاق السني والبدعي:
أقسام الطلاق:
ينقسم الطلاق من حيث موافقته للسنة وعدم موافقته إلى قسمين:

.1- الطلاق السني:
وهو ما أذن الشرع فيه.
والطلاق البدعي: وهو ما نهى الشرع عنه.
1- أقسام الطلاق السني:
يجوز للزوج أن يطلق زوجته طلاق سُنّة كما يلي:
الأولى: أن يطلق الزوج امرأته المدخول بها طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، وله مراجعتها ما دامت في العدة وهي ثلاثة قروء.
1- إذا انقضت العدة ولم يراجعها طَلُقت وبانت منه بينونة صغرى، فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، ويجوز لها بعد العدة الزواج منه أو من غيره.
2- إن طلقها ثانية فيطلقها كالطلقة الأولى، فإن راجعها في العدة فهي زوجته، وإن لم يراجعها طَلُقت وبانت بينونة صغرى، فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، ويجوز لها بعد العدة الزواج منه أو من غيره.
3- إن طلقها ثالثة كما سبق بانت منه بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره بنكاح صحيح مشتمل على الوطء، فهذا الطلاق بهذه الصفة، وهذا الترتيب، سُنِّي من جهة العدد، وسُنِّي من جهة الوقت.
1- قال الله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [228]} [البقرة:228].
2- وقال الله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229] فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [230]} [البقرة:229- 230].
3- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهْما أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَسَألَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أمَرَ اللهُ أنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ». متفق عليه.
الثانية: أن يطلق الزوج زوجته بعد أن يتبين حملها طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة قبل وضع الحمل، فإذا وضعت الحمل وهو لم يراجعها طَلُقت منه، فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، ويجوز لها بعد العدة أن تتزوج منه أو من غيره.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِراً أوْ حَامِلا». متفق عليه.
الثالثة: إذا كانت الزوجة لا تحيض كالصغيرة والآيسة، أو كانت غير مدخول بها، طلقها في أي وقت شاء طاهراً أو حائضاً، وتقع طلقة بائنة.

شروط طلاق السنة:

طلاق السنة ما تحقق فيه أربعة شروط:
1- أن تكون الزوجة حاملاً، أو طاهراً من الحيض أو النفاس حين الطلاق.
2- ألا يجامعها زوجها في ذلك الطهر الذي طلقها فيه.
3- أن تكون الطلقة واحدة في الطهر.
4- ألا يُتبعها الزوج طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها من طلقةٍ قبلها.
وطلاق السنة: إما من ناحية الوقت، أو من ناحية العدد.
فالسنة في العدد يستوي فيها المدخول بها وغير المدخول بها، والسنة في الوقت تكون في حق المدخول بها فقط، وهي أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أما غير المدخول بها فيطلقها في حال الطهر أو الحيض على حد سواء.

حكم متعة الطلاق:

إذا حصل الطلاق، ووقعت الفرقة، فيسن للزوج أن يُمَتِّع زوجته المطلقة بما يناسب حاله وحالها؛ جبراً لخاطرها، وتطييباً لقلبها وأداء لما نقص من حقها.
1- قال الله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [241]}
[البقرة:241].
2- وقال الله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [236]} [البقرة:236].

حكم طلاق من لم يُسمَّ لها مهر:

إذا طُلّقت من لم يسم لها مهر قبل الدخول وجبت المتعة على الزوج حسب قدرته، وإن طُلّقت من لم يسم لها مهر بعد الدخول فلها مهر المثل من غير متعة.
قال الله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [236]} [البقرة:236].

حكم طلاق من سمي لها مهر:

إذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول وقد فرض لها صداقاً فلها نصفه، إلا أن تعفو أو يعفو وليها، وإن كانت الفرقة من قِبَلها سقط حقها كله، وإذا كانت الفرقة بعد الدخول لزم الزوج المهر كله.
قال الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [237]} [البقرة:237].
إذا افترق الزوجان في نكاح فاسد قبل الدخول فلا مهر ولا متعة، وإن كان بعد الدخول وجب لها المهر المسمى بما استحل من فرجها.

حكم الإشهاد على الطلاق:

يقع الطلاق بدون إشهاد؛ لأن الطلاق من حقوق الرجل، ولا يحتاج إلى بينة كي يباشر حقه.
ويستحب الإشهاد على الطلاق ولا يجب، وذلك بشهادة رجلين عدلين.
قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا [3]} [الطلاق:2- 3].