الدفوع والدفاع واوجه الفرق بينهما في القانون القطري
الفرق بین الدفوع والدفاع
لفظ الدفاع وان كان فى الأصل منصرفاً إلى كافه أوجه الدفاع سواء تلك المتعلقه بالقانون أو تلك المتعلقه بالواقع، إلا أن القانون والسوابق القانونیه وما جرى علیه العمل مدعماً بآراء الفقهاء قد میز بین أوجه الدفاع المتعلقه بتطبیق نص قانونى وهى ما یطلق علیها مصطلح الدفع، وبین سائر أوجه الدفاع الأخرى والتى تتعلق بتفنیذ أوجه الدفاع وصولاً إلى دحضها أو نفیها أو التشكیك فیها.
أما الدفوع فهى من وسائل الدفاع الممیزه لأنها تتعلق بتطبیق القانون وهو ما یستتبع من المحكمه إیرادها والرد علیها رداً یخضع لرقابة جهات القضاء الأعلى.
أما أوجه الدفاع الموضوعیه فمنها ما لا یستأهل رداً خاصاً، ومنها ما یطلق علیه بالدفاع الجوهرى وهو یأخذ نفس مراتب الدفع من حیث إیراده والرد علیه.
وسنتناول فى هذا الموضوع أنواع الدفوع والدفاع.
أولاً : المقصود بالدفوع
1 -المقصود اللغوى بكلمة “الدفع”
قد یراد بكلمة الدفع التنحیة والازالة حیث یقال دفع عنه الأذى بمعنى نحاه وازاله عنه وحماه عنه. وقد یراد منها “الاضطرار” فیقال دفعه إلىكذا أى أضطر ه إلیه فهو مدفوع إلیه أى مضطراً .
وقد یراد منها الرد فیقال دفعت الودیعة إلى صاحبها أى رددتها إلیه وقد یراد بها رد القول وابطاله فیقال دفعت القول أى رددته بالحجة .. ومن هذا المعنى الأخیر أخذت عبارة الدفوع المستعملة فى قانون المرافعات وقانون الاجراءات الجنائیة فیقال دفع المتهم بأنه فى حالة دفاع شرعى أى تمسك بهذا الدفع لابطاله التهمة المنسوبة إلیه وذلك باثبات أنه لم یر تكب الجریمة.
ولكلمة الدفع معان أخرى مثل قولهم هذا الطریق یدفع إلى كذا أى ینتهى إلیه وقولهم دفع الشئ فى آخر أى أدخله فیه .. أما كلمة “دافع” فمعناها أن یقال دافع عنه أى حامى عنه انتصر له وأیضاً یقال دافع فلاناً فى حاجته أى ماطله فیها ویقال دافعه . . . بمعنى زاحمه.
2 -المقصود بالدفوع فى قانون الاجراءات الجنائیة
اصطلاح الدفع له مدلول معین فى قانون الإجراءات الجنائیة یختلف عن مدلوله فى قانون المرافعات المدنیة والتجاریة هذا الاختلاف الذى یرتد الأصل فیه إلى الاختلاف فى طبیعة كل من قانونى الإجراءات الجنائیة والمرافعات المدنیة – اذ أن اصطلاح الدفع بمعناه العام فى القوانین المدنیة یطلق على جمیع وسائل الدفاع التى یجوز للخصم أن یستعین بها لیجیب على دعوى خصمه بقصد تفادى الحكم لخصمه بما یدعیه سواء كانت هذه الوسائل موجهة إلى الخصومه أو بعض إجراءاتها أو موجهة إلى أصل الحق المدعى به أو إلى سلطة الخصم فى استعمال دعواه مؤكداً إیاها.
وفى قانون المرافعات یطلق التعبیر على “الوسائل التى یستعین بها الخصم ویطعن بمقتضاها فى صحة اجراءات الخصومة دون أن یتعرض لأصل الحق الذى یزعمه خصمه فیتفادى بها مؤقتاً الحكم علیه بمطلوب خصمه”.
أما فى المواد الجنائیة فقد جرى العمل على إطلاق كلمة الدفع على “أوجه الدفاع الموضوعیة أو القانونیة التى یثیرها الخصم لتحقیق غایته من الخصومة فى الدعوى وكلمة الطلب على الطلبات المعینة التى تتفق مع وجهة نظره فى الدعوى وبالأخص طلبات التحقیق المعینة التى یتوجه بها إلى المحكمة إثباتاً لادعائه أو نفیاً لادعاء خصمه”.
ویقصد بالدفاع: الوسائل التي یستعملها الخصم تأییداً وتدعیماً لدفعه فى الدعوى ورداً على طلبات خصمه.
وبالطلبات: ما یتقدم به الخصم فى الدعوى من أوجه دفاع تستهدف اظهار الحقیقة كطلب اجراء معاینة أو سماع شهود وندب خبراء أو مضاهاة أو ضم الأوراق وكذا الملفات.
كما یتسع تعبیر الدفاع لكل ما یصدر عن خصم فى سبیل المطالبة بحقه وتدعیم وجهة نظره وتفنید حجج خصمه.
ثانیاً : أنواع الدفوع
الدفوع عموماً سواء فى قانون الاجراءات أو فى المرافعات تنقسم إلى قسمین.
القسم الأول یسمى بالدفوع الشكلیة والقسم الثانى فیسمى بالدفوع الموضوعیة.
القسم الأول: الدفوع الشكلیة
الدفوع الشكلیه غالباً هى تلك المطاعن التى تتعلق بشكل الدعوى الجنائیة سواء من حیث قواعد الإختصاص أو بالمواعید الإجرائیة أو بإجراءات المحاكمه ومثل تلك الدفوع یجب على المدافع أن یبدأ أو یستهل بها دفاعه لأنها غالباً دفوع لا تحتاج – إن صحت – إستهلاك وقت المحكمه فى فحص موضوع الدعوى ومنها ما یعتبر السكو ت عنه تنازلاً ضمنیاً عن إبداءه.
ومن أمثلة تلك الدفوع
أ- الدفوع المتعلقه بعدم قبول الدعوى الجنائیة.
ب- الدفوع المتعلقه بالإختصاص.
ج- الدفوع المتعلقه بإنقضاء الدعوى الجنائیة.
د- الدفوع المتعلقه ببطلان إتصال المحكمه بالدعوى.
كالدفع ببطلان ورقه التكلیف بالحضور أو أمر الإحاله أو الدفع بإقامه الدعوى الجنائیه بغیر الطریق الذى رسمه القانون أو الدفع بعدم جواز نظر الدعوى.
وجدیر بالذكر أن أغلب هذه الدفوع متعلقه بالنظام العام والجزاء المترتب على مخالفتها هو البطلان المطلق فهى دفوع یجوز إبدائها فى أى مرحله تكون علیها الدعوى وحتى وان كانت أول مره أمام المحكمه العلیا، بل على المحكمة أن تحكم بها من تلقاء نفسها.
القسم الثانى: الدفوع الموضوعیة
هى تلك الدفوع المتعلقه بتطبیق القانون سواء من الناحیة الإجرائیة أو من الناحیة الموضوعیة (توافر أركان الجریمة) إذا كان من شأن الفصل فیها فحص موضوع الدعوى.
وعموماً فإن هذ النوع من الدفوع وا ٕ ن كان متعلقة بتطبیق القانون إلا أنها تختلط بالموضوع بحیث أنه لا یجوز القضاء بها إلا مروراً بموضوع الدعوى، ومن أمثلتها:
أ- الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتیش.
ب- الدفوع المتعلقه بأسباب الاباحه (كالدفاع الشرعى) أو الدفوع المتعلقه بإمتناع العقاب (كالجنون أو السكر أو حالة الضروره) أو الدفوع المتعلقه بعدم توافر ركن من أركان الجریمة أو الدفوع المتعلقه بالإرتباط أو الدفوع المتعلقه بإنتفاء علاقة السببیةبین الفعل و النتیجة أو الدفوع المتعلقه بتوافر القانون الأصلح للمتهم.
هذه الدفوع الموضوعیة وا ن كانت تتعلق بتطبیق نص قانونى إلا أن مراقبة تطبیق القانون فیها یستوجب فحصاً لموضوع الدعوى وهى دفوع فى مجموعها لا تتعلق بالنظام العام ومن ثم فیجب على المدافع أن یتمسك بها ویترتب على إغفال إبداء الدفع التنازل عنه ضمنیاً، ولا یجوز الإحتجاج بقیامه بعد ذلك.
ومن ثم فإن المرافعه یجب أن تستهل بدایة بالدفع الشكلى – إن وجد -مروراً بالدفع القانونى الموضوعى – إن وجد –وا ٕنتهاءً بالدفاع الموضوعى.
ثالثاً : الدفاع الموضوعى
ویقصد بالدفاع بالمعنى الإصطلاحى هى كل أوجه الدفاع التى یبدیها المدافع طعناً فى أدلة الاسناد بغیة إهدارها، وهى تنقسم من حیث وجوب تصدى المحكمة لها بالإیراد والرد أو بالإلتفات دون رد خاص إلى أوجه دفاع جوهریة وأوجه دفاع غیر جوهریة.
القسم الأول: أوجه الدفاع الجوهریة
الأصل أن المحكمة غیر ملزمه بتتبع كافة مناحى الدفاع لرصدها أو تحقیقها أو التحقق منها أو الرد علیها إلا ما كان منها دفاعاً جوهر یاً والدفاع الجوهرى یتمیز بخصائص تمیزه عن باقى أوجه الدفاع وقد عرفته محكمة النقض المصریة ومن قبلها الفرنسیه بأنه ذلك الدفاع الذى إن صح لتغیر به وجه الرأى فى الدعوى ویشترط فیه أن یكون صریحاً واضحاً یتساند إلى أصل ثابت فى الأوراق وأن یكون متعلقاً بصلب موضوع الدعوى فى مسألة قطعیة الدلاله على نفى ثبوت الإتهام، ومن تلك الأوجه.
1 -الدفاع بإستحالة الرؤیة.
2 -الدفاع بعدم قدر ة المجنى علیه بالحدیث بتعقل قبل دفاعه.
3 -الدفاع بشیوع الإتهام.
القسم الثانى: أوجه الدفاع الغیر جوهرى
هو ذلك الدفاع الذى یتناول أدلة الدعوى بالتشكیك أو التكذیب متسانداً فى ذلك إلى المنطق والمجرى العادى للأمور وتناقض الأقوال أو تهاترها أو عدم قدره الشاهد على تذكر التفاصیل أو إلى ما ذلك من أوجه الدفاع التى تهدف إلى نبذ أدلة الثبوت.
وهذا النوع من الدفاع لا یستأهل من المحكمه رداً خاصاً بل یستفاد عدم تعویل المحكمه على تلك الأوجه من اقتناعها بأدلةالثبوت وهو ما یحمل ضمناً إطراحاً لكافه أوجه الدفاع التى تتناول تلك الأدله بالتشكیك.