تأثير مباشرة النياية العامة للتحقيق في الدعوي علي أعمال رجال الضبط القضائي.
(1) أثار هذا الموضوع خلاف في الفقه وتضاربت بشانة أحكام النقض. فذهب رأي إلي أن مباشرة النياية العامة التحقيق في الدعوي لأ يخل بحق رجل الضبط القضائي في القبض على المتهم وتفتيشه عند التلبس
(د.محمود مصطفى- شرح قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٩-ص٢٤٤:د.رمسيس بهنام-الاجراءات الجنائية تاصيلا وتحليلا-١٩٨٤-٢٥٣)
في حين ذهب جانب آخر من الفقه إلي أن مباشرة النياية العامة التحقيق في الدعوي يغل يد رجل الضبط القضائي عن القبض والتفتيش عند التلبس ما لم تأذن له النيابة العامة بذلك
(د.رءوف عبيد-مبادئ قانون الإجراءات الجنائية-١٩٨٩-ص ٣٧٩؛د.حسن صادق المرصفاوي-أصول الإجراءات الجنائية-٢٠٠٠-ص٣١٠؛د.عوض محمد عوض-قانون الإجراءات الجنائية-١٩٩٠-ص٣٧٩).
(2) ولقد انعكس الخلاف المار ذكره علي القضاء فذهبت محكمة النقض في حكم لها إلي أن مباشرة النياية العامة التحقيق في الدعوي بنفسها لا يجيز لأحد رجال الضبط القضائي أن يجري فيها عملا من أعمال التحقيق ألا بأذن منها فلا يحق لرجل الضبط القضائي عند التلبس تفتيش المتهم مادام أن النياية قد تولت أمر تحقيق الدعوي و لم تر من جانبها إجراء هذا التفتيش
(نقض ١٩٥٧/٤/٢مجموعة أحكام النقض س ٨رقم ٩١ص٣٤٥)
ولكن في حكم أخر قالت ان حاله التلبس بالجريمة تجيز لمأمور الضبط القضائي عملاً بالمادة 34 أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على إتهامه في الجنايات و كذلك في الجنح المشار إليها بهذه المادة و هذا الحق في القبض يبيح للمأمور بمقتضى المادة 46 تفتيش المتهم .
و لما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من أن الضابط أبصر الطاعن يعرض المخدر على المرشد السرى قد جعل مأمور الضبط القضائي حيال جريمة متلبس بها فيحق له دون حاجة إلى إذن مسبق من سلطة التحقيق أن يقبض على مقترفها و يفتشه ولو كانت النيابة العامة قد تولت التحقيق لأن رجل الضبط القضائي يستمد الحق في القبض والتفتيش من المواد 30 و34 و 46 و لأن تقييد نطاق تطبيقهم و نصهم عام يؤدى إلى نتائج قد تتأثر بها العدالة عندما تقتضى الظروف المحيطة بالحادث – كما هوالحال في واقعة الدعوى – أن لا يتقاعس المأمور عن واجب فرضه عليه القانون و خوله الحق في إستعماله
(نقض ١٩٧٢/٦/١٢مجموعة أحكام النقض س ٢٣رقم ٢٠٧ص٩٢٥)
(3) والراجح لدينا حظر قيام رجل الضبط القضائي بالقبض والتفتيش عند التلبس ما داما النيابة العامة تولت تحقيق لأن تخويل مأمور الضبط القضائي سلطه القبض والتفتيش عند التلبس استثناء من أصل اقتصار تلك الإجراءات علي النيابة العامة وقد خول القانون مأمور الضبط القضائي هذه الإجراءات نزولا علي حكم الضرورة وحتي تتصل النيابة العامة بتحقيق الدعوي فمتي حصل هذا الإتصال غلت يد مأمور الضبط القضائي عن مباشرة أي إجراء تحقيق إلا أن تأذن له فيه النيابه العامة
إذ لأ يصح ان يتكابل علي التحقيق سلطتان في آن وآحد كما أنه لأ حاجه للبديل(مباشر رجل الضبط القضائى القبض والتفتيش ) مع وجود الأصيل(النيابة العامة المختصة أصلا بالقبض التفتيش ) أما عموم النصوص فحجه هابطة لأن العقل يخصصها. ولا نعتقد صحه ما ذهبت إليه محكمة النقض من أن مجرد عرض المتهم المخدر علي المرشد ليس ظرف اضطراري حتي يقال ان حجب القبض والتفتيش عن رجل الضبط القضائي يودي إلي نتائج يتعذر تداركها إذ هذا العرض كان بإيعاز من الضابط باستدراج المتهم فلا تتوافر الضرورة. فضلا عن الضرورة بمفردها لا تبيح القبض والتفتيش…