الوصية الواجبة المعمول بها في مصر وفقا للشرع والقانون
الأصل عند جمهور الفقهاء أن الوصايا اختيارية يبر بها الشخص من أراد أو يجبر بها ما فاته من أعمال البر في حياته، لكن في أحوال غير قليلة كثرت منها الشكوى، يموت الشخص في حياة أمه أو أبيه أو يموت معهم، فتحرم ذريته من ميراثه الذي كان يستحقه لو عاش إلى وفاة والديه وذلك بسبب وجود من يحجب أبناءه من الميراث.
فبذلك يجتمع مع فقد العائل- الحرمان من مال قد يكون الشخص المتوفى ممن ساهم في بنائه ولا ذنب لذريته أن تحرم منه، وحتى لا يضطرب ميزان توزيع الثروة في الأسرة الواحدة، وحتى لا يقع الضرر على مثل هؤلاء الأحفاد، رأى المشرع وتلافيا لمثل هذه الحالة، علاجها عن طريق آخر غير الإرث وهو الوصية الواجبة المفروضة بحكم القانون، وتستمد قوتها منه. بحيث إذا أوصى بها الشخص مختارا نفذت، وإن لم يوصي بها وجبت بحكم القانون.
وأخذت القوانين بمصر وسوريا والأردن بالوصية الواجبة معتمدة على آراء بعض الفقهاء التابعين التي تقوم على فهم خاص لبعض نصوص القرآن الكريم.
أولا: تعريف الوصية الواجبة:
وعندما نأتي إلى تعريف الوصية الواجبة نجد أنها عبارة عن وصية أوجبها القانون لصنف معين من الأقارب حرموا من الميراث لوجود حاجب لهم، بمقدار معين وشروط معينة وتنفذ بحكم القانون سواء أنشأها المورث أم لم ينشئها. فهذا النوع من الوصايا واجب وجوبا قانونيا.
ثانيًا: السند الشرعي للوصية الواجبة:
أما بخصوص السند الشرعي للوصية الواجبة فهو مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل وابن جزم الأندلسي.
فمذهب ابن حزم مبنى على القول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين من الأحفاد على أنه وصية واجبة بمثل نصيب أبيهم أو أمهم في حدود الثلث، وتقسيمه بينهم قسمة الميراث.
فإذا توفى شخص وله أحفاد لا يرثون منه، ولم يوص لهم بشيء قام القاضي مقامه بإعطائهم جزء من تركته في الحدود التي ذكرناها كوصية واجبة.
وهذا القول مبني أيضا على قاعدة شرعية هي « أن لولى الأمر أن يأمر بالمباح لما يراه من المصلحة العامة ومتى أمر به وجبت طاعته. وفي رأي بعض الفقهاء ينشئ حكما شرعيا».
أما أصل الوجوب
قوله تعالى: «كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين».
ثالثًا: من تجب له الوصية الواجبة؟
أوجب القانون المصري الوصية الواجبة لفرع الولد المتوفى في حياة أصله مهما نزل مادام من أولاد الظهور، أما إذا كان من أولاد البطون استحقها إذا كان من الطبقة الأولى فقط، وأولاد الظهور هم من لا يدخل في نسبهم إلى الميت أنثى، كابن الابن وابن ابن الابن مهما نزل، وبنت الابن مهما نزل أبوها، أما أولاد البطون هم من ينتسبون إلى الميت بأنثى، كإبن البنت وابن بنت الابن، أي أن الميت في حياة أصله إذا كان ذكرا استحق فرعه الوصية من غير تقييد بطبقة، أما إذا كان أنثى كانت الوصية لأولادها فقط دون أولاد أولادها
مادة الوصية الواجبة هي المادة 76 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 والمعمول به في مصر من أول أغسطس سنة 1946، رغم أن الشرع يقول إنه طالما أن هناك ابنا من العصب فإنه يحجب عن الأحفاد ميراث جدهم أو جدتهم في حالة موت أبيهم.
أما بالنسبة للقانونين الأردني والسوري فلقد أوجبوا الوصية الواجبة لأولاد الابن فقط دون أولاد البنت، وفي البلاد التي تحكم بما يُسمى بـ «الوصية الواجبة» : لا شيء له من التركة، لأنهم يجعلون الوصية الواجبة خاصة بالأحفاد فقط، دون سائر الأقارب .
رابعًا: مقدار الوصية الواجبة:
أوجب القانون الوصية الواجبة بمقدار معلوم حتى لا تكون مثار نزاع بين مستحقيها وبين الورثة الآخرين، فقدرها بما كان يستحقه أصلهم ميراثا لا يزيد عن الثلث، فإذا زاد مقدارها يكون موقوفا على إجازة الورثة.
خامسًا: شروط الوصية الواجبة
1- ألا يكون الفرع الموصى لـه وارثا من صاحب التركة، بألا يكون معهم وارث مقدما عليهم وهم أعمامهم.
2- لا يستحق الأحفاد الوصية الواجبة إذا أوصى لهم الجد أو الجدة بغير عوض في حياته، مقدار ما يستحقونه من الوصية الواجبة، فإذا أوصى لهم أو أعطاهم أقل من الثلث وجبت وصية لهم بمقدار ما يكمل نصيب أصلهم أو الثلث إن كان نصيبهم أكبر منه.
3- ألا يكون الفرع المستحق للوصية الواجبة قاتلا للمورث، وألا يكون ذلك الفرع ابن شخص محروم من الميراث بسبب القتل أو اختلاف الدين.
وفى هذه الحال لا يستحق الفرع الوصية الواجبة لأنها وجبت تعويضا عن ميراث أصلهم الذي لو كان موجودا لما استحق ميراثا لحرمانه.
كيفية استخراج الوصية الواجبة من التركة :-
يتم استخراج مقدار الوصية الواجبة من التركة طبقا لنص المادة ( 76 ) من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 بطريقة تتكون من ثلاث خطوات وهى :
أولا : أن يفترض الولد الذى توفى فى حياة أحد ابويه حيًا وارثًا وتقسم التركة عليه وعلى الورثة الموجودين كما لو كان الجميع احياء ليعرف مقدار نصيبه لو كان موجودًا.
ثانيا : أن يخرج من التركة هذا القدر كما هو أن كان يساوى الثلث فأقل، وأن كان يزيد على الثلث رد الى الثلث، لان الوصية لا تزيد على الثلث وإنما أخرج أولا، لأن الوصية مقدمة على الميراث، ويقسم هذا المقدار على أولاده قسمة الميراث، للذكر ضعف الأنثى .
ثالثا : يقسم الباقى بعد إخراج مقدار الوصية الواجبه على الورثة الاحياء بتوزيع جديد من غير نظر الى الولد الذى فرض حيًا، لان هذا المقدار هو الميراث للاحياء، ويعطى كل وارث حقه كما هو الشأن فى تقسيم التركات بعد اخراج الوصايا منها .
ومن ثم فإن تنفيذ الوصية الواجبة يكون على أساس أن الخارج وصية لا ميراث بمعنى أنها تنفذ على جميع الورثة حتى لا يتأثر بها البعض دون الأخر، أى أنه يعاد تقسيم الباقى من التركة بعد اخراج مقدار الوصية الواجبة على الورثة الموجودين – أى الأحياء بالفعل – تقسيمًا عاديًا.