مدى جواز إثبات الزنا بواسطة الرسائل الإلكترونية

مدى جواز إثبات الزنا بواسطة الرسائل الإلكترونية.

(1)الزنا هو حصول وطء فى غير حل ولهذا فأن الرأي مستقر في الفقه والقضاء علي أن جريمة الزنا لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلال فلا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش

(الطعن رقم 3610 لسنة 65 جلسة 2001/02/26 س 52 ع 1 ص 305 ق 47؛الطعن رقم 21275 لسنة 64 جلسة 2000/10/23 س 51 ص 662 ق 130)

كملامسة العورات والتقبيل واحتكاك الاعضاء التناسلية بل والاتيان من دبر.

والأصل هو حريه القاضى الجنائي في إثبات وقوع الجريمة ونسبتها للمتهم من أي دليل يطمئن إليه ومع ذلك خرج المشرع عن هذا الأصل في جريمة الزنا وحدد في المادة ٢٧٦من قانون العقوبات الادله التي تقبل وتكون حجه علي المتهم بالزنا بحيث لا يملك القاضي الحكم بالإدانة الأمن خلال أحد هذه الادله المحددة حصريا

وهذه الادله هي التلبس بالزنا والاعتراف ووجود أوراق صادره من المتهم ووجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم اذ جري نص تلك المادة علي أن “الأدلة التي تقبل وتكون حجة على المتهم بالزنا هي القبض عليه حين تلبسه بالفعل أو اعترافه أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة منه أو وجوده في منزل مسلم في المحل المخصص للحريم”.

وقضاء النقض مستقر منذ زمن وحتي الآن علي أن نطاق تطبيق المادة ٢٧٦ يقتصر علي شريك الزوجة الزانية أما الزوجه نفسها فيصح للقاضي أن يعتمد في إثبات زناها علي أي دليل يطمئن إليه ولو لم يكن من بين الأدلة التي نصت عليه تلك المادة وكذلك الشان في إثبات زنا الزوج وشريكته إذ لا يتقيد القاضى في إثبات هذا الزنا بقيود خاصة

(نقض 2001 /2//6 الطعن رقم 3610 لسنه 65 ق؛ نقض 2002 /2/18 الطعن رقم 11906 لسنه 63 ق)

ولهذا حكم بأن ضبط عوازل طبية ملوثة بآثار مني بمنزل المتهم الشريك بناء على إذن مسبق غير كاف لإدانة الشريك بالزنا لأن ذاك ليس من بين الادلة الحصرية التي حددها القانون

(الطعن رقم12862 لسنة 63 جلسة 2001/05/14 س 52 ع 1 ص 489 ق 86)

وهو أمر شاذ اذا ما اقتنع القاضى من شهادة الشهود والقرائن بنسبه الزنا الي الزوجة فيقض بادانتها ويجد نفسه مضطرا في ذات الوقت الي تبرئة شريكها لعدم توفر دليل من الأدلة التي تطلبها القانون لإثبات الزنا عليه!

(2)ومن ثم فانة يجوز للقاض أن يثبت زنا الزوجة والزوج وشريكته من خلال الرسائل الاليكترونية المتبادلة عبر شبكة الإنترنت كل ذلك بشرط أن تكون الرسائل جازمة في حصول الوطء.

اما بالنسبة لشريك الزوجة الزانية فانه لأ يجوز إثبات الزنا ضدة ألا من خلال أحد الأدلة المحددة حصرا في المادة ٢٧٦ عقوبات ومن ضمن تلك الأدلة المكاتيب والاوراق الصادرة من الشريك أو اعترافة بالزنا فهل يمكن اعتبار الرسائل الاليكترونية الصادرة من الشريك بمثابة مكاتيب وأوراق أو اعتراف بالزنا ؟

لا خلاف علي امكانية الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من الشريك أن تضمنت اعتراف منه بالزنا إذ أن القانون لا يشترط في الاعتراف أن يكون قضائيا بل يمكن أن يحصل خارج مجلس القضاء بشرط أن يكون نصا علي حصول الوطء وهذا ما اخذت به محكمة النقض إذ قضت بانة لما كانت جريمة زنا الزوجة لا تقوم إلا بحصول وطء في غير حلال بما مفاده أن الجريمة لا تقع بما دون ذلك من أعمال الفحش,

وكان من المقرر أن تفسير العبارات ومعرفة مرماها مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام استخلاصها متفقا مع حكم العقل والمنطق, وكان البين من الاطلاع على محاضر تفريغ التسجيلات الصوتية التي جرت بين الزوجة – المطعون ضدها الأولى – وبين المطعون ضده الثاني – على ما يبين من المفردات المضمومة – أنها خلت مما يفيد وقوع الوطء فعلا بينهما وإن تضمنت عبارات غير لائقة ومن ثم يكون استخلاص محكمة الموضوع في استبعاد ما أسفرت عنه تلك التسجيلات وعدم اعتبارها دليلا من بين الأدلة التي أوردتها المادة 276 من قانون العقوبات بالنسبة للشريك في جريمة الزنا هو استخلاص سائغ ولم يخطئ الحكم المطعون فيه في التطبيق القانوني على الواقعة ويتفق مع حكم العقل والمنطق

(الطعن رقم 21392 لسنة 63 نقض2001/10/24 س 52 ع 1 ص 787 ق 148).

(3) وإنما يدق الآمر في اعتبار المكاتيب والاوراق رسائل اليكترونية ووجه الدقة ان المكاتيب والاوراق الصادرة من الشريك وتعتبر حجة في الزنا يقصد بها المحررات المكتوبة وهي في المعني التقليدي تتمتع الاداة المكتوبة بها بالثبات النسبي بحيث لا تتلاش أو تمحوا أو تزول دون ترك أثر ينم عنها وهو ما قد يظلمه واقع الحال بالنسبة للرسائل الاليكترونية اذ يسهل محوها علي الفور.

واياما كان الأمر فانه لما كانت تلك المكاتيب والاوراق يجب أن تكون صادرة من الشريك نفسة وجازمة علي حصول الوطء فإنها لابد وأن تتضمن بالضرورة اعتراف منه بالوطء ولهذا فإننا نري أنه يجوز إثبات زنا الشريك من خلال الرسائل الاليكترونية بوصفها اعترافا بالزنا.

( 4)غير أن الاعتداد بالرسالة الاليكترونية الصادرة من الشريك مشروط بان تكون دلالتها جازمة ونصا في اقرار الشريك بحصول الوطء وأن يكون الحصول علي الرسالة أو بالاحري الولوج الي البريد الإلكتروني للشريك قد تم بطريق مشروع اي بإذن قضائي مسبب ولمدة محدده طبقا للمادة ٥٧من دستور ٢٠١٤ ولا يكفي في هذا الشأن رضا الزوجة الزانية لأن الرسالة لا تخصها وحدها بل تخص شريكها وأن جاز لها أن تطلع الغير علي اسرارها فإنها لا تملك أن تطلع الغير سواء أكان زوجها أو السلطات العامة علي اسرار شريكها.

ومن باب أولى لا يجوز للزوج أن يخترق البريد الإلكتروني لزوجته لالتقاط الرسالة لأن فعله يعد في هذا الشأن جريمة طبقا لقانون العقوبات والقانون رقم ٧٥لسنة ٢٠١٨بشان جرائم تقنية المعلومات.ولا يستقيم أن يكون دليل الادانة مشروعا حال كونه جريمة.

فضلا عن بث الثقة والأمانة فيما بين الزوجين وما يجب أن يسود العلاقة بينهما من احترام لا ينسجم مع التجسس بحيث أن شك أحد الزوجين في سلوك الآخر لجأ الي اتباع الاجراءات القانونية في الاثبات وإلا تحولت الاسرة الي مسرح مخابرات وعس وهذا ما أخذ به القضاء الأمريكي والفرنسي وايدهم فيه الفقه.ولقد سبق أن ابدينا هذا الراي بحذفيره في مؤلفنا مراقبة الأحاديث الخاصة في الإجراءات دراسة مقارنة تحت عنوان مدي مشروعية تنصت الأزواج علي بعضهم البعض.

مع ملاحظة أن محكمه النقض في حكم قديم لها محل نظر أجازت للزوج تفتيش حقيبة زوجته الموجودة بالمنزل اذا ما اقتنع أن بها رسائل من عشيقها وعللت لذلك بأن الزوج في علاقته بزوجته ليس من الغير فى صدد المكاتبات لأن عشرتهما وسكون كل منهما الي الآخر وما يفرضه عقد الزواج عليهما من تكاليف لصيانة الأسرة في كيانها وسمعتها يخول لكل منهما ما لا يباح للغير من مراقبة زميله في سلوكه وفي سيره وفي غير ذلك مما يتصل با لحياة الزوجيه لكي يكون علي بينه من عشيره وهذا ما يسمح له عند الاقتضاء أن يتقص ما عساه أن يساوره من ظنون أو شكوك لينفيه فيهدا باله أو ليتثبت منه فيقرر ما يرتئيه.

(نقض 1941 /5/19 مجموعة القواعد القانونية ج 5 رقم 259 ص 741 ).