مسألة وفاة أحد أطراف عقد الإيجار وأثر ذلك على العلاقة الإيجارية

مسألة وفاة أحد أطراف عقد الإيجار وأثر ذلك على العلاقة الإيجابية. 

لم يتضمن قانون الإيجارات رقم /6/ لعام 2001 نصا ينظم حالة وفاة أحد أطراف عقد الإيجار ومدى اثر تلك الوفاة على العلاقة الايجارية ، و إنما جاءت المادة 17 منه لتنص على:

ا- تلغى أحكام القانون /464/ لعام 1949 و أحكام المرسوم التشريعي رقم /111/ لعام 1952 و تعديلاته كما تلغى أحكام المرسوم التشريعي رقم /3/ لعام 1987 و تعتبر عقود الإيجار المعقودة في ظل نفاذها مشمولة بأحكام هذا القانون .
ب- تطبق أحكام القانون المدني و قانون أصول المحاكمات في كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون .
ج – يلغى كل نص تشريعي يخالف هذا القانون أو لا يأتلف مع أحكامه.

ومن الرجوع إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم 464 لعام 1949 نجد أن المادة /2/ منه قد نصت على:
ـ يتناول تمديد عقود إيجار العقارات المعدة للسكنى أفراد أسرة المستأجر الذي يتوفى أو يترك البلدة التي فيها المأجور إذا كانوا قاطنين معه حين الوفاة أو الترك.
ويقصد بأسرة المستأجر من كان ساكناً معه من أصوله وفروعه وزوجه وزوجاته واخوته وأخواته ومن هم في ولايته أو وصايته من المحجورين.
ـ ويتناول تمديد عقود إيجار العقارات المأجورة لعمل تجاري أو صناعي أو لمهنة حرة من يقوم مقام المستأجر من ورثته إذا استمروا على عمل مؤرثهم. على أن يكونوا من أصوله أو فروعه أو أن يكون زوج المستأجر أو زوجته.
إن أفراد أسرة المستأجر الأول أو القائمين مقامه متكافلون متضامنون في دفع بدل الإيجار وفي التعويض عن التخريبات والأضرار التي يلحقها أحدهم بالمأجور.

وكان الاجتهاد القضائي قد استقر سابقا على سماع دعوى إنهاء عقد الإيجار المتعلق بدور السكن في حال وفاة المستأجر دون أن يترك وارثا مقيما معه أي في حال ثبوت انه – حال حياته – كان الشاغل الوحيد للعـقار المأجور وذلك عملا بالشرط الواجب توافره لتمديد عقود الإيجار لمصلحة الورثة الذي تضمنه أحكام المادة /2/ المذكورة سابقا {إذا كانوا قاطنين معه حين الوفاة أو الترك} إلا انه بإلغاء هذه المادة تبعا لإلغاء المرسوم رقم /464/ لعام 1949 ، وذلك الإلغاء تم بموجب المادة 17 من قانون الإيجار رقم /6/ لعام 2001 والتي نصت في الفقرة الثانية منها على وجوب الرجوع إلى أحكام القانون المدني لم تعد هذه الدعوى مسموعة … وذلك انه من الرجوع إلى نصوص القانون المدني نجد :

المادة 568 مدني:
1 ـ لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر.
2 ـ ومع ذلك إذا مات المستأجر جاز لورثته أن يطلبوا إنهاء العقد إذا أثبتوا أنه بسبب موت مؤرثهم أصبحت أعباء العقد أثقل من أن تتحملها مواردهم. أو أصبح الإيجار مجاوزاً حدود حاجتهم. وفي هذه الحالة يجب أن تراعى مواعيد التنبيه بالإخلاء المبينة في المادة 531 وأن يكون طلب إنهاء العقد في مدة ستة أشهر على الأكثر من وقت موت المستأجر.

المادة 569 مدني:
إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد.
الأمر الذي يتضح معه أن حالة إنهاء عقد الإيجار للعقارات السكنية بسبب وفاة المستأجر المستمدة من المادة /2/ من المرسوم التشريعي رقم /464/ لعام 1949 لم تعد موجودة بإلغاء ذلك المرسوم ، وان المادة 568 من القانون المدني أعطت الحق بإنهاء عقد الإيجار إلى ورثة المستأجر فقط دون اشتراط أن يكونوا من المقيمين معه حال حياته ، وبالتالي جعلت العلاقة الايجارية تنتقل إلى الورثة الشرعيين جميعهم دون استثناء سواء أقاموا في العقار المأجور أم لم يقيموا أو حتى يدخلوا إليه طوال حياة المؤرث ، وسواء منهم المقيم في البلدة التي يقع فيها العقار المأجور أم كان مهاجرا من عشرات السنين ، كما وان الفقرة الثالثة من المادة 17 من قانون الإيجارات رقم/6/ لعام 2001 التي نصت على شمول أحكامه لجميع العقارات المؤجرة في ظل المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1952 وتعديلاته ، جعلت هذه المبادئ تنطبق على العقارات المؤجرة سابقا والمشمولة بالتمديد الحكمي أي جعلت عقد الإيجار المتعلق بدور السكن يستمر من ورثة مستأجر إلى ورثة من يخلفه بالعلاقة الايجارية دون نهاية ودون أن يكون للمالك الحق في إنهاء العلاقة الايجارية بسبب وفاة المستأجر . وحبذا لو أن المشرع ترك عقود الإيجار المبرمة في ظل المرسوم التشريعي رقم 111 لعام 1952 وتعديلاته وفي ظل المرسوم التشريعي رقم /464/ لعام 1949 خاضعة لاحكامهما لكان اقرب للعدالة ولكان احسن تطبيق مبادئ القانون التي تنص على أن القانون الذي ابرم في ظله العقد يبقى ساريا على العلاقة التعاقدية ولكان اعمل أحكام المادة /10/ من القانون المدني :
تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول بها في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي كان ينبغي فيه إعداده.
وهذا النص القانوني أورده المشرع كي لا يفاجأ من اعد الدليل أو ابرم عقدا في ظل قانون يحدد الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد… بان تلك الحقوق والواجبات أصبحت عرضة للتغيير والتبديل دون موافقة منه أو تعبير عن إرادته وان المبدأ الأساسي في التعاقد الذي نصت عليه المادة 148 من القانون المدني حين جعلت العقد شريعة المتعاقدين وانه لا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين ، اصبح غير معمولا به.

ومما تجدر ملاحظته أن أحكام المادة 569 من القانون المدني لجهة جواز أن يطلب المؤجر إنهاء العلاقة الايجارية بسبب وفاة المستأجر الذي عقد الإيجار بسبب حرفته أو لأسباب تتعلق بشخصه لم تعد مطبقة في ظل القانون رقم /6/ لعام 2001 حيث أجازت الفقرة /ج/ من المادة /8/ منه لورثة المستأجر المنشأ فيه معملا أو متجرا أو صيدلية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانونا أو حرفة … بيعه بكامله إلى الغير أي أن قانون الإيجار الجديد قد نص على انتقال الحقوق الايجارية المتعلقة بالعقارات المذكورة سابقا إلى الورثة و أجاز لهم بيعها إلى الغير:
إذا أجر أو تنازل المستأجر عن المأجور كلا أو بعضا إلى الغير دون إذن خطي من المؤجر و يستثنى من ذلك العقار المنشأ به مصنع أو متجر أو صيدلية أو مهنة حرة أو علمية منظمة قانونا أو حرفة و باعه المستأجر أو ورثته بكامله إلى الغير ففي هذه الحالة يعتبر المشتري خلفا للمستأجر البائع أو ورثته فيما يتعلق بجميع شروط العقد على أنه يحق للمالك طلب تخمين المأجور فورا .

كما وان نص الفقرة /ج/ المذكور سابقا جاء بمبدأ يخالف ما نصت عليه المادة 2 من المرسوم التشريعي رقم 464 لعام 1949 التي كانت تشترط لامتداد عقود الإيجار المبرمة بسبب مهنة أو حرفة المستأجر أن يمارس الورثة أو أحدهم ذات المهنة أو الحرفة التي كان يمارسها مؤرثهم في العقار المأجور … حين جعل ذلك التمديد يقع حكما بسبب الإرث فقط ، وقد احسن المشرع في إقرار هذا المبدأ كونه أقرب للعدالة و افضل في تطبيق القانون لأن المتجر المنشأ في العقار المأجور له كيان قانوني مستمد من أحكام المادة 43 من قانون التجارة وهو بالتالي يستقل عن العقار المنشأ فيه و إنما تشكل العلاقة الايجارية أحد عناصر ذلك المتجر … كما وان المتجر يشكل قيمة مالية مستمدة من موجوداته ومن حقوق معنوية تابعة له {كعنصر الاسم التجاري والتراخيص والزبائن والشهرة }وهذه القيمة المالية تنتقل بالإرث إلى ورثة مالك المتجر وبالتالي فان اشتراط ممارسة ذات المهنة أو الحرفة من قبل الورثة وحصر الانتقال بالوارث الذي يمارس تلك المهنة والحرفة يشكل تناقضا ما بين انتقال الحقوق المترتبة على المتجر بعناصره القانونية بالإرث وبين عدم انتقال الحقوق الايجارية إلا بالممارسة وللوارث أو للورثة الذين يمارسون ذات المهنة والحرفة … كما يشكل إنهاء لوجود ذلك المتجر بمجرد وفاة المستأجر دون وجود وارث يمارس ذات المهنة فيه أي إنهاء لكيان قانوني بشكل غير قانوني .
ومما سبق يتضح أن حالة إنهاء العلاقة الايجارية بسبب وفاة المستأجر دون أن يترك وارثا مقيما معه حال حياته وحتى وفاته في العقار المأجور للسكن وحالة إخلاء العقار المأجور بسبب حرفة أو مهنة المستأجر إذا لم يترك وارثا يمارس ذات المهنة أو الحرفة … قد ألغاهما القانون رقم /6/ لعام 2001 و أصبحت العلاقة الايجارية تنتقل إلى الورثة بسبب الإرث دون وجوب توافر أية شروط أخرى .