أهم التعديلات على قانون الأحوال الشخصية الاماراتي
في سعيها الدؤوب نجو تحصين المجتمع من التفكك الأسري، أدخلت دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخراً تعديل قانون الأحوال الشخصية الإماراتي 2020، حيث أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الامارات العربية المتحدة مرسوماً بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 بشأن الأحوال الشخصية، وتم تعديل المواد (56)، (71)، (72)، (100)، (120)، بموجب المادة الأولى من المرسوم.
نصت المادة (56) المعدلة بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 في شأن الأحوال الشخصية، على بعض حقوق الزوج الواجبة على الزوجة، فقد أوجب القانون على الزوجة الإشراف على البيت والحفاظ على موجوداته، كما يجب على الزوجة إرضاع أولاده منها ما لم يحُل مانع دون ذلك.
وتناولت المادة (71) المعدلة بمرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 حالات إسقاط نفقة الزوجة، وأشارت إلى سقوط نفقة الزوجة في الأحوال الآتية:
إذا هجرت مسكن الزوجية دون عذر شرعي.
إذا منعت نفسها من زوجها دون عذر شرعي.
إذا اخلت بالتزاماتها الزوجية التي ينص عليها القانون.
إذا صدر حكم أو قرار من المحكمة مقيد لحريتها في غير حق الزوج وجاري تنفيذه.
إذا منعت الزوج من الدخول إلى بيت الزوجية دون عذر شرعي.
بينما قضت المادة (72) المعدلة بذات المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2020، وتحت عنوان حالات غير محسوبة إخلالاً بالالتزامات الزوجية، على أنه لا يعتبر خروج الزوجين من البيت أو للعمل وفقاً للشرع أو القانون أو العرف أو مقتضى الضرورة، إخلالاً بالالتزامات الزوجية، وعلى القاضي مراعاة مصلحة الأسرة في كل ذلك.
أما المادة (100) المعدلة بموجب المرسوم بقانون المشار اليه سالفاً، فذكرت بأنه يقع الطلاق من الزوج أو وكيله أو من الزوجة أو وكيلها بوكالة خاصة، وفق ما تم الاتفاق علية في عقد الزواج، ويجب توثيقه وفقاً للإجراءات المتبعة في المحكمة. وقضت بأنه لا يثبت الطلاق إلا أمام القاضي وبحضور شاهدين، أو بالقرار، على أن يصدر القاضي حكمه بعد التحقق من توافر أي من الامرين المذكورين. كما قررت المادة 100 بأن يسند الطلاق إلى تاريخ الإقرار، ما لم يثبت للمحكمة تاريخ سابق لذلك، ويتم الرجوع فيما يترتب على الطلاق بالإقرار إلى القواعد الشرعية.
فيما قضت المادة (120) المعدلة بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 في شأن الأحوال الشخصية بما يلي:
“إذا عجز الحكمان عن الإصلاح بين الزوجين فعلى المحكمة أن تعرض عليهما توصية الحكمين وتدعوهما للصلح قبل إصدار حكم التفريق بينهما، فإذا تصالح الزوجان بعد التوصية بالتفريق بينهما وقبل صدور الحكم، فعندئذٍ على المحكمة إثبات ذلك الصلح.
إذا تعذر الصلح بين الزوجين وكانت الإساءة من جانب الزوج بكاملها، وأن الزوجة هي التي طلبت التفريق، أو كان كل منهما طالباً التفريق، أوصى الحكمان بالتفريق بطلقة بائنة وبدل مناسب يدفعه الزوج دون المساس بشيء من حقوق الزوجية المترتبة على الزواج أو الطلاق.
إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة بأكملها من جانب الزوجة، والزوج هو طالب التفريق أو كان كل منهما طالباً في هذه الحالة يوصي الحكمان بالتفريق نظير بدل مناسب يقدرانه وتدفعه الزوجة ما لم يتمسك الزوج من بها، على أن تراعي المحكمة في ذلك مصلحة الاسرة.
إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وكانت الإساءة مشتركة بينهما، عندها يوصي الحكمان بالتفريق بينهما دون بدل أو ببدل يتناسب مع نسبة الإساءة.
إذا تعذر الصلح بين الزوجين، وجُهل الحال بأن لم يتم التعرف على أيهما المسيء، في هذه الحالة إن كان الزوج هو طالب التفريق اقترح الحكمان رفض دعواه، بينما إن كانت الزوجة هي الطالبة أو كان كل منهما طالباً التفريق يكون الحكمان بالخيار فيما يرانه مناسباً لحال الأسرة والأولاد في التفريق بينهما دون بدل، أو رفض التفريق بينهما.”
تجدر الإشارة إلى أن المادة الثانية من المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2020 في شأن الأحوال الشخصية، ألغت العمل بالمادة (106) من القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005، المتعلقة بكيفية وقوع الطلاق.
المرسوم بقانون اتحادي رقم (29) لسنة 2020
أيضاً من التعديلات التي طرأت على قانون الأحوال الشخصية الإماراتي 2020 تعديل المادة الأولى من القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية وتعديلاته، بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (29) لسنة 2020 في شأن الأحوال الشخصية، حيث ذكرت المادة الأولى من هذا المرسوم بقانون بأن يستبدل بنص المادة (1) من القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005 وتعديلاته النص الآتي:
“تسري أحكام هذا القانون على جميع الوقائع التي حدثت بعد سريان أحكامه، ويسري بأثر رجعي إشهادات الطلاق ودعاوى الطلاق التي لم يصدر بها حكم بات. تسري أحكام هذا القانون على مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة ما لم يكن لغير المسلمين منهم أحكام خاصة بطائفتهم وملتهم. تسري أحكام هذا القانون على غير المواطنين، ما لم يتمسك أحدهم بتطبيق قانونه، وذلك مع عدم الإخلال بأحكام المواد (12، 13، 14، 15، 16، 17، 27، 28،) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالقانون الاتحادي رقم (5) لسنة 1985.”
بينما نصت المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 29 لسنة 2020 المعدل للقانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 في شأن الأحوال الشخصية وتعديلاته على أن “لكل إمارة أن تنشئ سجلاً خاصاً يسمى بسجل وصايا غير المواطنين ويحدد شكل السجل وبياناته وإجراءات وضوابط القيد فيه وتعديل قيوده، وإجراءات تنفيذه بقرار تصدره السلطة المختصة بالإمارة المعنية.”
أهم الفوائد التي ترتبت على تعديل قانون الأحوال الشخصية الإماراتي 2020
باستقراء تعديل قانون الأحوال الشخصية الإماراتي، نجد أنها عالجت عدداً من القضايا والإشكالات التي تنشأ بين الزوجين خاصة فيما يتعلق بأحكام التفريق بينهما، حيث قضت التعديلات بأن يتم عرض التوصية التي يقدمها الحكمان على الزوجين من قبل المحكمة قبل أن يتم اتخاذ قرار التفريق بينهما. وفي ذلك مصلحة كبيرة للأسرة عسى أن يتراضيا بعد الاطلاع على التوصية وما اشتملت عليه من مخاطر إذا ما تم التفريق بينهما.
كما قررت التعديلات بأن يتم دعوة الزوجين لأن يتصالحا بعد تقديم توصية الحكمين وقبل إصدار حكم التفريق بينهما. أيضاً أقرت التعديلات بأن خروج أحد الزوجين من البيت أو كلاهما، للعمل فإن ذلك لا يعتبر إخلالاً بالالتزامات الزوجية، طالما كان ذلك وفقاً للقانون أو الشرع أو العرف أو لمقتضى الضرورة.
وأسهمت التعديلات في الحد من كثرة حالات التفريق بين الأزواج بتشديد بعض القيود على طلب الطلاق خاصة من قبل الزوجة، حيث قضت التعديلات بأن الزوجة إذا ادعت الضرر لا تقبل دعواها إلا بعد احضار شهود على ذلك. كما قضت بأنه إذا تبين أن الضرر كان من جانب الزوجة أيضا ترفض الدعوى.
ومن مساوي التعديلات أيضاً إذا كان مصدر الضرر غير معلوم من أي الزوجين، فيحق للحكمين أن يراعيا مصلحة الاسرة، فإن رأيا ضرراً على مصلحة الأسرة، يوصيا بعدم التفريق.
إجمالاً، يمكن القول بأن تعديل قانون الأحوال الشخصية الإماراتي 2020 سيسهم بشكل كبير في تقليل حالات التفريق بين الأزواج، الأمر الذي سيؤدي إلى الاستقرار الأسري في المجتمع.
بقلم:
رمضان السيد دياب | مكتب الدكتور عيسى النعيمي للمحاماة والاستشارات القانونية