مقال عن حقوق الامتياز بين القانون السوري والدين الإسلامي
أصل نشأة حقوق الامتياز
يرجع حق الامتياز في نشأته إلى القانون الروماني , و كان آنذاك يولي صاحبه مجرد أولوية على غيره من الدائنين العاديين ، لا الدائنين المرتهنين .
و كانت رتبة الامتياز تحدد بالاستناد إلى صفة الدين ، لا إلى تاريخ نشوئه .
على أن طبيعة حق الامتياز ما لبثت أن تطورت في القانون الفرنسي .
و عندما جاء القرن الثامن عشر ارتفع الامتياز إلى مرتبة الحق العيني ، و غدا يجعل صاحبه متقدماً ، لا على الدائنين العاديين فحسب ، و إنما على الدائنين المرتهنين أيضاً .
حقوق الامتياز في الفقه الإسلامي
لم تكن فكرة حقوق الامتياز غريبة عن الفقه الإسلامي ، و نجد في هذا الفقه بعض الديون الممتازة مبعثرة في مواضع مختلفة ، و من هذه الديون :
1 ـ دين الزكاة : فقد جاء في كتاب ” الأم ” للإمام الشـافعي ( رحمه الله ) أنه :
إذا مات الرجل ، و قد وجبت في ماله زكاة ، و كان عليه دين ، و قد أوصى بوصايا ، أخذت الزكاة من ماله قبل الدين و الميراث و الوصايا .
2 ـ دين النفقة : إذْ تقدم النفقة الكافية للشخص و زوجته و عياله على قضاء ديونه بقدر الضرورة .
3 ـ نفقة تجهيز الميت : إذ تقدم على قضاء ديونه .
حقوق الامتياز في القانون المدني
خص القانون المدني السوري الحالي حقوق الامتياز بالباب الرابع من الكتاب الرابع ، و عالج أحكامها في المواد من 1109 إلى 1127 ( 19 مادة ) ، فتناولها في فصلين :
ـ جعل أولهما للأحكام العامة .
ـ و الثاني لبيان أنواع الحقوق الممتازة .
و قد أدخل المشرع السوري في هذا الباب تجديداً مهماً ، احتذى فيه مسلك القانون المدني المصري :
فهو قد بدأ في الفصل الأول ببيان القواعد العامة التي تحكم حقوق الامتياز , ثم أورد في فصل آخر أنواع الحقوق الممتازة مرتبة حسب درجاتها .
و قد أورد القانون المدني في هذه الأحكام تعريفاً لحق الامتياز , و قسم حقوق الامتياز إلى عامة و خاصة .
و ميز في الخاصة منها بين حق امتياز يقع على المنقول ، و آخر يقع علىالعقار .
و بين حكم تزاحم الحقوق الممتازة .
و حدد مدى مزية التتبع في حقوق الامتياز على المنقول .
و بين حكم هلاك محل الامتياز .
ثم انتقل القانون بعد ذلك إلى الحقوق الممتازة ذاتها , فبدأ بحقوق الامتياز العامة ، و حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على المنقول ، و أوردها جميعها مرتبة فيما بينها بحسـب درجة امتيازها .
و قد بدأ بامتياز المصروفات القضائية ، و هو أول حق امتياز .
و يليه امتياز المبالغ المستحقة للخزانة العامة .
ثم امتياز حفظ المنقول و ترميمه .
و كل هذه حقوق امتياز خاصة تقع على المنقول .
و يأتي بعدها في الترتيب حقوق الامتياز العامة .
ثم امتياز المصروفات الزراعية ، و امتياز المبالغ المستحقة في مقابلا الآلات الزراعية .
ثم امتياز المؤجر .
فامتياز صاحب الفندق .
فامتيـاز بائع المنقول .
فامتياز متقاسم المنقول .
أما حقوق الامتياز الخاصة الواقعة على عقار ، فقد أوردها القانون المدني بعد ذلك في نصين :
ـ تناول النص الأول منهما امتياز بائع العقار .
ـ و تناول الثاني امتياز المقاولين و المهندسين المعماريين .
و تتحدد رتبة الامتياز على العقار بالقيد في السجل العقاري ، ما عدا بعض استثناءات نصت عليها المادة 1113 ، و هي :
أ ـالرسوم المذكورة في المادة 44 من قانون تحديد و تحرير العقارات .
ب ـ الرسوم و النفقات القضائية الناشئة عن بيع العقار و توزيع ثمنه .
ج ـ رسوم و نفقات نقل الملكية و الغرامات التي تفرض على البيانات الكاذبة المتعلقة بثمن المبيع .
و إلى جانب حقوق الامتياز السابقة ، وردت حقوق ممتازة أخرى في مواضع أخرى من القانون المدني :
ـ كامتياز المقاول الثانوي و العمال على المبالغ المستحقة للمقاول الأصلي في ذمة صاحب العمل ( م 628 / 2 ) .
ـ و امتياز القروض التي يقدمها اتحاد ملاك الطبقات ( طبقات البناء الواحد ) إلى أحد الشركاء لتمكينه من القيام بالتزاماته ( م 824 ) .
ـ موطن الخلاف بين القانون المدني المصري و القانون المدني السوري في باب الامتياز :
خرج المشـرع السوري على أحكام الامتياز الواردة في القانون المدني المصري في موضعين :
الأول : أعفى المشرع المصري حقوق الامتياز العامة و حقوق امتياز الخزانة من التسجيل ، كما أنه قرر عدم إيلاء المستفيد من حقوق الامتياز العامة مزية التتبع .
في حين أن المشرع السوري قد تحاشى وضع قواعد عامة في هذا الصدد ، و آثر الاقتصار على إعفاء بعض الامتيازات العامة من التسجيل .
ثانياً : أعطى المشرع المصري للشركاء الذين اقتسموا عقاراً حق امتياز عليه ، تأميناً لما تخوله القسمة من حق في رجوع كل منهم على الآخرين ، بما في ذلك حق المطالبة بمعدل القسمة .
في حين أن المشرع السوري قد أغفل الأخذ بالامتياز هذا ، مكتفياً بإعطاء متقاسم العقار رهناً تأمينياً جبرياً على العقارات المتفرغ عنها .
ومن الخلافات اللغوية البسيطة بين القانونين :
1 ـ القانون المدني المصري استعمل عبارة ” مرتبة الامتياز ” ، بينما استعمل القانون المدني السوري عبارة ” رتبة الامتياز ” .
ولا فرق بين التعبيرين ، لذا فنحن نؤثر ( نفضل ) مسلك المشرع السوري في استعمال عبارة ” الرتبة ” في القانون المدني جرياً مع القاعدة القائلة : عند تساوي معاني التعبيرات يرجح منها الأقل حروفاً .
2 ـ القانون المدني السوري استعمل عبارة ” المبالغ المصروفة ” في المادة 1121 , بدلاً من عبارة ” المبالغ المنصرفة ” الواردة في المادة 1142 من القانون المدني المصري .
إعادة نشر بواسطة لويرزبوك
مقال عن حقوق الامتياز بين القانون السوري والدين الإسلامي